Por José María Hernández de Miguel
La figura de Charles Darwin despierta verdadera animadversión dentro de muchos círculos religiosos. Quizá, a primera vista, una persona pueda preguntarse el porqué de este odio a un naturalista que lo único que hizo fue contribuir notablemente al avance de nuestro conocimiento del mundo viviente, odio que no se expresa ante figuras como Lamarck, Einstein o Hawkings.
En el caso del fundamentalismo religioso, Darwin es prácticamente demonizado y descrito como un ser malvado responsable de los males de nuestra época, ya fuera por su propia mano o por la de sus “seguidores”, identificados poco menos que de sectarios satánicos al servicio del ateismo.
La figura de Charles Darwin despierta verdadera animadversión dentro de muchos círculos religiosos. Quizá, a primera vista, una persona pueda preguntarse el porqué de este odio a un naturalista que lo único que hizo fue contribuir notablemente al avance de nuestro conocimiento del mundo viviente, odio que no se expresa ante figuras como Lamarck, Einstein o Hawkings.
En el caso del fundamentalismo religioso, Darwin es prácticamente demonizado y descrito como un ser malvado responsable de los males de nuestra época, ya fuera por su propia mano o por la de sus “seguidores”, identificados poco menos que de sectarios satánicos al servicio del ateismo.
Leer más, aquí
لعلّ صورة تشارلز داروين، تُوقظ نوع من اللوم الحقيقي، ضمن كثير من الدوائر الدينية.
ربما وللوهلة الاولى، قد يسأل أيّ شخص عن أسباب هذا الحقد الموجّه إلى عالم طبيعي، الشيء الوحيد الذي قد عمله، هو الإسهام الممتاز بتقدّم معرفتنا عن العالم الذي نحيا فيه، وهو حقد لم يُوجَّه لشخصيات مثل لامارك وآينشتاين أو هوكينغ.
في حالة الأصولية الدينية، داروين، عملياً، هو حالة شيطانية، ويبدو ككائن شرير مسؤول عن مساويء حقبتنا، وقد جرى اعتباره واعتبار "اتباعه" فرق شيطانية تعمل بخدمة الإلحاد!!
في دوائر أخرى "مُعارضة علمياً للداروينية" كما هو مُفترض، وعلى الرغم من الكلام عن "تناقضات جديدة في علم الأحياء" و "نظريات بديلة أسكتها إقرار الداروينية الجديدة":
يظهر من جديد، بعد قراءة قليل من السطور، ذات الحقد الموجّه الى داروين.
مالذي فعله داروين، ولم يفعله كوبرنيكوس أو هوكينغ؟
لما كل هذا الحقد الأعمى على نظريته وعليه شخصياً؟
هل لأنه قد جرى تقويله بتحدُّرنا من قرد؟
يبدو في جزء منه، نعم، ولو أنّ القضيّة أعقد من ذلك بكثير.
يجب أن نعود لنهايات القرن الثامن عشر وبدايات القرن التاسع عشر لفهم وضع علم الأحياء بتلك الحقبة، وفهم الأسباب التي تجعل المدافعين عن الخلق (أيضا اسمهم جماعة التصميم الذكي) يتابعون تعلقهم بتلك الحقبة.
يجب أن نعود لنهايات القرن الثامن عشر وبدايات القرن التاسع عشر لفهم وضع علم الأحياء بتلك الحقبة، وفهم الأسباب التي تجعل المدافعين عن الخلق (أيضا اسمهم جماعة التصميم الذكي) يتابعون تعلقهم بتلك الحقبة.
التنوير والعلوم الطبيعية
فرض عصر الأنوار تطوراً رائعاً في العلم، ولم يكن التاريخ الطبيعي استثناء. حصلت أوائل المحاولات العلمية لتصنيف الكائنات الحية على يد كارل لينيو، وقد تعرضت لمراجعات متواصلة من قبل عدد من علماء الطبيعة الذين خرجوا لاستكشاف أقاصي المعمورة، حيث اكتشفواعدد هائل من الأنواع الحيّة. علماء طبيعه مثل ألكسندر فون هومبولت، جوزيف بانكس أو الإسباني أنطونيو خوسيه كافانيليس، يقدمون المثال على عدد من العلماء الذين قد ساهموا بتقديم نظرة عالمية للتنوع البيولوجي الهائل في الأرض دون الإكتفاء بمجرّد وصف، بل بالعمل على تنظيم وتصنيف الكائنات الحية بالإتفاق مع أوجه الشبه فيما بينها.
هذا بلا شكّ، قد ساهم بتوطيد فكرة، حضرت بصيغة أوليّة على مدار قرون في الماضي، تقول:
بأن الأنواع الحيوانية والنباتية قد ارتبطت ببعضها عبر درجات مختلفة من القرابة.
ظهرت الإرهاصات الأُوَلْ الهامة في التصنيفات وفق جماعات بنيوياً ووظيفياً عن طريق إسهامات جورج دي بوفون وجورج كوفييه.
مع كل هذا، لم يتأخّر ظهور علماء طبيعه قد تساءلوا حول أصل هذا التنوع، وقد حاولوا تفسيره من خلال أطروحات عديدة ضمن تصوّر تطوري، بوفون ذاته ومونبودو- وهو أول من اقترح إمكانية وجود سلف مشترك للبشر والقرود – وخصوصاً لامارك، قد أسسوا القواعد للفكرة الحديثة عن التطور. أما إراسموس داروين جدّ داروين، فقد تكلّم بين هؤلاء الرواد عن إمكان صياغة نظرية تطورية.
رؤية إيمانيّة للمحرّك التطوري
بولوج القرن التاسع عشر، يمكن التفريق بين رؤيتين حول أصل الكائنات الحيّة:
رؤية ثبوتيّة (بحسبها، تستمر كل الأنواع الحية كما هي دون أي تطور أو تغيُّر فيها)، من أنصارها لينيو ذاته وكوفييه (سيتبع خطاهم مستقبلا لويس باستور)؛ ورؤية تطورية مستجدة اقترحت بأن الكائنات الحية الحالية قد أتت من صيغ بدائية، ويحضر، هنا، دون شكّ لامارك كمُقترح للنظرية الأكثر اكتمالا حول تحوّل الأنواع عبر وراثة الميزات المُكتسبة أو المفقودة، من خلال استخدامها أو عدمه.
لم يكن هناك أيّ تفسير لكيفية حصول كل هذا التنوع، ولا حتى في حال التطور، حيث أن آليات حدوث التنوع، وقتها، غير معروفة كلياً، وفي ظلّ النقص في التفسيرات التطورية، فاعتادوا على استكمالها باتجاهات داخلية نحو التعقيد أو أسباب غائيّة.
قبل تلك الفترة، ونظراً للتأثير الكبير للكنيسة، استبعد عدد قليل من علماء تلك الحقبة فكرة تدخّل خالق (إله)، وهو الذي اعتُبِرَ أصل لكل الصيغ الحيّة (الرؤية الثبوتية التي تحدثنا عنها أعلاه) أو باعتباره مُديراً لخطّة التطور، التي أدّت الى ظهور الكائن البشري باعتباره هدف نهائي للعملية (فكرة، قد نأى لامارك بنفسه عنها في آخر أعماله، ساخراً من التفسير الغائيّ للعملية التطورية).
تركزت النظرية الأكثر قبولاً في كل الأوساط خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر حول اعتبار الكائنات الحية كثمار تصميم إلهي.
بيلي والتصميم الذكي
العمل الأهم حول دليل
التصميم في الكائنات الحية تحت عنوان "اللاهوت الطبيعي"،
هو الذي وضعه اللاهوتي البريطاني ويليام بيلي. وفيه قدّم بيلي (الذي اطلع على العلوم الطبيعية) أمثلة حول تعقيد عدد كبير من
البُنى، مبرهناً بأنها تقدم إثبات لا يمكن دحضه حول تصميمها. لهذا ،
يستخدم قياس قد وصل الى أيامنا تحت اسم "قياس الساعاتي"، الذي بحسبه، يجب علينا بمواجهة العين البشرية التفكير بما نفكر به أمام الساعة، فكلاهما
عبارة عن إنتاج مصمم ذكي!!!
أدخل بيلي أيضا مفهوم يحدّده بـ "علاقة"، واليوم نعرفه كتعقيد غير قابل للاختزال، يقوم على البرهنة بأن العلاقات المعقدة بين البُنى والعمليات للكائنات الحية، يمكن تفسيرها، فيما لو أنّ أحد ما قد صمّم هذا الكائن ككل، فقط.
بهذه الصيغة، ونظرا لعدم قبول الكنيسة للأفكار التطورية، حاز برهان التصميم عند بيلي على القبول، لانه يفسر كل التنوع البيولوجي الملحوظ، عبر التصميم الإلهي الأكثر إقناعاً بتلك الاوساط (بالنسبة لكثيرين، لا يُقبَلُ أيّ تفسير آخر حتى الآن! فينيق ترجمة).
أدخل بيلي أيضا مفهوم يحدّده بـ "علاقة"، واليوم نعرفه كتعقيد غير قابل للاختزال، يقوم على البرهنة بأن العلاقات المعقدة بين البُنى والعمليات للكائنات الحية، يمكن تفسيرها، فيما لو أنّ أحد ما قد صمّم هذا الكائن ككل، فقط.
بهذه الصيغة، ونظرا لعدم قبول الكنيسة للأفكار التطورية، حاز برهان التصميم عند بيلي على القبول، لانه يفسر كل التنوع البيولوجي الملحوظ، عبر التصميم الإلهي الأكثر إقناعاً بتلك الاوساط (بالنسبة لكثيرين، لا يُقبَلُ أيّ تفسير آخر حتى الآن! فينيق ترجمة).
ثورة والاس وداروين
شكَّلَ كتاب "أصل الانواع"، الذي صدرت طبعته الأولى يوم 24 تشرين الثاني نوفمبر عام 1859، قطيعة كليّة مع الواقع السائد بتلك الحقبة. لأول مرة، اقتُرِحَت آلية تفسيرية ليس للتنوع الملحوظ فقط، بل للتطور والتصنيف لكل الكائنات الحية اعتبارا من سلف مشترك.
الأهمّ بعمل داروين، ليس تأكيد الفعل التطوري (على أهميته)، بل توفير آليّة تتصل بكيفية إنتاج هذا التطور، هي آليّة الإنتقاء الطبيعي، وهي، التي توصل لها قبل داروين، عالم الطبيعه الانكليزي ألفريد راسل والاس.
الأهمّ بعمل داروين، ليس تأكيد الفعل التطوري (على أهميته)، بل توفير آليّة تتصل بكيفية إنتاج هذا التطور، هي آليّة الإنتقاء الطبيعي، وهي، التي توصل لها قبل داروين، عالم الطبيعه الانكليزي ألفريد راسل والاس.
على الرغم من غياب تفسيرات حول آليات الإنتقال بين الأجيال (الشيء الذي توجّب انتظاره أكثر من 50 عام بظهور التطور في علم الوراثة والجينات)، فسّر الإنتقاء الطبيعي بشكل صحيح كيفية وضعه لبنية معقدة كالعين البشرية، دون أي تدخل من قبل أي مصمم، فقط عبر نشر التنوعات التي تظهر عفوياً (تلقائياً) في الطبيعه (تطوُّر العين).
واجهت أطروحة داروين، بنجاح، التصميم الذكي الذي طرحه بالي، حيث تقدّم تفسير أفضل وأدق عبر الإختبار التجريبي. ويمكن لأحدنا أن يتخيل الضجة التي أثارها كتابه "أصل الأنواع"، الذي قد نفذت نسخاته التي بلغ عددها 1250 بطبعته الاولى خلال اليوم الاول لبيعه!!
لأول مرة، قد أمكن تفسير التنوع البيولوجي الهائل بعمليات طبيعية، دون توجيه ودون سائق ذكي. مازال هناك الكثير الواجب فهمه للعمليات التي أنتجت التنوع وللصيغة، التي تم عبرها التوريث ومشاهد متنوعة اخرى لم يتمكن داروين من استشفافها، لكن، تمثلت القفزة النوعية بقدرة الطبيعه على بناء وتجديد نفسها. إضافة لأنّه، لأول مرة أيضاً، قد أمكن فهم أوجه القصور الممكن ملاحظتها عند الكثير من الكائنات الحية، وهو شيء لم يكن ممكنا تفسيره وفق عقيدة التصميم الذكي.
كما هو مُتوقَّع، فما طرحه داروين غير مريح للعقول المحافظة في تلك الحقبة.
الشيطان المِشجَبْ
اعتبرت المسيحية الشيطان مسؤول عن كل الشرور في العالم. يعني وجود الشرّ تبرير كل أشكال الظلم والوحشيّة في العالم عبر ربطها بالشيطان. ولو انّ الصراع بين الخير والشرّ هو ثابت بالقسم الاكبر من الأديان، إلا أن المسيحية قد نشرته بشكل خاص، عبر استعمال التخويف من الشيطان من أجل تدعيم سلطة الكنيسة على نحو متزايد.
ومع داروين والإنتقاء الطبيعي، تمّ توظيفه ايضاً، عن وعي أو دونه، عبر التقنية القديمة ذاتها، حولت الكنيسة داروين الى مُجسّد للشيطان، متهمة إياه بمحاولة إبعاد الله عن العالم وحياة البشر. وهذا لا علاقة له، لا من قريب ولا من بعيد، بذهنيّة العالم الطبيعي، لكن، انتشرت الدعاية الكنسية وأقنعت الأوساط الأكثر تديناً. دون فهم كلمة وحدة من أطروحاته، رفض كثيرون داروين خلال قرن ونصف!! رفض موجه لإسهام، يُعتبر من اهم الإسهامات في علم الأحياء بكل الأزمنة.
المعارضة الراهنة للداروينية: هي ذاتها لم تتغيّر بمضي أكثر من قرنين
يحاول القسم الاكبر من ممثلي "الاعتراض على الداروينية" الحاليين إلباس طروحاته لباس علمي، لكن، خلال بحث واختبار طروحاتهم، يمكننا العثور على مواقف موازية لموقف بيلي وللإنتقادات المُعاصرة لداروين. النقاش الموظّف اليوم من قبل جزء من هؤلاء الانصار الجُدد "للتصميم الذكي" لا تعدو كونها ذاتها، أي التعقيد الغير قابل للإختزال ودليل التصميم.
مثير اعتبار أولئك "المُعارضين للداروينية" علم الأحياء التطوري "علم مُنتهي الصلاحيّة"، برفض طروحات داروين أو رفض الإعتراف "بالادلة" الوراثية الجديدة.
انقضت أزمنة داروين، عُثِرَ على الكثير من الحلقات الوسيطة في السجل الأحفوري، الذي يبيّن تاريخ تطوري مستمر للحياة، حيث نعرف، بيومنا هذا، حالات نشوء أنواع في المُختبر وفي الحقل، نعرف كيف ينتج القسم الاكبر من التنوع الوراثي وكيف يُنشَرُ بين الأجيال. ولو أنه قد بقي الكثير بحاجة للاكتشاف، فقد جرى تعديل النظرية التطورية التي طرح داروين ألفبائها فقط (ومنذ تطور جديد حصل فيها بمنتصف القرن العشرين }، بالكاد، يتسنى لداروين نفسه التعرّف عليها اليوم!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق