Fénix Traducción فينيق ترجمة Phoenix Translation : فلسفة Fénix Traducción فينيق ترجمة Phoenix Translation : فلسفة
‏إظهار الرسائل ذات التسميات فلسفة. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات فلسفة. إظهار كافة الرسائل

2025-09-14

Dante y el Islam دانتي والإسلام (15) Dante and Islam

  El pensamiento musulmán en la Europa del siglo XIV

R.H. Shamsuddín Elía

I.A.C.I

Instituto Argentino de Cultura Islámica

A partir de la tesis elaborada por el jesuita e islamólogo español Miguel Asín Palacios en 1919, diversos estudios de investigación han subrayado la existencia de fuentes islámicas para las ideas de Dante Alighieri en su «Divina Comedia», como las descripciones del infierno en el Sagrado Corán; el viaje nocturno (isra') y la ascensión a los cielos (mi'raÿ) del Profeta Muhammad (BPD); la visita al cielo y al infierno en la «Epístola del Perdón» del poeta y filósofo sirio Abul-Alá al-Maarrí; el «Libro del nocturno viaje hacia la Majestad del más Generoso» y el «Libro de las Revelaciones de La Meca» del místico andalusí Ibn al-Arabi de Murcia.

Fuente

Miguel Asín Palacios: La escatología musulmana en la Divina Comedia

الجنّة السماوية الإسلامية في "الكوميديا الإلهية"

نعثر في الأنشودة الأولى من فردوس دانتي على الشبه الأكبر مع تلك المرحلة السماوية الجديدة. يتمثل بصعود دانتي وبياتريشي (التي حلت مكان فيرجيل)، وعبور كرة النار، من الجنة الأرضية إلى جنان السماوات (الفردوس، الأنشودة الأولى).

 وكما هو الحال في كتاب أبو العلاء المعري المعراج (ص 93)، يصعد المسافر ابن القارح إلى السماء تقوده فاطمة ابنة محمد وزوجة علي، كما يفعل دانتي مع بياتريشي.

نجد في الأنشودة العاشرة الفكرة المركزية، التي تساعدنا على إكتشاف فكر الشاعر الفلورنسي الحقيقي.

فقط من خلال الطروحات الإسلامية، سنتمكن من فهم ذلك الحساب الرحيم، غير القابل للتبرير في اللاهوت الكاتوليكي، الذي يستحقه شخص مثل سيجيري الباربانتي (أو سيجير) بالنسبة لدانتي، وهو أستاذ بجامعة باريس قد جرى إتهامه بالهرطقة الرشدية (نسبة لإبن رشد) وقُتِلَ بإيعاز من البابوية.

 "ثمّ أبعد منه انظر إلى سطوعِ الأرواح اللاهبة لإيسيدورو وبيدا وريشار، الذي كان في التأمل أكثر من مجرد إنسان. إنه النور السرمدي لسيجيري الذي علم في شوارع فوار، وعالج أفكاراً ألحقت به ضرراً كبيراً".

 (الفردوس، الأنشودة العاشرة). 

"يُفسّر تعاطف دانتي مع علوم الإسلام بالعموم، وتجاه إبن رشد على وجه خاص، لغزاً آخراً أيضاً، وهو أكثر غموضاً للآن، والذي تمكن من حلّه النابغة الإيطالي برونو ناردي في واحدة من دراساته وحملت عنوان "سيجيري الباربنتي وتأثير فلسفته في الكوميديا الإلهية ودانتي" والمنشورة بمجلة "الفلسفة المدرسية الجديدة" خلال العامين 1911-1912، حيث يضعه دانتي في فردوسه رغم إتهامه بالهرطقة وقتله بوقت لاحق. يضعه دانتي إلى جانب القديس توما الأكويني، آلبرتو ماغنو، القديس ايسيدرو، ديونيسيو أريوباغيتا، بيدا، بويسيو، القديس اوغسطين ...الخ.

كيف يمكن تبرير هذه الجرأة الزائدة؟

استنفذ الدانتيون كل الوسائل الممكنة لإعطاء إنطباع عن مسيحيته الصريحة وجديته، والتي لم تحقق له تفادي العقوبات الصارمة المطبقة على هرطوقي مثل سيجيري فقط، والمعتبر كبطرك للرشدية (نسبة لإبن رشد) والميت خارج نعمة الكنيسة، بل كذلك، جعلته محطّ إشادة من قبل أعتى أرثوذكسيي الكنيسة، لقد بلغت جرأته حد الإستهزاء، حين جعل توما الأكويني، المناهض العنيد لسيجيري في مشكلة الحقيقتين وفي مشكلة وحدة العقل، يكيل المديح له وهو ما يكافيء إعادة إعتراف بسيجيري.

 (آسين بالاثيوس، ذات المصدر، ص 82).

تصدّى ناردي لجوهر هذا اللغز، حيث طرح من جديد قضيّة مصادر فلسفة دانتي. فلقد جرى الإعتقاد بأنّ دانتي قد كان فيلسوفاً مرتبطاً بفلسفة توما الأكويني بشكل حصريّ؛ لكنّ، أثبت ناردي، وبفضل مراجعة بالغة الدقة لنصوص دانتي والمقارنة مع أخرويات مرتبطة بالأفلاطونية الجديدة وبأنظمة ابن سينا وابن رشد، بأنّ دانتي، وإزاء الصراع بين الفلسفة العربية-الأفلاطونية الجديدة لأولئك المفكرين واللاهوت المسيحي، قد تبنّى موقفاً إيمانياً أو صوفياً، حيث لجأ إلى تعاليم الإيمان لكي يتفادى التشكيكات الناشئة عن ذلك الصراع. 

بفضل هذا الموقف، وبعيداً عن تماهيه مع فلسفة توما الأكويني، يُعتبر دانتي من أتباع المذهب المدرسيّ، لكن، ذو توجه انتقائي، فدون أن يتبع أيّ معلّم خاص، يقبل جميع المفكرين، القدماء ومفكري العصور الوسطى، مسيحيين ومسلمين، جميع الأفكار والنظريات، بحيث يقوم بصهرها في نظامه الشخصيّ، الذي يشغل حيّزاً متوسّطاً بين فكر توما الأكويني وفكر إبن سينا - إبن رشد، حيث يقترب من الفكر الأخير أكثر من الأول لأسباب كثيرة.

ترتبط إطروحات دانتي الرئيسية بالفكر العربي، بحسب ما أبرز ناردي، من خلال علم الكون، نظرية العدالة الإلهية وعلم النفس:

 الله نور، تنتشر أشعته وتخفّ كلما ابتعدت عن المركز. تنعكس مهارات الكرات السماوية كمرايا لتلك الأشعة وتنطبع بوصفها أشكال للمادة.

يساهم ناردي بإيضاح مصدر هذه الأفكار الدانتية، التي وإن كان لها سوابق أوغسطينية، فهي أتت من الفلسفة العربية - الأفلاطونية، وبالتحديد، أتت من أنظمة الفارابي وإبن سينا والغزالي وإبن رشد".

 (آسين بالاثيوس، ذات المصدر، ص 397-398).

العام 1881، اكتشف الباحث فيرناند كاستيتس مؤلفاً مجهولاً لصاحب الكوميديا الإلهية في مخطوط بكلية الطب بجامعة مونبلييه. حيث عُرِفَت مقاطع قليلة (سونيتات قليلة) من الأنشودة السابعة والتسعين ومن خلال مخطوطات أخرى. أطلق دانتي عليها إسم "إل فيوري" أي الزهرة، وتشكّل النص الإيطالي الوحيد الذي يروي قصّة موت سيجيري دي باربنتي، حيث يرثي دانتي مجدداً مصير هذا الفيلسوف البلجيكي المحزن (السونيتة الثانية والتسعين، 9-11، ص 815):

"لم يكن المعلم سيجيري سعيداً لوقت طويل:

بطعنة واحدة، أماتوه وهو يعاني من الألم العظيم

في محكمة روما، في أورفييتو".

في الأنشودة السادسة والعشرين، وكما حصل مع محمد، يلتقي دانتي بآدم ويحاول الإستعلام منه حول اللغة التي تحدث بها في الجنّة الأرضية:

 "حلقة أخرى توحي بالمقارنة الفاقعة، هي حلقة اللقاء بآدم، لدى عودة الرحالة المسلم (ابن القارح في رسالة الغفران لأبو العلاء المعري، ص 98) من الجحيم إلى الجنّة أو الفردوس؛ حيث كان الموضوع الرئيسي في حواره مع أب كل البشر، هو اللغة البدائية التي تحدث بها هو. حسناً، يلتقي دانتي مع آدم في الدائرة الثامنة السماوية (الفردوس، الأنشودة السادسة والعشرون) وأيضاً ويتركز الحديث بينهما حول اللغة، التي تحدث آدم بها خلال إقامته في الفردوس الأرضي".

 (آسين بالاثيوس ، ذات المصدر، ص 107).

في الأنشودة الثانية والثلاثين من الفردوس، يوزّع دانتي الطوباويين بصورة مدهشة من حيث الأصالة:

 "جرت الإشارة لعدد من التصورات التقنية الشبيهة بما ورد في بعض قراءات قصّة المعراج الإسلامية. نذكر على سبيل المثال الكرات السماوية المسكونة بالملائكة، الأنبياء والقديسين، والذين يتوزعون عليها بحسب مزاياهم، والمذكورة في تلك القراءات العديدة أيضاً. ومن المهم الإشارة هنا إلى عدم وجود تفسير لهذا التطابق في التصور الدانتي والإسلامي في أدبيات الكتاب المقدس لا في العهد القديم ولا الجديد. في حين يذكر إبن عربي درجات توزيع لأولئك المختارين.

يحدد إبن عربي أربع درجات، هي على التوالي:

1. الأنبياء أو رسل الله، يشغلون الدرجة الأعلى على المنابر.

2. القديسون، الذين أورثوا تعاليم الأنبياء وساروا على نهجهم وطريقة حياتهم، يشغلون الدرجة التالية الدنيا حول كرسي العرش.

3. الحكماء، الذين بلغوا علماً إلهياً رفيعاً في حياتهم، يشغلون درجة أدنى على كراسي.

4. المؤمنون البسطاء، الذي تلقوا الوحي بالواسطة من خلال ناقليه للناس من الله، يشغلون الدرجة الأدنى على مقاعد (يمكن الإطلاع والمقارنة بين أناشيد دانتي والفتوحات المكية لابن عربي سيما أناشيد الفردوس 31، 30، حيث قسّم رواة الحديث المسلمين ذات التقسيم الدانتي في قسمين، وذلك قبل ظهور ابن عربي وكتاباته: حيث يصفون صهر محمد عليّ بصورة دقيقة مدهشة: "على جانبي العرش الإلهي، يوجد في الجنة جوهرتان أو لؤلؤتان، واحدة بيضاء وأخرى صفراء؛ تحتوي كل واحدة منهما على 70000 قصر؛ الجوهرة البيضاء لأجل محمد ورعيته؛ الجوهرة الصفراء لأجل إبراهيم وأتباعه".

لا يمكن وضع تصوُّر لهذا التوزيع، وبكل هذا التشابه، إلا ما تخيله دانتي من توزيع للأنبياء والبطاركة والقديسين في القسم الأيسر من الوردة الصوفيّة، ووضع من عاشوا بعد المسيح في القسم الأيمن (الفردوس، الأنشودة 32).

ولكي يصل التشابه إلى التفاصيل، يفترض إبن عربي بأنّ المكان الأشرف والأعظم، سيشغله محمد وهو بذات مقام آدم، حيث يشغلان كأبوين للبشرية مرتبة روحية عظيمة، بذات الطريقة التي وضع فيها دانتي آدم أبو البشرية، القديس بطرس بطرك الإيمان المسيحي في الوردة الصوفية (الفردوس، الأنشودة الثانية والثلاثون).

في اللوحتين اللتين، قارنَّا بينهما:

تبدو لوحة إبن عربي كأصل للوحة دانتي المنسوخة عنها تماماً".

(آسين بالاثيوس، ذات المصدر، ص 240-242).

كي لا يملّ القاريء من كثرة المقارنات القياسية وشروحاتها، سنعمل على إيجازها.

 فعلى سبيل المثال، النسر الضخم الذي يضعه دانتي في سماء المشتري، المتشكِّلْ من تجميع عدد لا يُحصى من الملائكة المزودة بأجنحة ووجوه فقط، والتي تسطع كالضوء وتتحرك أجنحتها خلال ترتيل أناشيد الكتاب المقدس ثمّ ترتاح (الفردوس الأناشيد 18، 19، 20): ي

 عبارة عن تكييف ناتج عن دمج النسر الضخم على شكل ديك، يراه محمد ويقوم بتحريك جناحيه عند أداء الآذان: لا إله إلاّ الله.

 (كتاب أخروية محمد، 28، ص 80-81).

 هكذا، وكما جرى على حافة الأمبيريوس أو سماء النور الخالص، يحلّ القديس برنار مكان بياتريشي، لكي يقود المسافر نحو النور الأبديّ (الفردوس، الأناشيد 31 و33)، وكذلك، في الطبقة الأعلى من السماء الإسلامية، يتراجع الملاك جبريل ويصعد محمد وحده باتجاه الحضرة الإلهية على عرش مضيء.

 (أخروية محمد، 19، ص 70).

"الحبّ هو القوّة التي تنعش كامل الكون: في واحدة من قصائده، يكتب إبن عربي "تتسع الأرض وسع إبتسامة أزهارها"، دانتي في كوميدياه الإلهية، المتأثرة جداً بالرحلة الليلية المحمدية، كما أثبت آسين بالاثيوس ونيلي، لا بُدّ وأنه قد اطلع على قول إبن عربي، الذي يعكس بدوره إطلاعه على سورة الإسراء القرآنية، حيث نقرأ كيف يرى الله العالم. في الأنشودة الأخيرة من الفردوس، يستحضر دانتي الآتي:

 "وهنا، تجرّد خيالي السامق من قوته؛ ولكن، من قبل، قد حرَّكَ إرادتي ورغبتي، كدولابٍ مدفوعٍ باستواء، الحبُّ الذي يحرك الشمس وسائر النجوم".

 تشكل هذه العودة إلى الإله، الحبّ أو المحبة، ذات الدافع القادم من الإله، هو الخلق.

يستشهد إبن عربي، دون كلل، بآية قرآنية تعتبر "أنّ كل شيء يأتي من الله وكل شيء سيرجع إليه".

 (روجيه جارودي: الأفقين، ص 192).

يتبع

للإطلاع على مواضيع أخرى ذات صلة

دانتي والإسلام (1)

دانتي والإسلام (2)

دانتي والإسلام (3)

دانتي والإسلام (4)

دانتي والإسلام (5)

دانتي والإسلام (6)

دانتي والإسلام (7)

دانتي والإسلام (8)

دانتي والإسلام (9)

دانتي والإسلام (10)

دانتي والإسلام (11)

دانتي والإسلام (12)

دانتي والإسلام (13)

دانتي والإسلام (14)

2025-09-10

Dante y el Islam دانتي والإسلام (14) Dante and Islam

 El pensamiento musulmán en la Europa del siglo XIV

R.H. Shamsuddín Elía

I.A.C.I

Instituto Argentino de Cultura Islámica

A partir de la tesis elaborada por el jesuita e islamólogo español Miguel Asín Palacios en 1919, diversos estudios de investigación han subrayado la existencia de fuentes islámicas para las ideas de Dante Alighieri en su «Divina Comedia», como las descripciones del infierno en el Sagrado Corán; el viaje nocturno (isra') y la ascensión a los cielos (mi'raÿ) del Profeta Muhammad (BPD); la visita al cielo y al infierno en la «Epístola del Perdón» del poeta y filósofo sirio Abul-Alá al-Maarrí; el «Libro del nocturno viaje hacia la Majestad del más Generoso» y el «Libro de las Revelaciones de La Meca» del místico andalusí Ibn al-Arabi de Murcia.

Fuente

Miguel Asín Palacios: La escatología musulmana en la Divina Comedia

 

المطهر أو مكان العذاب الإسلاميّ في "الكوميديا الإلهية" 

لا يوجد في يوم الحساب، بحسب الأخرويات المسيحية، مكان متوسط أو مكان انتقاليّ وانتظار تتطهر النَفْسْ فيه. فما تحدث عنه دانتي بوصفه اللمبوس، كما أشرنا سابقاً، لم يكن له سابقة في التراث المسيحي قبل القرن الرابع عشر ميلادي:

 "لا يوجد تفسير مسيحي للمطهر الدانتيّ. نعرف أنه حتى بدايات القرن الخامس عشر، أي بعد مئة عام على نشر الكوميديا الإلهية، لم يكن قد تحول المطهر إلى عقيدة إيمانية بوصفه مكاناً مؤقتاً لتطهير الأنفس. أما بالنسبة لطبوغرافية المكان، فلا يوجد ما يشبهه لا في مجمع فلورنسة، في ذاك الوقت، ولا في مجمع ترينتو، ولم يطرحه أيّ نص إيماني كما ورد على الإطلاق. نوضّح أكثر: عملت الكنيسة، دوماً، على حظر أيّ توصيف خيالي محلي يطال الحياة الآخرة والمطهر (مكان العذاب) على وجه الخصوص".

(آسين بالاثيوس، ذات المصدرن ص 176-177)

الآن، سنستعرض معالم الصراط  الإسلامية وقياساته في المطهر الدانتيّ:

"يُعلّق إبن عربي في فتوحاته المكية على كلمات منسوبة لمحمد حول هذه النقطة، فيقول، عملياً "الأرواح التي لن تدخل الجحيم، سيجري احتجازها في الصراط، وسينظر بأمرها بصرامة وتُعاقب".

 ويضيف، قائلاً:

"يقع الصراط على ظهر الجحيم، ومن خلال المشي عليه فقط يمكن الوصول إلى الجنّة" (الفتوحات المكية، 1، ص 411).

ويميل إلى الدقّة أكثر في الوصف، في مكان آخر، فيقول:

 "يرتفع الصراط من الأرض بشكل مستقيم نحو سطح كرة النجوم، وسيشكّل مرجاً ممتداً خارج أسوار الجنّة السماوية، ويسمى هذا المرج جنّة الملذات، وهو المكان الذي سيدخله أولاً الرجال" (الفتوحات المكية، 3، ص 573).

لم يتمكن إبن عربي من توضيح تلك الملامح الطبوغرافية الخاصة بجبل مطهر دانتي بصورة أكبر، والذي يصعد من الأرض مباشرة نحو الكرة السماوية أيضاً، وفي قمتها، كما سنرى لاحقاً، تقع حديقة الجنة الأرضية، مدخل السماء.

 لكن، عندما يصل التشابه بين المطهر الإسلامي والدانتي إلى الهوية، فهذا بفضل المتصوفة المسلمين، حيث نجد القنطرة البدائية أو مكان التكفير عن الذنوب، التي تتعدد بها أماكن الإقامة أو الغرف أو الأسوار أو القصور أو المساكن، حيث تتنقّى الأرواح من ذنوبها تدريجياً فيها.

وكما هي العادة، يقدّم إبن عربي المزيد من التفصيلات الكثيفة الخاصة بالقصة النبوية، التي تصف المطهر وتقسيماته الإسلامية، ونقلا عن لسان عليّ بن أبي طالب، صهر محمد، وهنا، كراوٍ عنه" (الفتوحات المكية، 1ن ص 403-406).

 عدد الإقامات 50 بحسب تلك الرواية، وتتوزع على أربع تجمعات رئيسية؛ لكن، ما يشدّ انتباهنا من بينها هو التجمُّع الأخير، والذي يشبه مطهر دانتي (المطهر، الأنشودة التاسعة إلى الأنشودة السابعة والعشرين) والذي يتكون من سبع غرف مختلفة، وبحسب إبن عربي، فهي تحتوي على جسور زلقة ومليئة بالعقبات الصعبة، حيث يجري خلاص الأرواح عبر إجتياز سبعة منحدرات خطرة يقاس ارتفاعها الهائل بآلاف الأعوام. يتطابق معيار التصنيف للتمييز بين تلك الإقامات أو الغرف المخصصة للاختبار والتكفير من الذنوب مع المعيار الدانتي تماماً".

(آسين بالاثيوس، ذات المصدر، ص 181-183)

الجنّة الأرضية الإسلامية في "الكوميديا الإلهية"

 في القسم الأخير من مطهر دانتي، توجد جنّة أرضيّة. هناك، وفي مشاهد لا يمكن تخيلها في عمل مفكر أوروبي، يستخدم دانتي إغتسالاً - وضوءاً مزدوجاً تطهيريّاً في أنهار الجنة الأرضية، نهر ليتي (المطهر، الأنشودة الحادية والثلاثون) ونهر إينوي (المطهر، الأنشودة الثالثة والثلاثون)، وهي مشاهد غير مسيحية، بل هي إسلامية للغاية، بكل تأكيد . لأجل هذا القسم من الكوميديا الإلهية، يستشهد آسين بالاثيوس بمقطع أدبي أندلسي مكتوب على شكل نثري مُقفّى من قبل الراوي صخر بن مسلم، من مواليد مدينة أوريويلا، وذاع صيته خلال القرن الثاني عشر، أي قبل ذيوع صيت دانتي بمئة عام، وكان له باع في نقل الأحاديث المتواترة عن إبن عباس ، ويبدو القياس، هنا، مدهشاً بسبب الشبه بينه وبين الدليل الدانتي:

 "أوّل ما يُوفّر للداخلين إلى الجنة نبعا مياه: نبع يشربون منه فيمحي الله من قلوبهم كل أنواع الحقد والبغض؛ ثم يدخلون في نبع آخر للإستحمام، حيث تلمع سحنتهم وتصبح وجوههم نقية ويشع منها فجراً من الفرح والسعادة".

 (آسين بالاثيوس، ذات المصدر، ص 198).

بمقارنة هذا النص مع ما يقوله دانتي عند إختبار التغطيس الثاني:

 "سأقول لك، فقط، بأنني عدت من تلك الأمواج المباركة منبعثَ القوى مثل نبتة جديدة، يُنعشها جديد أوراقها الخضر، طاهراً ومتأهّباً لأصعد إلى النجوم".

 (المطهر، الأنشودة 33، ص 724).

يجب إقتفاء أثر الأصل الأقدم للجنان الإسلامية في المشرق، حيث تأسست على فكرة الجنة الأرضية، التي تتحدث كل الفرضيات القديمة المتعلقة بنشأة الكون عنها وهي موصوفة في الكتاب المقدس:

 "زرع الله حديقة في عدن، في الشرق، حيث وضع الإنسان الذي شكّله. أنبت  كل أصناف الشجر الجميل والمثمر من أرضها، وجعل شجرة الحياة وشجرة العلم بالخير والشرّ وسطها. خرج من عدن نهر سقى الحديقة ومنها تفرّع إلى أربعة أقسام. سُمي الأول سيحون، فيما سمي الثاني جيحون، الثالث كان دجلة والرابع هو الفرات".

 (سفر التكوين 2، 8-14).

لهذا، يقول دانتي:

 "وبدا لي أنّني لمحتُ دجلة والفرات يطلعان من نبع واحد ثم يفترقان على مضض كصديقين".

 (المطهر، الأنشودة 33، ص 722).

نعثر على أصل الحديث عن الجنان إسلامياً في الجنّة الموصوفة في القرآن، والتي ستصير، قبل كل شيء، مقرّ المؤمنين الخيرين الممتنعين عن الشرور:

"تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ".

 (سورة النساء، الآية 13).

تشكّل المشاهد القرآنية الخاصة بهذا المكان اللطيف مصدر إلهام للكثير من خالقي الحدائق. ففي منطقة قريبة محمية من رياح الصحراء، تجري مياه الأنهر الأربعة في قنوات متوزعة على بساتين ذات أشجار مثمرة وتسكنها طيور جميلة، وتستقبل العذراوات الداخلين إليها بالترحاب في حياة الخلد (انظر آيات قرآنية مثل الآية 57 بسورة النساء، الآية 52 بسورة ص، الآية 54 بسورة الدخان، الآية 20 بسورة الطور، الآية 72 بسورة الرحمن، الآية 22 بسورة الواقعة، الآية 34 بسورة القلم والآية 33 بسورة النبأ).

الحديقة، الجنّة وذكرى الواحة الأصلية من الصحراء، تشغل حيِّزاً مميزاً في الخيال الإسلامي.

 تُطوّر الأستاذة ماريا خيسوس روبييرا ماتا، من جامعة أليكانتي الإسبانية، هذه الفكرة في كتابها "الهندسة المعمارية في الأدب العربي"، فتقول:

 "يجب أن تشكّل الواحة مبدأ الحديقة العربية، تلك الواحة التي توفّر للبدويّ المتعة الجمالية للظلال، التي تبدو كبقعة سوداء في أفق مضيء، وتبلغ أحاسيسه الذروة بعد أن يرتاح تحت تلك الظلال بالقرب من المياه العذبة الرقراقة المتجمعة في بحيرة ينعكس سطحها كالمرآة أو تجري في سواقي واردة من نبع. سيتجاوز نبيّ الإسلام تلك الأحاسيس، وبينما عمل الفرس من حدائقهم جناناً، قد عمل العرب من الجنّة حديقةً".

أشجار، ظلال ومياه: تشكّل حديقة فارسية. بالنسبة لهذا الشعب، تتحدث الجنة عن الأزهار والحدائق. بدقّة، ترد كلمة جنّة "باراييسو" من الكلمة اليونانية "باراديسوس" والآتية من الفارسية وترد ضمن كتاب الأبستاق على شكل "بيريدايزا" فيما ترد في الفارسية الحديثة بلفظ "الفردوس". تسمى دار الصالحين في القرآن: الجنّة في اللغة العربية. كذلك، تسمى جنّة عدن أو جنّة النعيم.

بخصوص الانهار الأربعة، يستشهد آسين بالاثيوس بنصّ المعراج من تفسير ربع ياسين، حين يقول محمد:

 "وهنا وُجِدَ أربعة أنهار، إثنان مخفيان وآخران خارجيان، قال: يا جبريل! ما هذه الانهار؟ أجاب جبريل: الأنهار المخفية هي أنهار السماء، أما الخارجية فهي النيل والفرات".

 (آسين بالاثيوس، ذات المصدر، ص 431).

 لاحظ التقارب بين هذه القصة الإسلامية وقصة الأنهر المخفية لدى دانتي (ليتي وإينوي) والأنهر الأرضية (دجلة والفرات) المذكورين لدى شاعرنا الفلورنسي.

يتبع

للإطلاع على مواضيع أخرى ذات صلة

دانتي والإسلام (1)

دانتي والإسلام (2)

دانتي والإسلام (3)

دانتي والإسلام (4)

دانتي والإسلام (5)

دانتي والإسلام (6)

دانتي والإسلام (7)

دانتي والإسلام (8)

دانتي والإسلام (9)

دانتي والإسلام (10)

دانتي والإسلام (11)

دانتي والإسلام (12)

دانتي والإسلام (13)

دانتي والإسلام (15)

2025-09-05

Dante y el Islam دانتي والإسلام (13) Dante and Islam

   El pensamiento musulmán en la Europa del siglo XIV

R.H. Shamsuddín Elía

I.A.C.I

Instituto Argentino de Cultura Islámica

A partir de la tesis elaborada por el jesuita e islamólogo español Miguel Asín Palacios en 1919, diversos estudios de investigación han subrayado la existencia de fuentes islámicas para las ideas de Dante Alighieri en su «Divina Comedia», como las descripciones del infierno en el Sagrado Corán; el viaje nocturno (isra') y la ascensión a los cielos (mi'raÿ) del Profeta Muhammad (BPD); la visita al cielo y al infierno en la «Epístola del Perdón» del poeta y filósofo sirio Abul-Alá al-Maarrí; el «Libro del nocturno viaje hacia la Majestad del más Generoso» y el «Libro de las Revelaciones de La Meca» del místico andalusí Ibn al-Arabi de Murcia.

Fuente

Miguel Asín Palacios: La escatología musulmana en la Divina Comedia


الجحيم الإسلاميّ في "الكوميديا الإلهية" 

 جحيم دانتي هو نسخة كربونية عن طروحات أبو العلاء المعري وإبن عربي وقصة المعراج المحمدي.

 نرى كيف يجمع آسين بالاثيوس بعض نقاط الإلتقاء مع عمل أبو العلاء المعري وعمل دانتي:

"يشبه مسار الرحلة إلى الجحيم، التي يقوم بها حاج مسلم، مسار دانتي وإن يكن بصورة مقلوبة: حيث يزور دانتي، عملياً، الجحيم قبل الجنّة؛ فيما يتحرك ابن القارح، بالمقابل، من الجنة إلى الجحيم. إثر بدء دانتي المسير، واجهته فهدةً رشيقةً، ثمّ واجهه أسدٌ وذئبةٌ (الجحيم، الأنشودة الأولى ص 137-138)، وبنجاته من تلك المخاطر، يلتقي بفيرجيل (الجحيم، الأنشودة الأولى ص 140)، شاعر الشعراء الكلاسيكيين وأمير الملحمة الذي يقوده، قبل كل شيء، إلى جنّة اللمبوس، حيث يسكن عباقرة البشرية بين جدرانها الخضراء، أي يقطنها الحكماء والأبطال اليونانيون واللاتينيون والعرب؛ ثمّ يبدأ زيارة الجحيم ذاته.

قبل أن يصطدم الحاج المسلم بأيّة عقبة في طريقه، يلتقي بالخازن زفر شاعر العباقرة. ثمّ تبدأ العقبات بالظهور أمام مسير الحاج المسلم. تكررت محاولات الدانتيين للدخول بمعاني استعارية وأخلاقية وسياسية، قد رغب دانتي بإخفائها وراء عقبات الطريق الثلاثة الرمزية خلال توجهه نحو الجحيم، وكتبوا مئات الصفحات المفعمة بريادة ونبوغ خيالي؛ لكن لم يتمكن أيّ منهم من تقديم تحليل مقنع للقاريء، كما انتهينا إلى القيام به مع الرحلة الإسلامية؛ حيث أنّ الحاج المسلم، وقبل أن يصل إلى الجحيم، قد اعترضه ذئب وأسد أي عقبتين مشابهتين لعقبتين من ثلاث مع دانتي. على ما يظهر وكأنّ الشاعر الفلورنسي قد استفاد بتكوين رحلته من الرحلة الإسلامية، بحيث كيّفها بما يخدم مقاصده الرمزية مع إضافة الفهدة إلى الأسد والذئب مع قلب الترتيب القائم عند الحاج المسلم".

(آسين بالاثيوس، ذات المصدر، ص 106-107) 

نغرق في جحيم دانتي درجة درجة، بحيث ندور نحو اليسار دوماً (الجحيم، الأنشودتان 29 و31). لا وجود لليد اليمنى في الجحيم الإسلامي:

"ونلاحظ، قبل أيّ شيء، بأن الخطى تذهب باتجاه اليسار دوماً، دون السير نحو اليمين على الإطلاق. هو تفصيل رائع، وإن بدا مبتذلاً، قد أعطاه المعلقون على الكوميديا الإلهية، ومعهم كل الحقّ، معنى مجازياً. ما لم يُنبّه له أولئك هو أنّ المتصوفة المسلمين، وعلى وجه الخصوص ابن عربي، قد قالوا بعدم وجود استخدام لليد اليمنى من قبل سكّان الجحيم، كما أنّ سكّان الجنّة لا يستخدمون اليد اليسرى. وهذا مثبت في النصوص القرآنية، كما توضح الآية 12 من سورة الحديد والآية 8 من سورة التحريم:

يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

لهذا، يستنتج ابن عربي أنّ الفاسقين سيتوجب عليهم السير نحو اليسار (الفتوحات المكية، الجزء الأول، ص 412، السطر 14)".

(آسين بالاثيوس، ذات المصدر، ص 149) 

تماماً، كما في جحيم دانتي، في الدائرة التاسعة، نجد التعذيب بالبرودة (الجحيم، الأنشودتان 32 و34)، الأكثر رحمة من الحرق، ويسمى البرد الشديد "الزمهرير" باللغة العربية، ويعكس هذا عالماً متجمداً ومتحجراً على نحو تدريجي، عالم ثلجي، جبل جليدي يمثّل أقصى درجة من القساوة بدرجة الصفر المطلق؛ حسناً، إنها القساوة القصوى، في حين يحتوي اللهب على عنصر حياة، فإنّ البرد يمثّل اليأس والموت والعدم:

 "يلاحظ بأنّ التحذير من العذاب الجحيمي بالبرد ليس له سابقة في أخرويات الكتاب المقدس. في المقابل، يضع الجحيم الإسلامي التعذيب بالبرد في ذات مكانة التعذيب بالنار (الفتوحات المكية، 1، 387). مع ذلك، لا يمكن تأكيد تصريح القرآن بهذا العذاب بشكل حرفيّ: حيث يُشار لمرة واحدة إليه خلال الحديث عن الجنّة في الآية 13 من سورة الإنسان (مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلا زَمْهَرِيرًا). 

(آسين بالاثيوس، ذات المصدر، ص 166)

لأجل إكمال الفكرة:

 "يؤكد ابن عربي، بشكل جليّ، بأنّ إبليس، وكحال لوسيفر دانتي، يتعرض لعاصفة ثلجية (الفتوحات المكية، 1، 391 السطر 8). ويُضيف كسبب لتبرير تلك الفرادة والتميُّز: أنّ إبليس، بحسب اللاهوت الإسلامي، كحال جميع الشياطين، هو من الجان، الذين يعود أصلهم إلى النار؛ ولهذا، يجب أن يتأسس عقابه على شيء معاكس لطبيعته التي خُلِقَ عليها، أيّ استخدام أداة تعذيب هي الجليد أو الزمهرير".

(آسين بالاثيوس، ذات المصدر، ص 177)

لاحظ مختلف الأخصائيين والمعلقين، بشكل دوري، اعتدال دانتي فيما يخصّ تعذيب محمد وعلي في الدائرة الثامنة. حيث يخصص لهما كلمات قليلة تتصل بالوداع أكثر من صلتها بأيّ نوع من الإدانة أو الاستياء (الجحيم، الأنشودة 28).

إلى هنا، فيما لو تقدم المعطيات والأدلة حضور تعاطف لدانتي مع الإسلام والمسلمين، فإنّ هذا لا يعني بأنّه قد تخلى عن إيمانه المسيحي على الإطلاق. وينكشف هذا الأمر من خلال مشهدين تقليديين في الكوميديا الإلهية:

حيث يضع دانتي في اللمبوس حكيمين مسلمين هما ابن سينا وابن رشد، فيما يضع مؤسس دينهما محمد في الجحيم.

وفي هذا المنحى، لا يُدين دانتي محمداً بوصفه كافراً أو مؤسساً لدين إيجابي أو هرطقة جديدة، بل لأنّه زارع للإنشقاقات إلى جانب محرضين آخرين على هذه النزاعات الدينية والمدنية.

يشكّل هذا التساهل والتسامح في عقاب مؤسس الإسلام مؤشراً بارزاً على تعاطف مماثل تجاه الثقافة الإسلامية.

لكن، يوجد المزيد:

 يبدو تجسيد شخصية علي من خلال ملامح واقعية ومعتدلة، ولا يعود هذا لإبتكار ولا لإعتبارات مزاجية دانتية:

 "أمامي - يقول محمد لدانتي - يبكي عليّ، وجمجمته مفتوحة من القحف إلى الذقن".

 هذا المشهد مألوف تأريخياً:

فكل المؤرخين المسلمين، ممن عاصروا علي وإلى الأمام، يتفقون في توصيف مشهد قتل الخليفة الرابع بذات الصور:

 قاتله ابن ملجم، قد هاجمه حين خروجه من منزله متوجهاً إلى المسجد ليؤم المصلين بصلاة العشاء يوم الجمعة 17 رمضان العام 40 هجري ؛ وبضربة واحدة فقط، تمكن من نزع رأسه بسيفه، أو كما يقول مؤرخون آخرون بأنه قتله بضربة واحدة على الجبهة، استخدم فيها سكين نزع فيها القسم الامامي من الرأس وصولاً للدماغ".

 (آسين بالاثيوس، ذات المصدر، ص 392-395)

جرى تأكيد ذلك الحادث المأساوي، الذي وقع في زمن الإسلام الباكر، من قبل رواة الأحاديث المسلمين ومن خلال بعض الروايات الإسطورية:

 "في تلك الروايات، جرى تلوين شخصية علي بملامح مطابقة للملامح الدانتية:

"مقتلك، قال له محمد، بضربة واحدة هنا - ولمس رأسه - وسيصل نزيف الدم ليغطي ذقنك (الفخري: تاريخ الخميس، طباعة القاهرة، 1317 هجري، ص 90).

 (آسين بالاثيوس، ذات المصدر، ص 395).

يحاول آسين بالاثيوس تبرير الوصف، الذي يعتمده دانتي لمحمد من خلال تقديم حجج، والتي بفضل دلالاتها نعتبرها عائلية كلياً، سيما مقارنة بما يتصل بذلك الهوس المرضيّ المتمثل بتصنيع الصور النمطية للإسلام والمسلمين، الذي مارسه صحفيون وسياسيون غربيون، يملكون القليل من الجدية، بنهايات القرن العشرين:

 " لكن، فيما لو تكن الشخصية الدانتية معطلة وقاصرة، فلن ينجو بالمقابل من توصيفه بأبشع الأوصاف من قبل مؤرخين مسيحيين في زمنه، حيث خلقوا شخصيات جديدة لمحمد فاعتبروه وثنياً ومسيحياً؛ وأطلقوا عليه أسماء مثل أوسين، بلاخيو، نيكولاس أو محمد؛ واعتبروه جاهلاً أو ساحراً أو غبياً؛ ووصفوه عربياً أو إسبانياً أو رومانياً ونسبوه لعائلة كولونا؛ خلطوا بينه وبين المعلم بحيرى الكاهن النسطوري، بحيث حولوه إلى كاردينال في الكنيسة الكاتوليكية طامحاً للبابوية، وبناءاً عليه، ينطلق إلى الجزيرة العربية من القسطنطينية وأنطاكية وإزمير وغيرها من المدن ذات الغالبية المسيحية وقتها. أمام هذا الضخّ المعلوماتي المبني على خرافات لا وقائع، وصف دانتي محمد كغازٍ، ليس لجهله بملامح شخصيته الحقيقية الاخرى، بل لأنّ هذا التوصيف ينسجم مع الصورة المغلوطة في ذهن القرّاء خلال القرن الثالث عشر حوله".

(آسين بالاثيوس، ذات المصدر، ص 393) 

تجدر الإشارة، أخيراً، إلى حضور اثنين من كبار أصدقاء المسلمين في الجحيم، هما ملك صقلية فريدريك الثاني، الإمبراطور الجرماني الذي تعرض للحرم الكنسيّ ثلاث مرات ويضعه دانتي في الدائرة السادسة من الجحيم (الجحيم، الأنشودة العاشرة) وميغيل إسكوتو، الفلكي الإسكتلندي الذي يضعه دانتي في الدائرة الثامنة من الجحيم. مع ذلك، يُبدي تعاطفاً واضحاً مع الشخصيتين. حيث يتحدث دانتي عن كتابات الأوّل بمصطلحات المديح (الجحيم، الأنشودة الثالثة عشر) وعن الثاني "بأنه لم يجد مشكلة في الفنون السحرية" (الجحيم، الأنشودة العشرون).

يتبع

للإطلاع على مواضيع أخرى ذات صلة

دانتي والإسلام (1)

دانتي والإسلام (2)

دانتي والإسلام (3)

دانتي والإسلام (4)

دانتي والإسلام (5)

دانتي والإسلام (6)

دانتي والإسلام (7)

دانتي والإسلام (8)

دانتي والإسلام (9)

دانتي والإسلام (10)

دانتي والإسلام (11)

دانتي والإسلام (12)

دانتي والإسلام (14)

دانتي والإسلام (15)