El pensamiento musulmán en la Europa del siglo XIV
R.H. Shamsuddín Elía
I.A.C.I
Instituto Argentino de Cultura Islámica
A partir de la tesis elaborada por el jesuita e islamólogo español Miguel Asín Palacios en 1919, diversos estudios de investigación han subrayado la existencia de fuentes islámicas para las ideas de Dante Alighieri en su «Divina Comedia», como las descripciones del infierno en el Sagrado Corán; el viaje nocturno (isra') y la ascensión a los cielos (mi'raÿ) del Profeta Muhammad (BPD); la visita al cielo y al infierno en la «Epístola del Perdón» del poeta y filósofo sirio Abul-Alá al-Maarrí; el «Libro del nocturno viaje hacia la Majestad del más Generoso» y el «Libro de las Revelaciones de La Meca» del místico andalusí Ibn al-Arabi de Murcia.
Miguel Asín Palacios: La escatología musulmana en la Divina Comedia
مصادر دانتي
الإسلامية
يرد الدليل
القويّ عن الحضور الراسخ للأدبيات العربية في أوروبا ما قبل النهضة والأوج الذي
بلغته الظاهرة الرشدية (نسبة لابن رشد) من خلال شهادة فرانشيسكو بتراركا (1304-1374) الساخطة:
"أتضرّع
إليك من خلال الله - أن تقول لصديقك جيوفاني دوندي - أنه في كل ما يعنيني لا تأخذ
بحسبانك أيّ شيء يتعلق بالعرب، كما لو أنهم غير موجودين. أكره هذه السلالة (...)!
كيف أمكن لشيشرون أن يبقى خطيباً مُفوّهاً
بعد ظهور ديموستيني؛ ولفيرجيل أن يبقى شاعراً بعد ظهور هوميروس؛ والآن بعد
ظهور العرب، لا يتوجب علينا التجرُّؤ على الكتابة. قولوا أنه ربما سيتوجب علينا
تجاوز اليونانيين أحياناً، وجميع الأمم كنتيجة؛ لكن، لم نتمكن من تجاوز العرب!!!
آه كم هي حقيقة مرّة! آه يا عبقري إيطاليا النائم، إن لم تنقرض!!".
(غوستاف لوبون: حضارة العرب، دار نشر عربية
ارجنتينية العام 1974، ص 498-499؛ إرنست رينان: ابن رشد والرشدية، دار نشر هيبرسيون
مدريد العام 1992، ص 223-224).
يعترف المستشرق
الفرنسي إرنست رينان (1823-1892)، الذي لم يكن مدافعاً عن العرب والمسلمين بصورة
دقيقة (إدوارد سعيد: الاستشراق، مدريد العام 1990 ص 186)، فيقول:
"كان ابن
رشد والعرب بالنسبة للمفكرين الأحرار في شمال إيطاليا، بتلك الحقبة، كقديس ومثال.
ولم يكن ليحظى بلقب فيلسوف ما لم يُقسِمْ بإبن رشد على الأقلّ".
(ارنست رينان، المصدر ذاته ص 225).
لأخذ فكرة عن
شدّة الخلاف الذي حدث بين أنصار الرشدية (كل أولئك الذين استهلموا فكرهم من فكر
وعلوم المسلمين لتبرير منطقهم بمواجهة الغطرسة الكنسية) والمدافعين عن الكنيسة،
نعود إلى حوار حصل بين بطرك فالينسيا مع أحد الرشديين، وهو ما ذكره النابغة
الإيطالي جيرولامو تيرابوشي (1731-1794).
فعندما لجأ
البطرك، بلحظة محددة خلال النقاش، إلى الاستشهاد بقول أحد آباء الكنيسة (أحد تلاميذ المسيح)، قال له الرشديّ بنوع من الاستخفاف:
"احتفظ بكل
تلك الأقوال لنفسك. فأنا لديّ مُعلّمي وأعرف بمن أعتقد".
إزاء الحنق الذي بدا على البطرك، أضاف الرشديّ
قائلاً:
"تبقى
بنظري مسيحي خيّر، لا أومن بكل ما تعرضه عليّ من خرافات، ويا حبّذا لو بإمكانك
قراءة ابن رشد! من المؤسف أنّ عبقري مثلك، قد غرق بتلك الخرافات. لكن، عندي أمل
بأنك بيوم ما ستستيقظ وستصير واحد منّا دون شكّ".
(غ. تيرابوشي، تاريخ الأدب الإيطالي، الجزء 13 ص
1772-1782، الجزء الخامس ص 190).
يستشهد رينان، كذلك، بتلك المحادثة ويضيف بأنّ
"البطرك قد انجذب إلى الرشديين فعلاً، وكتابه "حول الجهل بالذات
وبالكثيرين" ليس أكثر من سرد للنقاشات التي حصلت في البندقية مع أربع رشديين
أصدقاء له، الذين وظفوا كل جهودهم في عملية جذبه إلى تيّارهم".
(إرنست رينان، ذات المصدر السابق ص 226).
سيكون القرن
الثالث عشر ميلادي حاسماً بالنسبة لمستقبل الغرب.
حيث أغرقت مدرسة مترجمي توليدو بعهد راعي الآداب
والفنون والعلوم ألفونسو العاشر الحكيم (1221-1284) وأسفار الرحالة البندقيّ (نسبة
للبندقية الإيطالية) ماركو بولو (1271-1295) أوروبا بالمعارف الحيوية الآتية من
المشرق، وكان بينها المعارف العلمية التي أبدعها مسلمون، والتي مكَّنت من حدوث
النهضة وإكتشاف أميركا، وبصورة متناقضة، الغزو المتلاحق لبلاد المسلمين من المغرب
إلى أندونيسيا.
في إيطالية،
تحولت صقلية إلى جزيرة إسلامية ذات سيادة مسيحية شكلية. فمن بين بساتين البرتقال،
تظهر مدينة باليرمو، بيومنا هذا، هي مدينة جميلة مليئة بآثار الموريسكيين العربية
الإسلامية: فيها لمع نجم القيصر السويبي الرائع فيديريكو الثاني، الذي أحاط نفسه
بحرس مسلم أسود وبأطباء يهود وبشعراء متجولين وبحكماء وشعراء أندلسيين.
لأخذ فكرة حول
الانتشار السريع والمدهش للأعمال التي أبدعها مسلمون، يتوجب علينا الإطلاع على رأي
رينان، حين يقول:
"وصلت المؤلفات المنشورة في المغرب أو مصر
إلى باريس أو كولن بأقلّ زمن ممكن وبزمن يكافيء وصول مؤلف من ألمانيا بمجرد قطع
نهر الراين. لم تكتمل تاريخ الآداب في العصور الوسطى ما لم تصل مؤلفات العرب، التي
قرأها مؤلفو وباحثو القرنين الثالث عشر والرابع عشر".
اطلع دانتي على
الكثير من تلك المؤلفات الإسلامية. بنهاية القرن الثالث عشر، وصل إلى إيطاليا
وفلورنسة ثلاث مؤلفات قادمة من إسبانيا. كان أولها كتاب "تاريخ العرب"،
الذي ألّفه أسقف توليدو رودريغيث خيمينيث دي رادا (1170-1247)، الذي اعتمد على
مصادر عربية اسلامية وأدخل قصّة المعراج، صعود نبيّ الإسلام إلى السماء المتوفرة
في كتب الصحاح (كتب الحديث الستّة - مجموعة الأحاديث والتقاليد الأصلية)، واطلع
بشكل خاص على أشهر اثنين: صحيح البخاري (810-870) وصحيح مسلم (820-875). كان
الكتاب الثاني هو "سُلُّم محمد" وهو نسخة أندلسية قديمة عن السفرة
اللليلية المحمدية (الإسراء) وصعود النبيّ
محمد (المعراج). حيث تمت ترجمته مباشرة من العربية من قبل أبراهام الفقي وهو أحد
أبرز خمسة مترجمين يهود لدى ألفونسو العاشر الحكيم، خلال الفترة الممتدة بين
العامين 1260 و1280.
أعاد معاون ألفونسو الإيطالي بونابينتورا دي
سينا ترجمة النسخة الاسبانية، التي تعود لإبراهام الفقي إلى اللاتينية بداية (يوجد
نسختان واحدة في المكتبة الوطنية بباريس وأخرى في مكتبة الفاتيكان) ثمّ إلى اللغة
الفرنسية (توجد هذه النسخة في مكتبة بودليانا في إكسفورد وتُشير لأنها قد طبعت في
العام 1264). مع هذا، نسخة المعراج هذه هي موضع شكّ، حيث يُشكّ بتزويرها بناءاً
على تعدد الترجمات الكبير.
كما يُشير المثل الشعبي الإيطالي:
تراديتوري
ترادوتوري (كلّ مُترجِمْ خائن!!).
أما الكتاب الثالث فهو "تفنيد الطائفة
المحمدية"، وقد ألفه الراهب بيدرو باسكوال (1227-1300) خلال فترة أسره في عهد
المملكة النزارية بغرناطة (1297-1300)، وهو من مواليد فالينسيا وأقام في مدينة
خاين، التي عُيِّنَ كاهناً فيها (1296)، وقد امتلك معرفة هائلة بالإسلام، حيث
استشهد في كتاباته بنصوص قرآنية ومن الأحاديث النبوية، كذلك، كان أوّل مستعرب
اسباني يهتم بشخصية علي ابن ابي طالب ودوره في بدايات الإسلام، والذي كان مجهولاً
للكثيرين من معاصريه، كما سنرى لاحقاً عند تحليل أدلة أسين بالاثيوس.
لا يمكننا معرفة إن يكن قد وصل هذا المؤلف أو
نسخة منه إلى أيدي دانتي. لكن، نعرف بأنّ بيدرو باسكال قد أقام في روما بين
العامين 1288 و1292، وهي الفترة التي سُميّ بها نيكولاس الرابع كحبر، حيث عمل
الراهب الإسباني بيدرو ضمن رعيته وساعده بإدارة شؤون الأخوية المولودة حديثاً.
وعند عودته إلى إسبانيا، مرّ بباريس، حيث اكتسب الشهرة في جامعتها من خلال معارفه
اللاهوتيّة. ليس غريباً أن عدد من اللاهوتيين البارزين في الفاتيكان، قد استفادوا
من معرفته الواسعة بالإسلام وكذلك من قبل دانتي نفسه، الذي عُيِّنَ كسفير لفلورنسة
في بلاط البابا بونيفاثيو الثامن بعد مرور عام على موت الراهب الإسباني.
في ذات العام،
رجع إلى إيطاليا الراهب الدومينيكي من أصل فلورنسيني ريكولدو دا مونتيكروسي
(1242-1320)، الذي امتلك معرفة معمقة بالإسلام ومؤلف كتاب "الإستبطان
القرآني" (اشبيلية العام 1500)، والذي تكلم اللغة العربية بطلاقة وسافر
كثيراً إلى فلسطين وسورية وتركيا والعراق وإيران، حيث بشّر وحاور لاهوتيين مسلمين.
كذلك، في حالة رامون لول وإمكان تأثيره الكبير على دانتي. دفع الفضول وحس المغامرة
والبحث عن المعرفة والفداء والرحمة الرحالة الأوروبيين، خلال القرون الوسطى وعصر
النهضة، إلى التوجُّه نحو المشرق القريب والمتوسط والبعيد.
كان أحدهم،
والمجهول حتى الآن، هو يعقوب بن سالمون (1221-1281) من مدينة أنكونا الإيطالية،
وهو تاجر يهودي إيطالي، قد حقق رحلة طويلة خلال الفترة الممتدة بين العامين 1270
و1273 وصل خلالها إلى دمشق وبغداد والبصرة وإيران والهند وسيريلانكا وسنغافورة
ومنغوليا، وعاد إلى إيطاليا عبر المحيط الهندي، فعبر عدن في اليمن والبحر الأحمر والقاهرة
والإسكندرية وصولاً لمدينته أنكونا في إيطاليا.
سبقت رحلته
رحلات ماركو بولو (1254-1324)، أودوريكو دا بوردينون (1265-1331) وابن بطوطة (1304-1377)، الذين وصلوا أيضاً إلى المشرق.
اكتشف الفيلسوف اليهودي البريطاني دافيد سيلبورن
قصّة يعقوب بن سالمون، حيث سمح بحثه حوله بالوصول لمعلومات وتفاصيل لم تكن معروفة
كثيراً في العالم الإسلامي خلال القرن الثالث عشر، وبيّن امتلاك الإيطاليين
لمعلومات جيدة عن المشرق.
حسناً، حتى
بالنسبة لأولئك المشككين وغير الواثقين بتلك الإرتباطات غير الكافية أو غير
المثبتة، يجب التفكير بما أمكن لدانتي استخراجه من معارف إسلامية بصورة أو بأخرى
وعقلنته.
تقود كل المؤشرات إلى برونيتو لاتيني
(1212-1294)، علّامة وذو معرفة موسوعية ورجل سياسي فلورنسي وكان معلِّم وصديق
لدانتي ومستشار في العلوم والفنون والأخلاقيات والفلسفة.
وما هو مهم هنا
هو أنّ برونيتو قد ذهب بوصفه سفيراً للحزب الغولفي لدى بلاط الملك المتسامح
ألفونسو العاشر بحدود العام 1273، وبعد ذلك، وضع كتابه "الكنز" بلغة أهل
شمال فرنسا، واحتوى هذا الكتاب على فصل خاص بالسيرة الذاتية للنبيّ محمد وقصّة
المعراج.
يقول ميغيل آسين
بالاثيوس بأنه لا أحد يمكنه رفض إمكان قيام برونيتو بإسماع تلميذه دانتي وبالصوت
الحيّ كل هذه المعلومات.
وتصبح كل تلك
الفرضيات أقرب إلى الإثبات حين نعرف بأنّه أمكن لبرونيتو اكتساب المعرفة بالثقافة
الإسلامية والعربية، ليس عن طريق غير مباشر كما حدث مع الآخرين ومن خلال كتب
مدروسة بعيداً عن المركز الرئيسي، بل عاش مع المترجمين التوليديين نفسهم، تناقشوا
بشكل شخصي مع الملك الحكيم ألفونسو الراعي لمدرسة البلاط اللامعة.
كذلك، يمكن
العثور على مؤثرات مؤكدة في إنتاج دانتي من خلال فكر "إخوان الصفا"، كما
يُشير بعض الباحثين.
يتبع
للإطلاع على مواضيع أخرى ذات صلة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق