El pensamiento musulmán en la Europa del siglo XIV
R.H. Shamsuddín Elía
I.A.C.I
Instituto Argentino de Cultura Islámica
A partir de la tesis elaborada por el jesuita e islamólogo español Miguel Asín Palacios en 1919, diversos estudios de investigación han subrayado la existencia de fuentes islámicas para las ideas de Dante Alighieri en su «Divina Comedia», como las descripciones del infierno en el Sagrado Corán; el viaje nocturno (isra') y la ascensión a los cielos (mi'raÿ) del Profeta Muhammad (BPD); la visita al cielo y al infierno en la «Epístola del Perdón» del poeta y filósofo sirio Abul-Alá al-Maarrí; el «Libro del nocturno viaje hacia la Majestad del más Generoso» y el «Libro de las Revelaciones de La Meca» del místico andalusí Ibn al-Arabi de Murcia.
Miguel Asín Palacios: La escatología musulmana en la Divina Comedia
فلسفة الإشراق (الأنوار)
كما حدث مع محمد
في المعراج، يشعر دانتي بالإرتقاء نحو السماء الثانية الساطعة والمضيئة، التي تخطف
بصره وتعميه في كثير من الأحيان.
(الفردوس، الأناشيد 5، 8، 10، 14، 18، 20، 23
و26).
يؤكد آسين
بالاثيوس بأنّ دانتي، قد استلهم فكرة رؤيا الأبرار من مفاهيم الفلسفة الإسلامية
المعروفة بالإشراق ("ضيائيّة").
إبن سينا، أوّلأ، هو من فتح الطريق نحو فلسفة
الأنوار أو حكمة الأنوار والمسماة "فلسفة النور الإلهية" (حكمة
الإشراق)، والتي يوجد أساسها في مدرسة التفكير الشيعيّ. يعتبر أحد أتباع هذا
التيار الفلسفي بأنّ الإشراق ينتج عن الملائكة العاملة على وحدة الكرات السماوية
والأرضية.
أهم فلاسفة الإشراق بعد ابن سينا:
السروردي (1154-1191)، صدر الدين الشيرازي (1571-1640)
وإبن عربي.
"العام
1914، أي بعد مرور
عامين على نشر ناردي دراسته وبصورة مستقلة عنها (حيث لم أكن أعلم بها وقتها)، كشفت
تأثير الإشراق الإسلامي في إشراق دانتي، ومن خلال تفحُّص بعض مقاطع الفردوس فقط،
حيث يظهر الإشراق الإسلامي متمثلاً برموز الإشراق والمرايا والدوائر والمركز،...الخ،
وهو ما يدفع لتصوُّر الخلق على إعتباره إنتشاراً للنور الإلهي، الذي يُعتبر سببه
اللاهوتي هو الحبّ وأوائل آثاره مادة وشكل كونيين وغير مركبين.
(آسين بالاثيوس، ابن المسرة
ومدرسته. أصول الفلسفة الإسبانية الإسلامية، مدريد، 1914، ص 120-121).
بدا دانتي، بالنسبة لي، مفكّراً
آخراً ما - بإستثناء فنّه المميز فقط - ضمن مدرسة الإشراق، التي بدأت في إسبانيا
الإسلامية على يد القرطبيّ إبن المسرّة (883-931)، والتي انتقلت منه إلى اليهودي
المالاغي إبن جبيرول (1022-1070) والمورثياني المسلم إبن عربي ومنه إلى الأخرويين
الأوغسطيين مثل غونديسلافي، القديس
بوينابينتورا، غييرمو دي أوبيرنيا، أليخاندرو دي هالس، دانس اسكونو، روجيريو باكون
أو رايموندو لوليو".
(آسين بالاثيوس: ذات المصدر، ص 399).
حقق آسين
بالاثيوس دراسة تفصيلية، قد تناول فيها كيفية تأثير فكر ابن عربي بالتوصيف الدانتي
للنعمة، ونختار المقاطع التالية:
"في المقام
الأوّل، وبحسب إبن عربي، تقوم حياة النعمة بالأصل على رؤيا الأبرار، والتي يمكن
تصورها كتجلّي أو كوحي أو كظهور للنور الإلهي. الله عبارة عن مصدر منير مُرسل لإشعاعاته؛
تلك الإشعاعات، بدورها، هي المسؤولة عن تأهيل أولئك المُختارين للتأمُّل بهذا
المصدر الإلهي. يساهم نشر ذاك النور عبر روح وجسد هذا الطوباويّ بزيادة قدراته
الطبيعية، يصقل قواه الداخلية والخارجية، كي يتمكن من تحمُّل شدّة إشعاعات المصدر
الإلهي، مصدر يتمتع بطاقة غير محدودة تتفوق على طاقة جميع المخلوقات. لا حاجة
للتشديد على التوازي الهائل بين تصوُّر إبن عربي هذا والتصوُّر الدانتيّ: حيث
يكونا متطابقين في الفكرة وفي التجسيد الفنّي.
هنا، يجب
التنويه إلى إعلان القديس برنار للظهور القادم للنور الإلهي لدانتي، حيث يدعوه
لتحضير نفسه (الفردوس الأنشودة 31، الأنشودة 33)، وهو ما يفعله النبيّ مع
المختارين في وصف ابن عربي (الفتوحات المكية، 1، ص 417-418).
حيث لا تحضر هذه
الصورة الفنية الأخيرة (بمعنى لا سابق لها) في أدبيات القرون الوسطى المسيحية.
في المقابل، سبق
أتباع المذهب المدرسيّ دانتي في تناول لاهوت الإحتياج لنور إلهي للتأمل بالله
تحليلاً ومنطقاً.
فقد تكلم توما
الأكويني، بإلحاح بالغ، عن أهمية نور النعمة، نور إلهي، يُنعش ويُكمِّل الأهلية
الطبيعية للفهم البشريّ، كي يرتقي نحو رؤيا الأبرار. لكن، من المؤكد بأنّ الأكويني
ذاته يعترف بأنه بحث عن الإلهام لكي يوثّق هذا الأمر أيضاً، ولكن، ليس لدى الآباء
القديسين واللاهوتيين المدرسيين، بل لدى الفلاسفة المسلمين:
قدرة الفارابي وإبن سينا وإبن باجة وإبن رشد، هي
ما يجب اللجوء إليه لدى تفسير نموذج رؤيا الأبرار فلسفياً، لينتهي الأمر بالقبول
بالنظرية الرشدية حول رؤيا الجواهر (جمع جوهر لا جوهرة) المنفصلة بواسطة الروح
بوصفها متكيفة مع رؤية الله من قبل المختارين.
وبدا من الطبيعي
للغاية ألاَّ يلجأ الأكويني إلى أدبيات آباء الكنيسة أو المدرسيين، حيث لن يجد
لديهم أيّ شيء يتعلق بهذا الموضوع الغامض.
يعترف مؤرِّخو
العقائد بأنّ التفسير الفلسفي لمادة الإيمان المسيحي هذه غير متوفرة لدى القديسين
الآباء وقدماء اللاهوتيين.
(آسين بالاثيوس، ذات المصدر، ص 247-249).
في الأنشودة 30،
نجد إشارة جديدة إلى الكونية الصوفية عند إبن سينا:
"إن نوراً ليحيل هناك الخالق، مرئياً لكل
مخلوق، لا ينال سلامه إلا برؤيته، نور ينتشر بشكل دائري، ومن الإمتداد هو بحيث
سيصنع قطراً دائرته حزاماً للشمس مفرط السعة، كل ما نراه منه متكوناً من أشعة،
تنعكس في ذروة المحرك الأول، الذي يستمد منه حياته وقوته".
(الفردوس، الأنشودة الثلاثون).
دائرة "المحرك الأول"، التي تحيق بكل
الباقين وتحركهم بذات الوقت، هي السماء الزجاجية، التي يتحدث عنها الفيلسوف العربي
إبن سينا، حيث ينعكس نور الله من سطحها المقبب، فيخلق ذاك الشعاع. حيث يمكن
الإطلاع، بصورة خاصة، على تعليق ابن سينا حول الآية 35 من سورة النور القرآنية.
الخلاصة
بدأ تناول تأثير
الأخرويات الإسلامية في الكوميديا الإلهية من قبل باحثين فرنسيين مختلفين ومنذ
بدايات القرن التاسع عشر.
أوّلهم المؤرّخ
أنطونين - فريدريك
أوثمان (1813-1853) - قائد في الحركة الكاثوليكية وأحد مؤسسي جمعية القديس فيسنت
دو بول (1833) - ويبرز هذا من خلال كتابه "دانتي والفلسفة الكاتوليكية خلال القرن
الثالث عشر" (1839). وكان الآخر هو شارل
لابيت (1816-1845) الذي ألف كتاب "الكوميديا الإلهية قبل دانتي"، كذلك،
نشر إرنست بلوخ (1880-1959) مقالين أساسيين: صعود النبي محمد إلى السماء والمصادر
الشرقية للكوميديا الإلهية.
كذلك شكّك
الباحث الإيطالي ألساندرو دانكونا (1835-1914) في كتابه "أسلاف دانتي"
بمصادر دانتي.
أطروحة آسين بالاثيوس شاملة ومميزة وزاخرة بالأدلة التي تُقصي كلّ شكّ. فإعتباراً من نشره لكتابه "الأخرويات الإسلاميية في الكوميديا الإلهية" العام 1919، ثار جدل شديد حوله.
دعم عدد من الأخصائيين في هذا المجال البحثيّ أطروحة الكاهن
الإسباني آسين بالاثيوس، بينهم الأخصائي بالإسلاميات البريطاني السير توماس أرنولد (في جامعة لندن) والباحث ألفريد غيوم (من
جامعة دورام)، الباحث الألماني فريدريك بابينجر (من جامعة برلين)، الإيطاليان غ. غابرييلي (من جامعة روما) وأ. ناليون (من جامعة روما)، الفرنسي موريس
غودفوري - ديمومبان (من مدرسة اللغات الشرقية الحيّة في جامعة باريس)، الفنلندي و.
سوديرجيلم (من جامعة هلسنكي)، الإسكتلندي
من أصل أميركي دونكان بلاك ماكدونالد (1863-1943) والأخصائي بأدب دانتي برونو
نوردي (1884-1968) أستاذ الفلسفة في جامعة مانتوا. أما في الأرجنتين، فقد جرى نشر
عملين تعلقا بكتاب آسين بالاثيوس آنف الذكر: الأول تحت عنوان "دانتي
والإسلام" بتوقيع اسم مستعار ألفا وظهر في جريدة الأمة (بوينس آيرس، الأحد 11 أيلول 1921، ص3)؛ أما
الثاني، فقد كتبه أحد الأخصائيين بأدب دانتي الدكتور آنخل ليثيترا في كتابه المتكون من 118 صفحة وتحت عنوان "أصل (الكوميديا
الإلهية) وقصّة الإسراء والمعراج الإسلامية".
كتب أحد
اليسوعيين، وتحت اسم مستعار هو ب. ب، هذه السطور معترفاً:
"بكل تأكيد، نحن لا نخفي قلقنا مما حققه آسين بالاثيوس عبر إستخدامه
للقياسات الإسلامية الواضحة في الكوميديا الإلهية، سواء لناحية إظهارها البالغ أو
بتراكم الأدلة عليها. لكن، الأكثر إقلاقاً هو تخيُّل ملحمة دينية مسيحية كبرى
تتعاظم ضمن التصوُّف الإسلامي، كما لو أنّه مسجد مغلق بوجه العبادة الإسلامية
ومخصّص للعبادة المسيحية. عندما تُحلّ هذه القضية بيوم من الأيام باتجاه أو بآخر،
سيبقى آسين بالاثيوس حاملاً لشرف فتح نقاش لا يُنسى في تاريخ الأدب الكونيّ".
أكدت دراسات
لاحقة مصداقيّة أطروحة آسين بالاثيوس، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك، وأبرزت
تأثيرات عميقة للإسلام في أدب دانتي:
"تشرَّبَ دانتي الفكر العربي بقوّة. عاش في
بلد قد صاغه فريدريك الثاني، وكان أسيراً كالكثيرين من معاصريه للمذهب، الذي أسسه
فلاسفة مسلمون مثل إبن سينا أو إبن رشد على وجه الخصوص، والذي أوحى الكثير لعالم
الغرب".
"عند قول
الحقيقة، فيما لو تشرَّبَ دانتي الفكر العربي (الفكر الإسلامي بدقّة)، فليس جرّاء
تأثير الرشدية فقط، بل كذلك، جرّاء تأثير المدرسية الصوفية، وعلى وجه الخصوص تأثير
إبن مسرّة ومحي الدين إبن عربي".
كل البنية
الشعرية لدى دانتي، إعتباراً من بنية سفرته الجحيمية وصولاً إلى جبل المطهر وتعاقب
الدوائر متحدة المركز والسماوات التي تهيم بها أرواح الفردوس، كل التوافقات بين
عوالم ثلاث، كل هذا النظام، كلّ هذا الترتيب، تراتبية عوالم ما وراء الطبيعة:
نجدها موثقة في تراث الإسلام ولدى صوفييه وفلاسفته
وشعرائه.
لم يفرض دانتي على هذه الآلة الرائعة أيّ طابع
شخصاني.
لقد عثر عليها جاهزة كما هي.
ولا يُقلِّلْ
هذا، بطبيعة الحال، من عبقرية دانتي، بل على العكس من هذا، فهو يؤكد نبوغه المتعدد
الوجوه ونظرته الكونية.
إنتهى بعون الطبيعه
للإطلاع على مواضيع أخرى ذات صلة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق