El pensamiento musulmán en la Europa del siglo XIV
R.H. Shamsuddín Elía
I.A.C.I
Instituto Argentino de Cultura Islámica
A partir de la tesis elaborada por el jesuita e islamólogo español Miguel Asín Palacios en 1919, diversos estudios de investigación han subrayado la existencia de fuentes islámicas para las ideas de Dante Alighieri en su «Divina Comedia», como las descripciones del infierno en el Sagrado Corán; el viaje nocturno (isra') y la ascensión a los cielos (mi'raÿ) del Profeta Muhammad (BPD); la visita al cielo y al infierno en la «Epístola del Perdón» del poeta y filósofo sirio Abul-Alá al-Maarrí; el «Libro del nocturno viaje hacia la Majestad del más Generoso» y el «Libro de las Revelaciones de La Meca» del místico andalusí Ibn al-Arabi de Murcia.
Miguel Asín Palacios: La escatología musulmana en la Divina Comedia
الإسلوب الجديد الحلو – دولتشي ستيل نوفو
يُعرَفْ القليل
عن تعليم وثقافة دانتي، رغم أنّ كتبه تعكس نبوغاً واضحاً، لم يكن غريباً عن الجو
المعرفيّ في حقبته. تأثّر في بداياته كثيراً بأعمال الفيلسوف والأديب برونيتو
لاتيني، والذي يظهر بكثافة كشخصية بارزة في الكوميديا الإلهية.
بحدود العام
1285، عاش دانتي في مدينة بولونيا الإيطاليّة، ويفترض أنه قد درس في جامعة هذه
المدينة.
كان أوّل عمل
أدبي لدانتي هو الحياة الجديدة (فيتا نوفا باللغة الإيطالية)، التي كتبها بعد موت
بياتريس بزمن قليل، بين العامين 1292 و1294. تكونت قصائده من السونيتات والأغاني،
والتي يتخللها نصوص نثرية. يتحدث خلالها عن حوادث متصلة بحبّ الشاعر لبياتريس،
كالحلم الذي رآها فيه ميتة، وعندما ماتت الشابة فعلياً، كتب العاشق اليائس عملاً
أدبيّاً مخصصاً لها، كأثر معبّر عن حبه لها.
اعتباراً من
الحياة الجديدة، يُظهر الشاعر الفلورنسي تأثره بالمصادر العربية والمشرقية.
لهذا، لجأ إلى التقويم العربي والسوريّ لإقرار تاريخ وساعة موت عشيقته بياتريس، ليوافق العدد 9، الذي يُعبّر عن الكمال.
(دانتي: الحياة الجديدة، مدريد، 1997، القصيدة التاسعة
والعشرين، 1، ص70-71).
في تلك الحقبة، شهدت إيطاليا حراكاً أدبياً ملحوظاً؛ وتمثل هذا الحراك بولادة فجر نهضة أدبية حقيقية، حدثت إرهاصاته الأولى في فرنسا وألمانيا. فمنذ قرنين، من ذاك التاريخ، وُجِدَ الأدب الفرنسيّ، بل حتى يمكن وصفه بالأدب المزدوج:
أدب الشمال باللغة الفرنسية القديمة وأدب الجنوب شرقي بلغة أوس.
وجرى تصنيف مدرسة التروبادوريين بسياق أدب منتصف النهار.
تعود التأثيرات الإسلامية إلى القرن الثامن ميلادي، عندما سيطر المسلمون على منطقة لانغيدوك ("المنطقة التي تحدثوا فيها بلغة أوس")، وهي المنطقة التي ستصبح معقل لجماعة الكاثار، الذين قلّدوا الشعراء الاندلسيين الذين ساهموا بتوفير أنماط شعرية جديدة مثل الزجل والموشح المرتبطة بالموسيقى، خلق التروبادوريان (التروبادور: غزّال أو شاعر مغني متجول) غييرمو التاسع (1071-1126) وماركابرون (اشتهر بين العامين 1130-1148) أساليب شعرية جديدة، وشكلت صيغاً شعريةً شعبيةً مبنيةً على خبرة وذلك في مدن بروفنس، تولوز وقلاع بوردو.
(انظر: أ. ر. نيكل:
الشعر الإسباني العربي وعلاقته بالشعر البروفنسي القديم، ج. أ. فروست، بالتيمور،
1946).
وانتقل هذا
النوع من الشعر البروفنسيّ إلى جزيرة صقلية حيث حضر في بلاط الملك فيدريكو الثاني،
ومنها إنتقل إلى بلاطات أخرى أقلّ اهمية، ثمّ وصل بالنهاية إلى توسكانا وإيميليا.
"يقول دانتي بأنّ كل ما أنتجه الإيطاليون
من شعر، قد أسموه شعراً صقلّياً، فيما يؤكد بتراركا بأنّ القافية الشعرية أو الشعر
المُقفّى قد انتقل من صقلية إلى إيطاليا".
(انظر في كتاب "شعر وفن العرب في اسبانيا
وصقلية، هيبريون، مدريد 1988، ص 306، أدولف فريدريش فريدريش فون شاك).
بالإقتباس من
الكتاب الشهير "قصة مسلمي صقلية" لمؤلفه الأخصائي الإيطالي بالإسلاميّات ميكيلي أماري (1806-1882)؛ يقول آسين بالاثيوس:
"وُلِدَتْ
المدرسة الشعرية الصقليّة في بلاط الملك
فيدريكو، وهي الأولى في استخدام اللغة العامية، والتي أعطت الأصل للتقليد الأدبيّ
القومي الإيطالي. قلّد بهذا موضة البلاط الإسلامي المميز في إسبانيا، والتي كان
يُدفَعْ لها بسخاء، حيث غنّوا بلغتهم العربية وكالوا المدائح للسلطات الحاكمة
وبنوا روحيتها بقوافي المحبة. ويشكل هذا واقعاً إيحائياً لأجل تاريخ العدوى بين
الأدبين المسيحي والإسلامي، وتعايش التروبادوريين العرب مع التروبادوريين
المسيحيين، الذين
استخدموا العامية كمحاكاة فنية لزملائهم الكفّار! بالرغم من قبول العدوى الخارجية
فقط في الموضة، فلم يتغير مضمون تقنية الشعراء الجوالين الصقليين، يكفي هذا الأمر
كمؤشر على أشكال أخرى للمحاكاة الأدبية. فيما لو شجعت السلالة النورماندية الحاكمة
في صقلية على نشر الثقافة الإسلامية، فقد توجب ظهور التأثير في إنتشار الآداب
والعلوم العربية في أوروبا المسيحية، وتتضاءل أهميتها مقارنة مع ما حدث في إسبانيا
القرون الوسطى، والذي يوفر لنا ذات الظواهر الصقليّة، لكن، بشدة أكبر وإمتداد لا
مثيل له، وإعتباراً من تاريخ أقدم بكثير، إعتباراً من القرن الثامن ميلادي، أي قبل
وصول النورمانديين بثلاث قرون إلى صقلية، إسبانيا هي البلد الأول، الذي أقام
الاحتكاك الأوّل بالإسلام. فخلال فترة خمسة قرون، من القرن الثامن إلى القرن
الثالث عشر، حين أتى الشاعر الفلورنسي (دانتي) إلى العالم، كان قد تعايش المسيحيون
والمحمديُّون حرباً وسلماً خلالها".
يصف أحد
المعاصرين لفيدريكو وأحد أهم الشعراء المتجولين (تروبادور=شاعر متجوّل) الألمان، فولفرام فون اشنباخ (1165-1220)، في كتابه فيلهلم (عمل غير مكتمل
لقصة من قصص البلاط، كتبت بين عامي 1212 و 1218)، المسلمين بالمناضلين ضد الحروب الصليبية مع كامل التقدير والإعجاب
والإعتراف.
يُبيّن كتاب
"الحياة الجديدة"، بكل وضوح، تأثُّر دانتي بأشعار المحبة الصادرة عن
شعراء متجولين بروفنسيين فرنسيين، حيث تكتسي تلك المحبة بمعرفة فلسفية، ويصل إلى
الذروة في "الإسلوب الجديد الحلو"، كاسم جرى إعتماده في فلورنسة وقتها.
يتجاوز كتاب
"الحياة الجديدة" التقليد البروفنسي، حيث يصف مشاعر الحبّ لدى دانتي
بصورة سامية ومثالية، لكن، يوحي بوجود إرتباط روحاني كبير جداً بالتصوُّف.
وجدير بالذكر،
هنا، إطلاق اللاهوتيّ المسلم الإسباني ابن حزم (994-1064) تعريف الفرح بالإتحاد
العشقيّ بوصفه "حياة متجددة" في كتابه "طوق الحمامة"، والذي
علّق عليه الأخصائي بالإسلاميّات الإيطالي فرانسيسكو غابريلي، فقال:
"بفضل تقلبات خارجية، وعلى وجه الخصوص، بفضل الطبيعة الحميمة الصارمة، الولع السياسيّ والديني وعبادة ما هو مثالي، تُذكّر حياة إبن حزم بما يمكن نسبته لحياة دانتي".
يتبع
للإطلاع على مواضيع أخرى ذات صلة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق