Por Michael Ruse para The Chronicle
Traducido por Glenys Álvarez y Marlon Méndez
El año pasado celebramos el aniversario número 200 del nacimiento de Charles Darwin y el aniversario 150 de la publicación de su libro, Sobre el origen de las especies mediante la selección natural, o la Preservación de razas favorecidas en la lucha por la vida. El aniversario fue marcado por conferencias por todo el mundo. No diré a cuántas yo fui; los lectores ecológicamente sensibles de The Chronicle podrían comenzar a quejarse cobre mis huellas de carbono y ese tipo de cosas. Déjenme sólo decir que me encontré pasando no menos de tres veces por el Aeropuerto Internacional Quad City en Moline, Illinois. ¡Moline!
se puede leer todo el artículo, aquí
http://www.sindioses.org/cienciaorigenes/filosofos_darwin.html
النص الانكليزي الاصل
احتفلنا العام الماضي بمئوية ولادة داروين الثانية، ومرور مئة وخمسين عام على نشره لكتابه أصل الأنواع. عمّت الإحتفالات العالم عبر محاضرات ومؤتمرات متنوعة.
أشير، هنا، الى كتاب "فيما أخطأه داروين" لمؤلفيه جيري فودور أستاذ الفلسفة بجامعة روتجرز وماكسيمو بياتيلي بالماريني أستاذ علم الإدراك بجامعة أريزونا، حيث يتضمن الكتاب رأيهما حول عالم الطبيعة القديم داروين وحول نظريته التطورية عبر الإنتقاء الطبيعي. فيما لو يكن فودور وماكسيمو عبارة عن حالة منعزلة، بإمكان الواحد منا استبعاد الكتاب من نظرة واحدة (فيما لو يكن واحدنا عالم أحياء) أو التصفيق والتهليل له (فيما لو يكن واحدنا خلقياً).
لكن، ضمن الإتجاه الفلسفي، يتزايد عدد الفلاسفة البارزين، الذين يضعون شكوكهم حول داروين. لأجل فهم إنتقاداتهم، يتوجب علينا، أولاً، إعادة الساعة لمدة عام كامل لبداية تلك الإحتفالات.
تتناول محاضرات الذكرى المئوية، عادة، الحديث حول إنجازات داروين، فأنا مؤرّخ وفيلسوف علمي متخصّص في النظرية التطورية، مع هذا، تتشكل أغلبية المُشاركين من علماء الأحياء التطوريين. وهذا، لسببين:
1- يحترم العلماء داروين وإنجازاته بعمق، وهؤلاء الأشخاص مختصين بالتطور ويتناولون الماضي بجديّة هائلة.
2- أشار جميع المشاركين بتلك النشاطات إلى أنّ العلم التطوريّ المتوفر اليوم، هو متابعة لما بدأه داروين.
يتقدّم علم الاحياء التطوري بثبات، وهذا سبب كافٍ للإحتفال كل عام وتقديم كل ما يتم التوصل له على هذا الصعيد العلميّ الهام. بل أكثر من هذا، يؤكد العلماء، واحداً تلو الآخر، بأن كل العالم يقدّر الأدوات الداروينية، وعلى وجه الخصوص، آلية الانتقاء الطبيعي.
مع ذلك، لا يهدأ هذا العلم العظيم، فهو يحمل ويجلب أفكاراً وإكتشافات أبعد مما تأمّله مؤسسوه الأوائل. علم الاحياء التطوري، اليوم، هو دارويني بالعمق، لكنه تجاوز أصل الأنواع بصورة لم يتمكن داروين ربما من تخيلها. لأجل توضيح هذا بجملة معبّرة، يمكن القول:
أعطى داروين لعلم الأحياء نموذجاً، فيما قام علماء الأحياء، ويتابعون قيامهم، بالتوسع فيه دون توقف.
هنا، سأعرض عليكم بعض ما سمعته في تلك النشاطات. وهو مهم دون شكّ، ولهذا، أخصص هذا المقال له.
أمضى الزوجان بيتر وروز ماري غرانت، الأستاذان الفخريان بعلم الأحياء بجامعة برينستون، عدّة سنوات بدراسة طائر البرقش بأرخبيل غالاباغوس. حديثاً، ازداد اهتمامهما أكثر بنشوء الأنواع، عندما انفصلت جماعات وأنشأت حواجز تكاثريّة فيما بينها.
درس علماء إحاثة / الإنسان مثل الأستاذة دين فوك، زميلة في الجامعة الحكومية في فلوريد ،دماغ الكائنات الصغيرة التي تُشبه البشر، فقد أثبتت اكتشافات حديثة في الأرخبيل الإندونيسيّ وجود إنسان فلوريس أو الإنسان القزم والمعروف باسم الهوبيت.
كذلك، استمعت إلى دونالد جوهانسون مرات عديدة، وهو مدير معهد الأصول البشرية بالجامعة الحكومية في أريزونا، الذي قد اكتشف في العام 1974 هيكلاً عظمياً لأنثى شبه إنسان بعمر 3 ملايين عام، التي مشت منتصبة، لكنها امتلكت دماغ بحجم دماغ شمبانزي. لكن، الآن، يتم الحديث عن إعادة بناء آردي الكائن الأقدم من لوسي بحوالي مليون عام، أيضاً، مشت آردي منتصبة، لكن، عاشت زمنا طويلاً متنقلة بين أغصان الشجر. بالتالي، يدل مظهرها، كما حددته فرضيات سابقة حول الإنسان السابق البدائي الذي انتقل للسكن بعد جفاف الغابات، أن الحاجة قد دفعتها الى المشي المنتصب. في الواقع، يرون الآن بأنّ المشي على القدمين قد ظهر حتى عندما كنا ما نزال نعيش ضمن الغابة.
نشر شون بي كارول، عالم أحياء من جامعة ويسكونسن - ماديسون وأستاذ في النمو التطوريّ وفريقه العلمي، معلومات حول اكتشافهم المُدهش الذي يبين تنظيم الجينات للنمو. هو الإكتشاف الحديث الأكثر إثارة في علم الأحياء التطوري، حيث جرى التوصُّل لامتلاك البشر وذبابة الفاكهة لشبه كبير على المستوى الجزيئي وكذلك في الحمض النووي الريبي منقوص الأوكسجين DNA.
يمكننا تشبيه الأمر واقعياً ببناء الأجسام وفق مبدأ ليغو (لعبة للاطفال، تعتمد على تركيب قطع مختلفة لتشكيل أشكال مختلفة)، فمع ذات القطع يمكننا تشكيل إنسان لو نسلك طريق ما، كما يمكننا تشكيل الذبابة بسلوك طريق آخر. في الوقت الذي يدرس فيه علماء النفس التطوريين وعلماء الانسان، مثل مارك هوزر من جامعة هارفارد، السلوك الأخلاقي بدقة عالية حيث يمكنهم الإشارة لأجزاء الدماغ التي تشترك في التفكير العقلاني، الإنفعالات الحسية والدوافع. وكالعاده، السياق دارويني.
يمكننا تشبيه الأمر واقعياً ببناء الأجسام وفق مبدأ ليغو (لعبة للاطفال، تعتمد على تركيب قطع مختلفة لتشكيل أشكال مختلفة)، فمع ذات القطع يمكننا تشكيل إنسان لو نسلك طريق ما، كما يمكننا تشكيل الذبابة بسلوك طريق آخر. في الوقت الذي يدرس فيه علماء النفس التطوريين وعلماء الانسان، مثل مارك هوزر من جامعة هارفارد، السلوك الأخلاقي بدقة عالية حيث يمكنهم الإشارة لأجزاء الدماغ التي تشترك في التفكير العقلاني، الإنفعالات الحسية والدوافع. وكالعاده، السياق دارويني.
لماذا يدفع الإنتقاء بعض الأشياء إلى إتجاه ما بدلاً من إتجاه آخر؟
لحظات عاطفية، والأكثر إثارة، هو الإستماع لأصوات تابعة للتيارات الفلسفية الرئيسية، وهي تُحاكم صحّة النظرية التطورية.
سأشير الى ثلاثة منها.
سأشير الى ثلاثة منها.
في المقام الاول يوجد ألفين بلانتينغا.
ولو أنّه يعلّم في جامعة نوتردام كمؤسسة رومانية كاتوليكية، لم يتردد بلانتينغا، وهو الفيلسوف البروتستانتي البارز والكالفيني الصريح، أبداً عند لحظة إثبات إيمانه إثر تحقيقه لبحث طليعي مؤسّس على أسئلة حول المعرفة والإعتقاد. وحتى لو أنّك تختلف مع استخلاصاته، ربما تُعجَب بمهارته وتتعلّم من براهينه. مع ذلك، أبدى بلانتينغا، منذ زمن بعيد، قلقاً وانزعاجاً من التطور، بالعموم، ومن التفكير الدارويني على وجه الخصوص. ففي دراسة منشورة له العام 1999، كتب قائلاً:
"أعتبر الورقة التي تلعبها نظرية التطور في عالمنا الثقافي وثناً حديثاً للقبيلة، هو مقدّس وسيّد يأتي ليميّز بين الماعز الأصولية والجاهلة وبين الخراف وفق التقرير العلمي. إن تشكّك بهذه الامور، قد تفقد عملك. اعتبروا التطور مثبتاً ومؤكداً مثله مثل دوران الأرض حول الشمس، في حين لم يجد هذا اليقين أيّة أرضيّة".
بلانتينغا هو ناطق متحمس باسم جماعة التصميم الذكي، التي تعتقد بأن كائناً ذكياً قد تدخل لإكمال بعض النقاط في تاريخ الأحياء. لست متاكداً من أنّ هذا الاعتقاد يجعل من بلانتينغا خلقياً صرفاً، على الرغم أنه قد قال في الماضي أشياءاً لا تنفي هذا الأمر.
بعض الداعمين للتصميم الذكي، من أمثال فيليب إي جونسون أستاذ القانون في جامعة كاليفورنيا ومؤلف كتاب محاكمة داروين، حيث يرفض كل صيغ التطور. آخرون مثل مايكل بيهي استاذ علم الاحياء بجامعة ليهاي ومؤلف "صندوق داروين الاسود: التحدي البيوكيميائي للتطور"، الذي يظهر موافقاً على الكثير من مظاهر التطور ومن الممكن تسميته عالم تطوري مؤمن، حيث انه يعتقد بأن الله عبارة عن دليل بمجرى التطور المستمر.
أينما حلّ بلانتينغا في هذا المشهد الخلقي، فمكانه مع منظرّي التصميم الذكي بمواجهة قوية مع ما يسموه زيف علم الأحياء التطوري لداروين.
لماذا يمتلك بلانتينغا مثل هذا الشعور؟
وفق وجهة نظره، تُفضي الداروينية إلى إقصاء وجود أيّ موجّه في تاريخ الأحياء. فكل تغيّر عبارة عن عمل للتنوعات الجديدة التي تظهر صدفة (الطفرات)، والتي لاحقاً، تنتشر بالجماعة عبر آليات كالإنتقاء الطبيعي. ولو أنّ التنوعات الجديدة لديها أسبابها فهي لا تتفق بالضرورة مع احتياج ما.
كما برهن داروين ذاته، يعني التفكير بطريقة أخرى التغطية على الواقع، بطريقة غير مشروعة، ومن خلال إله مُوجّه.
اعتاد عالم الاحاثة الراحل ستيفن جاي غولد، من جامعة هارفارد، المُزاح بقوله أن وصول النوع البشري، هو حدث سبَّبَهُ الحظّ السعيد، حيث أن مذنباً اصطدم بالارض منذ 65 مليون عام فتسبب بإبادة الديناصورات وسمح بظهور مملكة الثدييات.
لا يقبل بلانغتينا هذا النوع من التفكير.
رد فعله تجاه علم الأحياء التطوري مُخيّب للآمال لكنه مفهوم. مخيّب للآمال، لأنه بالعموم، يميل الكالفينيون لتفضيل العلوم، فهم يعتبرونها جزء من سيادة الله، وعمل البشر هو كشف قوانينها الثابتة. فكما يقول الكالفينيون حول العلاقات الجنسية، فيما لو أنّ الله قد قرّر بتوجب تكاثرنا بطريقة منفرة كتلك، إذاً، واجبنا يقضي بقبولنا لهذا الواقع ووضعه بسياقه.
يتبنى بلانتينغا ذات الامر مع التطور الدارويني. هي وجهات نظر مفهومة لأنّ الفلسفة الحديثة تتجه نحو العلمانية ويوجد كثير من الاهتمام من قبلها بافكار اشخاص مثل ريتشارد داوكينز، دانييل دينيت، سام هاريس وكريستوفر هيتشنز.
الملحدون الجُدد، حيث انه فيما لو تكن دارويني، اذا، ستكون لا أدري على الاقلّ، اذا لم تكن ملحداً مُفوّهاً.
تحدث أستاذ الفلسفة فيليب كيتشر بجامعة كولومبيا ومؤلف كتاب "العيش مع داروين: تطور، تصميم ومستقبل الايمان" الصادر عن جامعة أكسفورد العام 2007، حول قرار بلانتينغا بالترويج لكتاب فيليب إي جونسون، الذي يبرز
فيه "إفراط في المذهب الخلقيّ، وجهل عميق بطروحات بارزة في علم الاحياء"، فتسبّب بإحداث حالة جمود دماغي لديه!!
الأمر المُفاجيء أكثر، هو موقف الفيلسوف توماس ناغل بجامعة نيويورك، الذي استقر في قمّة هذا الحقل المعرفي، بفضل سلسلة من روائع مقالاته التي تتناول مواضيعاً متنوعةً، مثل جهاز التفكير عند الخفافيش وطبيعة الانحراف الجنسي. ولو أنّه يؤكّد بثبات عدم إيمانه بأيّة ألوهة، الآن، نراه ناشراً لتصريحات ضد الداروينية.
فلو أنّه غير مُساند للتصميم الذكي، يمكن لواحدنا أن يتساءل لماذا يقول ما يقوله؟.
فهو قد ساند كتاب من تأليف ستيفن ماير بعنوان "البصمة الخليوية: الحمض DNA والدليل على فضل التصميم الذكي"، الصادر عن دار هاربر ون العام 2009، معتبراً إياه واحد من أفضل الكتب الصادرة في العام 2009 في الملحق الأدبي بجريدة النيويورك تايمز.
يؤكد ناغل في مقال حديث له، بأنه من المناسب تعليم التصميم الذكي في قاعات الدراسة. واضعاً الشكّ في التأكيد الدارويني لأنّ مصادر التنوع ليست موجّهة، يستشهد ناغل بمايكل بيهي كسلطة أو مرجع مؤكّد!!. "هل مصادر التنوع الوراثي الاحتمالية واحدة أو لا؟ تلك هي القضية المركزية، ونقطة الدخول للمدافعين عن التصميم الذكي"، يكتب ناغل. يخبرنا بأن الكتاب الحديث لمايكل بيهي "حافة التطور" يمتحن "الدليل الراهن الصالح حول الميزة الكيميائية الحيوية للتعاقب الطبيعي للطفرات الإحتمالية في المادة الوراثية لعدد من الكائنات الحية".
يترك ناغل القاريء عند إنطباع باتجاه أنّ ما أقلق مايكل بيهي قد انتهى. يبرهن مايكل بيهي، بحسب ناغل، على أنّ "الأمثلة العديدة حول التكيف التطوري، بما فيها تطور المناعة ضد المضادات الحيوية، عندما تُفهَم بشكل مناسب، ليست حالة تفسير لتشكّل أنظمة بيولوجية جديدة معقدة". هنا، يدعي "بان تلك الأنظمة تقتضي طفرات لتعقيد بنظام مختلف، طفرات إحتمالاتها كطفرات بسيطة عفوية أو كنتيجة لطفرات متكيفة ولو أنها منفصلة فردياً، هي تصغر كل مرّة أكثر".
ناغل كسابقه بلانتيغنا، شكّاك في كل ما يتعلق بالتطور. أفترض بأنّ أحداً ما يقول بأن التشكيك بنظرية التطور، يُكافيء التفكير بكون الأرض مسطحة.
يكتب ناغل: "يبدو لي بوصفي مراقب خارجي، أن ما نعرفه عن العمليات التطورية، للآن، نظريّ وسطحي". يقول لنا أيضاً بأن هؤلاء الذين يفكرون بأننا في الطريق الصحيح لفهم آليات التطور مخطئين. "لا شيء من هذا ممكن". وفي تعليق آخر له يقول: "يتوقف الكثير على إحتمالية أن الأنظمة الكيميائية المعقدة تجد أصلها في تعاقب الطفرات الإحتمالية في الحمض DNA الطويلة بشكل كافي، وأن كل واحدة منها تقوم بتحسين الشرط الفيزيائي للحيوان. هذا من الصعب العثور عليه في الادبيات المُتاحة، كما في الأدلة الملموسة التي يضع علماء الأحياء ثقتهم فيها بهذا الموضوع".
بطبيعة الحال، قضية أصل الأحياء قيد النقاش وهم قرّروا حسمها ("لغز علمي كامل حتى هذه اللحظة"). الامر الذي لا يجعلنا نندهش أو نتفاجأ، بالتالي، هو تفكير ناغل بأنّ علم الأحياء التطوري مقبول من غير المؤمنين أكثر من المؤمنين". هذا عبارة عن قضية "توجُّه عام".
لا يختلف فودور كثيراً عن سابقيه بلانغتينا وناغل، وهو المعروف بسبب تأكيده أنّ العقل يتركب من وحدات تعمل بصيغة منفصلة. وهو أيضا مؤخراً، خرج لينتقد نظرية داروين، اولا عبر مقال منشور في لندن ريفيو أوف بوكس والآن مع مقال (ما الذي أخطأه داروين)، يعثر فودور على خطأ جسيم في التفكير التطوري المعاصر: "توصل عدد هام من علماء الأحياء لفكرة مفادها أن نظرية الإنتقاء الطبيعي ليست واقعاً يمكننا اللجوء له. النظرية حتى هذه اللحظة، عبارة عن قطعة قشّ في مهب الريح، لكن، لا يمكننا نفي أن ثورة علمية، تساهم على الأقل بإعادة النظر بالنظرية التطورية، هي في الافق". (يقصد التصميم الذكي طبعاً!!)
بالنسبة للسيد ،فودورمصطلح الإنتقاء الطبيعي مُخفق. هو يعتبر انه قد برهن مراراً بأن الإستعارات في العلم مُخادعة ويجب إلغاءها إلى أن ينضج العلم. في حالة الداروينية، لدينا تشابه او إستعارة في العمل، بين الإنتقاء الصناعي الذي يستخدمه مربو الماشية لتحسين القطيع: غنم بصوف أكثر، بقر بلحم أكثر...الخ، وعملية التكاثر التفاضليّ التي يعتبر الداروينيون بأنها تقود الى التغيّر التطوريّ (باتجاه تحقيق فوائد تكيفيّة). يرى فودور بأنّ التكاثر التفاضليّ (تعبير آخر للإنتقاء الطبيعي) يحمل إلى العقل، بطريقة غير مشروعة، أفكاراً حول العملية الطبيعية:
المُقلق في الامر هو أنّ تفسير الانتقاء الطبيعي كالتطبيق في تربية الحيوانات الانتقائية، هو مُخادع بشكل جدّي، وأيضاً، خيانة مارسها داروين!! فالمربون لديهم عقول، يتوجب التفكير في الميزات التي يرغبون بتحسينها في حيواناتهم، فلو يرغب أحدنا بمعرفة ما يحصل يمكنه توجيه الأسئلة لهم. الانتقاء الطبيعي، على العكس من هذا، لا عقل له، يعمل دون خُبث. هذا يُعيدنا الى التدقيق في التشابه بين الانتقاء الطبيعي والتربية، ربما الى نقطة انهيارها. بالتالي، ما هو التفسير المُتوسّل عند الحديث عن الانتقاء الطبيعي؟ السؤال مفتوح حتى لحظة كتابتي هذه الكلمات.
يعتبر فودور بأنّ هذه المشكلة غير قابلة للحلّ.
لحسن الحظّ، لا حاجة للقلق كثيراً عند إختيار الإنتقاء، فاليوم، يكتشفُ أخصائيُّو التطور كل ما يتصل بالتنوّع. تنتج كل التغيرات التطورية من خلال الجينات وتطوراتها. ويرى فودور بانه حتى لو كان هناك إنتقاء طبيعي، فلن يكن بوسعه سوى القيام بمهمة ثانوية بعد إنتهاء كل شيء.
ما الذي يمكن قوله حول تلك الإنتقادات؟
يمكن لأي واحد فينا عدم الإكتراث بمحاكمات فرديّة، كما فعل فودور بمقارنته بين الإنتقاء الصناعي والإنتقاء الطبيعي.
فآخر ما اهتم به داروين وتلاميذه هو محاولة تخصيص عقل للطبيعه.
في الصناعة كما في الطبيعة، تتكاثر بعض الكائنات وبعضها لا، وأسباب هذا (بمعدل متوسط) ستتصل بالميزات المختلفة للرابحين والخاسرين. القول بأن حشرة عثّ فاتحة اللون، لديها إحتمال أكبر للنجاة من مُفترسها طائر أبو الحناء من حشرة عثّ غامقة اللون، لانّ الطائر ذاك يمكنه رؤية الغامقة بصورة افضل على لحاء الشجر، ما قوله لا شيء يقترب من الله أو من أي كائن واعي آخر هنا.
أيضاً، يمكننا اعتبار أنّه لا بلانتينغا ولا ناغل قد اطلعا على الإنتقادات العلمية الموجهة إلى التصميم الذكي بالحدّ الأدنى.
كل مثال، يقدمه أنصار التصميم لأجل الإيحاء بأن الأسباب الطبيعية غير كافية – الآفة البكتيرية، تخثر الدم – قد ثَبُتَ نجاح نتائجها الداعمة للتطور. والواحد منا يمكنه القيام بالشكوى امام الإيحاءات القائلة بأن الداروينيين غير واعين أو مهددين بتقدّم الدراسات التطورية. لا يوجد أيّ عالم أحياء تطوري، ومنهم شون بي كارول، قد اقترح بأن العين قد ظهرت فجأة بيوم من الأيام.
بقدر ما يتم استنفاذ المصادر الجديدة للتنوع، فإنّ الإنتقاء سيحضر دوماً معها. لكن، بدلاً من العمل على التفاصيل، أريد لفت الإنتباه إلى الصيغة التي ينتهجها هذا النوع من النقد المُتجاهل لعلم الأحياء التطوري – بعيداً عن الإنتقاء الأدبي الذي يمارسه فودور.
يمكن للسيد ناغل الإستهزاء من إستحالة العثور على "أدبيات مُتاحة" تستجيب لمخاوفه. ففي أيّ قسم من المكتبة، أجرى بحثه الادبيّ هذا؟ حيث، يوجد على سبيل المثال، نقاش حول الابحاث التي جرت على حساسين (طائر البرقش، أو طائر داروين حالياً) غالاباغوس؟ ما الذي يجري مع نظرة تفصيلية لمدرسة جديدة تتصدى للتصورات المبكرة حول تطور المشي على القدمين؟ ما هو الحاصل مع الإكتشافات الحديثة لعلم الأحياء الجزيئي والتشابهات بين الكائن البشري وذبابة الفاكهة؟ ولماذا لا تتم الإشارة الى مارك هوزر وعمله الجاري لإكتشاف أسرار التفكير الاخلاقي؟ يوجد صمت مُريب يلف هذه القضايا إضافة لقضايا أخرى. لا يحتاج كلّ من فودور وناغل وبلانتيغنا للتحوّل الى كيميائيين حيويين، لكن، ينقصهم شيء من الوعي السليم لهذه القضايا والتقدّم الحاصل فيها، فهذا الأمر ضروري.
العام 2005، بعد محاكمة في قضية كيتسميلر ضد مدارس منطقة دوفر حَكَمَ القاضي الفيدرالي بوجوب عدم تدريس التصميم الذكي في المدارس.
ردّ بات روبرتسون، فقال:
"الله متسامح ومحب، لكن، لا يمكننا متابعة وضع إصبعنا في عينه بشكل دائم. فيما لو تعترضهم مشاكل في المستقبل في دوفر، أنصحهم بطلب العون من تشارلز داروين. ربما يستطيع تقديم العون لهم"!!!!.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق