Desde siempre se ha enseñado la historia
como una sucesión de logros y hazañas que han ido catapultando al ser humano a
cotas cada vez más altas de progreso. Y aunque la lista de descubrimientos e
invenciones, las grandes construcciones, el desarrollo de las artes y el resto
de resultados de la fértil inventiva humana parecen impresionantes, quizás toda
esta épica narrativa sobre nuestro devenir en la Tierra, desde esos primates
bípedos y sin pelo que se aventuraron a salir de nuestra sabana africana ancestral
en un viaje sin fin, hasta la actual sociedad hiperdesarrollada del mundo
occidental puede estar construida sobre una monumental falacia.
En este ya antiguo (pero no por ello
menos válido), muy provocativo y hasta demoledor ensayo (que debería ser de lectura
obligada no sólo para los estudiantes de historia sino incluso en la enseñanza
secundaria) el prestigioso biólogo evolutivo Jared Diamond cuestiona con
diferentes pruebas esta idílica visión “desarrollista” sobre ese evento crucial
en nuestra historia que ocurrió hace unos 10.000 años con la aparición de la
agricultura y la ganadería, lo que los libros de texto llaman con mayúsculas
“La Revolución Neolítica”. Espero que sirva como reflexión ahora que se han
agotado las vacaciones (en el hemisferio boreal al menos) y empieza un nuevo
curso académico.
A la ciencia le debemos cambios
dramáticos en nuestra autocomplaciente imagen. La astronomía nos enseñó que la
tierra no es el centro del universo, sino simplemente uno de mil millones de
cuerpos celestes. De la biología aprendimos que Dios nos no creó especialmente
sino que evolucionamos al mismo tiempo que otros 11 millones de especies. Ahora
la arqueología derrumba otra creencia tabú: que la historia humana de los
últimos millones de años ha sido una larga serie de progresos. En particular,
recientes descubrimientos sugieren que la adopción de la agricultura,
supuestamente nuestro paso más decisivo hacia una vida mejor fue, en muchos
sentidos, una catástrofe de la cual nunca nos hemos recuperado. Con la agricultura
vinieron las graves desigualdades sociales y sexuales, la enfermedad y el
despotismo, que maldicen nuestra existencia.
Leer más, aquí
لطالما دُرِّسَ
التاريخ بإعتباره تراكم من الإنجازات، والتي في الواقع، قد جعل بعضها الكائن
البشريّ يدفع ضرائب، تكبر بإضطراد!
رغم روعة قائمة الإكتشافات
والإبتكارات، الإنشاءات الكبرى، تطور الفنون وباقي إبداعات البشر، فإنّ كل ما
نشاهده من سرد ملحميّ طال مستقبلنا في الأرض، منذ أوائل الرئيسيات التي مشت على
قدمين وبلا شعر، والتي تجرأت وغادرت سهوب أفريقيا برحلة لا نهاية لها، وصولاً
للمجتمعات الراهنة المتطورة في العالم الغربي:
قد تأسَّّسَ على مغالطة هائلة!
رغم قِدَم هذا النمط من الإختبار (الذي يجب أن تصير قراءته إجبارية،
ليس فقط من قبل طلاب التاريخ، بل من قبل طلاب المرحلة الثانوية أيضاً)، يُحاكِمْ
عالم الأحياء التطوريّ جارد دايموند، ومن خلال تقديم أدلة
متنوعة، تلك الرؤية الرومنسية لحدث جوهريّ، قد حصل بتاريخنا، ومنذ قبل حوالي 10000
عام، ونقصد هنا ظهور الزراعة أو الثورة الزراعيّة، أو كما تسمى عادة "الثورة
النيوليتيّة".
حيث يقول الدكتور جارد التالي:
بالنسبة للعلم، نحن مدينون بتحقيق تغييرات
جذرية في صورة إعتدادنا بانفسنا. فلقد علّمنا علم الفلك بأنّ الأرض ليست مركز
الكون، بل هي ببساطة جرم بين آلاف ملايين الأجرام الفضائيّة السماويّة. لقد تعلمنا من
علم الأحياء بأنّ الله لم يخلقنا ككائن ذو خصوصيّة، بل لقد تطورنا، بذات الوقت،
إلى جانب ملايين الأنواع الحيّة. يُحطّم علم الآثار، راهناً، عقيدة تابو أخرى:
تقول بأنّ التاريخ البشريّ، خلال ملايين الأعوام الأخيرة، قد شكّل سلسلة من
التقدُّمات. سيما ما تبيّنه إكتشافات حديثة بما يخصّ الزراعة، التي شكلت خطوتنا
الأساسيّة باتجاه حياة أفضل كما هو مفترض، وما هي إلّا كارثة، لم نتمكّن
من التخلُّص من آثارها أبداً. مع الزراعة، حضر التفاوت الإجتماعي والجنسيّ الخطير، وكذلك،
المرض والإستبداد، والتي تسببت باللعنة على وجودنا.
للوهلة الأولى، ظهرت الأدلة المقدمة ضدّ
تلك القراءة التعديليّة، للأميركيين في القرن العشرين، كشيء لا يمكن دحضه.
نحن في حال أفضل، بكافة الجوانب تقريباً، من حال ناس العصور الوسطى، الذين كانوا بدورهم بأفضل حال من
ساكني الكهوف، والذين كانوا بحال أفضل من القرود.
نرى فوائدنا، نتنعَّمْ بوفرة
الغذاء وتنوعه، بالأدوات الأفضل، بالمواد الأجود، يستمتع بعضنا بنوال مدة حياة
أطول ومع وضع صحّي جيّد هو الأفضل تاريخياً.
تبتعد غالبيتنا عن المجاعات وعن
المُفترِسينْ.
نحضّر القسم الأكبر من عملنا بواسطة طاقة النفط والآليات، وليس بعرقنا.
كيف تغيّرت حياة الكائن الراهن مقارنة بمزارعي القرون الوسطى وساكني الكهوف، أو
مقارنة مع قرد؟
في القسم الأكبر من تاريخنا، استثمرنا صيد
الحيوانات وجمع النباتات البريّة، وأمضينا حياة، يصفها الفلاسفة، تقليدياً، بالحياة
غير المُحبّبة والعبثيّة والقصيرة. حيث أن تلك الأغذية لا يمكن إنتاجها، وبالكاد،
يمكن تخزينها، ففي هذه الحياة، لا يوجد مجال للرحة بسياق صراع يوميّ للعثور على
الأغذية البرية وتفادي الموت من الجوع.
خرجنا من تلك المأساة منذ حوالي 10000 عام
فقط، عندما بدأ البشر، بأماكن عديدة من العالم، بتدجين النباتات والحيوانات. امتدت
الثورة الزراعيّة، تدريجياً، وصولا ليومنا هذا، فكل شيء كونيّ (عولمة غذائيّة .. فينيق ترجمة) تقريباً،
وبقي، فقط، بضع قبائل من الصيادين وملتقطي الثمار على قيد الحياة.
إنطلاقاً من وجهة نظر "تنموية" كجزء مما تعلمته، فالسؤال هو:
لماذا تبنّى معظم الصيادين ملتقطي الثمار
الزراعة؟
هو سؤال غبيّ!
فالبديهيّ بأنهم قد تبنُّوا الزراعة لأنها الطريقة
الأكثر فعاليّة لتحصيل الغذاء وبجهد أقلّ. فالمحصول الزراعي بحجم أطنان
مقارنة بجمع بعض الجذور وبعض الثمار.
فقط، يتوجب علينا تخيُّل مجموعة من الصيادين
البدائيين المنهكين من البحث عن ثمار بريّة ومن صيد الحيوانات، فيكتشفوا فجأة،
وللمرة الأولى، حقل مليء بالفاكهة او مرعى
مليء بالأغنام.
كم تحتاج من أجزاء من الثانية للتفكير بفوائد الزراعة؟
يذهب بعض المتعصبين "للتنمية" الزراعية أبعد من هذا، حيث
يربطون بين الزراعة والإزدهار الملحوظ بالفنون، والذي حصل خلال الألف عام الأخيرة.
حيث يمكن تخزين المحاصيل، ويحتاج لزمن أقلّ تحصيل الأغذية من البستان مقارنة
بالعثور عليها في الطبيعة، وفّرت الزراعة لنا مزيد من الوقت الحرّ، وهذا ما لم
يتمتع به الصيادين ملتقطي الثمار أبداً.
بالتالي، سمحت لنا الزراعة بتشييد البارثينون وتأليف مقطوعة باخ الموسيقيّة.
رغم سطوة النظرة
"التنموية"، في الواقع، فمن الصعب تأكيد هذا.
كيف يمكنك إثبات أنّ
حياة الناس، منذ ما قبل 10000 عام، قد تحسنت عندما تركت الصيد والتقاط الثمار
لتنتقل إلى الزراعة؟
فإلى وقت قريب، لجأ علماء الآثار لاختبارات غير مباشرة، بدت
نتائجها (وبصورة مفاجئة) غير مؤيدة لوجهة النظر "التنموية".
وهنا،
أقدّم مثال لتجربة غير مباشرة:
في الواقع، هل يبدو وضع الصيادين ملتقطي
الثمار، في القرن العشرين، أسوأ من وضع المزارعين؟
حيث ما يزال يعيش بعض البشر
على هذه الطريقة بمناطق مختلفة من العالم، مثل قبائل صحراء كالاهاري بأفريقيا.
يتضح أن أولئك الناس لديهم وقت حرّ طويل، ينامون كثير من الساعات ويعملون بقسوة
أقلّ مقارنة بجيرانهم من المزارعين. فعلى سبيل المثال، متوسط الزمن المخصص
إسبوعياً للحصول على الغذاء من 12 إلى 19 ساعة فقط، فيما تخصص قبيلة في تنزانيا
إسبوعيا 14 ساعة أو أقلّ فقط. وعندما سُئِلوا عن سبب عدم قيامهم بما تقوم به قبائل
أخرى انتقلت للزراعة، أجابوا:
لماذا يجب علينا هدر الكثير من الوقت لتحصيل المزيد
من الغذاء؟
تعليق فينيق ترجمة
ربما يبدو هذا الرأي، للوهلة الأولى، "غير منطقي بل متناقض!"، حيث تعتبر غالبيتنا الثورة الزراعية نقلة نوعية في التطور البشريّ معرفياً واقتصادياً، وأنه لولا الثورة الزراعية، لما وصلنا إلى الثورة الصناعية!
لكن، عند التدقيق بالمعطيات الواردة أعلاه، والتي سترد تباعاً بأجزاء أخرى من هذه الدراسة الهامة، سنفهم الويلات التي جرّتها علينا الثورة الزراعية! وأظن لا حاجة للحديث عن مآسي الثورة الصناعية، حيث تساهم المصانع بتلويث أجواء هذا الكوكب لدرجة تهديد الحياة فيه عبر الإحترار العالمي!
وشكراً جزيلاً
قد يهمكم الإطلاع على مواضيع ذات صلة
الثورة الزراعيّة (النيوليتيّة): هل شكّلتْ الخطأ الأسوأ بتاريخ البشريّة؟ - الجزء الثاني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق