Cuando
Darwin presentó para su publicación el manuscrito de “El origen de las
especies” sabía que se estaba metiendo en un jardín muy espinoso. Era
fácil predecirlo porque lo que en él se exponía rompía con el lugar en
el que se había posicionado al hombre respecto al resto de seres vivos
del planeta. Pese a la inquina que produjo en su tiempo esa publicación
el tiempo ha ido poniendo a cada uno en su sitio y hoy, incluso
aquellos científicos que piensan que las conclusiones de Darwin están
equivocadas, reconocen su figura de gran científico, que recopiló una
enorme cantidad de datos biológicos y dio un empujón definitivo a la
idea de evolución que otros naturalistas también estaban impulsando en
aquella época.
Leer más, aquí
لقد أدرك داروين منذ البداية، بأنّ نشره لكتابه "أصل الأنواع"، سيجعله يواجه وضعاً صعباً للغاية.
من السهل التنبُّؤ بهذا، لأنّه يكسر القاعده التي وضعت الإنسان موضع التميّز والصدارة في هذا الكوكب. فأنتج نشره للكتاب موجة عداء، ورغم همجيتها، فإنّ علماء تلك الفترة الذين اعتبروا داروين مخطئاً وقتها، يعترفون بأنّه عالم كبير، أعاد توضيح كمّ هائل من التفاصيل البيولوجية، وأعطى دفعة قوية لفكرة التطور، التي شاطره علماء طبيعة آخرون تبنيها وقتها.
مع ذلك، وبيومنا هذا، ما يزال البعض يرى داروين من أسوأ الشخصيات التي عرفها التاريخ البشري. طبعا، من السهل اكتشاف البيئة المُطلقة لهذا النعت، والتي تستخدم معايير "الشيطان" أو "الهرطوقيّ". سبب هذا الحقد دينيّ صِرْف، لأنهم لا يرون في داروين شخصاً قد ارتكب خطأ علميّ {انطلاقاً من وجهة نظرهم} فقط، بل الأخطر أنه وضع الشكّ بكل ما هو مكتوب في الكتاب المقدس. ويستحق هذا التحقير وأسوأ العقوبات.
لهذا، من السهل العثور على كتب ومقالات ومنتديات أنترنيتية خلقيّة دينية، ترى داروين كشخص مُذنب، وبانّ نظريته تحثّ على ارتكاب أفظع الجرائم، من ارتكابات جرائم القتل إلى ارتكابات الدولة النازيّة.
لا يُفاجيء تزييف العلم، جرّاء استخدام الكتاب المقدس ككتاب علمي من قبل الخلقيين، كما لا يُفاجيء تشويه الوقائع كي تُخلَط بأصوليتهم الدينية. هي صيغة عمل خطيرة جداً، فإنشاء قراءة تزييفية علمية للتاريخ، يمكن أن تقلب الأمور عبر تبسيط مجّاني موافق لمصالحهم.
لأجل ذلك، يكفي التحقّق مما حدث بأواسط القرن العشرين في أوروبا وفي ولايات حزام الكتاب المقدس الأميركية.
ففي أربعينيات القرن الماضي، عاش قسم كبير من أوروبا تحت الحكم النازي، الذي تأتي شروره من الداروينية وفق طرح الخلقيين!! رغم وجود نظام لم يدعم طروحات داروين، نظام الدكتاتور فرانكو الكاتوليكي الفاشي في ،سبانيا، والذي تناغم مع النازيين. هي تناقضات "لا تمتلك أهمية" عند الخلقيين.
خلال حدوث هذا في جانب من المحيط الأطلسي، حدث أشياء شبيهة في الجانب الآخر منه، في ولايات حزام الكتاب المقدس الاميركية المغمورة بحب الكتاب المقدس، الأخوة الجيدون الذين عاشوا بوئام ولا أحد منهم قد اعتقد بتفوقه على أحد، ومن المفترض أن احداً لم يكن محطّ تمييز عنصري لاسباب عرقية او دينية، كما حصل في المانيا النازية. أو ربما نعم؟!!!!
ذكرى سنوية، يُحتفَلُ بها هذه الايام، تذكرنا بما حصل فعلياً في تلك الجنّة العدنيّة. الأول من ديسمبر كانون أول من العام 1955، بيّنت روزا باركس للعالم وضع المواطنين الاميركيين السود بولايات الجنوب (أغلبها ضمن حزام الكتاب المقدس) موضع تمييز عنصري هائل. لقد عانوا من أبارتيد شامل، فلم يكن بإمكان أبنائهم الذهاب إلى مدارس البيض، ولا بمقدور السود الدخول الى السينما من ذات الباب الذي يدخل البيض منه، كذلك، لم يكن بوسعهم الجلوس بمقاعد الحافلات الأمامية، ولا دخول ذات الحانات، ولا الذهاب الى الجامعة. حتى الكنائس، لم تخلُ من التمييز العنصري!!
يأتي كل هذا بتشجيع ممن يتهمون الداروينيّة بمسؤوليتها عن التمييز العرقيّ!!
بيّنت باركس لأبناء جلدتها بأنها قد تحمّلت الكثير. ذهبت بالحافلة في مدينة مونتغمري بولاية آلاباما، جلست في مقعد خلفيّ مخصص للسود، امتلأ الباص بعد ذلك، وطلب شخص أبيض المقعد منها، فمن حقّه فعل هذا لمجرّد كونه أبيض. رفضت روزا إعطاءه المقعد، الأمر الذي أدى لإعتقالها وسجنها.
دفع هذا الحادث مارتن لوثر كينغ لطلب القيام بإضراب مثير في تلك الحقبة، بصيغة مقاومة سلميّة، فقد طلب من السود في المدينة عدم ركوب الحافلات التابعة للشركة التي حصلت فيها المشكلة.
ذهب العمال بسيارات الأجرة إلى أعمالهم (مع أن السود واجهوا تمييزاً بوسيلة النقل هذه أيضاَ) حيث خفّضت سيارات الأجرة أجرتها تضامناً مع الإضراب، فامتلأت السيارات بالركاب، كذلك، ذهبوا بالدراجات الهوائية أو مشياً على الأقدام. مع الاخذ بعين الاعتبار لأنّ 75% من ركاب حافلات الشركة هم عمال سود، ما يجعل من السهل فهم قربها من حافة الإنهيار. بعد مضيّ عام ونصف، أنصفت المحكمة العليا الاميركية روزا باركس وصرّحت بأن التمييز في النقل العام هو نقض لدستور الولايات المتحدة الاميركية!!!
إرتبط نموّ التمييز العنصري في ولايات مثل آلاباما بنموّ نمط ولاية خلقيّة دينيّة.
إذاً، لا يمكن البرهنة بهذه الحالة على أنّ العنصرية تأتي من الداروينيّة، ولا حتى يمكن تعليمها بشكل طبيعي في مدارس الولاية.
في الواقع، توجد دراسات في علم الإجتماع تربط بين الأصوليّة الدينيّة والسلوكيات العنصرية.
لكن، لن أقوم بما قاموا به، لن أبني تفسيراً تزييفياً للبرهنة على أنّ العنصرية تنبع من تطبيق العهد القديم. لن أقوم بهذا، لأنني أعرف بأنّ العنصرية، لها تفسيرات أكثر تعقيداً، كي لا يتم تسطيحها لتناسب أهواءنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق