الخوف هو المحرِّك الأولي، الذي عَمِلَ من الانسان مُخترِعاً للكثير من الآلهة خلال مسيرته التاريخية الطويلة.
فكَّرْنا في قبيلة من البشر البدائيين – في بدايات العصر الحجري، بدقّة أكبر – تلتجيء داخل كهف مظلم.
في الخارج، ينهمر مطر سيلي جارف مع برق وصواعق ورعود مثيرة للهلع. في الداخل، يُسيطرُ الرعب على أولئك المساكين البشر؛ الذين لم يفهموا سبب حدوث هذه الظواهر الطبيعية.
ومتى إختبروا ذاك الخوف الناتج عن أصوات صادرة عن تلك الظواهر الطبيعية، تغيرت طبيعتها في وعيهم، وإكتسبت وعياً ضمنياً "خارقاً للطبيعة"، فتشكلت الخطوة الأولى بإتجاه تأليه عناصر الطبيعة الآنفة الذكر وغيرها.
منذ ذاك الحدث، حوَّلَ الدماغ الإنساني الظاهرة الجوية إلى واقع مؤثر، فالصاعقة ليست أكثر من صاعقة، مع هذا، فقد تحولت إلى عنصر مثير للخوف، تحولت من ظاهرة طبيعية واقعية إلى عنصر ذاتي – شخصي – يغذي مخيلة الإنسان.
تمثلت الخطوة الثانية، بإضفاء الإنسان للأهمية على تلك العناصر داخل حياته اليومية. فالصاعقة، الآن، شيء "أعلى" من القبيلة، شيء خارج نطاق فعلها وقادم من هناك في الأعالي "من السماء".
فتحضر الصاعقة بإرادتها الخاصة، تصل بلا تحذير وتُعذِّبْ البشر.
إذاً، الإنسان، وبجهل يمكن فهمه، يرى بظاهرة معينة عامل القدرة والقوة، وبالتالي، يُذعن من خلال التسليم والعبادة.
في طور بشريّ لاحق، لم تكتسب الظواهر الطبيعية هذه القدرات فقط، بل تحولت لأيقونات ترمز للسلطة والقوة والتفوق.
في طور بشريّ لاحق، لم تكتسب الظواهر الطبيعية هذه القدرات فقط، بل تحولت لأيقونات ترمز للسلطة والقوة والتفوق.
حيث نسب رئيس أو رؤساء تلك القبيلة لأنفسهم هذه "القوى أو السلطات" وكرسوا عبادة الرعد أو المطر، ليتحول إلى سلوك ثقافي ضروري داخل القبيلة.
فُرِضَتْ الإرادة من الأقوى؛ فيما تولى التأليه الورقة التمثيلية لفهم واقع إنسان تلك الحقبة، وبسبب جهله الطبيعي، لم يستطع تفسير تلك الظواهر بشكل معقول.
فُرِضَتْ الإرادة من الأقوى؛ فيما تولى التأليه الورقة التمثيلية لفهم واقع إنسان تلك الحقبة، وبسبب جهله الطبيعي، لم يستطع تفسير تلك الظواهر بشكل معقول.
لقد فعل الخوف فعله في العقل الإنساني. أكسبته غريزة البقاء الحق في هذا الصراع المختلف عبثاً. وإذا أُريدَ البقاء على قيد الحياة، يتوجب إستخدام كل الوسائل التي في المتناول، وفي حال مُعاكس، يجب ابتكار تلك الوسائل.
يلعب العُرْفْ المُتوارثْ دوراً مُرَّجحاً في تلك الملامح الأولى للتدين الإنساني.
تتحول الصاعقة والرعد إلى "كائنات" ذات حياة خاصة وممتلئة قدرات غير مفهومة للبشر. نسبوا لها مهارات خاصة وسحرية وأسطورية. تصبح العبادة مبررة كلياً ولا يوجد أدنى شك بالألوهية المتحققة بواسطة تلك "الكائنات الفوق طبيعية".
بحسب تطور الثقافة والتقنيات والمعرفة البشرية، تمَّ تحديث الآلهة، أصبحت أكثر تعقيداً، تخصَّصت بطريقة ما.
بوقت لاحق، يظهر البشر الحاملون لمسؤولية التماس بين الآلهة والمجتمع:
كهنة، شماسون، رُعاة، باباوات، خوارنة، أنبياء، مُدَّعو رؤيا و أنصاف آلهة – عذراوات، قديسون، ملائكة، رؤساء ملائكة، ملائكة مجنحة، أنبياء، أبناء الله، سمات القديسين، مخصيين – يبدأ تضخيم ثقافة العبادة.
تصبح الطقوس الدينية أكثر تكلُّفاً بإضطراد.
من جديد، ينسج الخوف من المجهول شبكة في مخيلة الإنسان حول عادات وتقاليد تطال حقول الفعل الأكثر إشتراكاً للمجتمع.
الصيد البري، إصطياد السمك، إلتقاط الفاكهة ... قبل كل شيء. الفن، الثقافة، السياسة، التقنيات، لاحقاً.
يشترك كل نشاط إنساني بشكل ضعيف مع "الفعل" الإلهي .. المطر الملائم للزراعة، لهذا، ضروري عبادته وطلب حضوره دوما. الشمس والقمر والكواكب، وفق ثقافات هنود أمريكا، آلهة معبودة مع تدين صارم. بالإضافة للقرابين البشرية التي شكَّلتْ جزءاً من هذه الشبكة المعقدة من العبادة و التدين.
الخوف، أو الأصح القول الرعب: من أن لا تظهر الشمس في اليوم التالي – "كائنات" مع حياة خاصة – يحدث بهذه القوة تحوُّل العبادة لحاجة يومية، فرْضٌ لا يستطيع التفلت منه أي وسط إجتماعي.
من هذه الوجهة، للرؤساء الروحيين دور أساسي. حيث يتحولون، في هذه النقطة، لمجسدين للآلهة نفسها.
مانكو كاباك وماما أوكيو إبنا الشمس والمياه، كما تقول الرواية عند شعوب الإنك، ومنهم تطورت هذه الثقافة. ففي أحسن أزمنتهم، سيطرت بجزء كبير من أميركا الجنوبية – عمليا الذي يقع حاليا جنوب كولومبيا، إكوادور، بيرو، بوليفيا، وجزء من شمال تشيلي والأرجنتين - . وهكذا، كما في باقي الثقافات هناك مثل الآزتيك، مايا، أولميكا الخ.
في الجانب الآخر من العالم، حدث نفس الشيء مع شخصيات أخرى. فقد عبد اليونانيون، الرومان، المصريون، السومريون ... الخ الظواهر الطبيعية كآلهة، ليحصل بوقت متأخّر تجسيد الرؤساء أو الحكومات نفس دور الآلهة. دوماً، بدا الخوف مُحرِّكاً للتأليه.
الرعب غذاء للتدين.
عند ظهور أديان التوحيد، إستمرّ الخوف والهلع كدعامة أساسية لتوسيع حقول فعلها.
ساهم الخوف من الجحيم والعقوبة الأبدية في حلول الدين المسيحي الضعيف سريعا جداً مكان الأديان الأخرى القديمة.
سمحت "ثقافة الهلع" في حقبة محاكم التفتيش الكاتوليكية بربح زبائن من أديان توحيدية أخرى كاليهودية والإسلام، في قسم كبير من أوروبا وأميركا اللاتينية المخضعة – حيث محق الغزو الأوروبي الأديان المتوارثة هناك وثقافة تلك الشعوب -.
لكن، من هم الذين إستغلوا الجهل بالمظاهر الطبيعية لتحقيق مصالحهم؟
لكن، من هم الذين إستغلوا الجهل بالمظاهر الطبيعية لتحقيق مصالحهم؟
تاريخياً، من هم الذين ربحوا من الهلع الغير منطقي الذي سبَّبه الدين؟
في الأول، زعيم القبيلة. عندما إدعى لنفسه "قدرات" الرعد والمُعيَّن آليا كقناة إتصال بين الناس والإله، ويضطلع الزعيم أيضا بالورقة القيادية لذاك المجتمع الصغير. يستعمل خوف رعيته لفائدته الخاصة ولتدعيم السلطة وديمومتها له ولأبنائه أو عائلاته.
في الأول، زعيم القبيلة. عندما إدعى لنفسه "قدرات" الرعد والمُعيَّن آليا كقناة إتصال بين الناس والإله، ويضطلع الزعيم أيضا بالورقة القيادية لذاك المجتمع الصغير. يستعمل خوف رعيته لفائدته الخاصة ولتدعيم السلطة وديمومتها له ولأبنائه أو عائلاته.
لا أعرف سلاحاً أمضى للإخضاع أكثر من الخوف، والدين تمرين نفسي للخضوع البحت.
"لا تتشيطن كي لا يعاقبك الله"، تقول الجدَّة للحفيد.
"الشيء الوحيد الذي يجب أن نخافه هو الله"، يعلن مدير المدرسة.
الخوف، خوف وخوف أكثر!!
خوف من النقاش، خوف من معرفة الأجوبة، خوف من إنتقاد ما يبدو لنا غير منطقي أو غير معقول!!
يتابع النفاق الديني ودوغمائه زارعة الخوف في الناس.
يتابع النفاق الديني ودوغمائه زارعة الخوف في الناس.
يبني المؤمنون إعتقاداتهم على قاعدة من الخوف. يقتنعون كلياً بأن الجحيم مخصص لمن لا يؤمن بالله والذي سيحملهم لعقاب خالد في جهنم يستعرون بنارها.
تحررك من الخوف ليس مهمة سهلة.
بطريقة ما، يُحسد الملحدون الذين ولدوا في بيئة ملحدة، لا أدرية أو على الأقل إرتيابية.
حيث لا يشكل الخوف جزءاً من حيواتهم. لكن، هؤلاء الذين لسوء الحظ نشؤوا في بيئة دينية أو متعصبة، فالهلع والخوف خبز يومي لهم.
لن أضع قائمة بأسماء الاشخاص المهمين بالنسبة للملحدين، الذين لسنوات كثيرة كنا مؤمنين ظاهريا فزعين. لكن، يتوجب إمتلاك الكثير من الإراده و قوة العزيمة لتتحرر من قيود الهلع تلك وتسير حراً في العالم. إستمر رفض عقولنا للخوف. ما إن تتكسر القيود، حتى يعمّ الشعور بالسلام والحرية.
عيش الالحاد شيء، من عدة أشياء، تضفي على أيامي البهجة.
يُشكّل ترك أفكار الآلهة المُعاقِبة مثال جلي على أن العقل له الأفضلية على الوهم والعقيدة.
خوف، هلع، تضحية بالحرية، تسطيح الوعي، إخفاء الحقيقة، فرض الآراء، تزوير مفاهيم، عيش في الوهم.
كل نقائص المجتمع ليست إلا صدى لها.
وبالبحث المضني عن الحقيقة (الفكرة الأصح .. فينيق ترجمة)، لدينا حليفين كبيرين غير مشروطين .. الذكاء والعقل!!!
ملحوظة: إختفى النص الإسباني الأصلي من الشبكة العنكبوتية
قد يهمكم الإطلاع على مواضيع ذات صلة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق