Antonio Dobado: “La ciencia funciona de una forma acumulativa y una nueva teoría no invalida las anteriores sino que las amplia”
Hace ahora una semana, hablábamos del importante anuncio realizado por científicos del CERN acerca de unos inesperados resultados en los que un haz de neutrinos parece haber superado la velocidad de la luz, una barrera infranqueable según nuestros actuales conocimientos de física. Para hablarnos de este experimento, sus posibles consecuencias y el funcionamiento de la ciencia ante los resultados que no encajan con el marco generalmente aceptado, traemos a la Ciencia y Sus Demonios al Dr. Antonio Dobado, Catedrático de Física Teórica de la Universidad Complutense de Madrid, donde realiza su labor de investigación en física de altas energías. Compaginando su actividad investigadora y docente, el Dr. Dobado ha sido secretario de la Real Sociedad Española de Física y responsable del plan nacional de Física y Ciencias del Espacio de la ANEP.
se puede leer toda la entrevista, aquí
أنطونيو دوبادو: "يعمل العلم بصيغة تراكميّة، ولا تُبطِل أيّ نظرية جديدة نظريات قديمة بل تقوم بتوسيعها".
منذ أسبوع، تكلّمنا عن إعلان هامّ صادر عن الباحثين في المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية - سيرن حول نتائج غير متوقعة: يظهر من خلالها تخطي شعاع من النيوترونات لسرعة الضوء، وهو أمر لا يجب أن يحدث بناءاً على معرفتنا الراهنة في الفيزياء. للحديث حول هذا الاختبار، تبعاته المُحتملة وعمل العلم بمواجهة نتائج لا تنسجم مع المعيار العام المقبول، التقينا مع الدكتور أنطونيو دوبادو أستاذ الفيزياء النظرية بجامعة كومبولتنسي في مدريد، حيث يتابع عمله البحثيّ في فيزياء الطاقات العليا. يجمع الدكتور بين البحث والتدريس، حيث شغل عمل سكرتير الجمعية الملكية الاسبانية للفيزياء والمسؤول عن الخطّة الوطنية للفيزياء وعلوم الفضاء.
س: هل بالامكان أن تصف لنا بأبسط الطرق الممكنة، على ماذا تقوم الاختبارات المحققة من قبل باحثي سيرن؟
ج: في الواقع يجري هذا الإختبار بشكل مُشترك بين سيرن والمختبر الوطني الإيطالي في منطقة غرانساسو، حيث يقع هذا المُختبر التحت أرضيّ في جبال الأبينيني وعلى مسافة 730 كيلومتر من جنيف حيث يوجد سيرن.
يقوم الاختبار على إرسال حزمة اشعاع نيوتريني من سيرن بصورة ميوونية بإتجاه كاشف النيوترونات أوبيرا والمتواجد في المُختبر الايطالي سالف الذكر.
بالرغم من أنّ الغاية الأولية من الإختبار هي دراسة كيفية تحول تلك النيوترونات لشكل آخر من النيوترونات هو التاونيترينو خلال إنتقالها عبر القشرة الأرضية بين المُختبرين، فقد سمحت الأجهزة الإختبارية المتطورة، كذلك، بتحقيق قياس لسرعة تلك النيوترونات بدقّة لم يسبق لها مثيل.
ظهرت المفاجأة في النتيجة:
عند إنتقال النيوترونات بسرعة خفيفة تفوق سرعة الضوء في الفراغ.
س: قرأنا آراءاً عديدة تُجمع على أنّه حال تأكيد هذه النتيجة، سيصير الكثير من معارفنا الفيزيائية القديمة غير صالح، فيما تؤكد آراء أخرى أن تجاوز إنتقال بعض النترونات لسرعة الضوء، لن يغيّر كثيراً بتصورنا للكون. حقيقة ما هي التداعيات الواقعية فيما لو تكن تلك النتائج صحيحة؟
ج: تقوم الفيزياء الحديثة على نموذجين علميين كبيرين، قد شهدا نموّاً خلال القرن المُنصرم، وهما:
النظرية النسبيّة لأينشتاين والمكيانيك الكوانتيّ (الكموميّ).
وإحدى أهم تبعات النظرية النسبيّة الأكثر وضوحاً، هي عدم وجود أيّة إشارة أو معلومة أو جسيم يمكنه الإنتقال بسرعة تفوق سرعة الضوء في الفراغ.
ففيما لو يمكن للنيوترونات القيام بهذا الأمر، فعلياً، فإنّ النظرية النسبيّة، بالتأكيد، وكثير من الأفكار الحالية حول الفيزياء الأساسية: هي عُرضة لإعادة النظر بها. مع هذا، لا يتوجب علينا نسيان أن تلك النظرية هي قيد الإختبار بشكل دائم عبر عدد هائل من التجارب، ومنذ عقود مضت، كما هو حاصل بأجهزة غير إعتيادية مثل نظام التموضع العالمي أو جي بي إس.
س: مع ذلك، هل التأثيرات على الحياة اليومية كبيرة؟
ج: باديء ذي بدء، لا يظهر كأثر بالغ الضآلة، وفي حال تأكيده، فهناك إمكانية لحصول تأثير على الحياة اليومية على المدى القصير أو المتوسط. أما على المدى الطويل، فغير معروف أبداً. فالناس في القرن التاسع عشر، لم يكن لديها أدنى فكرة عمّا يمكن أن تحقق لها الكهرباء من فوائد.
س: كيف يظهر لكم التعاطي الإعلامي مع الخبر؟
ج: ذو وقع شديد بالعموم. اعتبروها نتائج قاطعة، وهو شيء لم يدعي الباحثون الذين قد حققوه تأكيده! حسناً، لقد طلبوا من المؤسسة العلمية البحث عن خطأ ما محتمل في الإختبار، أو في تفسير النتائج التي حصلوا عليها.
بلغ الحدّ إعتبار أنّ كل الفيزياء النظرية الحديثة قد تراجعت ويجب رمي أعمال أينشتاين في سلّة القمامة. وهذا أبعد ما يكون عن الحقيقة أو الواقع. بكل الأحوال، ليست كل وسائل الإعلام على ذات المستوى، فهناك من تناول الأمر بجديّة ومسؤولية وحذر، وهو ما يجب أن يحدث مع كل وسائل الإعلام أساساً.
س: تنقل هذه الصيغ الإعلاميّة للناس الشعور بأنّ إختبار وحيد يمكنه أن يقضي على عقود من العلم النظري والتطبيقيّ، وربما هذا ليس دقيقاً، أليس كذلك؟
ج: دون شكّ! يعمل العلم بصورة تراكمية، ولا تُلغي أيّة نظرية جديدة نظريات قديمة بل توسّع آفاقها. كمثال، النموذجان المذكوران، أعلاه، على مستوى فيزياء القرن العشرين، أي النظرية النسبيّة والميكانيك الكوانتيّ، لم يُبطِلا أو يُلغيا الميكانيك النيوتيني.
ببساطة، ساهم النموذجان الحديثان بتوسيع معارفنا بالطبيعة وضمن نطاقات غير مُكتشفة سابقاً كالعالم الميكروسكوبيّ أو الكون.
مع ذلك، يُتابَعُ تعليم الميكانيك الكلاسيكي في كل مدارس الهندسة في العالم، حيث أنها ما تزال صالحة بشكل كامل لوصف سلوك غالبية الآليات المستخدمة في النقل البرّي والبحريّ أو الجويّ.
س: لا يتمكن الكثير من الأشخاص، ورغم إمتلاكهم لمعارف علمية أكثر قبول، في العموم، وفيزيائية، على وجه الخصوص، من أخذ موقف حيال أخبار كتلك، ربما لإحتياجها لمعارف نظرية معقدة. وهذا ما يجعل بعض جوانب النظرية النسبيّة، نظرية الأوتار أو الأكوان المتوازية: تُصنّف باعتبارها فلسفة أكثر منها علم. كيف يمكنك إقناع أولئك بأنّ خلف تلك المفاهيم يوجد بُعد علميّ عميق؟
ج: يتقدم العلم الحديث بسرعة، في الواقع، بحيث يصعب تحقيق متابعة يومية له، حتى من قبل العلماء المتخصصين. لا تفهم أغلبية الناس، حتى ذوي مستوى ثقافي عالي، أحياناً، النظرية النسبية أو الميكانيك الكوانتيّ (نظرية الأوتار التي ذكرناها مثلاً) فقط، بل تكمن المشكلة الحقيقية في أنهم لا يفهمون كيف يعمل الهاتف النقّال الموجود في جيوبهم، الحاسوب الذي يستعملونه كل الوقت، وفي الغالب، ليس لديهم فكرة، ولو بالحد الأدنى، لكيفية طيران الطائرة عند إرتفاعها بالجو.
في الواقع، أرى أنها مشكلة قيم في مجتعاتنا. يكفي أن تتابع وتتأمّل برامج الشاشات ذات الحضور الجماهيري الهائل:
لترى بأن الفضول لإكتشاف العالم المحيط بنا ليس من أولوياتنا ولا حتى ندعمه بكل أسف!
س: نُصرّ في مدونتنا على إعتبار أنّ النظريات العلمية لا تشكّل عقائد جامده بل مقاربات ونماذج عن الواقع، وهي عُرضة للتغيُّر والتشكيل. هل ترى بأنّ هذا يُفهَمُ، بشكل صحيح، بين عامة الناس؟
ج: في الغالب لا. قد نجد كثيرين، ممن يعتبرون أن العلم ما هو إلا قضيّة بضعة عباقرة، يُعيد نفي بعضهم البعض الآخر، لكن، الواقع مختلف كُليّاً. ففي الحقيقة، نجد، بلحظات تاريخية، علماء بارزين يقدمون نماذج علمية جديدة ويمكن إعتبارهم، بإتجاه ما، ثوريين، مثل نيوتن، داروين، أينشتاين وغيرهم الكثير. لكن، ببساطة، استفادت تلك الثورات العلمية، دوماً، من معارف سابقة.
فعلى الأقلّ، ومنذ لحظة ظهور العلم الحديث، نجد غاليلة كرمز له.
علاوة على هذا، تحقق أغلبية العلماء عملاً جديّاً، منهجيّاً، صامتاً وبنتائج متواضعه لكنها موثوقة نسبيّاً، والتي تتراكم بعضها فوق بعضها الآخر.
س: في الواقع، تعديل نظرية أو حتى إستبدالها، لا يمثّل كارثة، بل على العكس من ذلك:
إنه تقدّم في معرفتنا، هل تتفق مع هذا؟
ج: بالطبع. حيث أنّ العلم الجديّ يقبل فقط نظريات، كالنظرية النسبيّة التي تعرضت للإختبارات الكثيرة، وأيّ نظرية مستقبلية يمكن أن تظهر، يجب أن تحتوي على النظريات الحاضرة بشكل ما، سواء بإعتبارها حالة خاصة منها، أو حتى مقاربة جيدة أو بأيّة صيغة أخرى. فعلمياً، لا يمكن الدخول بأيّ إختصاص وتجاهل ما نعرفه سابقاً عنه. وهذا بالضبط، ما يوجب التعامل بحذر عند تقييم معنى الأخبار العلمية، كخبر النيوترونات المذكور أعلاه.
س: ماذا بقي حتى الآن؟ كيف يمكن للمؤسسة العلمية أن تتناول تلك النتائج كما هي، والعمل بإتجاه جديد؟
ج: الجواب سهل. أول شيء، تحقيق فحص متأني للإختبار، كما يفعل علماء سيرن و المُختبر الإيطالي، تماماً، وعلماء بمؤسسات أخرى على مدى العالم، بالبحث عن أخطاء مُحتملة في التنفيذ، أخطاء منهجيّة أو أخطاء في معالجة النتائج المتحصلة.
كمثال، خطأ صغير في التقدير الجيوديسي أو الجيوديزي للمسافة بين نقطة إصدار النيوترونات في سيرن والكاشف في المختبر الإيطالي، سيؤدي لحدوث خلل في النتيجة.
في حال عدم وجود أيّ خلل، ما يحصل هو إعادة الإختبار بمختبرات أخرى، بشروط أخرى وأبحاث مختلفة.
في الواقع، يوجد إقتراحان بهذا الصدد. عندها فقط، فيما لو يتم تأكيد النتيجة، سيتوجب علينا البدء بإعادة النظر جدياً برؤيتنا للسلوك العميق للطبيعه وللنظرية النسبيّة على وجه الخصوص.
أما في حال عدم تأكيد النتيجة، سيتوجب نسيان الأمر والتفرُّغ لأمور أخرى.
الشيء الجيّد في العلم: هو أنّ أيّ تأكيد خاطيء، سيُكشَف عاجلاً أم آجلاً من قبل عالم أو باحث ما بلحظة ما؛ وهو ما يؤدي إلى إعادة وضعه على بساط البحث.
لهذا، بالضبط، يبقى العلم، وبرغم لحظات الشكّ والإرتباك الظاهر، وسيبقى المنهج الأكثر فعاليّة للإقتراب من الواقع وفهمه بصورة أفضل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق