أترانا نقدم مفارقة إذ نتحدث عن مثقف رعاعي، والصفتان: مثقف ورعاعي متناقضتان في الأصل وتحيلان إلى فضاءين مختلفين. فالمثقف هو الذي يقدم خطابا متجاوزا للوعي الرعاعي، بل وللوعي العامي، ودوافعه خلق فهم أعمق للوقائع، ويعبر عن هذا بلغة مختلفة عن اللغة الشائعة، ونظيفة من اللغو.
إذن، المثقف كائن خاص عقلا ولغة وظهورا وهمّا وشعورا وقيما، إنه منتم إلى النخبة المجتمعية، والتي تحوز، من حيث المبدأ، على اعتراف المجتمع واحترامه حتى لو ظهر ما يشي باختلاف صارخ وقول صادم.
والرعاعي كائن ينتمي إلى التحوت من الناس، من حيث وعيه، ومستوى معرفته، وموقفه الأخلاقي، حيث عصبيته تعصب، وتعصبه نفي مطلق للآخر، ونفيه يصل حدّ القتل، وعقله خاو من الشك، وإيمانه ساذج، ولغته شتم. وليس من المصادفة أن جعل المعجم العربي من كلمات الأرذال والأنذال والأوباش والأوغاد والحثالة والدهماء والسفلة والسوقة والعفاشة والعسافة والغوغاء والهمج مرادفات لكلمة الرعاع.
إذن كيف تأتّى أن يصير المثقف رعاعيا، في وقت يُسمح لوجوده أن يظهر بأبهى صور ماهيته، وفي وقت توفر فيه ثورة الناس في سبيل حريتهم وكرامتهم للمثقف حضورا أصيلا مبدعا ومعبرا عن عالم القيم السامية؟
من السهل القول بأن وجوده الخادع، في لحظة من لحظات الزمن الاجتماعي والسياسي، قد أخفى علينا ماهيته العميقة، أو قل حال بيننا وبين هويته الخفية. والحق إنه لجواب بسيط على سؤال يحتاج إلى نظر.
المثقف الرعاعي المبتذل قد يظهر حتى في صورة انحياز إلى الوقائع الجديدة للحياة المتجاوزة للقديم بما في ذلك واقعة الثورة.
دعونا نقل إذن إن المثقف الرعاعي هو حالة تظهر في الخطاب والموقف بوصفها نمطا من الأنوات الوضيعة التي تحدثنا عنها في كتاب “الأنا” ودون أن ندري بدقة ما الذي يجعل من الأنا وضيعة، ولا سيما وأنّا واجدون أن المثقف الرعاعي لا علاقة مباشرة له بالمنبت الطبقي أو الاجتماعي أو الأسري، فأن يوجد شخص مثقف مشغولا بالمبتذل من الوقائع وقادرا على استخدام اللغة السوقية والاعتداء على الآخر، وفقير الطاقة الروحية ويظهر كرهه للسامي والجميل، فهذا أمر لا صلة له بأصل المثقف وفصله.
لا يمكن لمثقف أن يصطف إلى جانب الدكتاتور إلا إذا كان رعاعيا، ولا يمكن لمثقف يعتدي على مثقف الثورة إلا إذا كان رعاعيا.
هناك المثقف الرعاعي الذي هو في الأصل ذو أيديولوجيا رعاعية تكونت في علاقة مع مصالحه الذاتية أو مع ما يظن أن مصلحة الفئة التي ينتمي إليها وصار يصدر في القول عن ذلك في نمط من الخطاب الطبلي الموجه أصلا للرعاع. المثقف الرعاعي هو إذن مثقف الرعاع وأهوائهم، فهو إما أنه انحدر إلى مستواهم وإما كان هو في الأصل على سوية معهم، وهو الأقرب إلى الصواب، ها نحن هنا أمام موقف من العالم وليس مجرد رأي جزئي مؤقت.
وهناك نمط من المثقفين الرعاعيين ضيقي الأفق، يظهر ضيق أفقهم في انشغالاتهم بالمبتذل من الوقائع التي هي أقرب إلى وقائع التسلية، وهم إذا ما انطلقوا إلى الحديث عن الوقائع الجدية في الحياة والتاريخ تعاملوا معها كتعاملهم مع تلك الوقائع المبتذلة المسلية.
ومن المعالم الفاقعة الدالة على المثقف الرعاعي غياب الوعي الفردي لديه وغياب الوعي الفردي بالآخر، بل إن الآخر لا وجود له في ساحة وعيه وهذا يظهر أكثر ما يظهر في اللغة الوقحة التي هي شكل من القتل بواسطة خطاب رعاعي. وإذا كان المثقف الرعاعي ظاهرة تتجدد عبر العصور والفترات، غير أن أثرها يكون مصيره النسيان، وهذا من حسن حظ الثقافة.
إذن، المثقف كائن خاص عقلا ولغة وظهورا وهمّا وشعورا وقيما، إنه منتم إلى النخبة المجتمعية، والتي تحوز، من حيث المبدأ، على اعتراف المجتمع واحترامه حتى لو ظهر ما يشي باختلاف صارخ وقول صادم.
والرعاعي كائن ينتمي إلى التحوت من الناس، من حيث وعيه، ومستوى معرفته، وموقفه الأخلاقي، حيث عصبيته تعصب، وتعصبه نفي مطلق للآخر، ونفيه يصل حدّ القتل، وعقله خاو من الشك، وإيمانه ساذج، ولغته شتم. وليس من المصادفة أن جعل المعجم العربي من كلمات الأرذال والأنذال والأوباش والأوغاد والحثالة والدهماء والسفلة والسوقة والعفاشة والعسافة والغوغاء والهمج مرادفات لكلمة الرعاع.
إذن كيف تأتّى أن يصير المثقف رعاعيا، في وقت يُسمح لوجوده أن يظهر بأبهى صور ماهيته، وفي وقت توفر فيه ثورة الناس في سبيل حريتهم وكرامتهم للمثقف حضورا أصيلا مبدعا ومعبرا عن عالم القيم السامية؟
من السهل القول بأن وجوده الخادع، في لحظة من لحظات الزمن الاجتماعي والسياسي، قد أخفى علينا ماهيته العميقة، أو قل حال بيننا وبين هويته الخفية. والحق إنه لجواب بسيط على سؤال يحتاج إلى نظر.
المثقف الرعاعي المبتذل قد يظهر حتى في صورة انحياز إلى الوقائع الجديدة للحياة المتجاوزة للقديم بما في ذلك واقعة الثورة.
دعونا نقل إذن إن المثقف الرعاعي هو حالة تظهر في الخطاب والموقف بوصفها نمطا من الأنوات الوضيعة التي تحدثنا عنها في كتاب “الأنا” ودون أن ندري بدقة ما الذي يجعل من الأنا وضيعة، ولا سيما وأنّا واجدون أن المثقف الرعاعي لا علاقة مباشرة له بالمنبت الطبقي أو الاجتماعي أو الأسري، فأن يوجد شخص مثقف مشغولا بالمبتذل من الوقائع وقادرا على استخدام اللغة السوقية والاعتداء على الآخر، وفقير الطاقة الروحية ويظهر كرهه للسامي والجميل، فهذا أمر لا صلة له بأصل المثقف وفصله.
لا يمكن لمثقف أن يصطف إلى جانب الدكتاتور إلا إذا كان رعاعيا، ولا يمكن لمثقف يعتدي على مثقف الثورة إلا إذا كان رعاعيا.
هناك المثقف الرعاعي الذي هو في الأصل ذو أيديولوجيا رعاعية تكونت في علاقة مع مصالحه الذاتية أو مع ما يظن أن مصلحة الفئة التي ينتمي إليها وصار يصدر في القول عن ذلك في نمط من الخطاب الطبلي الموجه أصلا للرعاع. المثقف الرعاعي هو إذن مثقف الرعاع وأهوائهم، فهو إما أنه انحدر إلى مستواهم وإما كان هو في الأصل على سوية معهم، وهو الأقرب إلى الصواب، ها نحن هنا أمام موقف من العالم وليس مجرد رأي جزئي مؤقت.
وهناك نمط من المثقفين الرعاعيين ضيقي الأفق، يظهر ضيق أفقهم في انشغالاتهم بالمبتذل من الوقائع التي هي أقرب إلى وقائع التسلية، وهم إذا ما انطلقوا إلى الحديث عن الوقائع الجدية في الحياة والتاريخ تعاملوا معها كتعاملهم مع تلك الوقائع المبتذلة المسلية.
ومن المعالم الفاقعة الدالة على المثقف الرعاعي غياب الوعي الفردي لديه وغياب الوعي الفردي بالآخر، بل إن الآخر لا وجود له في ساحة وعيه وهذا يظهر أكثر ما يظهر في اللغة الوقحة التي هي شكل من القتل بواسطة خطاب رعاعي. وإذا كان المثقف الرعاعي ظاهرة تتجدد عبر العصور والفترات، غير أن أثرها يكون مصيره النسيان، وهذا من حسن حظ الثقافة.
منقول
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق