Desde siempre se ha enseñado la historia
como una sucesión de logros y hazañas que han ido catapultando al ser humano a
cotas cada vez más altas de progreso. Y aunque la lista de descubrimientos e
invenciones, las grandes construcciones, el desarrollo de las artes y el resto
de resultados de la fértil inventiva humana parecen impresionantes, quizás toda
esta épica narrativa sobre nuestro devenir en la Tierra, desde esos primates
bípedos y sin pelo que se aventuraron a salir de nuestra sabana africana ancestral
en un viaje sin fin, hasta la actual sociedad hiperdesarrollada del mundo
occidental puede estar construida sobre una monumental falacia.
En este ya antiguo (pero no por ello
menos válido), muy provocativo y hasta demoledor ensayo (que debería ser de lectura
obligada no sólo para los estudiantes de historia sino incluso en la enseñanza
secundaria) el prestigioso biólogo evolutivo Jared Diamond cuestiona con
diferentes pruebas esta idílica visión “desarrollista” sobre ese evento crucial
en nuestra historia que ocurrió hace unos 10.000 años con la aparición de la
agricultura y la ganadería, lo que los libros de texto llaman con mayúsculas
“La Revolución Neolítica”. Espero que sirva como reflexión ahora que se han
agotado las vacaciones (en el hemisferio boreal al menos) y empieza un nuevo
curso académico.
A la ciencia le debemos cambios
dramáticos en nuestra autocomplaciente imagen. La astronomía nos enseñó que la
tierra no es el centro del universo, sino simplemente uno de mil millones de
cuerpos celestes. De la biología aprendimos que Dios nos no creó especialmente
sino que evolucionamos al mismo tiempo que otros 11 millones de especies. Ahora
la arqueología derrumba otra creencia tabú: que la historia humana de los
últimos millones de años ha sido una larga serie de progresos. En particular,
recientes descubrimientos sugieren que la adopción de la agricultura,
supuestamente nuestro paso más decisivo hacia una vida mejor fue, en muchos
sentidos, una catástrofe de la cual nunca nos hemos recuperado. Con la agricultura
vinieron las graves desigualdades sociales y sexuales, la enfermedad y el
despotismo, que maldicen nuestra existencia.
Leer más, aquí
في حين يُركِّز المزارعون على زراعات غنيّة
بالكاربوهيدرات، مثل الأرّز والبطاطا، توفّر النباتات والحيوانات البرية التي
تُشكّل النظام الغذائي للصيادين ملتقطي الثمار المزيد من البروتينات وتحقيق
توازن أفضل من الأغذية بالعموم.
بيّنت دراسة أنّ المعدّل المتوسّط الغذائي اليومي
في الأدغال (خلال شهر كانت فيه الأغذية متوفرة) قد بلغ 2140 سعرة حرارية واحتوت
على 93 غرام بروتين، وهي كميات تفوق الإحتياج اليومي المنصوح به لناس بذات الحجم.
فلا يمكن تصوُّر موت من يسكنون الأدغال ويتناولون حوالي 75 نبتة برية مختلفة من
الجوع، مقارنة مع ما حدث مع مئات آلاف المزارعين الإيرلنديين وعائلاتهم خلال مجاعة البطاطا العام 1840. حسناً، إذا حياة الصيادين متقطي الثمار ليست سيئة
بالوقت الراهن، رغم أنّ المزراعين قد دفعوهم للبقاء في بعض أسوأ المناطق
من العالم.
لكن، المجتعمات الحديثة للصيادين ملتقطي الثمار، والتي ترافق وجودها
مع وجود المجتمعات الراعية منذ آلاف الأعوام، لا تُخبرنا شيئاً حول الظروف ما قبل
الثورة الزراعيّة.
تفترض النظرة "التنموية" حول التاريخ الماضي الآتي:
تحسنت حياة الناس البدائية، عندما غيّرت التقاط الثمار بالنباتات المزروعة. يمكن لعلماء
الآثار تأريخ اللحظة، التي حدث بها هذا بتمييز بقايا النباتات والحيوانات البريّة
ما قبل التأريخية عن تلك المُدجَّنة.
كيف يمكن إستنتاج الحالة الصحيّة لمنتجي تلك
البقايا الما قبل تأريخية واختبار الفرضية "التنموية" بصورة مباشرة؟
لم تحصل الإجابة على هذا التساؤل إلاّ من فترة قريبة، ومن خلال تقنيات جديدة
وفرّها علم الأمراض القديمة:
من خلال دراسة
أعراض الأمراض في البقايا البشرية البدائيّة. ففي بعض الحالات الخاصة، يمتلك عالم
الأمراض القديمة مادة للدراسة كحال طبيب يعالج مريض اليوم. فعلى سبيل المثال، عثر
علماء الآثار في صحراء تشيلي على مومياءات محفوظة بصورة ممتازة، حيث يمكن من
خلالها تحديد الأسباب الطبيّة للوفاة عبر التشريح. وحتى براز الموتى الهنود من
فترة طويلة جداً، والذين عاشوا بكهوف جافة، تتابع حضورها كونها محفوظة بصورة
ممتازة ويمكن إخضاعها للفحص والتحليل بحثاً عن الدودة الشصيّة وطفيليات أخرى.
لكن، بالعموم، البقايا الوحيدة البشرية
الصالحة للدراسة هي الهياكل العظمية، على الرغم من أنها تسمح بعدد إستنتاجات هائل.
فبداية، يبيّن الهيكل العظمي جنس صاحبه، الوزن والعمر التقريبيّ. ففي الحالات
القليلة التي نجد فيها الكثير من الهياكل العظمية، يمكننا إنشاء جداول وفيّات،
كالتي تستخدمها شركات التأمين على الحياة، بحيث يمكن حساب متوسط العمر ومخاطر
الموت للفرد بعمر معطي. كذلك، يمكن لعلماء الأمراض القديمة حساب معدلات النموّ
بقياس العظام بمختلف الأعمار، واختبار عيوب مينا الأسنان (كعلامة على سوء التغذية
بمرحلة الطفولة) والتعرُّف على علامات باقية على العظام تدل على فقر الدم، السلّ،
الجذام وأمراض أخرى.
يشكّل هذا مثال بسيط على ما اكتشفه علماء
الأمراض القديمة حول التغيُّرات بارتفاع الهياكل العظمية بطول التاريخ. تُبيّن
هياكل عظمية من اليونان وتركيا أنّ متوسط طول الصيادين ملتقطي الثمار بنهايات
عصر الجليد قد بلغ 175 سنتيمتر للذكور و166 سنتيمتر للإناث. وإثر الإعتماد على
الزراعة، قلّ معدل الطول، العام 3000 قبل الميلاد، بلغ متوسط الطول
للذكور 160 سنتيمتر وللإناث 152 سنتيمتر. وفي العصر الكلاسيكي، بدأ متوسط الطول
بالازدياد ببطء شديد مرّة أخرى، لكن، حتى اللحظة، لم يستعد اليونانيون والأتراك
متوسط الطول عند أسلافهم البعيدين.
لدينا مثال آخر ناتج عن بحوث علم الأمراض القديمة، يتصل بدراسة
الهياكل العظمية الهندية (هنود حمر) في أكوام الأتربة في وادي نهري إيلينويز وأوهيو. في منطقة ديكسون ماوندز الواقعة قرب وادي
النهرين إيلينويز وسبون، اكتشف علماء الآثار
حوالي 800 هيكل عظمي، ترسم هذه الهياكل بانوراما التغيُّرات الصحيّة التي حدثت،
بحدود العام 1150، عندما بدأ جزء من جماعات الصيادين ملتقطي الثمار بزراعة الذرة
بكثافة.
تبيّن دراسات جورج أرميلاغوس وزملائه بجامعة
ماساشوتس بأنّ أوائل المزارعين قد دفعوا الثمن جرّاء تغيير نمط حياتهم. مقارنة مع
جماعات الصيادين ملتقطي الثمار، الذين سبقوهم، ظهر على المزارعين زيادة بحوالي
50% بإصابات مينا الأسنان، وهذا يدل على سوء في التغذية، وتضاعفت نسبة فقر الدم
بحوالي أربعة مرّات عمّا كانت عليه سابقاً بسبب نقص الحديد (ويدل عليه مرض عظمي
يسمى فرط التعظُّم)، تضاعف أمراض العظام بحوالي ثلاث مرات، وهذا ينعكس من خلال
زيادة أمراض معدية بالعموم وزيادة بتشوهات العمود الفقريّ، التي تأتي من بذل جهد
بدني زائد عن الحدّ.
مقارنة مع أسلافهم من الصيادين ملتقطي الثمار، لدى أولئك
المزارعين متوسط أقلّ بالعمر. بلغ متوسط عمر الفرد في مجتمع ما قبل الزراعة حوالي
26 عام، كما يقول أرميلاغوس، في حين بلغ متوسط
عمر الفرد في مجتمع زراعي وقتها حوالي 19 عام فقط. بالتالي، تأثّروا بالقلق
الغذائيّ والأمراض المعدية بصورة جديّة، الأمر الذي ساهم بنقص قدرتهم بالبقاء على
قيد الحياة.
تُبيّن الأدلة بأنّ هنود منطقة ديكسون ماوندز، كجماعات بدائيّة
كثيرة غيرهم، قد قرّروا الزراعة ليس حباُ بها، بل بسبب الحاجة لتغذية جماعة تنمو
بشكل ثابت. ولا أرى بأنّ غالبيّة جماعات
الصيد وإلتقاط الثمار قد لجأت إلى الزراعة إلاّ كآخر خيار مُتاح أمامها.
تقول مارتا كوهن من جامعة نيويورك
الحكومية في بلاتسبرغ، ومتعاونة مع أرميلاغوس بأحد كتبه الأساسيّة
بهذا الحقل العلمي "علم الأمراض القديم في أصول الزراعة"، عندما بدأتُ
هذا النقاش منذ 10 سنوات، لم تتفق غالبية الناس مع طرحنا، لكن، الآن، أصبحت وجهة نظر
تُحترَمْ، رغم أنها دليل مثير للجدل.
قد يهمكم الإطلاع على مواضيع ذات صلة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق