امتلأت أدبيات محازبي أنطون سعاده بعبارات مناهضة لليهود واليهوديّة، من بينها عبارة تقول:
ليس لنا من عدو يقاتلنا في ديننا وحقنا ووطننا غير اليهود . فلنكن أمة
واحدة في قضيتنا الواحدة ونظامنا الواحد .
11 شباط 1947
وهنا نعود إلى النقاش الكلاسيكي الماركسي / القومي / الديني حول أهمية التمييز بين الصهيونية ومشروعها الاستعماري واعتبار "اسرائيل" قاعدة استعمارية بريطانية، بداية، وأميركية، لاحقاً وراهناً، وبين اليهودية كدين.
لقد ظهر كثير من اليهود المناهضين للصهيونية ولاسرائيل وأكبر دليل راهن على هذا:
هو أنّ غالبية اليهود العظمى تعيش خارج "اسرائيل"!
حتى أن أنطون سعاده ذاته قد ميّز، عكس محازبيه!، بين الصهيونية واليهودية، فقد قال:
يوجد فريق من اليهود الراقين يفهم العلل وأسبابها ويفهم عقم دعوة الصهيونيين
ويحاربها من أجل اليهود كما من أجل الانسانية جمعاء. وقد اشتهر من هذا الفريق
مورغنثاو سفير الولايات المتحدة السابق في تركيا، وله في هذا المجال حملات صادقة
أثبت فيها فساد الحركة الصهيونية.
(مجلة "المجلة"، شباط 1925)
سعاده مفكر نقدي من الطراز الرفيع وليس سطحياً ولا غوغائياً ولا عاطفياً، عكس غالبية محازبيه اليوم!، وأدرك جيداً كنه الصهيونية وضرورة مواجهة مشروعها الاستيطاني الاستعماري وله في هذا المجال الكثير من المقالات الواضحة.
أما بعد إعدام أنطون سعاده ونشر كتاب المحاضرات العشر وغيره ويُنسَبْ له من قبل محازبيه وهذا بحاجة إلى تدقيق!، فيمكن مقارنته بكتابات سعاده نفسه خلال عشرينيات القرن المنصرم ويمكن أن نصل إلى نتائج هامة سيما بموضوع اليهودية والصهيونية!
إنّ استعداء جميع أتباع دين محدد:
يشبه قول متطرفين إسلاميين سُنّة بإبادة الرافضة والنصيريين وقول متطرفين شيعة بتعدد يافطاتهم بإبادة النواصب والسُنّة وهذا لا يختلف عن الدعوة لإبادة اليهود أو المسيحيين أو العكس بالعكس! بالتالي، كيف يمكن لمفكر عقلاني أن يدعو هكذا دعوة غوغائية فاقدة لأدنى قاعدة منطقية؟
أختتم بكلمات الصحفي صقر أبو فخر، التي تقول:
إنّ فهم سعاده للحركة الصهيونية، كما يظهر في عشرات النصوص والمقالات والبيانات
بين 1925 و1949، يصدر عن منهج علمي وتاريخي ونقدي في الأساس، فهو لا يحترم
"نظرية المؤامرة" أو خرافة "عبقرية اليهود"، ولم يلتفت إلى حكايات
"بروتوكولات حكماء صهيون"، وإلى "قوى اليهود الشريرة"، بل
انصرف إلى تحليل الصهيونية استناداً إلى التاريخ والمصالح الاستعمارية والوقائع الجارية،
لا إلى الدين، فلم يذكر التوراة والتلمود في مصادره إلا لماماً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق