El segundo argumento negativo de Comte-Sponville se refiere a la debilidad de las experiencias. Si las pruebas eran débiles, las experiencias no prueban nada.
En primer lugar, la más evidente y universal es que Dios se esconde: no se manifiesta, no es perceptible… y ya Comte Sponville no se ve con edad para jugar al escondite.
Crossbreeding Atheism with Spirituality: Notes on Soviet and Western Attempts
الدليل السلبيّ الثاني: يتعلق بضعف التجارب (الخبرات). فيما لو تكن الأدلة ضعيفة، فلا تؤكد التجارب شيئاً. ففي المقام الأول، الأكثر بداهة وكونية هو أن الله يتخفى أو يختبيء:
لا يظهر، لا يمكن إدراكه حسياً، وسبونفيل ليس بعمر يسمح له بلعب الغميضة!
بين الأسباب التي يقدموها لتفسيرإمكانية وجود هذا الإله، هو أنه يحبّ التخفي، كي يتركنا أحرار.
لكن، أحرار بماذا؟
هل نحن احرار بالإيمان او عدم الإيمان به؟
هل نحن أحرار في عدم تنفيذ وصاياه بسبب قلة الإيمان به مثلاً؟
لكن، لهذا الأمر أثر أقلّ لصالح حريتنا وأثر مناهض أكبر لمعرفتنا (يتخفى عنّا، لا يسمح لنا بمعرفة الحقيقة التي تطال وجوده)، وهذا الأمر، فعدا أنه يقيد حريتنا، فهو يُسهِّل حدوث هذا التقييد.
فيما لو يكن الجهل أحد مكونات الحرية، فنحن أحرار أكثر من الله، الذي لن يُشكَّكَ بوجوده. وبهذا، فنحن أحرار أكثر من الأنبياء، الذين تحدثوا معه أو مع الطوباويين، الذين يرون الله وجهاً لوجه.
من جانب آخر، دليل الجهل المسبق، هذا، مناهض لروح التنوير ("تجرأ على إكتساب المعرفة")، أيّ أب أو معلّم، يكره أن يكتسب أبناؤه أو تلاميذه المعرفة؟.
لم يعتبر كانط من يقرر العمل وفق قاعدة الإقتراع على التهديد بالجحيم أو المكافأة بالجنّة، في الواقع، بالأخلاقيّ، بل اعتبره "حريص أو حذر" أو "مذعن"، لكن، هذا دليل مناهض لوجود تلك الأماكن أو الأوضاع المؤجلة لما بعد الموت، وليس دليلاً لصالح تبرير حفاظ الله على جهلنا به طوعاً.
لكن، فيما لو يكن كل ما سلف غير قابل للتصوُّر لدى إله محبّ، فهو أكثر من ذلك بحالة أبٍ متوارٍ عن نظر أبنائه في أوضاع شبيهة بمجازر كثيرة حصلت في التاريخ القديم والحديث.
فكرة الأب المتواري عن الأنظار، تحافظ على جهلنا بوجوده، ولن تجعله حاضراً أبداً، حتى عندما يُعذَّبُ أبناؤه ويهانون ويقتلون.
يؤثر ضعف الخبرات (التجارب)، التي تتعلق بموضوعيتها ونقص التحقق، على ثقتنا بوجود الله المتواري عن الأنظار أو الصامت بشكل دائم. فيبدو أقرب إلى عدم الوجود منه إلى الوجود.
الدليل السلبي الثالث: يتعلق بمحاولة تفسير عالم غير مفهوم. تأسس هذا الدليل على اعتبار أن العالم ليس له تفسير كافٍ وناجزٍ.
تحاول الأديان تفسير أصل الكون، أصل الحياة، أصل الوعي، من خلال الإله غير القابل للتفسير، لكن، تعتبر تفسيرها صالحا، عادة، أكثر من تفسيرات أخرى.
هو اللغز الوحيد الذي يختصر كل الألغاز، رغم أنه يظلّ لغزاً مبهماً يتعذر فهمه.
يضعه هذا في مقام الجهل الكبير، عندما يحاول التعويض عن شيء أو الحلول محل شيء، يقع في فخّ التجسيم (وضع صفات بشرية أو حيوانية بشيء لا بشري ولا حيواني).
التناقض جليّ. لا نعرف شيء عن الإله / الله، وعندما نعزو مزايا بشرية له، بأساسها، ليست بالضرورة من مزاياه.
كذلك، ساهم تقدُّم البحث العلمي بتقليص قدرة الإله التفسيرية. لم يحل البحث العلمي كل الألغاز أو المجاهيل، لكن، يُقدِّم تفسيرات واضحة خاضعة للتصويب بصورة مضطردة.
يوجد لغز، "لكن، لما وجب أن يشكّل الإله / الله هذا اللغز؟".
بالنهاية، ما نعرفه، نعرفه بجهودنا، والإله ليس عاجزاً عن تقديم تفسيرات فقط، بل هو غير قابل للتفسير وعصيّ على الفهم.
"الأفضل قبول اللغز كما هو. أيّ الجزء المجهول الذي يلفّ أيّة معرفة وأيّ وجود".
"قد تساهم تسمية اللغز "الإله / الله" بتهدئة الخواطر لا باختفاء اللغز أو حلّه. لماذا يوجد الإله / الله ولم تحضر اللاشيء مثلاً؟ لماذا تحضر تلك القوانين لا غيرها؟ الصمت إزاء صمت الكون هو الأصحّ، الأصدق مع الدليل ومع اللغز برأيي المتواضع، وربما، الأصدق روحياً حتى، الصلاة؟ التأويل؟ ليست أكثر من وضع كلمات على شفاه الصمت.
التأمُّل مُفضَّل. أو الإصغاء. أو الأداء. يهمني العالم أكثر من الكتاب المقدس أو القرآن، كتب، تمتليء بأشياء لا معنى لها وبتناقضات لا حصر لها .." (ص 110).
وكما سيقول هيوم، في وقت لاحق، الآتي:
"بماذا تختلفون أيها الصوفيين، الذين تدعمون ألوهة لا يمكن فهمها بصورة مطلقة، عن المتشككين والملحدين، الذين يؤكدون بأن السبب الأول لكل الأشياء، مجهول وغير معقول؟".
فيعلق سبونفيل عليه، قائلاً:
"الإعتراض أقوى مما يبدو. إن تكن معرفة المطلق غير ممكنة، فأيّة ضمانة لدينا تجعله الإله أو الله؟" (ص 112).
بل أكثر من هذا، تساهم كل محاولة إطلاق صفة محددة على الإله بخلع الصفات البشرية عليه وتشبيهه بالإنسان. بشكل لا يمكن تفاديه. نكون أمام مفارقة، بحيث لا يمكننا قول شيء حوله أبداً، إلى درجة عدم التمكن من التأكد إن يكن هو "الإله أو الله" أو أي شيء آخر مجهول؛ أو نعزو إليه خصائص بشرية محضة (حتى لو كانت مثالية):
هو الأب، هو العادل هو المحب، هو الحكيم، هو الرحيم ....الخ.
من جانب آخر، إذا كنا لا نعرف شيء حول الإله أو الله، لا يمكن أن نعرف إن يكن عبارة عن شخص، ذات، روح ... ونحن مصنوعون على صورته أو يكن عادلاً، خيّراً، أبوياً، ....الخ.
إلى هنا، عرضنا الأدلة السلبية الثلاثة، التي قادت سبونفيل ليصير لاأدري متشكك.
بقي أن نستعرض الأدلة الثلاثة الإيجابية التي قادته إلى الإلحاد .
قد يهمكم الإطلاع على مواضيع ذات صلة
إلحاد الفيلسوف الفرنسي أندريه كونت – سبونفيل - الجزء الأول
إلحاد الفيلسوف الفرنسي أندريه كونت – سبونفيل - الجزء الثالث والأخير
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق