Y cuáles son los tres argumentos positivos hacia el ateísmo de Comte-Sponville?
El primero, la existencia del mal. Un argumento pro ateísmo bien serio que ya abordaran Lucrecio, Epicuro y Hume.
“O bien Dios quiere eliminar el mal y no puede, o puede eliminarlo y no quiere, o ni lo quiere ni puede, o lo quiere y lo puede. Si quiere y no puede, entonces es impotente, lo que no es adecuado a Dios. Si puede y no quiere, es malvado, idea extraña a Dios. Si no puede ni quiere, es a la vez impotente y malvado, y por tanto no es Dios. Si quiere y puede, ¿de dónde procede entonces el mal, o por qué Dios no lo suprime?” (Comte-Sponville: El alma del ateísmo, p. 117).
La conclusión de muchos pensadores es que, o Dios no existe, o no se ocupa de nosotros. Es imposible que un mundo lleno de imperfecciones haya sido creado por Dios. “El mal es una realidad irrefutable”.
Crossbreeding Atheism with Spirituality: Notes on Soviet and Western Attempts
الأدلة الثلاثة الإيجابية، التي قادته إلى الإلحاد، هي على التوالي:
الدليل الإيجابي الأول: وجود الشرّ. هو دليل جدي في صالح الإلحاد، كان قد تصدى له كلّ من لوكريثيوـ أبيقور وهيوم.
"إما أن الله يريد إلغاء الشرّ ولكنه لا يستطيع، أو يمكنه إلغاء الشرّ ولكنه لا يريد، أو لا يريد ولا يستطيع معاً، أو يريد ويستطيع بذات الوقت. إن يرغب ولا يتمكن، فهو عاجز إذاً، وهذا ما لا يتناسب مع الإله. إن يستطع ولا يرغب، فهو شرِّير، وهذا غريب على الإله. إن لا يستطع ولا يرغب، فهو عاجز وشرّير بذات الوقت، وبالتالي، ليس الإله. إن يرغب ويستطع، فمن أين يأتي الشرّ، أو لماذا لا يقضي الله عليه؟" (سبونفيل: روح الإلحاد، ص 117).
النتيجة، التي يتوصل كثير من المفكرين والفلاسفة إليها، هي إما أن الله غير موجود، أو أنه لا يهتم بما يحدث معنا. يستحيل خلق هذا العالم المليء بالعيوب من قبل الله.
"حضور الشرّ عبارة عن واقع غير قابل للدحض".
بالنسبة للملحدين، مشكلة الشرّ عقبة كأداء، وهي، بدورها، جزء من الواقع، لكن، كيف يفسر المؤمنون هذا الحضور الطاغي للشرّ في عالم مخلوق من قبل الله كلي القدرة والحكمة؟" (ص 118).
تكفي الطبيعة لتفسير وجود الشرّ في العالم. لكن، لا تفسر أيّة فكرة عن الإله مسألة وجود الشرّ، كما أنها لا تعترف بحضوره الطاغيّ أبداً.
"هناك فائض من الفظائع في هذا العالم، فائض من الآلام، فائض من الظلم، والقليل جداً من الفرح، يمنعني من قبول فكرة خلقه من قبل إله كليّ القدرة وكليّ الرحمة والمحبة".
يوجد دليل معارض قديم، يعتبر أنّ الشرّ الحاضر عند البشر، يعود لترك الله الحرية لهم بالتصرُّف، وهو لم يخلقهم ككائنات كاملة بل ناقصة.
من جديد، على اعتبار أن الله يعمل الخير فقط، فهل يتمتع بحرية أقلّ من حرية البشر؟
ألم يكن بإمكان الله خلقنا أحرار بذات السوية، ونصبح أقلّ جشعاً وزعرنةً وعنفاً وغروراً ...الخ، وأكثر كرماً ومزودين بالمحبة عوضاً عن البغض والانانية ..الخ.
كذلك، هناك المزيد من الشرور المتبقية:
الأمراض المزمنة التي تقتل الأطفال، ملايين النساء التي تموت خلال الولادة، أمراض كثيرة أخرى يصعب حصرها في هذا الموضوع. كذلك، نذكر الزلازل والأعاصير المدمرة والجفاف والفيضانات والإندفاعات البركانية. يعترف باسكال بأنه يجب أن نُولَدْ مُجللون بالخطيئة، لأنه في حال معاكس، فالله غير عادل أو ظالم.
يعتبر سبونفيل بأنه يوجد إحتمال أبسط:
هو عدم وجود الله.
الدليل الإيجابي الثاني: يتأسس على وضع الإنسان. يتصف وضع كثير من البشر بنوع من الوضاعة؛ بحيث يمكننا الحديث عن حالة إنحطاط، يصعب تحميل الإله المسؤولية عنها.
يمكن الجدل حول وجود عمليات خلق رائعة أو بائسة، لكن، ما الذي سنقوله عن فنان بارع، يوجد إلى جانب أعماله الباهرة، سلسلة من الأعمال البائسة؟ إذا ناسب هذا المثال الكائن البشريّ، فهل سيناسب الإله كلي القدرة والرحمة والخير؟
لا يبدو أنها فكرة معقولة.
يبدو معقولاً أكثر الحديث عن أسلاف أشباه بشر، وذلك بسبب التطور مقابل الحديث عن خلقنا على صورة وشبه الإله ذاته. ففي الحالة الأولى، يمكن أن نفتخر بوصولنا إلى القمر أو بقامات هامة مثل موزارت.
لا توجد إهانة للبشر بهذا الطرح، فهذا هو الواقع.
الإنسان وضيع، ببساطة، وليس مسؤولاً عن هذا الأمر. نحن حيوانات، وبهذا، يمكن فهم وضعنا. لا يوجد سبب يدعو إلى بغض ولا إحتقار البشر.
"مع ذلك، بوصفنا نُسَخاً عن الإله، سنصير مضحكين وسيسكننا القلق" (ص 125).
مع ذلك، نحن مميزون بين جميع الحيوانات، دماغنا فريد من نوعه.
وضعنا أسس "العلوم والفنون والاخلاق والقانون والدين واللادين والفلسفة والسخرية وفن التنعُّم بالأكل والاتجاه الجنسيّ ..".
رغم هذا، لا يتمكن أيّ حيوان من انتهاج سلوك شرِّير، كما نعمل نحن.
فرادتنا واضحة، لكن يصعب تخيُّل أنَّ إلهاً قد خلقنا، في ظلّ حضور كل هذا البؤس والنرجسية والأنانية والحقد والتنافس غير الشريف.
"يبدو لي أن بؤس الإنسان، بحسب باسكال، لا يمكن أن يتوافق مع أصل إلهي أكثر من توافقه مع أصل حيواني واقعي!" (ص 126 – 127).
"في هذا الاتجاه، يصبح الإيمان بالإله خطيئة العجرفة، فيما يُعتبر الإلحاد صيغة تواضع" (ص 128).
سيرتبط الدليل الإيجابي الثالث والأخير برغباتنا وأوهامنا.
في الواقع، ما هو السبب الذي يقف وراء إيمان كثير من الناس بالله؟
هو أمر عاطفي انفعالي، ويرتبط برغبتنا في البقاء على قيد الحياة ومواجهة الموت وامتلاك أب محبّ ومعصوم.
صور الله مُشوِّقة.
يمكن أن يُرى بالأحلام؛ هي عادة أن يُجنَحْ نحو الإيمان بالله؛ أن تُعاش خبرة مميزة.
لكن، لا يشكّل أيٍّ منها سبباً للإيمان.
بل يدفع إلى الإشتباه بهذا النوع من الأسباب الدافعة للإيمان بالله.
ليست أسباباً "عقلانية"، وإن تكن عميقة من الناحية العاطفية (الإنفعالية الحسيّة) وغير الواعية.
"الإله أو الحُلُم المُطلق، أو المَنام، الذي لا ريب فيه: محبة لا نهائية، عدالة وحقيقة مطلقة. أناصر الإله، مثل أغلبية الناس، أريد القول بأنني أُفضّل وجوده؛ لكن، هذا ليس سبباً كافياً للإيمان به، بل هو سبب قويّ لرفض القيام بهذا الأمر. بدقّة، لأنني أفضّل بأن يتواجد الإله، أملك الأسباب المُقنعة كي أُشكّك بوجوده". (ص 129).
كذلك، سنفضل الإعتقاد بانتهاء الحروب، الجوع، الفقر، الظلم، لكن، إن يُعلن أحد ما بأنها ستختفي كلها غداً، سأعتبره واهم، بل هو يُحوّل رغباته إلى وقائع.
رغبتنا بوجود الإله، هي عنصر تشكيك وإشتباه.
"ليس مألوفاً أن يُرضي الواقع توقعاتنا إلى هذه الدرجة. ما الذي نرغبه أكثر من أيّ شيء؟ فيما ندع الرغبات المبتذلة جانباً، ألّا نموت أبداً. بالتالي، سنعود ونلتقي بأحبتنا الذين فقدناهم. كذلك، أن يعمّ السلام والعدل في كل الأرجاء. وبالنهاية، أن نحظى بالمحبة على وجه الخصوص" (ص 130).
يُقبَلُ ما يعد الدين به، وهو ما يجعل مصداقيته أقلّ، كما أعلن فرويد ونيتشه، بين آخرين.
تهمنا الحقيقة، فلن نخلطها مع رغباتنا الخاصة.
"الوهم ليس نوعاً من الخطأ، بل هو نوع محدد من التصديق أو الإيمان، الذي يقوم على الإعتقاد بشيء، بوصفه حقيقة، لحضور رغبة مُلحة. لا يوجد شيء يمكن فهمه بشرياً أكثر من هذا. لا يوجد شيء عُرضة للنقاش فلسفياً أكثر من هذا" (ص134).
يُقوّي الدليل الثالث السلبيّ والدليل الثالث الإيجابي بعضهما بشكل متبادّلْ.
"الله غير مفهوم بشكل زائد عن الحدّ، انطلاقاً من وجهة نظر ميتافيزيقية، فكيف لا يجري التشكيك به (كيف نعرف أن الذي لا يتم فهمه هو الله أو كائن وهمي آخر؟)؛ الدين مفهوم بصورة زائدة عن الحدّ، اعتباراً من وجهة نظر أنتروبولوجية، فكيف لا يمكن التشكيك به" (ص 134).
تجدر الإشارة إلى ما اعترف سبينوزا به، أن نعرف بأننا "نشعر بالميل، بصورة طبيعية، للإيمان بما نأمل به بسهولة، وفي حال معاكس، نميل للإيمان بصعوبة بما يخيفنا" في هذا النوع من القضايا، لكن، نستعيد الواقعية البراغماتية في الحياة الواقعية، ويقدم سبونفيل مثالاً حول هذا، يبحث شخص عن شقّة جديدة واسعة مكونة من ستة غرف وثلاث حمّامات، تقع في مركز مدينة مانهاتن ولديها إطلالات على الحديقة المركزية. لم يعثر على شقة بسعر يقلّ عن 100000 دولار حتى اللحظة، لكن، هو واثق ويؤمن بأنه سيحصل على شقته التي يحلم بها سريعاً.
هل نعتبره واهماً؟
في الواقع، ربما، ليس مخطئاً، وربما، يحالفه الحظّ.
لكن، في الواقع، يعتبر كثيرون هذا النوع من الإيمان على أنه محض وهم، وهم يملكون إيماناً آخر ذو وهم أكبر، بل ضعيف الإحتمال بصورة أكبر، مثل وجود "إله خالد، كلي العلم، كليّ القوّة، خيّر وعادل بشكل مطلق". إن يبدو هذا لكم ذو مصداقية أكبر من وجود شقّة بستة غرف في مركز مانهاتن وبأقل من 100000 دولار، "ربما لديكم فكرة محدودة للغاية عن الله، أو فكرة مُبالَغ فيها حول المكاتب العقارية" (ص 135).
باختصار، لا يؤمن سبونفيل بالله، لأنه لم يعثر على أيّ سبب (ولا دليل، ولا خبرة) بصالح وجوده، بل عثر على عدة أسباب تصبّ في مجرى عدم وجوده.
وكذلك، لأجل الصدق مع النفس، حتى إزاء "الغموض، الكينونة، الرعب، الشرّ، الشفقة، الرحمة، الظُرف، التواضع (إن يكن الله قد خلقنا على صورته وأحرار بشكل مطلق، فلن نجد أيّ غفران)، وبالنهاية لأجل جلاء رغباتنا وأوهامنا" (ص 136).
يوضّح سبونفيل بأنها "أسبابه"، التي لا يرغب بفرضها على أحد، بل يُعبِّر عن رأيه بحريّة ويعرضها للنقاش.
"يخلط التطرُّف بين الإيمان الشخصي الخاص وبين المعرفة أو الرغبة بفرضه بالقوّة (تترافق الدوغمائية مع الإرهاب بشكل دائم، ويغذيان بعضهما البعض بصورة متبادلة).
وهذا خطأ مزدوج:
ضدّ الذكاء وضدّ الحريّة.
وهو ما يوجب توجيه ردّ مزدوج له:
عبر الديموقراطية والإيضاح.
التديُّن من حقّ أيٍّ كان. كذلك، هو عدم التديُّن.
ربما، حرية التفكير، هي الشيء الوحيد الأجمل من السلام. لأن السلام، دون حرية تفكير، سيتحول إلى إستعباد أو عبودية" (ص 136 – 137).
من حين لآخر، نُخضع رؤيتنا الدينية لتمرين منطقي – عقلاني ما.
أعتبر بأنّ هذا يحدث كتبرير لتبنينا خياراً آخراً، قد فضلناه مسبقاً، أي اعتباره أولوية تتفوق على الخيار الآخر.
بأيّ معنى؟
يمكن أن تتعدد الإجابات على هذا السؤال. ذلك أنّ هناك أسباباً، ربما غير عقلانية أو لا منطقية بالضرورة. بمعنى ملموس، تندرج ضمن الإحساس بدفء العالم، وهو ما يعلمونا إيّاه في الصغر، عندما حدثونا عن تلك "النشأة العائلية للكون"، وحتى عن فكرة شاعرية حيوية (يوجد من يرفقها بنوع من الإيمان)؛ التزويد "بسبب" للعيش؛ العزاء، الأمل؛ الشعور بتلقي المحبة؛ باختصار لكل ما ورد:
عالم مزود بمعنى شامل، متناغم، يعطي معنى للحياة، للعائلة، للمجتمع، للثقافة، للتاريخ: الدين.
كذلك، يحضر ما يعارض هذا:
الخوف من الأبعد هناك؛ "ألربما" التي رافقت خيار "الرهان" الآمن المرتبط بالإيمان بالله أملاً بمصير أفضل بحياة فوق أرضية.
من المفترض أن الأسباب الدافعة للإلحاد، ربما هي نفسية أو إنفعالية عاطفية، كالتي جرت الإشارة إليها أعلاه، ويمكن أن يشكّل الإلحاد خياراً مفضلاً للكثيرين مقارنة بالتقييدات الحيوية التي يمكننا ربطها بالعقائد الدينية أو بتأثيراتها (أو بالمشاكل الناشئة من الترويج لها أو سعيها لفرض نفسها على المجتمع) أو بالإيمان بكائنات ألوهية أو بحياة فوق أرضية، ....الخ.
لا يقتصر الأمر على أن يصير المُلحِد "حرّ أكثر"، ان يصير هو نفسه ذاته، أن يفكر بنفسه، ...الخ، بل يوجد ملحدون حاليُّون يدعمون إلحادهم بذهنية علمية أو بتحليل "موضوعي" أكثر حول العالم (في الزمن الذي يشعرون خلاله بأنهم ذوي "مسؤولية" أكبر، بوصفهم كائنات مستقلة لا خاضعة ولا تابعة).
ما الذي يقوله سبونفيل حول هذا الأمر؟
"لم أنل تعليم ديني مسيحي فقط؛ بل آمنتُ بالله، امتلكتُ إيماناً حيّاً، رغم حضور شكوك لديَّ، إلى أن بلغت عمر 18 عام. وقتها، فقدتُ الإيمان، ومثّل الأمر عملية تحرُّر: صار كل شيء أبسط، أخفّ، منفتح أكثر، أكثر قوّة! بدا الأمر كما لو أنني خرجتُ من الطفولة، من أحلامها ومخاوفها، من قلقها وضعفها، كما لو أنني دخلتُ في العالم الواقعي، بالنهاية، عالم البالغين، عالم الفعل، عالم الحقيقة دون غفران ودون عناية إلهية. أيّة حريّة هذه! أيّة مسؤوليّة هذه! أيّ ابتهاج هذا! منذ أن أصبحتُ مُلحداً، أشعر بأنني أعيش بشكل أفضل، سيما على صعيدي الوضوح والحرية. مع ذلك، لم أتمكن من طرح هذا الأمر بوصفه قانون عام.
يمكن لبعض المتحولين الدينيين تقديم شهادات معاكسة، بحيث يعتروا بأنهم يعيشون بصورة أفضل من لحظة اعتناقهم لعقيدة دينية ما، بل حتى لدى من لم يهجروا دين الآباء، هناك من يعتبر بأن إيمانه هو أفضل ما في الوجود. ما الذي يمكننا استخلاصه، سوى أننا بحالة إختلاف لا يُفسِدُ للودّ قضيّة؟
يكفيني هذا العالم: اكون مُلحداً وسعيداً بهذه الكينونة. لكن، آخرون، أكثر عدداً دون شكّ، ليسوا أقلّ سعادة بإيمانهم. ربما يحتاجوا إله كنوع من العزاء، يحقق لهم الطمانينة، للهروب من مواجهة الأشياء غير المعقولة واليأس، أو لإعطاء نوع من الترابط المنطقي لحيواتهم، لأنّ الدين يتوافق مع خبرتهم القصوى، سواء عاطفية انفعالية أو روحية، مع استجاباتهم، مع تربيتهم، مع تاريخهم، مع أفكارهم، مع سعادتهم مع محبتهم. فكل تلك الأسباب موضع احترام. قال ستيغ داغرمان:
"إشباع إحتياجاتنا للعزاء، هو أمر مستحيل".
وكذلك، إحتياجاتنا للمحبة وللحماية. ويتعاطى كل شخص مع تلك الإحتياجات وفق إمكاناته".
(سبونفيل، من كتاب روح الإلحاد، ص 23 – 24).
ثمّ يتساءل سبونفيل عن القوة الحقيقية للإجابات الدينيّة.
"بخلاف ما يُقال غالباً، لا تُهدّيء الإجابات الدينية خواطر المؤمنين الخاصة بالموت. فصور الجحيم مُقلقة أكثر من أيّ شيء آخر. لا يُصيب المُلحدون أيّ قلق مرتبط بهذه الأمور. يقبلون الموت بوصفه نهاية طبيعية، ويبذلون الجهود للتعوُّد على هذا الوضع. هل يتمكنوا من تحقيق هذا؟ لا ينشغل بالهم كثيراً. سيحمل الموت كل شيء، بما فيه كل المنغصّات. تهمهم الحياة في الأرض أكثر، ويكفيهم هذا الأمر. لكن، هناك موت الآخرين، وهو واقعيّ أكثر، مؤلم أكثر، لا يمكن احتماله بصورة أكبر. هناك، يصير المُلحد غير قادر على الدفاع" (ص 24 – 25).
يأخذ الموت أحبتنا، يفطر قلوبنا. حيث لا يوجد عزاء (علماً أنه ينتهي ألم مرافق، ربما في غاية الفظاعة أحياناً). نحتاج زمناً طويلاً كي يخف الألم أو يُحتمل الوضع من خلال الذكريات الجميلة، المسلية والوديّة.
"هكذا يعمل الحزن، يخفّ مع مرور الوقت وإعمال الذاكرة، قبولاً ووفاءاً. لكن، يستحيل أن يحدث هذا في اللحظة المؤلمة. حيث يبقى الرعب فقط؛ يبقى الألم فقط؛ يبقى كل ما يحبط فقط. كم نحبّ وقتها الإيمان بالله!! كم نحسد أولئك المؤمنين به أحياناً!! لنعترف، هنا، هي نقطة القوّة للأديان، هنا، لا يمكن هزيمتهم تقريباً. لكن، هل هذا سبباً يدفع للإيمان فعلاً؟ بالنسبة للبعض، دون أدنى شكّ. بالنسبة لآخرين، أكون ضمنهم شخصياً، سيكون سبباً لرفض الإيمان بالله، لدرجة تبدو فيها كمحاولة خداع مفضوحة، كما يُقال عادة، أو ببساطة بسبب عزّة النفس، الغضب أو القُنوط. على الرغم من الألم، يشعرون أقوياء بإلحادهم. يبدو لهم التمرُّد بمواجهة المصاعب أصحّ من ممارسى الدُعاء. والخوف أصيل أكثر من العزاء" (ص 25 – 26).
كذلك، يقضي الدين بأداء إحتفالات طقسية جماعية.
"حداد صامت، دُعاء، إنشاد، صلوات، رموز، مواقف، طقوس، قرابين....الخ. هي عبارة عن صيغة لتدجين الخوف، أنسنته، تمدينه، ولا شكّ أنه أمر ضروريّ. لن ندفن إنسان كما نعمل مع حيوان ميِّت. لن نحرقه كما لو أننا نحرق حطبة. يُسجِّل الطقس هذا الفارق، يؤكده، وهو ما يصبح أمر لا يمكن الإستغناء عنه تقريباً. هكذا، هو الأمر مع مراسم الزواج، سيما لمن يعتبره ضرورياً بالنسبة إلى الحب أو الجنس. وهكذا، هي طقوس الدفن والجنائز بالنسبة إلى الموت".
"يغض كثيرون النظر عن مصائرهم الشخصية، لكن، لا يغضون النظر أبداً عن المؤاساة وأداء الطقوس المرتبطة بملمة شديدة تحل بهم. تحضر الكنائس لأجلهم هنا" (ص 27).
وبخصوص "المعنى"
"أومن بالله – قالت كاتبة لي أحد الأيام – لأني سأكون تعيسة (حزينة) إن أهجر الإيمان". يجب أخذ هذه العبارة بعين الاعتبار، حتى لو أنها لا تُشكّل أيّ دليل (فربما الحقيقة تعيسة أو حزينة، كما قال رينان). يُخجلني التسبُّب بخسارة أحد لإيمان يحتاجه، أو لمن يعيش بصورة أفضل بظلّ الإيمان ببساطة. يكونوا كُثُراً جداً ولا يزعجني إيمانهم على الإطلاق. فلماذا أكافح هذا الإيمان؟ لن أرتد عن الإلحاد. ببساطة، أحاول شرح موقفي، تقديم أدلة حوله، لأنني أحب الفلسفة وأكره الدين. في النطاقين، يوجد (توجد) أرواح حرّة. أتوجه إلى تلك الأرواح بالتحديد. أترك الآخرين، مؤمنين أو ملحدين وغير مؤمنين، مع قناعاتهم. هل يمكن الإستغناء عن الدين؟ نرى بأن الجواب على هذا السؤال، انطلاقاً من وجهة نظر فردية، بسيط ومتنوع: هناك أفراد، أنا أحدهم، يعيشون بصورة جيدة دون دين، في حيواتهم اليومية، أويتعايشون بصورة ما مع الملمات حين تحلُّ بهم" (ص 28).
قد يهمكم الإطلاع على مواضيع ذات صلة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق