ديوجين (ديوجانيس، ديوجانس ... أو ما شابه بحسب المصدر)، هو أحد أهم فلاسفة اليونان، ربما، هو أوّلهم (بحسب برتراند راسل، يُعتبر الفيلسوف طاليس مؤسس الفلسفة الغربيّة وهو فينيقيّ الأصل وسيُنشَر موضوع مفصل حوله هنا .. فينيق ترجمة)، وتأسست هيبته على نمط حياته.
مجَّدَ ذاك الفيلسوف الفقر وإحتقر الغِنى.
مع ذلك، ضجَّت أثينا يوم قرَّرَ ديوجين الإنتقال للعيش في جرّة من
الفخّار، قد طلبها من صديقه تاجر النبيذ، فوضعها بالقرب من دَرَج مُوصِل إلى مركز
أثينا وحولها إلى مسكنه الدائم.
بمرور عدّة أيّام على إقامته في الجرّة،
سأله أحد أقرب الناس إليه:
- لكن، هل هناك ضرورة لتعيش هكذا؟
ألا تُبالِغ؟
- هو إختبار، يا عزيزي. فلقد عشتُ كنبيل، والآن،
سأُثبتُ بأنني أعيش بسعادة كخادم أو أجير – أجاب الفيلسوف.
لكن، ما لم تتمكن أثينا من فهمه هو تبنيه
للقب غريب عجيب.
فبمرور فترة على مكوثه في الجرّة، طلب بأن
ينادونه "الكلب"، ومن لحظتها، سيصير تلاميذه "كلاب" مثله.
وقد أوضح ديوجين، ذاته، الهدف من هذه
المُناورة، حين قال:
- من الآن أنا "ديوجين الكلب"،
لأنني مثل الحيوانات، أرغب بتطبيق مهارة رائعة:
بألّا يهمني رأي الآخرين أبداً.
الكلاب أحرار فيما يقوموا، أو ما لا
يقوموا، به؛ ولا يستحون بمواجهة أحد.
سنُعرَف بالكلبيين وستُعرَف فلسفتنا
بالكلبية.
(رأي الأخصائي النفسيّ بموقف ديوجين: أعشق لقب "الكلب"، لأنه لكي تتحرر من الخجل يجب أن تصبح كلبياً، أي شخص يعلم بأنّ عناصر السعادة موجودة داخله وأن الإستقلالية أمراً حسناً يجب الدفاع عنه بمواجهة رأي الآخرين الخاطيء).
التبوُّل على النُقّاد
يُحكى أنه جرت دعوة ديوجين إلى مائدة ثريّ مُعجب به.
على إحدى الطاولات، جلس إراستينيس، فيلسوف مُنافِس ومُعلِّم لأغلب أطفال أغنياء أثينا، ولهذا، تمتع بحظوة كبيرة.
رغم ذلك، فهو حسود ولم يتحمل عقله إعتبارهم
له مجرّد مُعلِّم؛ فيما إعتبروا ديوجين رجلاً حكيماً وأسطورة حيّة.
بإحدى اللحظات، مدفوعاً بالشراب، رفع
إراستينيس يده ورمى عظماً إلى ديوجين، قائلاً:
- أيها الكلب، إليك طعام شهيّ!
كذلك، كان قد أصاب السُكر ديوجين، فنهض
وتوجَّه نحو طاولة المُعلّم.
صمت جميع من جلس إلى تلك الطاولة لسماع ردّه،
لكن، رفع ديوجين طرف ردائه وأمسك بقضيبه وبدأ بالتبوُّل.
إشتعلت القاعة بالضحك، عندها، قال
ديوجين:
- فعلياً، يمكنني تناول العظام والتبوُّل على مُدعي الحكمة، كما يفعل الكلب بالضبط. لا يصيبك الإحباط، أيها الصديق، فربما، بيوم ما، قد تتمكن من القيام به أنت.
ديوجين، ربما، يُعتبر الفيلسوف اليوناني الأهمّ وما ورد أعلاه قد قرأته في كتاب خاص بعلم النفس المعرفي (غلاف الكتاب، أدناه)؛ ولشدّة ما أقنعني طرحه وأعجبني، ارتأيتُ تخصيص موضوع خاص له، فهو شخص مميز على المستوى الفلسفي؛ وعلى مستوى الظرافة وخفّة الظلّ والواقعية وهو الأهمّ .. عزيزي القاريء:
كُن كالكلب الديوجيني، فستربح إنسانيتك!
وشكراً جزيلاً للإهتمام والمرور .. والتصويب والإضافة إن حصل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق