عندما كان ريتشارد يُحاضرُ في إحدى الأمسيات الثقافية، تحت عنوان "حقوق الإنسان .. شأن كونيّ"، توجَّه إليه أحد الحاضرين، قائلاً: لكن ما حدث وما زال يحدث في كثير من مناطق هذا العالم، حيث يعيش بشر مثلهم مثلنا بحسب طروحاتك، ينقض كونية هذه الحقوق، ليس هذا فحسب، بل يجعل كل ما تحدثت عنه فاقد للقيمة العمليّة، فكثيرون ممن يُحاضرون بحقوق الإنسان من سياسيين، على وجه الخصوص، لا يترددون بتدمير بلدان كاملة وقتل ملايين البشر تحقيقاً لما يسمونه "مصالح عليا!"، بل و يتحالفون مع حكام مجرمين مستبدين لأجل ذات الغرض! وهنا نتذكر مَثَلْ شرقيّ، يعتبر أنَّ:
"الحكي ما عليه جُمرُك."
*******
في الوقت الذي كان تشارلز يتحدث فيه حول أصل الإنسان، وذلك في إحدى كليات علم الأحياء المرموقة في أوروبة، حيث اعتبر أن أسلافنا قد خرجوا جميعاً من أفريقيا بلحظة ما، فانتشرنا بكل أنحاء العالم وصرنا ما صرنا عليه اليوم، كان حرس حدود بلاده يُوقفون مواطنين أفارقة هاربين من الموت ويعتقلوهم! فتحول حديثه العلمي الواقعي إلى:
"حكي ما عليه جمرك."
*******
حينما باشر القاضي بابلو حديثه عن استقلالية القضاء وفصل السلطات، بل وأسهب في شرح المواد الدستورية الضامنة لكل هذا، تذكرت القول الشهير "لا دخل للعواطف الشخصية في العمل" وأدركتُ أن مصير كثير من الأفراد على امتداد هذا العالم يُبنى على قاعدة "آراء شخصية محضة لا علاقة لها بأيّ استقلال عن العواطف والمشاعر بل والأنكى من هذا أنها مبنية على استنسابات شخصية متناقضة لا تترك مكاناً لأيّ عقل ولأيّ منطق!" ونعود إلى:
"الحكي ما عليه جمرك."
*******
يُحدِّثك عن أمور هامّة، على الصعيد الشخصي كما الفكري، عن تجارب حياتية لافتة، عن توجُّه فلسفي جميل، ففي حين تتعاطى معه أنت كما تتعاطى مع أيّ شخص في هذا العالم دون أحكام مسبقة ودون أيّة حسابات خاصة، يتعامل معك هو كما لو أنك "شخص مغفّل" لا تعرف حقيقته وحقيقة أحكامه المسبقة! لهذا، لن تتولد أيّة صداقة في جو من الشكّ المبني على أوهام زرعها عدد كبير من "...."! ونعود إلى:
"الحكي ما عليه جُمرُك."
*******
نأمل أن يأتي يوم ونرى أفعالاً إنسانية عادلة مُنصفة لا مجرّد خطاب جذّاب وكلام معسول "حكي ما عليه جُمرُك"!
وشكراً
قد يهمكم الإطلاع على مواضيع ذات صلة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق