الموز (Banana للموز المُستورد لإسبانيا، وPlátano للموز البلدي الإسباني) عبارة عن ثمرة سهلة الحمل، حيث يتميز سطحها
بخاصية عدم الانزلاق، وهو ما يساعد على الإمساك بها، يُشير لونها لحالة النضج من عدمه،
فحين تظهر البقع السوداء على سطحه، يعني أنه بلغ وقت النضج، وبالتالي، وقت الإستهلاك
المثاليّ. يسمح طرف الموزة بفتحها بسهولة. قشر الموز قابل للتحلل بسهولة
وتناول اللبّ يسير على الإنسان. كما أنّ هذه الثمرة سهلة الهضم (وليس فيها بذو). كل هذا ليس صدفة، بالتالي، الله موجود!!! وثمرة الموز هي أكبر كابوس، يُواجِهُ المُلحدين!!
أليس هذا غير قابل للدحض؟
بالنسبة لي
لا أفهم، بكل صراحة، ما تعنيه الأشياء "الكاملة" بالنسبة للكائن
البشريّ؟
هل فاجأكم هذا البرهان الذي قدّمه الخلقيّان كيرك كاميرون وراي كومفورت، منذ بضع سنوات،
ألا تصدّق هذا؟ أتستغرب وصول الخلقيين لهذا الدرك؟
طيِّب، يمكنك رؤية هذا الفيديو للتأكُّد من هذا.
لن أراهن على حصان خاسر، لا أقول بأنّ
الموز ليس مثاليّاً للإستهلاك البشريّ، لكن، ثمار أخرى ليست هكذا ببساطة. لنذكر
الجوز وثماره وما يجب القيام به لاستهلاك لبّه أو تين الصبّار وأشواكه اللاسعة
وبذوره الداخلية المزعجة للكثيرين أو غيرها الكثير.
سنبدأ بهذا الموضوع بتقصّي
أصول الموز البلدي والمُستورد، واللذان بقيا هكذا، لأننا نحن رغبنا بهذا.
الكثير من أنواع الموز
في العالم
قبل المتابعة يجب التنويه لأننا
حاولنا تحصيل كل التفاصيل الهامّة لتقديم رؤية شاملة ومُختصرة قدر الإمكان لأصل
وتطوّر وتدجين الموز، لم يكن الأمر يسيراً جداً، فالمعلومات متوزعة على عدد هائل من
المقالات والمراجع العلمية.
ولهذا يجب تقديم الشكر لتسهيل دخولنا إلى المجلة
المرموقة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم في الولايات المتحدة الأمريكية.
والتي شكّلت معطياتها العمود الفقري
بهذا الموضوع. يمكن القول أننا أمام نصّ محضّر من عدد كبير من الاخصائيين علمياً
والعاملين في مراكز أبحاث مُشتركة بين أوستراليا، بلجيكا، الولايات المتحدة
الاميركية، فرنسا، غوادالوبي (إكستريمادورا) وجمهورية فانواتو، كما أنه مصدر
مفتوح يمكن لمن يود الاطلاع رؤية الروابط التالية:
•Perrier, X. et al. 2011. Multidisciplinary perspectives on
banana (Musa spp.) domestication. PNAS 108 (28): 11311-11318.
مفاهيم مُسبقة
لأوّل مرّة سنحاول، بسلسلة البستان
التطوريّ، تقديم موجز مُسبق.
نرى أنه من المفيد توضيح مصطلحات سيكثر استعمالها
خلال المقال، وذلك لأجل الوصول لفهم موضوع الموز ذاته، وما الذي حصل به حتى وصوله
لصورته الراهنة، كالآتي:
- الجينوم: هو كامل المادة الجينية
بالكائن الحيّ. يتكوّن الجينوم من كل الجينات وكل جين بكائن حيّ، كما يحتوي على
أشياء "ليست جينات"، لكنها مصنوعة من الحمض النووي الريبي منقوص
الاوكسجين DNA أيضاً.
- الكروموزوم (الصبغي): الجينوم ليس هو ذاته في النباتات والحيوانات، بل يجري تقسيمه لقطع
بأطوال مختلفة، يسمى كل مقطع من تلك القطع بالكروموزوم أو الصبغي.
- المجموعة الصبغية: يمتلك كل نوع حيّ
نباتي أو حيواني عدد محدّد من الكروموزومات (الصبغيات) بأحجام وأشكال مختلفة
فيما بينها. لدينا "المجموعة الصبغية الأساسيّة". في الخلايا الجنسية (كالبويضة، الحيوان
المنوي، حبوب الطلع) مجموعة وحيدة من الصبغيات ولهذا تسمى (وحيدة
المجموعة الصبغية). بصورة عامة، في خلايا الجسم الأخرى مجموعة مضاعفة من
الصبغيات، ولهذا تسمى (ثنائيّة
المجموعة الصبغية). تظهر ببعض الحالات كائنات لديها ثلاث مجموعات صبغية بخلاياها
وتسمى تلك الكائنات (ثلاثيّة
المجموعات الصبغية).
مجموعات صبغية أحادية المجموعة
الصبغية، ثنائيّة المجموعة الصبغية
وثلاثية المجموعة الصبغية من اليسار إلى اليمين بالترتيب.
القسم الأوّل: العالم
اليوم / من إقتصاد الكفاف إلى إقتصاد الرأسمال
ثمار الموز، في أوروبا وأميركا
الشمالية، ذات شعبية كاسحة. لكن، تكتسب في بلدان أخرى أهمية أكبر نظراً لامتلاكها
قيمة حيوية. الموز، هو المُنتج الغذائي الرابع الأكثر أهميّة في العالم ونسبة استهلاكه 85% في مناطق مدارية وتحت مدارية والموز الغذاء الرئيسيّ
لحوالي 400 مليون شخص. يعني هو الفاكهة الأكثر إنتاجاً بمستوى عالمي كالأرز، القمح
والذرة، ويُعتبر أحد أهم الزراعات الغذائيّة في العالم.
يوجد أكثر من 1000 نوع مزروع من الموز،
وتمثل عملية إنتاج سنوية بحدود 105 إلى 120 مليون طنّ متوزعة على 150 بلد. مع ذلك، يُخصَّصُ ما نسبته 90% من هذا الإنتاج للإستهلاك المحلي في بلدان، مثل: أوغندا،
راواندا، الكاميرون أو الغابون؛ حيث تبلغ نسبة استهلاك الفرد من الموز سنويا حوالي
100 إلى 200 كغ. استفادت بلدان أخرى من تجارة الموز، سيما بلدان مثل الإكوادور،
كولومبيا، كوستاريكا، غواتيمالا والفيلبين. أهم مصدر منتج ومصدّر للموز في
أوروبا، هو جزر الكانارياس (إسبانيا)، حيث أنتجت العام 2009 حوالي 352 ألف طنّ
من موز الكانارياس الشهير، نعم إننا مملكة موزية بامتياز!!
مع هذا، وعلى الرغم من وجود أكثر من
1000 نوع موز، فإنّ أكثر من نصف الإنتاج العالميّ لمختلف الأنواع
آتية من تنوعات الكافنديش وبإنتاج سنوي يصل لحدود 60 إلى 65 مليون طن. كذلك، لدينا الموز
المخصص للطبخ بأفريقيا وآسيا وبإنتاج سنوي يصل لحدود 45 إلى 50 مليون طن، وتتمثل خاصيته
الرئيسية باحتياجه للطبخ ليسهل تناوله. ويتحرك بنوعي الموز رأس مال قدره حوالي
7900 مليون دولار سنوياً.
تكتسب تنوعات كافنديش من الموز أهميّة كبرى، وفي الغالب، تعرف غالبيتنا أحد متحدريها.
فعلى سبيل المثال، يمتلك موز جزر كانارياس تنوعات هي كافنديش القزم، الكافنديش العملاق وسلالة جديدة
مولودة بذات جزر الكانارياس هي الموز النخلي القاسي بين تنوعات
أخرى. هي تنوعات مثالية بمناخ تلك الجزر، حيث تنمو بكثافة كبيرة بحقول الزراعة،
تقاوم الأمراض الخطيرة على الموز وسهلة القطاف نسبياً.
طبيعة ثمار تنوعات الكافنديش من الموز ومتحدريها
معروفة جيداً:
لبّ لحميّ، نسيج ناعم وطعم شبيه بحلوى شهيّة، كما أنها لا تحتوي على
بذور.
هي ثمار غنيّة بالطاقة (غنيّة بالكاربوهيدرات)، كما انها تحتوي على
كميات كبيرة من الفيتامين ب6 وكميّة أكثر من مقبولة من الفيتامين سي. رغم
اعتبار الموز فاكهة مثالية عند كثير من الأشخاص، في تاريخها أمر غريب يخضّ النوع
الأصل الذي تطورت منه.
فالموز البرّي السلف لأنواعنا المزروعة اليوم، عبارة
عن ثمرة مختلفة كثيراً وصعبة الهضم، وكما قال الحكيم كونفوشيوس:
"ربما تساوي
صورة واحدة 1000 كلمة"!.
إلى اليسار ثمرة موز مزروع تنوعات كافنديش مألوفة
بأسواقنا. إلى اليمين ثمرة موز بريّة من الموز الماليزي أحد أسلاف
الموز كافنديش، هل رأيتم البذور؟!!
القسم الثاني: عائلة من
إلاهات الإلهام الجميلات / شعر علميّ
ينتمي الموز لفصيلة الموزيّة التي يعود أصلها لمناطق إستوائيّة
بأفريقيا، آسيا وأوستراليا. تتميّز نباتاته بالضخامة وبأوراق خضراء جميلة، ليس
شجراً ولا شجيرات، في الواقع، هو عشب ضخم الحجم. ويرى أخصائيو علم
النبات، حتى الآن، وجود ثلاث أجناس بهذا النبات، هي: موز ، موز الحبشة الإينيستي والموز القزم.
يمكن العثور
على الجنس موز الحبشة بمناطق مدارية بأفريقيا وجنوب شرق آسيا، ووضعه قيد النقاش
حتى الآن، حيث يوجد، بحسب دراسات علمية عدّة، من 5 إلى 9 أنواع تنتمي لهذا الجنس. هي أعشاب ضخمة يمكن إستخدامها كغذاء، مصدر للألياف النباتيّة ولها قيمة تزيينية
بكثير من البلدان. تُشبه ثماره ثمار الموز المألوفة، لكن، حجمها صغير، جافة، مليئة
بالبذور وغير قابلة للأكل، إضافة لأنّ النبتة الأم تموت إثر إعطائها الثمار.
ينتمي نوع واحد فقط إلى الجنس القزم،
هو الموز القزم الصيني وهو نبات قيِّم، يعود أصله لجنوب
شرق الصين وفيتنام، يُعرف في نطاق اخصائيي الحدائق باسم "زهرة اللوتوس الذهبية" أو "الموز القزم الصيني". يمتلك بالوقت الراهن قيمة تزيينية
كبرى بمجال الحدائق، وقد جرى نقله لأماكن عديدة في العالم.
إلى اليسار نموذج من موز الحبشة، إلى اليمين نموذج من موز قزم صيني
لكن ما يبرز بين الموزيات هو الجنس موز، والذي جرى وصف
أكثر من 50 نوع ينتمي له، كما ينتمي له الموز الغنيّ الذي نأكله كلنا، يعود أصله
للجنوب الشرقي الآسيوي بجزره وأوقيانوسيا. ومن زمن ليس ببعيد، تعرّف أخصائيو النبات
على الموز المزروع حامل الاسم الموز الفردوسي وهو ذات الاسم
الذي وضعه عالم الطبيعة السويدي الشهير كارلوس لينيوس العام 1753.
هناك الكثير من التأمُّل بالأسباب،
التي دفعت كارل لينيو لاختيار إسم Musa لهذه الفئة
النباتية، فهل جرى الإختيار لأنهم أسموه musa في مصر وأماكن أفريقية أخرى خلال القرن الخامس عشر ميلادي
كتشويه للمصطلح العربي "موز mouz، maouz، moz أو maws" والتي
ترمز لمدينة Moka؟.
وأخشى أن أقع بالخطأ باسم
المدينة، فربما هي المدينة الحالية التي اسمها المخا Mocha أو Mokha الواقعة في
اليمن.
أو ربما اختار كارلوس لينيوس
الاسم تيمناً باسم عالم النبات وطبيب الامبراطور أغسطس (القرن الأوّل قبل الميلاد) واسمه Antonio Musa؟ أو ربما
محاكاة لإلهامات بإلوهيّات
الفنّ والعلوم في أساطير اليونان والرومان؟
مهما يكن السبب، فإنّ هذا الإسم يستحضر الشعر!!
مع هذا، فقد تغيرت الكثير من الأمور؛ وتُعلِّمُنا
الإكتشافات الجديدة بعلم النبات وعلم الوراثة بأنّ كارلوس لينيوس قد أخطأ. وضع نوع الموز الفردوسي قيد النقاش، وما
استخدمه كارلوس لينيوس كنموذج للموز المزروع، في الواقع، عبارة عن نوع هجين من
نوعين. عن أيّ نوعين الحديث؟ حسناً، هذه قصّة تبدأ في مزيج من الجزر، الأرخبيلات والصخور
القائمة بجنوب شرق آسيا وأوقيانوسيا.
نماذج الموز الفردوسي لغايات تزيينية،
وهي تقريبا النبتة التي ألهمت كارلوس لينيوس
يتبع
La fuente المصدر الاسباني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق