نماذج لنوع الذرة الصفراء أو الذرة الشامية، دقّقوا جيداً بالنبات، ساق وحيد طويل حامل لعرانيس مُمتلئة
البحث عن الفروقات
الذرة. نبتة متعاظمة أخرى، قد غزت نصف
العالم. يستفيد منها كثير من الرئيسيات الحيّة، اسمها في بلدي panizo (أحد بلدان أميركا اللاتينية)، أما العلماء
فقد سموها:
Zea mays ssp. mays L
انتشرت
بالعالم جنبا لجنب مع القمح، الشعير والشوفان وعدد من الأنواع الأخرى المنضوية تحت إسم عائلة النشويات. تمتلك دورة حياة سنوية ولديها القدرة على بلوغ أطوال حتى
2.5 متر. هي وحيدة الجنس (يحضر الجنسان الذكري والأنثوي بذات النبتة)، أي ليس لديها أزهار ثنائية الجنس (كما هو معتاد في النباتات)، بل لديها أزهار ذكرية من جانب
وأزهار أنثوية من الجانب الآخر.
عرانيس ذرة متنوعة
لكن، من أين تأتي الذرة؟
بمضيّ أعوام
من الدرس وعقود من النقاشات، يتفق أغلب العلماء حول السلف المباشر البري لذرتنا
المزروعة في الوقت الراهن.
حقّق هذا الامر نبتة محددة من النوع Zea mays ssp. Parviglumis (البديل الأكثر قابلية للحياة هو النوع Zea mays ssp mexicana من الأقارب المقربين جداً من النوع السابق).
نبتة بريّة معروفة
على مستوى محلي وعالمي تحت إسم:
ذات الأمر، فهي نوع فرعيّ بمنتصف الطريق نحو الإنقسام لأنواع عديدة مختلفة.
في الواقع، وبدقَّة، يجب أخذ عدم وجود نوع واحد فقط من teocinte بالحسبان، فهذا المُصطلح قد شاع في العالم كتعبير عن أنواع مختلفة من "الذرة البريّة"، مثل:
والعديد من الانواع الفرعيّة، مثل:
Zea mays: ssp. huehuetenangensis, ssp. mexicana y ssp.
Parviglumis
وهي مجموعة صغيرة من النباتات
بأعضاء ذوي دورة حياة سنوية ودورة سنتين، تجد أصلها في المكسيك وأميركا الوسطى. في
شجرة هذه الشعبة الوراثية الجينية وفي الشعبة اللاحقة، يمكن تقدير علاقاتها
التطورية.
مُلاحظة: عندما نقرأ كلمة Zea فنحن نقرأ كلمة ذُرة بالعربية عملياً
شجرة الذرة الوراثية الجينية وبعض أقاربها
بمستوى جينومي كلها من ذات الصيغة. هي نباتات ثنائيّة مع 10 أزواج من الكروموزومات فقط في كل جانب. باستثناء
نوع واحد هو Zea perennis، فلقد ظهر من
تضاعف جيني حصل بجينوم نوع Zea diploperennis ، ما يعني أننا نتحدث عن متعدد مجموعات صبغية آخر (ثلاث او اكثر) (هذه المرة من
نوع رباعيّ 4n).
لديه 20
زوج من الكروموزومات إضافة لإبرازه عدد من الفروقات نسبة للنوع الأمّ بمستوى الجذمور (ساق أرضية شبيهة بالجذور .. قاموس المورد إسباني عربي)، نمط حياة.
نماذج من النوع البري teosinte
ما الذي يحضر لدى أنواع Zea mays ssp. parviglumis y Zea mays
ssp. Mexicana ولا يحضر لدى
النسخة "البريّة" من نباتات أخرى مزروعة؟
ببساطة، يختلف
النوع المزروع من الذرة عن النوع البري بشكل كليّ، لدرجة إمتلاكهما
لخصائص متعارضة.
فمن جانب،
لدينا التشريح الذاتيّ للنبات، ففي الذرة: يوجد ساق منتصب طويل مزود بسنيبلات
ذكرية ومليء بالاوراق، التي يُلاحظ في براعمها تكوّن العرانيس. لكن، نرى في الذرة
البريّة ساقاً رئيسياً يتوزّع لتفرعات جانبيّة (ويحمل كل فرع جانبي، بدوره،
سنيبلات ذكرية وأوراق مع سنيبلات صغيرة أنثوية في براعمها).
فالمتطلبات هائلة هنا، فلكي "يتحول" نبات ذرة بري إلى نبات ذرة
مزروع، يجب قبل كل شيء، تحويل "فرع جانبي" إلى عرنوس.
جدول مقارنة بين الذرة المزروعه
والنوع البريّ
لكن، لا تنتهي المشكلة هنا، فلا يُنتِجُ النوع
البري عرانيس. فالعرنوس عبارة عن بنية كبيرة، مخروط بطول 10
الى 20 سنتمتر، يحتوي بذور عارية مرتّبة بعدد يبلغ من 200 الى 400 بذرة (ويمكن أن يصل إلى 1000 بذرة). من جانبها، تحتوي سنبلة النوع البري، بالكاد، من 6 الى 12 بذرة بحجم صغير، غامقة اللون، بشعة ومحمية بقشرة قاسية جداً. فكل شيء
بمثابة النقيض.
صورة مُقارنة بين النوع البريّ سنبلة في الأعلى ولونها أخضر،) والذرة) عرنوس بالأسفل ولون أسود
ليس بمُستغرب اعتبار تطور النوع البري
كواحدة من الظواهر الأكثر تطرفا وتعقيداً للتطور المورفولوجي
الممكن العثور عليه بالوقت الراهن.
فلقد فكّر بعض الباحثين بأن النوع
البري للذرة، قد اقترب من الأرز أكثر من اقترابه من الذرة، مع ذلك، فهجائن الذرة، بالعموم، ناجحة وخصيبة بشكل
كامل.
وضعت الدراسات الجزيئية الحديثة النقطة الاخيرة في النقاش حول هذا الموضوع.
جدول مقارنة آخر بين النوعين البريّ
والمزروع: A فروقات في التفرعات
الجانبية للنوع البريّ الحامل للسنيبلات الذكرية، B مقارنة بين السنيبلة والعرنوس، C مقارنة بين السنيبلات الصغيرة
والأغطية الحامية
قضيّة تشريح
هنا، يحضرنا التساؤل، كيف ظهرت الذرة
المزروعة اعتباراً من الذرة البريّة؟
ليست قضيّة
سهلة الحلّ.
تابعت أوائل الأجوبة "منطق الفروقات الضخمة،
ثمّ كمّ الجينات الضخم اللازم".
هل حصل تطفُّر لعدد غير محدد من الجينات
في العشر آلاف عام الاخيرة (يمكن افتراضه كتاريخ لبدء تدجين الذرة)؟ أيكون أصل الذرة أقدم بكثير مما نتخيّل؟
لقد أثبتت أبحاث الأربعين عام الاخيرة والتقدّم الحاصل بعلم الأحياء الجزيئي:
بأنّ الفروقات
الرئيسية بين الذرة الزراعية والذرة البريّة، تعود الى وجود
خمس مجموعات من الجينات، أو من الافضل القول خمس Quantitative trait locus مواقع كروموزومية كمية.
حيث يشكّل QTL التسمية التي
تستقبلها تلك المجموعات من الجينات، التي ترتبط بقوّة بالتوريث معاً، والتي
تساهم ببناء ذات الميزة أيضاً.
بفضل أعمال عالم الوراثة الاميركي جون دوبلي، نعرف النوع البري teosinte branched1 tb1، فوظيفة QTL منع النمو وإعاقة نمو التفرعات الجانبية (مع أوراقها وسنبلاتها الذكرية وسنبلاتها الانثوية).
كيف يتصرف tb1؟
حسناً،
لنقارن فعله في النوع البري وفي الذرة
الزراعية:
أولاً: في البراعم الجانبية للنوع البريّ، يقلُّ أو ينعدِمُ تعبير tb1، بالتالي، لا يظهر شيء بمستوى جزيئي يقوم بمنع نمو
التفرعات الجانبية، وبالتالي، تنمو تلك الفروع.
ثانياً: مع هذا، يعبّر هذا الجين في الذرة الزراعية
بسرعة مُضاعفة لسرعته في النوع البري، كنتيجة لرسالة "منع النمو"،
تنتشر في البراعم الجانبية، وكنتيجة لا تنمو التفرعات.
لهذا السبب، تُولِّدُ أغلب نباتات الذرة
المتطفرة ب tb1 عند فقدان وظيفية QTL أفرعاً
جانبيةً ذات حجم أكبر. بالنهاية، من المعروف بأنّ
النشاط المُختلف لـ tb1 في النوع البري والنوع الزراعي، لا يعود لاختلاف الجينين.
كلا، ففي
الواقع، الجين tb1 في النوع البري والنوع الزراعي هو ذاته. ما يحدث في النباتين،
هو أن ترتيب الجين مُختلف، الأمر الذي يقود الى حدوث إيقاع نشاط مختلف لكل نبات
منهما. يقتضي اختلاف إيقاع التعبير الجيني بانخفاض نشاط هذا الجين في النوع البري على المستوى الوظيفي؛ ويحدث العكس في الذرة المزروعه، فالجين أكثر
نشاطاً بكثير. وهو ما يثبت لنا بأنّه لا يهم حجم او دقّة التعديل في جين واحد،
فقط باتجاه دقيق، لتحقيق فروقات
مورفولوجية ضخمة.
A نبات ذرة بري مكسيكي
C النوع المزروع الذُرة
E عيّنة الذرة
المزروعة المتطفرة
tb1
بما يتصل بما سلف، عُثِرَ على QTL آخر يسمى: barren stalk1 ba1، كما لو أنّه مرآة، تعكس لنا ثقتنا بانفسنا، كما لوأنها الصيغة
التي تحوّل الشاكي جيكل الى الهمجيّ هايد، فالنوع barren stalk1 المُعاكس الخفيّ للنوع البري teosinte branched1.
ففيما لو رأينا الجين tb1 المتعرض
لإنخفاض نشاطه، حيث نرى نباتات بتفرعات جانبية هامة، فإننا سنجد بأنّ تخفيض نشاط
الجين ba1، سيؤدي الى نباتات دون تفرعات جانبية (رغم أنه في الواقع، عثروا على طفرات بدرجة واسعة في هذا النوع من التعديلات)
بنوع من الثقة نقول بأنّ الجين ba1، هو مُنظّم
ضروري في التشكيل المبكر للبراعم، التي تعطي السيقان الجديدة (سُوق أو سيقان جمع ساق)،
الأزهار أو الثمار الجانبية. لهذا، تُرى طفرات هذا الجين مصغّرة لنمو التفرعات
الجانبية من جانب، مبيّنة من الجانب الآخر نمو عمودي قويّ للنبات.
تشكّل تلك الثنائية قاعدة الشُبهة في
التوازن بين ba1 و tb1، وهي السبب
المُحقق لراحة البنية التشريحية للذرة الحديثة.
مؤثرات طفرة الجين ba1 على نمو الذرة. a : إزهرار
ذكري بنبتة متطفرة، b: إزهرار ذكري بنبتة برية، c وd: فروقات في النموّ التكاثريّ والإنباتيّ، على التوالي، بين نباتات برية الى اليسار ومتطفّرة إلى
اليمين، لاحظوا الإفتقار إلى البراعم الجانبية في الأخيرة
يوجد فارق بارز آخر، فبذور النوع
البري محمية بقشرة سميكة، غامقة ومتخشبّة، وهي حماية غائبة في الذرة
المزروعة ومُختصرة الى مقعد ضخم للبذور العارية.
تُشير دراسات جزيئية عديدة لأنّ واحد
من QTL الأهمّ لنمو تلك الأغطية هو جين teosinte glume architecture1 tga1، والذي تحقّقت تقدمات أهمّ بدراسته من قبل فريق البحث بقيادة أندريو هـ. ج. وانغ العام 2005. فنتائج ابحاثه المنشورة بمجلة الطبيعة، تستخلص
بأنّ tga1 عبارة عن جين
مُنظّم آخر ويعمل كنقطة انطلاق في تشكيل تلك الكؤيسات.
كذلك، لاحظوا وجود 6 فروقات جينية بين
جين الذرة الزراعية tga1 وبين جين الذرة
البرية tga1، والتي بينها تغيّر في المنطقة السادسة بسبب النشاط المُختلف
للجين في نبات أو آخر. بمطابقة نموذج الباحثين، نلاحظ بكفاية طفرة واحدة في جين أساسي لإعطاء الأصل لبذور عارية، نراها في الذرة الزراعية، انطلاقا من بذور
محمية بقوّة للنوع البري.
a: عرنوس ذرة يظهر محوره، b: عرنوس بري teocinte، c: ذات العرنوس البري مع أليل tga1، d: بذرة نوع بري، لاحظ نموّ القشرة
الخارجية، e: بذرة للنوع البري مع الأليل tga1، f: عرنوس ذرة مزروع، لاحظ القشور، g
و h: عرنوس بري مع الأليل tga1 استطالت القشور وتغلفت بعض البذور
أصول العرنوس
يتبقّى علينا شرح الملامح الكبرى
المتصلة بالبنية التشريحية للذرة الزراعية وبذورها العارية، ما يعني القيام بشرح أصل العرنوس ذاته، نموه وإنتشاره، بالقياس مع سنبلة النوع البري. لا يخلو حل
هذه القضيّة من المشاكل، فللآن، لا توجد معطيات قطعية ولا خلاصات نهائية، على
الرغم من توفر معلومة كافية قادرة على إعطائنا فكرة عمّا حصل.
يعود الدليل الأقدم على الذرة
الزراعية الى كهف قويلين ناكويتز في المكسيك.
عبارة عن مكان مليء بالأدغال الكثيفة والواقعة على ارتفاع 1926 متر عن سطح البحر،
مع هطولات مطرية لا تتعدى 600 ميليمتر. أثبتت الحفريات حضور نشاطات بشرية لصيادين
وملتقطي ثمار، منذ الفترة الواقعة بين 10650 الى 6980 عام قبل الآن حسب تقنية
تأريخ الكاربون 14.
صورة تُظهر
لنا مكان الوادي الذي يقع الكهف فيه، مكان التوزّع
الحديث لسلف الذرة الصفراء أو الذرة الشامية
لباقي أنواع الذرة الأقدم في طبقات الكهف عمر (محسوب عبر قياسات دقيقة
بالكاربون 14) لفترة تعود الى 5.420 ± 60 و 5.410 ± 4040 عام. عثروا على
حبيبات من غبار الطلع لنوع الذُرة بعمر 9.500-6.980 عام،
وكأدلة على زراعة القرع البلدي لفترة تعود الى 8.990-7.000 عام قبل الآن. لم
يعثروا بين تلك البقايا على العرانيس التي نعرفها، لكنهم شاهدوا "عرانيس صغيرة جداً" بميزات شديدة الخصوصية ولا يبلغ طولها أكثر من 25 ميليمتر وهو حجم مشابه لسنابل النوع البري.
تصوير لعرانيس
الذرة المعروفة الأقدم والمُكتشفة في
الكهف في المكسيك، العرنوس
الأكبر في الاسفل طوله 25 ميليمتر
العرنوس ذو بُنية خصوصيّة. ففيه محور صلب ومرن، تنتظم عليه الحبيبات العارية بصيغة صفوف "مضاعفة". بدورها، تتموضع الحبيبات عمودياً على محور العرنوس الطولاني. من جانبها، في سنبلة النوع البري محور، تنتظم
عليه الحبيبات المحمية بقشرة قاسية بصفين "بسيطين" فقط بوضعية موازية
للمحور الطولانيّ. بدورها لا تنتمي عرانيس الكهف المكسيكي للنوعين، بل لديها ميزة خاصة إنتقاليّة. فهي تتكوّن من محور
تنتظم عليه بذور عارية، بطريقتين:
الأولى، على طول صفين "مضاعفين"
ومتشكلة بزاوية 45 درجة نسبة للمحور الطولاني (وليست موازية كما في النوع البري أو عمودية كما
في الذرة الزراعية)؛ والثانية، متشكلة من صفين "بسيطين" ومتوجهة
بزاوية 180 درجة نسبة للمحور الطولانيّ.
يُوضِّحُ هذا المزيج من الميزات (بعضها خاص
بالنوع الزراعي، وبعضها بالنوع البري وبعضها الآخر متوسط) الوضع في حقبة، ظهرت ميزات الذرة الحديثة في بداية الطريق التكوينيّ خلالها.
تنوّع حاضر في
عرانيس الذرة الأقدم المعروفة، المُكتشفة في
الكهف المكسيكي
فيما لو تكن لُقى الكهف المدخل للموضوع، فإنّ لُقى وادي تيهوكان في المكسيك
ايضاً، هي العقدة وهي الحلّ. ففي تلك المنطقة آثار بشرية
وبقايا لذرة بدائيّة. فكما في الكهف، نلاحظ في
الطبقات الأقدم عرانيس بطول يتراوح بين 19 و25 ميليمتر مع 4 إلى 8 حبيبات، مع
ذلك، ترتفع الطبقات في تلك المنطقة حتى تصل لوقتنا الراهن، الى ما قبل 500 عام من
الآن. خلال كل تلك الحقبة، نواجه التعاقب التطوريّ الكامل لعرنوس الذرة مع الأسلاف
من العرانيس الصغيرة في الطبقات الأقدم والعرانيس الحالية في الطبقات
الحديثة.
التعاقب
الكامل لتطور عرنوس الذرة منذ 7000 عام، قبل الآن، وصولاً الى 500 عام قبل الآن
وفق ما سلف، يمكن التأكيد على أنّه في
ظهور وتطور العرنوس، لحظة الصفر هي النقطة الأكثر عرضة للنقاش. ونعود لبداية
كل شيء، ما الذي حوّل تشعباً (تفرّعاً) للنوع البري إلى عُرينس
صغير أصليّ؟
بحسب إعادة بناء بقايا أحفورية، فإنّ
العرينس الأصلي، قد ظهر عبر بنية ليست أكبر بكثير من سنبلة النوع البري.
مقارنة بين A سنبلة النوع البري، B نوع الذرة
البدائي الأقدم، C نوع الذرة الحديث
اقتُرِحَ عدد من التفسيرات لحلّ هذه
الأحجية. يتطرق بعضها لنوع من التهجين، فنوع
الذرة البدائي ثمرة عملية تهجين بين النوع البري من جنس الذُرة ونوع آخر من
الجنس تريبساكوم (وبينهما علاقة قرابة لصيقة جداً).
يدافع أصحاب هذا الإقتراح على وجه
الخصوص عبر الشبه الهائل لعرنوس بعض الهجائن بين التريبساكوم والنوع البري، والذي من
المُفترض أنه شكّل العرنوس البدائي للذرة، نقطة أخرى بسبب حضور تعدّد الأشكال
الخاصة بالنوع البري وبنوع الذرة، مع
ذلك، لا يخلو هذا النموذج من المشاكل،
كعدد كروموزمات الهجائن (المختلف عن 10) أو ضعف الخصوبة وضعف النجاح بالتهجين
بالتالي.
هجين F2 بين النوع
البري و نوع تريبساكوم، لاحظوا الشبه الهائل مع النوع البدائي للذرة في الرسم.
اقتراح بديل للسابق، قدّمه عالم
النبات الاميركي هوغ إلتيس عبر "النظرية
الكارثيّة للتحول الجنسيّ"، وبحسبها، يظهر
عرنوس الذرة بسبب تبدُّل في الفيزيولوجية الهرمونية، والتي تنتهي بإفاضة الهرمونات
الانثوية على السنابل الذكرية، محولة إياها إلى عرانيس. في الوقت الراهن، لا يوجد أي إهتمام بهذا الاقتراح.
مع ذلك، يقترح عالم النبات ذاته تحديث لنظريته لتصبح "النظرية الجديدة
للتحول الجنسي"، وفق هذا النموذج، فيما
لو تقترب السنابل الذكرية بوفرة من الأزهار الأنثوية، فإن الهرمونات الأنثوية
ستنتهي إلى قلب جنسانية السنبلة الذكرية (أي تحويلها). هذا بدوره، سيجد أساسه في
الإنتقاء المتقدم للنماذج مع عرانيس كبيرة، يتأسس حجمه في اقترابه الأكبر من ساق
النبات.
جدول موجز
ومعدل لنموذج النظرية التحولية الجنسية لعالم النبات هوغ إلتيس لتفسير أصل عرنوس
الذرة، 1 فرع جانبي مع سنبلات أنثوية
محورية وسنابل ذكرية طرفية
2 تحول جزئي
لسنبلة ذكرية طرفية الى سنبلة أنثوية، 3 انتقاء السنبلة الأنثوية الطرفية، 4 سيطرة للسنبلة الأنثوية الطرفية.
ربما، يُعتبر هذا النموذج معقولاً، وهنا
ندخل في نموذج ثالث للخلاف، "الفرضية المُجمع عليها للنوع البري" أو النموذج OTH، وبحسب هذا
النموذج، فإنه بفضل طفرات أساسية بجينات أساسية، أُعطي الأصل، ليس فقط للجسم
التشريحي للذرة، بل لتكوين عرانيسها كذلك. فيما لو نتذكر الطفرة tb1 فإنّ الذرة
المتطفرة، قد طورت سيقان طويلة جانبية شبيهة بما لدى النوع البري، لكن، ليس هذا
فقط، إضافة لأنه على أطراف تلك الفروع الجانبية، قد نمت سنابل ذكرية كما في النوع البري (وليست أنثوية كما في الذرة). مع هذا، يمكن
الذهاب أبعد من هذا، عندما يصطدم مع اقتراح إلتيس.
جرت ملاحظة أنه عند حدوث "طفرات
مضاعفة" واحدة منها tb1 والأخرى dwarf1 d1 أو anther ear1 an1 طفرات، تُساهم بإنتاج نباتات قزمة، وتتابع
السنبلة الذكرية تشكّلها في الفروع الجانبية. وهو ما يُشير لأنّ تشكيل السنبلة الذكرية لا يتوقف على طول
الفرع الجانبي، بل هو عبارة عن ميزة مستقلة.
فكما رأينا، على الأقل بجزء "تطور معكوس" من الذرة إلى النوع البري، هل توجد لُقى أكثر بفضل النموذج OTH؟
بإتجاه واضح، نعم.
دون الذهاب بعيداً، نعرف بعض الطفرات، مثل ts2 وهي قادرة على التسبّب بتحويل نمو الأزهار الذكرية الى أزهار انثوية. ليس
هذا فقط، أيضاً، أكّدت بأنّ الطفرات المضاعفة tb1: ts2 تخلق السنابل
الذكرية جزئياً؛ أو السنابل الأنثوية كليّاً.
في الصورة (A) تفرعات
جانبية للطفرة المضاعفة tb1 : ts2 للطفرة tb1 والطفرة
المضاعفة tb1 : an1 يمكن ملاحظتها كطفرة
مضاعفة فقط tb1 : ts2
تبيّن تأنيث السنبلة الذكرية، في الصورة (B) نمو أكبر في شعيرات النبتة المتعرضة للطفرة المضاعفة ts2 : tb1
بل اكثر من ذلك، في وقتنا الراهن،
يجري اختبار حول إمكانية تحوله الى نوع برّي هو Zea mays ssp. Parviglumis بمدة قصيرة، عبر ضغط انتقائيّ في نموذج نباتي يذكّرنا بنوع الذرة
البدائيّ. تبين نتائج الاختبار المعمول في جامعة ويسكنسن، بأنه منذ
الحلقة الاولى، يمكن رؤية نباتات بتفرّع طبيعي، نباتات بتفرّع غير موجود تقريباً
ونباتات بتفرّعات متوسطة. ليس هذا فقط، بل ظهرت سنابل ذكرية مؤنثة جزئياً، والتي تُذكِّرنا
بصيغة مؤكدة "بالذرة البدائية" والتي شاهدنا بقاياها "الأحفورية" سابقاً.
سلسلة من صور الإختبار الذي جرى في مختبر جون دوبلي
حيث نلاحظ التناقص التدريجي للتفرّع
الجانبي بالنوع البري كما في الصور أعلاه (أ وب وي) ويمكننا رؤية سنبلة ذكرية
مؤنثة جزئياً (في سي)
بالاضافة لملاحظة كيفية تغيّر النوع
البري بيئياً بفضل ميزات الوسط الموجود فيه، فهو يُكيّف تشكّلات مختلفة.
يُذكرنا الكثير منها بالذرة الحديثة:
جدول يبين التكيفات البيئية للنوع
البري، A مثال من نوع بري هو Z. m.
parviglumis التي تنمو في
منطقة وادي نهر بالساس في الشروط المفضلة للنبتة، B نموذج من المنطقة العليا في منطقة ميسوري شبيهة بنماذج وادي النهر الكبير في المكسيك وهي أكثر إرتفاع وأقلّ تفرعات، فيها عرانيس بأربع حبّات، C نماذج شمالية
مع عرانيس بثماني حبيبات، من المفترض أنها انتشرت من تكساس والمكسيك، D ذرة حديثة.
التدجين
تقدموا كثيراً بمحاولات فهم
"كيف" تطورت الذرة من النوع البري.
لكن، ما دور
البشر في تأصيله؟ أسباب تدجينه؟
أحد آلهة الذرة يوم كاكس Yuum Kaax ويعني اسمه
"سيّد الذرة اليافع" بلغة أهل أميركا اللاتينية الأصليين .. وحِّدووه .. تكبييش!
وفق الدليل الأثري، يُشتبه بحدوث
تدجين الذرة في الفترة الممتدة بين 5000 إلى 10000 عام قبل الآن. لا يفتقد للمعقولية التأكيد على أنّ بدايات تدجينها لتغزو العالم منذ 9000 عام، قد كانت في وادي نهر بالساس في جنوب المكسيك. دون ذهابنا بعيداً، فمصطلح teocinte يأتي من كلمة Nahuátl والمستخدمة من قبل شعوب أميركا القديمة للتعبير
عن "حبّة الآلهة"، ويقصدون بها النباتات السنوية، مثل أنواع الذُرة:
Zea luxurians y Z. mays o las perennes Z. perennis y
Z. diploperennis
تعود اللقى الأحفورية الأقدم لطبقات وادي تيهوكان وكهف قابلين نيكويتز والتي تعود للفترة الممتدة بين 6000 الى 5000 عام قبل الآن، مع
حضور عرانيس مختلفة عن العرانيس الحالية وبميزات مشتركة للذرة الحالية والنوع
البري، وجرت ملاحظة هذه الميزات
في اكتشافات حديثة في وادي نهر بالساس، والتي تشير
لحضور الذرة الزراعية المدجنة منذ 8700 عام على الأقل.
المصدر الاسباني
http://cnho.wordpress.com/2009/10/06/el-huerto-evolutivo-4-del-teocinte-teosinte-al-maiz-la-evolucion-es-la-repanocha
http://cnho.wordpress.com/2009/10/06/el-huerto-evolutivo-4-del-teocinte-teosinte-al-maiz-la-evolucion-es-la-repanocha
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق