Huerto Evolutivo (5): El algodón no engaña البستان التطوريّ (5): تطور القطن Evolution of cotton

القطن ذو فائدة جمّة، ليس لقسم من البشر بل لكل العالم. هو كذلك بالنسبة للقوميات والعقائد والثقافات.

ففي الوقت الراهن يُستعمل بكل نماذج الثياب، يُستخرج من بذوره زيت هام ذو فائدة في صناعة مستحضرات التجميل، عدا كونه مصدر للسيللوز المستعمل بتصنيع كافة أنواع النقود الورقية، دولارات ويورو. لكن، القطن هو إبن علم الأحياء أيضاً، وهو ثمرة الظاهرة الكافرة المسماة بالتطور!!

نحصل على كنزنا الثلجيّ من شجيرة القطن، وهو عبارة عن نبات من جنس القطن Gossypium. الأنواع الأكثر زراعة، تقليدياً، في اوروبا من هذا الجنس، هي:

،Gossypium arboreum القطن الشجريّ موطنه الأصلي جنوب آسيا.

القطن العشبي Gossypium herbaceum، أتى من جنوب أفريقيا.

والتي تقهقرت زراعتها، بوقتنا الراهن، بسبب نوعين مسيطرين على السوق حالياً، هما:

القطن الزغبي Gossypium hirsutum، أصله من أميركا الوسطى، منطقة الكاريبي وفلوريدا.

القطن المصري Gossypium barbadense، مصدره أميركا الجنوبية.

واللذان تحولا لنوعين مفضلين عند المُزارعين.

Flores de algodonero (Gossypium hirsutum L.).

زهرة شجيرة القطن نوع القطن الزغبي

في الواقع، جنس القطن هو أوسع مما يمكن توقعه. فهو يضمّ 50 نوع من النباتات، بينها صيغ شجريّة وجنيبيّة وعشبيّة، حيث جرى استثماره مرات كثيرة في التاريخ البشريّ.

ينتمي هذا النوع النباتيّ إلى الفصيلة الخبازية التي تتضمّن بين نباتات اخرى:

الخبّازة وخبازة صغيرة الأزهار

و النبات الشهير الخطمي المنتشر في كثير من الحدائق نظراً لجمال أزهاره.

أزهار الخبيزة إلى اليسار، وأزهار الخطمي إلى اليمين؛ تنتمي كلها إلى الفصيلة الخبازية، التي ينتمي القطن لها

إبنُ المسافرين

أيّة دروس في علم الاحياء التطوري تُعطينا شجيرة القطن؟

كما يقول بعض محبي استعمال علم المصطلحات "الخاصة"، نعثر في شجيرة القطن على ظواهر "ميكرو تطور أو تطوُّر صغري" كما على ظواهر "ماكرو تطور أو التطور الكبروي"، لهذا، فيما لو نرغب بفهم التطور، بمستوى نوعيّ، إضافة لظواهر نشوء الأنواع المذكورة سابقاً، فبالامكان تحقيق الدراسة بفضل حوادث التطور الجزيئيّ.

شجيرات القطن نباتات ثنائية المجموعة الصبغية (2n)، أي تتكوّن خلاياها من مجموعتي كروموزومات (مثلنا) فقط. تبعا لميزاتها التشريحية ولميزات جينومها الخاص، صُنِّفَت إلى 8 نماذج كبيرة، هي:

A، B، C، D، E، F، G، K، حيث تمتلك كلها 13 زوج من الكروموزومات في جينومها أي (2n = 26).

توزيع هذا الجنس عالميّ. نعثر في أوستراليا على مجموعات C، G، K، ونعثر في أفريقيا وآسيا على مجموعات A، B، E، F، ونعثر في المكسيك، البيرو وجزر غالاباغوس وأريزونا على المجموعه D.

التنوع الهائل للقطن، A Bوبذور ناضجة لأنواع قطن زغبي مزروع وبري على التوالي، C نوع Gossypium tomentosum القطن الوبري من هاواي، D نوع قطن شجري مزروع ينتمي الى المجموعه A ، E نوع قطن عشبي بري عضو في المجموعه A ، F نوع قطن ريموندي Gossypium raimondii، G نوع قطن دافيدسوني Gossypium davidsonii ، H نوع قطن لونجيكاليكس G. longicalyx، I نوع قطن أنومالوم G. anomalum، J نوع قطن ستورتي G. sturtianum ، K صورة يبدو فيها مقارنة لكل هذه الأنواع

نصل لما هو ممتع.

لو نقم بتذكُّر أن الأنواع التي وصلت الى السوق العالمية، هي:

القطن الزغبي والقطن المصري.

فإلى أيّة جماعة ينتميان؟

لا ينتميان إلى أيّ من الجماعات المُشار لها سابقاً.

ينتمي كلاهما إلى مجموعة خاصة، مجموعة ADالمتوطّنة في القارة الاميركية، وفيها 5 أنواع.

ما هي المجموعة AD؟

منذ زمن غير قليل، وفي هذه السلسلة من المواضيع، عرفنا نبات ذو جدول أسماء جينيّ شبيه، هو القمح الطري Triticum aestivum، كما عرفنا عملية، هي عبارة عن قوة تطورية فعّالة في المملكة النباتية، هي تعدد الصيغ الصبغية polyploidy.

فكما رأينا سابقاً، عملية تعدد المجموعات الصبغية عبارة عن ظاهرة، يحصل فيها تهجين لنوعين مختلفين، فتعطي نوع هجين مصاب بالعقم، تقود لاخصوبته لعدم توافق المادة الوراثية للنوعين، الأمر الذي يمنع تشكُّل بويضات وحبيبات طلع قابلة للحياة. مع هذا، فأحياناً، يتسنى لبعض تلك الهجائن إنتاج بويضات وحبيبات طلع مع حمل مُضاعف من المادة الوراثية. في حال حدوث هذا وتمكُّن حبيات طلع من إلقاح واحدة من تلك البويضات، هنا، يمكن للإلقاح العمل جيداً مُفضياً لإعطاء نوع جديد من الكائنات، ليس مثل أيّ من النوعين السابقين، ولا حتى مثل الهجين من كليهما، بل هو نوع جديد بميزة متعددة المجموعات الصبغية ، ويمكنه إعطاء نسل خصيب، وهو عادة غير قادر على التكاثر مع أنواع أقارب.

ظاهرة تعدد المجموعات الصبغية، A نوع آ، B نوع ب، C نوع هجين، D إنتاج هجين وتكوين أمشاج ثنائية المجموعة الطصبغية، E إلقاح أمشاج ثنائية المجموعة الصبغية وولادة تعدد المجموعة الصبغية

في الواقع، يعني مُصطلح تعدد المجموعات الصبغية: جينوم متشكّل من عدد من الجينومات المختلفة حسب تضاعف أصل هذا الجينوم. مع ذلك، فهو غير ناتج عن تهجين محض.

في عملية تشكيل لمتعدد مجموعات صبغي غيري، سيتعرض الجينوم لحدوث تغيّرات هامة، بحيث يمكن اعتباره جينوم جديد، لم يكن موجود سابقاً في الطبيعه.

بمدى زمني قصير، تخمد (تنطفيء) بضع جينات فيما تعبّر جينات أخرى، يتعدّل ترتيب العديد من الطرق الجينية، حتى يمكن أن تصل لتعيد ترتيب مناطق كاملة من الجينوم.

بمدى زمني طويل، تكتسب الجينات المختلفة وطرق ترتيبها وظائف ذات تخصص أكبر، آليات تعبير جيني نوعيّة أكثر أو حتى الوصول لصياغة وظائف جديدة كليّاً.

إذاً تمتلك المجموعة AD للجنس قطن أصلاً في واحدة من تلك الظواهر.

ينتمي أحد جينومات المجموعة A (ذات المجموعه التي تنتمي لها الأنواع المزروعة تاريخياً في أوراسيا، وهي القطن العشبي والقطن الشجري)، المتوطنة في القطاع الأفريقي الآسيوي، بينما ينتمي الجينوم الآخر للمجموعة Dالمتوطنة في القارة الأميركية. ما يعني أن المحيط يفصل بين المجموعتين!

تطور وتدجين القطن، تُشير الأحرف للمجموعه الجينية التي تنتمي لها كل صورة

لكن، يجب الإعتماد على الأدلة. يتكوّن جينوم المجموعه ADمن 26 زوج من الكروموزومات بخلاف 13 زوج من الكروموزومات، التي نجدها بباقي الجنس قطن.

منذ العام 1940، دراسات التشكيل الجينيّ والتزاوج الصبغي، دراسات كيمياء النبات، تحليل الخرائط الوراثية والتقنيات الأحدث في السلسلة: لم تقم بعمل شيء أكثر من التوافق مع ميزة تعدد المجموعات الصبغية الغيرية لهذه المجموعة، يتشكل الجينوم AD من جينوم A وجينوم D.

ليس هذا فقط. ففي العام 1940، جرى تبيان أصل تلك المجموعه مخبرياً.

حيث هجَّنوا أعضاء آسيويين من المجموعه A مع أعضاء أميركيين من المجموعه .D ولاحقاً، ضاعفوا جينوم الهجائن الناتجة، والنتيجة نشوء "متعدد مجموعات صبغية غيرية نوع AD"، أدى تعدد المجموعات الصبغية، هذا، إلى ظهور ميزتين هامتين، هما:

أولاً: أمكنها التهجين فيما بينها ذاتها وإعطاء الأصل لبذور قابلة للحياة.

ثانياً: أمكنها التهجين مع الأنواع الطبيعية للمجموعه AD وإفساح المجال لظهور متحدرين خصيبين!

هذا لا يشكّل دليل على ميزة تعدد المجموعات الصبغية الغيرية للمجموعه ADفقط، بل هو تصنيف لأنواع لم تكن موجودة في الطبيعه سابقاً .. هو مؤسس من جديد في المُختبر.

رغم هذا، فللآن، يتبقّى بعض الشكّ. وهذا الامر جدُّ طبيعي، فنحن نتكلّم عن كل صنف ضمن الجنس قطن، الذي يجد أصله في تهجين صنف أفريقي آسيوي مع صنف آخر أمريكي. أمام إمكانية كتلك، تبقى قضيّة لا مفرّ منها، من أين تأتي كل هذه القدرة على الإنتشار لشجيرات القطن؟

نجد مثلاً سلائل، قد انتشرت من موطنها المكسيك وصولا الى البيرو كنوع قطن رايموندي، ومن شمال المكسيك الى جزر غالاباغوس نوع قطن كلوتزشيانوم Gossypium klotzschianum، ومن غرب الجنوب الاميركي الى جزر غالاباغوس نوع القطن الدارويني. لقد بلغت بعض أعضاء هذا الجنس جزر هاواي حتى، تائهة بنصف المحيط الهادي ومتحولة الى نوع القطن الوبري أو قطن هاواي بوصفه نوع مستوطن.

بالتالي، نحن بمواجهة جماعة من المُسافرين.

يمكننا قراءة أبحاث علمية مختلفة تدور حول إمكان بقاء العديد من أنواع الجنس قطن طافية لأشهر عدّة بمياه مالحة، مُحافظة على قدرتها الإنتاشيّة، بينما يُبدي أعضاء المجموعه A (أب المجموعه (AD احتمالا محدوداً للملوحة والطفو كما لأجل البقاء على قيد الحياة بسفر يقطع المحيط. لكن، دون أدنى شكّ، النوع الأكثر احتمال، لتلك الظروف، من الشجيرات هو شجيرات هاواي من نوع القطن الوبري، والتي تتحمّل البقاء 19 شهراً في المياه المالحة وتبقى قادرة على الانتاش. يرى بعض الباحثين أن المدة يمكن أن تصل إلى 3 سنوات. بكل أسف، حالياً، بعض تلك الأنواع مهدّد بالإنقراض، فالخطر الأكبر الذي يواجه نوع القطن الوبري أو قطن هاواي هو التلوث الجيني الآتي من ادخال نوع القطن الزغبي إلى هاواي، يُعاني من ذات المشكلة نوع القطن الدارويني في جزر غالاباغوس.

Distribución de Gossypium klotzschianum y Gossypium davidsoni

الأنواع الشقيقة، قطن كلوتزشيانو وقطن دافيدسون، تصل جنوب كاليفورنيا مع جزر غالاباغوس

يُقترَحُ الإنعزال الجغرافي كعامل محرّك لنشوء انواع جنس القطن. فقد طرح بعض الباحثين، من زمن بعيد، بأنّ أصل متعددات المجموعات الصبغية الغيرية، يعود إلى زمن يسبق انفصال أفريقيا عن أميركا الجنوبية، ويُبعد هذا مشكلة كِبَرْ المسافة البحرية الحالية.

فيما لو يثبت هذا الأمر، فاننا أمام الأصل المُفترض للمجموعة AD في المدى الزمني القائم بين العصر الكريتاسي أو الطباشيري وصولاً لأوائل حقبة الحياة الحديثة (100 الى 60 مليون عام). فيما يرى باحثون آخرون أن البشر ونشاطاتهم عبر الهجرة هي من تحمّلت نقل وايصال أنواع شجيرات القطن مجموعه Aإلى القارة الأميركية، وهذا يعني أننا نعود لبدايات الزراعة في العالم (منذ 6000 عام على الأكثر). في الوقت الراهن، نمتلك تقدّماً في علم الأحياء الجزيئيّ، وقالت أبحاث متصلة بهذا كلمتها بخصوص أصل متعددات المجموعات الصبغية الغيرية والذي يعود لأواسط العصر الحديث الأقرب (بين 1 الى 2 مليون عام)، عندما انطلق أوائل الجنس البشري من أفريقيا. بينما تؤكد دراسات أخرى بأن المجموعه ADلجنس القطن، هي مجموعه أحادية النمط الخلوي، بكلمات أخرى، لكل أنواع المجموعه ADأصل وحيد في متعدد مجموعات صبغية غيرية سلف.

ثمار القطن تنتظر القطاف

تبعات ظاهرة تعدّد المجموعات الصبغيّة

لم يتوقّف العلماء عند ذاك الحدّ. بمجرّد اكتساب كل أنواع شجيرات القطن لظاهرة تعدد المجموعات الصبغية الغيرية، رغبوا بمعرفة الأثر الذي تفترضه تلك الظاهرة على صعيد تطور تلك النباتات. فعندما يتضاعف جينوم ما، يُنتظَرُ العثور على جينات مُضاعفة تُحافظ على استقلالية تطورية مؤكدة، وقد يتحول بعضها إلى جينات زائفه غير قابلة للحياة، جينات أخرى، تُحقق وظائف جديدة وحتى يمكنها القفز من جينوم لآخر. هكذا، نجد دراسات على مدى أكثر من 10 أعوام، جرى تحقيقها على 16 نوع القطن الزغبي (شجيرة القطن الأكثر زراعة والممثلة للصنف AD)، وقد بيّنت تلك الدراسات بأنه ومنذ ظهور هذا الصنف، بالكاد، قد ظهرت جينات زائفة، الأمر، الذي لم يؤدي لحدوث خسارات جينية وظيفيّة هامة.

تؤكد دراسات حديثة محقّقة على 40 جين ومضاعفاتها، عبر مقارنة لشجيرات قطن المجموعة AD بريّة وشجيرات محضّرة مخبرياً، بأنه عندما تحضر جينات مضاعفة، فستخصص كل نسخة وظائفها. كمثال، يختص الجين adhA باصطناع نازعة هيدروجين الكحول. يعبّر هذا الجين في كل الأنسجة النمائيّة في النبات، مع هذا، تهتم نسخة الجينوم A بالتعبير في الجذور والفلقات، بينما تهتم نسخة الجينوم D بالتعبير في الأوراق والقِنابات (القِنابة: هي ورقة في قاعدة الزهرة أو ساقها .. قاموس المورد إسباني عربي). ليس هذا فقط، كذلك لا تُعبّر النسخة A للجين adhA لا في التويجات ولا في الأسدية (جمع السداة: العضو الذكري في الزهرة)، لكن، تعبّر في النسخة D، من جانبها، في الجزء الأنثوي من الزهرة، تعبّر فقط في النسخة A، وليس في النسخة D.

تعبيرات مختلفة للجين بشجيرات القطن. تشكل الأشرطة الجينات المعبرة في كل نسيج، بصيغة أنّ At هو نسخة A وDt هو نسخة D ، A جين adhA ، B جين adhD، C جين A1520، D جين B5

لا تشكّل التباعدات في نماذج التعبير تلك حالة مُنفردة، بل تشكّل القاعدة في الجينات المُضاعفة لجنس القطن. دون الذهاب بعيداً، تسود في الجين adhD النسخة A في كل الأنسجة عدا الأسدية، حيث تسود النسخة D. بالنسبة للبروتين A 1520 فالنسخة D هي التي تعبر بأغلبية الأنسجة الإنباتيّة، بينما تعمل النسخة A على أجهزة التكاثر. من جانبه، بالنسبة للجين B5 المسؤول عن الأنزيم أوكسالات الأوكسيداز، فالنسخة D لا تعبّر في الأسدية، فهو ما تقوم النسخة A به.

تُبيّن نتائج أبحاث أخرى، إضافة لكل ما سلف بأنّ كل تلك التعديلات في نماذج التعبير يمكن إعطاؤها مباشرة إثر عملية التضاعف الجيني. تبيّن تلك التفاصيل حالة جميلة للتطور الجزيئيّ، حيث نرى بأنه متى تضاعفت الجينات، ستتطور بصيغة مستقلة وتنشط كل نسخة متخصصة حول بعض الأنسجة أو بعضها الآخر.

الشعبة الجينية لنوع شجيرة القطن

لكن، التدجين، أيضاً، له نتائجه

تطور القطن، خلال عملية التدجين، واضح في بنية تلك النباتات البيضاء السللوزية التي تحيط ببذور، والتي نوظفها بصنع الأنسجة نحن. لا تختلف ألياف القطن عن خلايا أدميّة معدّلة تسمى بنية شعرية أو تريكوما، والتي تُحيط بالبذرة. في غالبية أنواع شجيرات القطن، نجد الألياف كثيفة صغيرة جداً (وطول أقل من 5 ميليمتر)، سميكة ومتلاصقة بشدّة، غير مفيدة كألياف نسيجية كما هي، حيث يصعب التفكير بأنها شجيرات قطن أصلاً. ففي الحالة البريّة، تُنتِجُ شجيرات القطن في المجموعتين A و ،فقط ،ADأليافاً أطول بقليل ورخوة، بحيث يمكن تحويلها إلى خيطان مفيدة، وهذا ما دفع الإنسان للإستفادة منها، فالنوع المنتمي للمجموعة AD هو الأفضل كنوعية.

ما قبل التكيُّف هذا (المؤكد أنه بسبب الانتقاء بعلم تشكُّله "بمورفولوجيته" بوصفه "ناثر" للبذور)، سيسمح للإنسان بالقيام بالإنتقاء لتلك الأنواع لزراعتها. في الأنواع المزروعة، الألياف أكثر طولاً بكثير، قوية ورقيقة أكثر مما لدى النوع البري. نرى في حالة شجيرات القطن AD بأنها طوّرت توزيعاً في المهام لاجل تشكيل الألياف، حيث يتحمّل الجينوم A عبء نموها وتطورها، بينما يتحمّل الجينوم D عبء نوعيتها ونظافتها. من جانب آخر، شجّع التدجين في شجيرات القطن الزراعية القديمة في المجموعة Aعلى تطور الألياف المتشابهة كثيراً مع ما تمتلكه العناصر المزروعه من المجموعه AD، بناءاً على تأثير ضغط انتقائيّ مشابه.

تدجين شجيرات القطن

لكن، الأفضل هو ما يحفظه علم الجينات المُقارن لعناصر المجموعة A، التي تُنتج أليافاً مفيدة مع مجموعات أخرى من شجيرات القطن الغير قادرة على إنتاج تلك الألياف. رغم إحتياج تكوين الألياف لعملية معقدة، تتدخّل مئات الجينات ومسارات تعبير فيها، الأساسيّ هو ما يحدث خلال اللحظات الأُوَلْ. نجد في شجيرات القطن، تلك، التي لا تُعطي أليافاً مفيدة، بأن ذاك الانخفاض بنمو أليافها، يحدث بسبب تحرّر عوامل أكسدة واضطراب خليوي (الماء المؤكسج H₂O₂وأنواع مفعّلة من الأوكسجين ROS)، ويؤدي هذا إلى حدوث إعاقة نمو الألياف.

لا يحصل ذات الأمر في المجموعه A. فلدى كل شجيرات القطن جينات عديدة الوظائف، حيث نجد: يتحمل الجين GAST1 مسؤولية تنظيم أشياء بينها الإنقسام والنمو الخليوي، فيما يساهم الجين Cop 1 في تنظيم الموت الخليوي، ويُنظّم الجين Pex1 تكوُّن peroxisomas . تُعلّم الدراسات الجزيئية بأنّ كل تلك الجينات قد تجندَّت خلال تطور المجموعه Aلتخفيض العناصر المؤكسدة خلال نموّ الألياف، بصيغة تسمح بإطالة فترة نموها، وبالتالي، إعطاء ألياف مفيدة من شجيرات قطن بريّة في المجموعتين A وAD. لكن، لا تزال تعاني تلك الألياف من القزامة. فالقطن الذي نعرفه، هو ثمرة ضغط انتقاء قد أسسه التدجين البشري.

هكذا، تمتلك شجيرات قطننا الحديث عناصر ضابطة مُمارسة لقوة أكبر، الأمر الذي يقود لحدوث تركيزات خفيضة جداً لانواع مفعّلة من الاوكسجين (ROS)خلال زمن أطول بكثير، ونتيجته نموّ مهم بطول ألياف القطن، الذي نتمتع باستعماله بيومنا هذا. لاحظ الباحثون، أيضاً، بأن عملية تطور الإستقلاب المديد في الزمن، قد ظهر بشكل متزامن مع تدجين هذه النبتة.

Modelo evolutivo y de desarrollo de la formación de la fibra del algodón

نماذج مقارنة لتطور ونمو ألياف شجيرات القطن

التدجين

في المكان المعروف باسم العالم القديم، المتضمن أوروبا وأفريقيا وآسيا. النوع الأهمّ، تقليدياً، هو القطن العشبي. الذي يُظن بأنه نشأ في جنوب أفريقيا.

مع ذلك، تتركّز الزراعات الأقدم على الشواطيء الهندية. ليس غريباً إعتبار بعض الباحثين الهند كمنطقة انتشرت منها بذور هذا النوع. فأقدم الإشارات لإستخدام القطن في تحضير أنسجة وحبال، تعود الى ما قبل 4300 – 3750 عام في الهند وباكستان، ففي طبقات موقع yacimiento de Harappa آثار أخرى لإستخدام نوع القطن العشبي في أماكن قريبة.

Mapa de dispersión y distribución de Gossypium herbaceum L. (algodonero)

خارطة إنتشار وتوزّع نوع القطن العشبي، تُشير الاسماء لاصول مختلفة

حصل وصول القطن لمناطق المتوسط بوقت متأخر أكثر. من أوائل الإشارات إلى القطن، تلك، التي جاءت بوثائق آشورية تُخبر عن "أشجار تُعطي صوف"، والتي زرعها الملك سنحاريب، ملك آشورية. تعود تلك الوثائق الى 694 قبل الميلاد، مع هذا، فالإشارة إلى صيغة شجرية تدفع للشكّ بأنّ النوع المُدرج هو القطن العشبي. أما وثائق الميشنا والتلمود اليهودي، فتشير الى القطن، ما يعني احتمال زراعته خلال القرنين السادس والخامس قبل الميلاد في شرق المتوسط. يبلغ الشرح الوافي عن زراعة القطن ذروته مع أوائل العصور الاسلامية، بنهايات القرن السابع الميلادي.

لوحة منشورة خلال الفترة 1357-1371 من قبل جون ماندفيل لرسم شجيرة القطن على شكل خروف كرمز لنوعيّة ما تعطيه ثمرة القطن! خيال خصب!

تختلف قصة أنواع العالم الجديد، خصوصاً، نوع القطن الزغبي، حيث تمتلك هذه النبتة معدل انتشار طبيعي في قسم كبير من القارة الأميركية والكاريبي، عبر تدرُّج تشكيليّ من الأنواع البرية المختلفة إلى الأنواع المزروعه. فنجد أسلاف في وادي تيهواكان المكسيكي، تعود الى 4000 - 5000 عام قبل الآن، مع ذلك، تحضر البقايا الأثرية الأقدم في كهف أوكامبو في المكسيك بعمر 5800 عام. من غير المُستبعد بأنّ تدجينه سيبدأ في شبه جزيرة يوكوتان، مع هذا، بدأ فقط اعتباراً من القرنين التاسع عشر والعشرين استثمار هذا النوع الهام من القطن بمستوى عالميّ.