3. El Hades homérico.
Podemos comenzar subrayando el viaje como elemento imprescindible para llegar hasta el punto de encuentro con los difuntos, pues éstos no aparecen en cualquier paraje por la invocación o el efecto de distintos rituales, sino que, para entablar contacto directo con ellos, Ulises debe trasladarse hasta su morada.
Este tránsito se realiza por mar [15] y por tierra. El agua está muy presente en todo lo relacionado con la muerte. Cuando Odiseo y sus compañeros desembarcan en lo que consideran el límite de las aguas prosiguen a pie hasta dar con el lugar indicado con anterioridad por Circe [16].
“Cruzado el océano, una extensa ribera hallarás con los bosques sagrados de Perséfone, chopos ingentes y sauces que dejan frutos muertos. Allí atracarás el bajel a la orilla del océano profundo y marcha a las casas de Hades aguanosas; allí al Aqueronte confluyen el río de las Hamas y el río de los llantos, brotando en la Estigia, que reúnen al pie de una peña sus aguas ruidosas”.
Odisea, canto X, 508-515.
De este modo, el paraje al que irían las almas se erige en un lugar concreto y tangible, con un determinado enclave geográfico, situado en línea con el mundo terrestre, aunque inaccesible y alejado de las tierras de los vivos y la civilización, en el límite del mundo conocido.
Por tanto, la llegada al Hades se produce mediante un desplazamiento horizontal en línea con la tierra habitada por los mortales:
“(...), cuando el barco llegaba al confín del océano profundo. Allí está la ciudad y el país de los hombres cimerios entre nieblas y nubes, sin que jamás el sol resplandeciente los ilumine con sus rayos, (...) A este paraje fue nuestro bajel, que sacamos a la playa; y nosotros, asiendo las ovejas, anduvimos a lo largo de la corriente del Océano hasta llegar al sitio indicado por Circe”.
Odisea, canto XI, 13-23.
Sin embargo más tarde, tras abrir Ulises un agujero en la tierra siguiendo los consejos de la diosa maga, aparece en el texto la idea de lugar subterráneo del que surgen los muertos:
3.
الهاديس الهوميري
يُشار، بداية، إلى الرحلة كعنصر لا يمكن الإستغناء عنه لأجل
الإلتقاء بالموتى، حيث لا يظهر أولئك بأيّش مكانٍ جرّاء الإبتهال أو حضور طقوس عديدة،
بل لأجل إجراء إتصال مباشر معهم، ولهذا، يتوجب على عوليس الإنتقال إلى موطنه.
يحدث هذا الانتقال عبر البحر9 والبرّ.
تحضر المياه بكل ما له علاقة بالموت. عندما نزل عوليس وصحبه
من المركب، فيما اعتبروه حدّ المياه، مشوا على الأقدام حتى وصلوا إلى المكان الذي أشارت
له كيركة10 (سيرس، في بعض الترجمات).
"بوصول
سفينتكم إلى الشاطيء، الذي تغطيه أشجار الحور والصفصاف المقدسة البيرسفونية (نسبة لربّة
الموت بيرسفوني أو ملكة العالم السفلي)، اهبطوا إلى مثوى بلوتو (زوج بيرسفوني) السحيق،
الذي يبتديء عند الصخرة الهائلة، التي تتكسر عليها أمواه أكيرون وستيكس وكوكيتوس".
الأوديسة، الأنشودة العاشرة
بهذا الشكل، سيتحدد المكان الذي ستقصده الأرواح بوضوح، في
موقع جغرافي خاص، يتصل بالعالم الأرضي ولكن، بعيداً عن أرض الأحياء والحضارة، يقع على
حدود العالم المعروف وقتها.
بالتالي، يتم الوصول إلى الهاديس عبر إنتقال أفقي ذو تماس
مع أرض مسكونة من قبل الموتى:
"عند
وصولنا إلى تخوم البحر الأعظم، حيث تنهض مدينة
السمريين، التي يغطيها ضباب وسُحُب كثيف، فلا تنفذ أشعة الشمس إليها. هنا، ألقينا
مراسينا، وأنزلنا الخراف إلى البرّ، ثم انطلقنا إلى حيث أشارت كيركة لنا".
الأوديسة، الأنشودة الحادية عشرة
مع ذلك، وفي وقت متأخر، وبعد حفر الوهدة في الأرض، متبعاً
وصايا الربة الساحرة كيركة، تظهر فكرة مكان تحت أرضي، يخرج الموتى منه، في النص:
"ذُبِحَت
القرابين، فسال الدم في الوهدة، وهنا، توافدت الأشباح من كل فجٍّ".
الأوديسة، الأنشودة الحادية عشرة
هكذا، تختلط مفاهيم الإنتقال الأفقي والشاقولي، على
مستوى مكان الهاديس على الأرض و / أو تحتها، بحيث تتضح بشكل يقلّ أو يزيد على مدار
الملحمة وبتفصيل أكبر خلال الأنشودة الحادية عشرة.
لا يهبط عوليس، بل يصعد الموتى إلى السطح، ويتطلب هذا القيام
بسفرة أفقية طويلة من قبل الأحياء، فيما تبدو رحلة الموتى شاقولية وقصيرة. هذا التعاقب
بين مفهومي الهبوط والإنتقال البسيط ليس واضحاً رغم وجود إشارات مباشرة إليها في النص:
"أماه،
لقد هبطت إلى هاديس، كي أتحدث مع الكاهن تيرزياس".
الأوديسة، الأنشودة الحادية عشرة
يوجد مثال آخر حول هذه الفكرة المزدوجة من خلال وصف حاضر
في الأنشودة الرابعة والعشرين يطال الدرب الذي يسلكه الموتى للوصول إلى هاديس، يرد
على لسان عوليس:
"وانطلق
حبيب الآلهة، فمَخَرَ عباب المحيط، وعبرت الأرواح الهائمة في إثره، وإجتاز صخرة لوكيديا،
وبوابة الشمس الخالدة، ثم انطلق والأرواح الهائمة من خلفه، في تيه الأحلام، وعبر بها
في مروج آسفوديل ذات الأشباح، حيث إلتقى القتلى بأرواح ذويهم ...".
الأوديسة، الأنشودة الرابعة والعشرون
كما قلنا، نجد في كل هذه المقاطع أن الماء هو القاسم المشترك.
بحيث يمكن أن يظهر إرتباط لهذا العنصر بإنبثاق الحياة ويُكمل عدد من المهام المختلفة
في الملحمة:
فهو بوابة الدخول إلى الهاديس - المحيط -، ويستخدم في التضرع
للآلهة، كما فعل عوليس حين صبّ الماء في الوهدة التي حفرها بيديه، وهو ما يزود الماء
بقدرة تطهيرية ما، رغم أنه يوجد نوع آخر من "الماء الجحيمي"، الممسوس والآسن
والبارد ....الخ، أي كل ما لا يتوافق مع الحياة ويسم مكان ذو بيئة رطبة ومستنقعية ومتعفنة
دون شكّ، أي نوع ماء مرتبط بالموت قطعاً.
بما يتعلق بالأماكن، التي تعبرها السفينة ومكان الرسو ومسار عولس ورفاقه المتأثر بالتيارات البحرية ومكان الهوة التي حفرها لأجل التضرع وموقع
هاديس تحت تلك الهوة:
فهي تظهر على شكل
توصيفات مقتضبة في الملحمة.
يمكن أن نعثر على
توصيف في الأنشودة العاشرة على لسان كيركة، حيث تتحدث عن موقع هاديس الجغرافي بالإضافة
إلى ذكر بعض المعلومات حول الطريق الموصل إليه عبر المحيط والساحل الذي تكسوه الأحراش
الكثيفة أو إجتماع عدة أنهار. يشير باقي كلام كيركة إلى الطقوس التي يتوجب عليهم القيام
بها كي يجذبوا الموتى إلى سطح الأرض، وكي يتحدثوا مع تيرزياس على وجه الخصوص.
يظهر توصيف مقتضب آخر في الأنشودة الحادية عشرة ذاتها، عندما
يقص عوليس علينا ما يراه لدى الوصول إلى نقطة الإلتقاء المحددة من قبل الإلاهة الساحرة
كيركة.
ترتكز الفكرة، التي نمتلكها حول عالم الموتى، على وصفه كمكان
صعب ومظلم ولا تصل أشعة الشمس إليه ومستنقعي ومياهه آسنة وذات رائحة كريهة وينتشر الضباب
فيه وبارد وكئيب، فهو "غير مقبول حتى للميت" وله تسميات عديدة على مدار الملحمة،
مثل:
"أرض الديجور"، "موطن الحزن"،
"الأرض الباردة"، "قصور هاديس المعتمة"، ....الخ، والتي تتوافق
مع ما جرى ذكره أعلاه.
وصل الأمر حد إعتبار مدخل هاديس المعقد كمكان لم يكن قد بلغه
أيّ إنسان حيّ ومن المستحيل العودة منه، إن استثينا عوليس، الذي يتبع تعليمات كيركة
وتيرزياس:
"عوليس.
هل كيركة هي دليلنا في هذه الرحلة؟ فلم يُبحر أحد إلى هاديس سابقاً".
الأوديسة، الأنشودة العاشرة
لكن، إن يكن الأمر غير سهل على الأحياء، فهو كذلك بالنسبة
للموتى، الذين يحتاجون إلى دليل يوصل أرواحهم إلى "المقصد النهائي"، وهو
الدور الذي يقوم به الإله هرمز11:
"وهتف
هرمز بأرواح القتلى فهَمْهَمَتْ، ثم أشار إليها بعصاه السحرية، فهرعت إليه وسارت خلفه
في الدروب الممظلمة نحو المقر النهائي".
الأوديسة، الأنشودة الرابعة والعشرون
بمجرد تحديد موقع الهاديس، وباتباع عوليس لنصائح كيركة بدقة،
يفتح الهوة في الأرض ويريق الخمرة ويقدم الأغذية المتنوعة. بعد ذلك، يتوسل ويتضرع إلى
أرواحها ويعدها بتقديم الأضاحي لدى الوصول إلى موطنه إيثاكا.
وأخيراً، يذبح حيوان فوق الهوة، حيث ينساب دمه على الأرض
وتجذب رائحته ساكني الإيريبو.
ويوجد، هنا، تفصيل مهم:
بحيث يتوجب على بطلنا
عوليس عدم السماح بحدوث تماس مباشر بين الموتى والدم المراق قبل أن يتمكن من التكلم
مع تيرزياس، كما تنصحه الربة كيركة.
"واحفروا
عندها حفرة ذراعا في ذراع، ثم صبوا في جهتها الأولى قربانا من لبن وعسل، وفي الثانية
خمراً معتقة من أحسن ما تعصرون، وفي الثالثة ماء قراحا، فإذا كانت الرابعة فانثروا
الدقيق فوق الجميع، واصنعوا ذلك باسم الموتى جميعاً، ثم انذروا لهم أن تذبحوا يوم تعودون
إلى إيثاكا سالمين عجلاً جسداً من أحسن قطعانكم: وانذروا، كذلك، لتيرزياس كبشاً سمورياً
ليس في أغنامكم أسمن منه، ثم اذبحوه ولا تدعوا الموتى يقتربون من دمه المراق قبل الالتقاء
بتيرزياس".
الأوديسة، الأنشودة العاشرة
بعد القيام بهذا الطقس، يبدأ الموتى بالظهور، يُسمَعْ هدير
صوتهم، يحاولون الإقتراب من الدم. هم عبارة عن كائنات "لامادية"، نوع من
"الأطياف"، التي يبدو أنها لا تحتفظ بوعيها وتفكيرها السابق، ولهذا، تتواجد
في مناطق مظلمة ببساطة.
يجري وصفها على مدار الملحمة بأسماء عامة، من قبيل:
"رؤوس فاقدة للحيوية"، "ظلمات عابرة" أو "رؤوس قزمة".
لكن، يعرف عوليس كثيرين منهم، وأمه أنتكليا منهم أو بينهم، ويسألهم فيجيبونه بشكل لطيف،
كما فعلت أمه:
"أي
بُنيّ، كيف أتيح لك الضرب في دياجير هذه الدار الآخرة وأنت لا تزال حيا تدب على رجليك؟!
ألا ما أشق هذا على بني الموتى من أهل الدار الأولى! هنا، أنهار من حميم يدور بعضها
على بعض، وقد تطغى على شواطئها بعباب حميء، ويحيط البحر الأعظم بها، الذي لا يُمخَرُ
عبابه مشياً على الأقدام، بل بسفينة جيدة التجهيز".
الأوديسة، الأنشودة الحادية عشرة
ينتج، بالتالي، حالة تناقض بين طريقة توصيف الموتى والطريقة
التي يسلك أولئك من خلالها.
فمن جانب، يجري الحديث عن كائنات قد فقدت فهمها وذكرياتها
ووعيها السابق، لكن، من جانب آخر، تتحدث بمنطق وتتبادل الآراء مع عوليس.
يبدو أن شرب دم الأضاحي يخلق التغيير، ربما يعمل هذا كرمز
للحياة ويتمكن من إعادة الذاكرة والعقل إلى الموتى بشكل مؤقت على الأقل:
"ثم
أقبل نبي طيبة وكاهنها الجليل، يتوكأ على عصاه الذهبية، وما كاد يحملق فيَّ قليلاً
حتى عرفني وخاطبني بقوله: لِمَ غادرت الدنيا الدافئة المشرقة أيها التعيس، وأتيت لترى
هؤلاء الموتى ولتضرب في ظلمات هذا العالم الديجوريّ؟! ولكن نَحِّ هذا السيف قليلاً
حتى أرشف من تلك الدماء، وإني لمحدثك حديث الصدق عما جئت من أجله. ابتعدتُ وأغمدتُ
سيفي وانحنى الكاهن، فعبّ من الدماء ما شاء ....".
"وتسمرتُ
مكاني، أنتظر شبح أمي، التي ما كادت تتذوق الدم حتى عرفتني، وانطلقت تكلمني برفق وحنان
...".
الأوديسة، الأنشودة الحادية عشرة
ينفع شرب الدم، بصورة ما، كرابط للأرواح مع عالم الأحياء
فيخلق الإتصال بينها لزمن قصير، عبر استعادة غير متوقعة للذاكرة مع حياتها السابقة.
إذا أقصينا التماس مع الدم، فهي كائنات بسيطة تهيم على وجهها
دون تحديد وجهة ما.
هذا المصير مشترك بين جميع الموتى وبشكل مستقل عن أفعالهم
في الحياة، على الرغم من ورود نص قصير في الأنشودة الحادية عشرة، يتحدث عن نوع من المحاكمة
أو الحساب.
"فلمحت
بينها مينوس سليل جوف الأكبر (الإله زيوس)، وجلس على عرش للحُكم بين الموتى، وفي يمينه
صولجانه الذهبي، ومن حوله، تحلقت جموع سكان هاديس، فمنهم الواقف ومنهم الجالس ومنهم
المنتصب يشرح للقاضي شكواه، ويبثه بلواه، فيما إنخفضت الرؤوس وانحبست النفوس، وينتظر
الموتى دورهم عند البوابات الكبيرة ...".
الأوديسة، الأنشودة الحادية عشرة
كذلك، في هذه الأنشودة، يبدو مثيراً تمكُّن كائنات لا مادية
من تناول أشياء مادية كالدم، بل ويجري تخويفها بشيء مادي، لا يمكنه تحقيق الأذى لها،
بناءاً على الصورة المقدمة عنها.
"ورحت
أنا أُقصي الأشباح الهائمة عن دم الأضاحي بسيفي أضرب به هنا وهناك ..".
الأوديسة، الأنشودة الحادية عشرة
ما يمكننا إستخلاصه من النص ذاته، بما يتصل بالموتى، هو أن
"وجودهم" فاقد للقيمة، مرهق وأبديّ:
تسكُّع لا معنى له.
البشر، هناك، أشباح عمّا كانوا عليه في الحياة.
مجردون من العقل،
منهكون، دون ذاكرة وبلا أهداف.
بما يخص توصيف هذه الكائنات الشبحية، يوفر النص القليل من
التفاصيل فقط.
"ولكنها
طبيعة الموتى هنا، لا عضل ولا لحم ولا عظم لديهم، ولا ما ذهبت به النار بعد الموت في
الدار الأولى ... بل هم أرواح تشبه الظلال أو الأحلام في خفتها وسرعة إنفلاتها ...
".
الأوديسة، الأنشودة الحادية عشرة
يحدث ذات الأمر مع التراتبية المحتملة أو البنية الداخلية
للإيريبو. يمكننا الإستنتاج بأن الموتى قد تسكعوا في تلك الأمكنة دون وجود محطات أو
أماكن محددة بعينها ودون تمييز طبقي إجتماعي أو وجود مراتب بينهم.
خلال وجوده في الهاديس، يتحدث عوليس، بالإضافة إلى والدته
وتيرزياس، مع مجموعة من النسوة: ثيرو، أنتيلوب، ميرا، فيدرا، ...الخ؛ ومع بعض أبطال
معركة طرواده: أجاممنون، أخيل، بتروكلوس، أجاكس ....الخ؛ كذلك، مع شخصيات أخرى تحمل
أسماء معروفة في المخيال الثقافي بتلك الحقبة.
لنرى بعض الأمثلة
فقط:
"بينما
كنا نتحدث، أتت نسوة (مرسلات من عند بيرسفوني) قد كُنّ زوجات أو بنات لذكور بارزين
... رأيت ثيرو في البداية، ثم رأيت أنتيلوب ..، ثم التقيت بألكمينة عشيقة جوف وأم هرقل
الجبار،...".
عوليس: "ويحك يا ابن أتريوس، يا ملك الدنيا العظيم ما
الذي جرَّعك كأس المنايا؟ ...".
أجاممنون: "عوليس العظيم! ذبحني اللئيم إيجستوس بعد
أن دبر الأمر مع زوجتي الآثمة، دعاني إلى منزله، قدَّمَ لي الطعام وذبحني كما يُذبَح
الثور في مذوده".
"رأيت
تانتالوس في ضعف من العذاب! رأيته يتخبط في عين حمئة من حميم، وقد غاص فيها إلى ذقنه،
ويضرب الموج وجهه ويسعفه، وهو مع ذلك، يلهث من الظمأ، لا يجد ما يبل به رمقه، أو يطفيء
ظمأه".
"ثم
رأيت سيفوس ذو الأنياب يضنى ويشقى ويتعذب؛ يدفع أمامه حجراً جلموداً عظيماً فيجعله
في رأس الجبل ...".
"ثم
شهدت هرقل الحديدي القوي الجبار، وما كاد يتبينني حتى عرفني، وظل يقلب في عينيه السادرتين،
ثم قال لي: لأنني أنا ابن جوف الأعظم، كُتِبَ عليّ أن أشقى هنا لأصل آلام الحياة وآهاتها،
أتُصدِّق أنه يأمرني أحياناً أن أُنزِّه كلبه، رغم كل ما في هذا الأمر من سخرية وتحقير؟
ولكن، لن أنسى أني جذبته من مملكته هاديس إلى نور الحياة، ...".
الأوديسة، الأنشودة الحادية عشرة
حالة أخيل، بين الشخصيات التي إلتقاها
عوليس، ذات أهمية خاصة.
فخلال محادثتهما القصيرة، يقول رفيق سلاحه له في طروادة، التالي:
"عوليس
ذائع الصيت، هل تظنّ أنّ عزاءاً قد يخفف من وطأة الموت؟ إني لأُفضِّل أن أعيش في الدنيا
كأحقر الأُجرَاءِ الأذلاءِ، وأُرزَق بلقمات قليلات لا تقيم أود الشيخ الفاني، على أن
أقيم، هنا، في وسط هذه الأشباح والتهاويل!".
الأوديسة، الأنشودة الحادية عشرة
مع ذلك، قال أخيل، بوقت سابق وفي الإلياذة، الكلمات التالية:
"سأقبل
حتفي بسعاده، إن تكن هذه هي رغبة زيوس وباقي الآلهة الخالدين"
الإلياذة، الأنشودة الثانية والعشرون
كانت حياة البطل قصيرة، ولكن، مجيدة، قدره أن يموت شاباً،
رغم أنه فيما لو ربح الحرب، لكان قد حاز على كل ما اشتهاه. مع ذلك في الإلياذة، وهي
ملحمة شعرية ذات طابع حربي، تُقبَلْ النهاية المأساوية "بفرح" وهو أمر معاكس
لما يحدث في الأوديسة، ويفصل قرن من الزمان بين الملحمتين، حيث سار أخيل إلى حتفه فَرِحاً
في الإلياذة؛ فيما اشتكى منه بمرارة في الأوديسة.
يبدو أن معرفة الهاديس، قد أضعفت المحارب الذي لا يُقهَرْ.
في الغالب، وباستخدام كلمات كورتيوس12، ساهم حدوث
تغيرات إجتماعية مثل الهجرة والإبتعاد عن بعض التقاليد بحدوث تراجع ديني وحضور أكبر
للعقلانية، وبهذا، لم تعد فكرة الحياة بعد الموت واعدة بالنسبة لكبار الأبطال.
هوامش
9.
تحضر المياه بشكل مكثف بكل ما له علاقة بالموت، تشكّل أحد أهم الأسباب المرافقة للموضوع
قيد البحث.
10.
الدخول إلى الهاديس مستحيل على كل كائن حيّ، ولكن، تدخُّل الإلاهة الساحرة كيركة هو
الذي أتاح الفرصة لعوليس للقيام برحلته تلك.
11.
هو ميركوريوس عند الرومان. إبن زيوس وميا وأحد آلهة الأولمب العظام. تختلف وظائفه كثيراً
عن باقي الآلهة. وُلِدَ في كهف فوق جبل كولّيني. رافق بيرسيفوني في ذهابها إلى الهاديس
وعودتها منه وهو المرافق لأرواح الموتى هناك.
12.
إبن بان وبوفيمي، ومربّي ربّات الفنّ. عاش فوق جبل هيليكون كزميل لربات الفن.
قد يهمكم الإطلاع على مواضيع ذات صلة
رؤية أدبية "للجحيم" في ملحمتي الأوديسة وجلجامش (1)
رؤية أدبية "للجحيم" في ملحمتي الأوديسة وجلجامش (2)
رؤية أدبية "للجحيم" في ملحمتي الأوديسة وجلجامش (4)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق