4. La epopeya de Gilgamesh en su contexto histórico-cultural.
El impresionante poema de Gilgamesh, que tuvo una amplia difusión entre los pueblos de Mesopotamia [29] y Anatolia [30] desde mediados del tercer milenio, antes de nuestra Era, hasta el s. VII a. C., es un relato épico de origen sumerio. La versión más completa de la epopeya se encontró en doce tablillas asirias de barro cocido y escritura cuneiforme procedentes de la Biblioteca de Asurbanipal en Nínive [31]. Pero el mito se remonta a unos dos mil años antes y circulaba, oralmente y por escrito, en varias lenguas, pues se conservan restos del mismo de muy diversas épocas y culturas: sumeria, acadia, babilónica, hitita y asiria.
Para comprender más profundamente el complejo relato se hace imprescindible, aunque sea de forma muy breve, un repaso por el contexto histórico, social y filosófico del momento en que surge y de los siglos inmediatos en los que se difunde. Hace unos ocho mil años surge en Mesopotamia la más antigua civilización de la historia humana. Hasta finales del cuarto milenio una serie de poblaciones constituían ciudades-estado independientes entre sí que gozaban de una próspera economía gracias a los excedentes agrícolas consiguiendo, como consecuencia, fructíferos intercambios comerciales.
Hacia esa época, en los albores de la protohistoria, el pueblo predominante en la zona eran los sumerios. Llegados posiblemente del Este a comienzos del tercer milenio, los «cabezas negras», como se llamaban a sí mismos, se asentaron en una región desértica, llana y pantanosa, adyacente al golfo Pérsico. Su lengua, no semítica, fue recogida en pictogramas primitivos usando arcilla y una especie de caña para imprimir a modo de cuña. Se les atribuye además la invención del más antiguo sistema de escritura, la que hoy denominamos cuneiforme.
La vida de la ciudad y sus habitantes giraba en torno al templo que era la morada de la divinidad para la que todos trabajaban. El rey era algo así como un administrador de las propiedades del dios del lugar. Una fiesta anual, la del Año Nuevo, reflejaba su religiosidad; en ella, el rey personificando a Dumuzi, el dios de la fertilidad, se casaba con la diosa de la ciudad Inanna [32] representada por una sacerdotisa.
4. ملحمة جلجامش في سياقها
التاريخي – الثقافي
كُتِبَتْ
ملحمة جلجامش الشعرية الرائعة، ذات الأصل السومري والتي ذاع صيتها بين شعوب الرافدين
وأناتوليا منذ أواسط الألف الثالث قبل الميلاد وحتى القرن السابع قبل الميلاد، على
إثني عشر رقيماً آشورياً مصنوعاً من الطين المشوي (لوحاً) ومكتوبا باللغة المسمارية
وحُفِظَت في مكتبة آشور باني بال في نينوى. لكن، ترجع الأسطورة إلى ما قبل ألفي عام
من ذاك التاريخ، وجرى تناقلها شفاهاً وكتابة، بعدة لغات، حيث حفظوا بقايا منها بحقب
مختلفة وفي ثقافات متنوعة:
سومرية، أكادية، بابلية، حثية وآشورية.
لأجل
تحقيق فهم أعمق لهذه القصة المعقدة، يُصبِحُ تحقيق مراجعة للسياق التاريخي والإجتماعي
والفلسفي، لتلك اللحظة التي ظهرت وانتشرت خلالها، أمراً لا غنى عنه، وإن يكن بشكل مقتضب.
ظهرت حضارة بلاد الرافدين، بوصفها الحضارة البشرية الأقدم، منذ حوالي ثمانية آلاف عام.
في نهايات الألف الرابعة قبل الميلاد، ظهرت سلسلة من التجمعات السكانية التي أنشأت
المدن - الدول المستقلة عن بعضها والتي شهدت فترة إزدهار إقتصادي بفضل الفائض الزراعي
المتحقق وإجراء مبادلات تجارية بينية مثمرة.
منذ
تلك الحقبة، وفي الفترة الممتدة بين ما قبل التأريخ والتأريخ، سيطر السومريون على تلك
المنطقة. وربما قد وصلوا من الشرق في بدايات الألف الثالثة قبل الميلاد، وقد أطلقوا
على أنفسهم إسم "الرؤوس السود"، فاستقروا بمنطقة صحراوية، سهلية ومستنقعية،
متاخمة للخليج العربي.
تكونت
لغتهم، غير السامية، من صور بدائية صغيرة، رسموها بإستخدام الطين ونوع من القصب. كذلك،
يُنسَبْ لهم الإبتكار الأقدم للنظام الكتابي، والذي تمثل بما نسميه الكتابة المسمارية.
تركزت
حياة المدينة وسكانها حول المعبد، الذي شكل موطن الألوهية التي يعمل الجميع لأجلها.
كان الملك عبارة عن مدير لممتلكات إله المكان. عكست الإحتفالية السنوية، بالعام الجديد،
تدينهم؛ وخلالها، يجسد الملك دور الإله تمُّوز إله الخصب، الذي تزوج من إلاهة المدينة
إنانا13 التي تمثلها كاهنة.
بحسب
النظرة الكونية السومرية، شكلت الأرض نطاقاً للإله إنليل، إله مدينة نيبور والإله الأقوى
في مجمع الآلهة السومري. وبما يعاكس الأسطورة المصرية، اعتبر السومريون أنّ خلق الآلهة
للبشر هي عملية مدروسة بعناية، وذلك لأجل الحصول على خبزهم اليومي. كذلك، حاز الصراع
الهائل ضد قوى الشر على إهتمام كبير، كما نجد في أساطير إنانا، مردوخ (إله الحكمة)
وجلجامش ذاته.
تلقى
الساميون، بمرور الزمن، تلك المفاهيم، عندما جاؤوا إلى وادي الفرات على شكل موجات متتالية.
لكن، بدا إسهام السومريين في ثقافة الرافدين عميقاً، سيما على صعيد الأسطورة والدين.
هكذا، وبتأثير سومري، تميز فكر الرافدين بالتشاؤم المتأصّل تجاه الحياة والموت، والذي
يُستشف من تصوره للإنسان بوصفه كائن تافه بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى.
فيما
لو يعصى الموت على الوعي، يتحول إلى شيء مأساوي، وسيكون الأفظع هو ما يُنتظَرْ في المكان
الأبعد ما بعد الموت، حيث جرى تخيله كمكان تحت أرضي وضبابي ومظلم، وقد هبط بعض الآلهة،
الألوهيات السماوية، إلى الجحيم حتى.
اتبعوا
التقسيم الثلاثي للعالم، فكانت الآلهة السماوية التي جرى التنويه لها؛ العالم التحت
أرضي مع الجحيم والآلهة الجحيمية؛ والطبقة الارضية السطحية التي يسكنها الموتى.
بعد
الموت، يقع البشر تحت العالم، حيث إستحالت العودة منه وإتصف "التواجد" فيه
بالتعاسة.
بالتركيز
على قصة جلجامش، إثر إختفاء سومر جرّاء حلول جماعات مشرقية جديدة وتتحدث بلغات جديدة
بحدود الألف الثانية قبل الميلاد:
جرى جمع التراث السومري في قصيدة ملحمية واحدة أكادية، تعود النسخة الأولى
منها إلى الحقبة البابلية القديمة الغنية بالإنتاج الأدبي.
هكذا،
نسخوا أناشيد الحقبة السومرية وحفظوا كل ما يتعلق بجلجامش. لكن، لم يتوقف إبداع الأدباء
البابليين عند هذا الحد، بل خلقوا من الملحمة السومرية الشعرية إصداراً أدبياً جديداً،
لا يقتصر على مجرد ترجمة وجمع وترتيب منطقي لها. ونتحدث، هنا، عن عمل جيد الإعداد متكون
من أحد عشر رقيماً وبفكرة مركزية ذات حجم وأهمية كبيرة، تخلق التوازن، عن معرفة، ضمن
مقدمة يجري تقديم شخوصها بشكل تفصيلي والوصول إلى نتيجة نهائية جرى التنويه إليها في
المقدمة. وبشكل مستقل، وعلى شكل ملحق، يظهر في الرقيم الثاني عشر توصيف الهبوط إلى
الجحيم أو العالم السفلي أو عالم الأرواح كما "شاهده" أنكيدو.
توفر
النسخة البابلية القديمة، في السياق التشاؤمي السائد، توصيف لنوع من الهروب إلى قدر
لا معنى له:
"إلى أين تتوجَّه يا جلجامش
فالحياة التي تريدها لن تجدها
إذ لما خلقت الآلهة البشر، قدَّرت الموت عليهم
وإحتفظت بالحياة الأبدية لها فقط
أما أنت يا جلجامش فاملأ بطنك
وافرح وابتهج ليل نهار
لتسكنك السعادة على مدى الأيّام
وأرقُص
وإلعب ليل نهار".
يذكرنا
موقف التخلي هذا، المتفائل نسبياً، بحجة معروفة بإسم "حجز اليوم"، والتي
ستزول لاحقاً جراء هدم نظام القيم التقليدي الرافدي والناتج عن سقوط أول امبراطورية
بابلية وتداعيات ثقافية وسياسية للحقبة الريفية. وتشكل قصائد الحكمة التي جرى تحضيرها
وقتها، والتي وجدت صدى لها في نصوص الكتاب المقدس لاحقاً، تعبيرها الأدبي.
بعد
وضعها بسياقها التاريخي والثقافي، خلال القرون التي شهدت ولادة هذه الملحمة المتميزة
"جلجامش"، سنحاول التحدث بإيجاز عن الرقيمات الإثني عشر، لكي ننتهي إلى تفحُّص
الجحيم أو العالم السفلي أو عالم الأرواح.
تنقسم الملحمة إلى أربعة مواضيع رئيسية، تدعم جميعها الفكرة المركزية فيها،
ويوجد ملحق مستقل شكلا وموضوعاً.
يحتوي
الرقيمان الأول والثاني على المقدمة، حيث يجري التعريف واللقاء بين جلجامش وأنكيدو.
قبل أن تتحول شخصية جلجامش إلى شخصية أسطورية في المخيال الشعبي، كان جلجامش عبارة
عن شخصية تاريخية، ملك قويّ ومقدام في مدينة أوروك السومرية. هو إبن للإلاهة ننسون14
وكاهنا من البشر إسمه للا. هو، إذاً، كائن نصف إلهي ولكنه يموت: تكوّن من ثلثي إله
وثلث بشر، بحسب الروايات التي أعطت الأصل لسمعة هذا المحارب الشرس، المقدام، القائد
المستبد، المسؤول عن تشييد سور أوروك العظيم وهيكل الإلاهة عشتار.
تبدأ
الملحمة بكيل المدائح، بصورة مقتضبة، للبطل الملك جلجامش. لكن، كذلك، تلفت إنتباهنا
إلى إستبداده في الحكم. لدرجة تقديم الشعب لشكوى ضده عند الإله آنو، الذي اهتم بالأمر
وطلب من الإلاهة أرورو أن تخلق غريما له وشبيها به، كي يواجهه ويضع حداً لعنجهيته.
خلقت
الإلاهة كائناً وحشياً، بدائياً، قوياً وأسمته أنكيدو. وعندما علم جلجامش بوجود هذه
الشخصية، طلب من إحدى العاهرات المقدسات أن تغريه وتُحضِرَهُ إليه. وفعلاً حصل ما أراد
وصار أنكيدو أكثر حكمة وهدوء15. عندما وصل إلى أوروك، نشأ صراع بينه وبين
الملك، وكما تنبأت الإلاهة ننسون، تحولت المواجهة بينهما إلى صداقة كبرى.
تضمنت
الرقيمات الثالث والرابع والخامس الموضوع الثاني والذي تركز على الإقدام والحملة إلى
غابة الأرز. تضمن الرقيم السادس الصراع مع ثور السماء. كان الهدف من الحملة إلى غابة
الأرز هو القضاء على العفريت الذي استفرغ ناراً، وإسمه خمبابا. يتحقق هذا بفضل مساعدة
الإله شمش، ويُرمى رأسه في نهر الفرات. لكن، تظهر تداعيات لهذا الأمر، حيث تطلب الإلاهة
عشتار من جلجامش أن يتزوجها، لكن، يرفض الزواج منها. تغضب عشتار وتطلب من الإله آنو
إرسال الثور السماوي، الذي يتولى مهمة القضاء على جلجامش وأنكيدو. كي ينتقم منها، يهجر
عبادتها ويهدي إنتصاره للإله الحامي لوكال بندا.
بعد
ذكر كثير من التجسدات الإلهية، يحتوي الرقيمان السابع والثامن على قصة العقاب الإلهي.
يرى أنكيدو حلماً، تشاور خلاله آنو وإنليل وأيا16 وشمش وقرروا أن أحدهما
(أنكيدو أو جلجامش) يجب أن يموت كعقاب على قتل خمبابا والثور السماوي.
هكذا،
يتقرر قتل أنكيدو، الذي يندم على تركه حياة الأحراش والتحول للحياة المدنية. يحاول
الإله شمش تعزيته بتذكيره بالمزايا التي حصل عليها من قبل صديقه جلجامش والذي سيهتم
بجنازته بالإضافة إلى المجد الذي ينتظره بعد الموت. وربما احتوت نهاية الرقيم الثامن
على توصيف الجنازة، ولكن، فُقِدَت مع الأسف من النص.
يغطي
الموضوع الأخير الرحلة المخصصة للبحث عن الخلود، والذي تحتويه الرقيمات التاسع والعاشر
والحادي عشر. يضطرب وضع جلجامش كلياً بعد موت صديقه الحبيب أنكيدو، حيث يواجه للمرة
الأولى مسألة الموت، غير القابلة للتفادي، فتسيطر عليه فكرة الحياة القصيرة الفانية.
من بين القصص التي أحاطت شخصيته، واحدة تتحدث حول حملته إلى شرق الرافدين ليصارع العفريت
المرعب، وهو ما يغطي رمزياً شراكة قد كان الهدف من تأسيسها جلب الخشب اللازم في تشييد
أبنية الملوك الطامعين، لإظهار هيبتهم. هكذا يقرر جلجامش تخليد اسمه، أن يعصى على الموت.
أصابه
الرعب من الموت فهام على وجهه، قرر الذهاب إلى الحكيم أوتو - نبشتم، الذي بقي على قيد
الحياة، مع زوجته، بعد الطوفان، وربما يمتلك سرّ الحياة الأبدية. يصل إلى جبل ماشو
في رحلة شاقة، الذي تتصل قمته بالسماء وقاعدته بالعالم السفلي، يحرس الرجال العقارب
بوابة هذا الجبل. خاف جلجامش منهم، لكن، هدأ روعه واقترب منهم. دار حوار فيما بينه
وبين أحد الرجال العقارب، فيقنعه ويدخل في نفق مظلم أسفل الجبل، درب لم يسبقه إليه
أحد من قبل، هوة سحيقة لا ضوء فيها لمسافة إثني عشر فرسخاً. في الجانب الآخر، هناك
حديقة غنّاء فيها أشجار إلهية ذات ثمار من أحجار كريمة، وفي العمق، يوجد بحر أزرق.
تعيش سدوري هناك، صاحبة الحانة الإلاهة التي تذكرنا بكيركة في الأوديسة، والتي يخيفها
مظهر جلجامش. يشرح لها جلجامش سبب رحلته وخسارته لصديقه، فترسله إلى الملاح أورشنب،
ولكي يصل إلى مقصده سيتوجب عليه عبور البحر، الذي كان قد خاضه الإله شمش، وعليه إتباع
بعض النصائح لأجل حمايته.
يتحاور،
في النهاية، مع أوتو نبشتم، الذي يقص عليه كيف جرى إنقاذه من الطوفان، وكهدية وداع،
يخبره عن وجود نبتة الخلود في قعر البحر. يتضمن خطاب أوتو نبشتم تأملات فلسفية لاهوتية،
ثمّ يتحدث عن الطوفان بشكل قانوني، فقد أصدرت الآلهة قانوناً خاصا بموت الإنسان، رغم
قدرتها على صياغة قانون معاكس، لم تقم بصياغته أبداً.
يعثر
القائد الكبير على النبتة، لكن في طريق العودة إلى الوطن، تسرقها الأفعى، التي جذبتها
رائحتها إليها.
يتقبل
الهزيمة بمرارة، ويعود إلى أوروك برفقة أورشنب، فيرى السور، الذي كان أهم عمل أنجزه
في حياته.
ربما،
هنا، نعثر على خلاصة الملحمة، تمّ إثبات عدم جدوى البحث عن الخلود من خلال تلك الأسفار
المتكررة.
يعلم جلجامش بأن إنجازه فقط، السور الكبير الذي يحيط بأوروك وسمعته، هو
ما سيبقى.
هوامش
13. الإلاهة السومرية إنانا
من أهم أبطال الأسطورة الرافدية. عُرِفَتْ باسم عشتار في النصوص الأكادية، هي إلاهة
شابة، عاشقة ومحاربة بآن معاً. مرغوبة وخجولة. ليست إلاهة أم للخصوبة، بل يرتبط اسمها
بالشباب، الشهوانية والإنفعالات الحسية. من قاموس علم الأساطير الكوني لخايمي أبار
إيثكيرا Alvar Ezquerra, Jaime.
14. إلاهة سومرية، يعني اسمها
"سيدة البقرات الوحشية"، والدة جلجامش التي ساعدته على تفسير أحلامه.
15. هنا، نجد موضوع كلاسيكي
يطال المتناقضات، حيث نجد صداه في نصوص الكتاب المقدس من خلال الحديث عن الهمجية والتحضر.
16. كذلك، يسمى إنكي، واحد
من ثلاثة آلهة سومرية رئيسية، هو إله المياه والمحيطات والبحار.
قد يهمكم الإطلاع على مواضيع ذات صلة
رؤية أدبية "للجحيم" في ملحمتي الأوديسة وجلجامش (1)
رؤية أدبية "للجحيم" في ملحمتي الأوديسة وجلجامش (2)
رؤية أدبية "للجحيم" في ملحمتي الأوديسة وجلجامش (3)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق