هذا المقال هو ردّ على ما طرحه السيِّد زهير سالم في البوست أعلاه
ما تعتبره حضرتك: الله .. ليس هو بالضرورة إله الملك الإنكليزي الجديد!
وهو ليس الإله، الذي تحدث نيتشه عنه!
بل هو إله مُختلف حتماً وبناءاً على سورة الفاتحة القرآنية وما يرد فيها حول "المغضوب
أعرف أنّه بالنسبة للمؤمن بالعموم، وللمسلم على وجه الخصوص، وجود الله بديهية لا
ترقى إلى الشكّ!
لكن، الأمر ليس هكذا على أرض الواقع، فهناك رؤى بشرية متنوعة جداً حول الآلهة
ومشتقاتها
ومتفرعاتها، كذلك، حول الإيمان واللاإيمان.
أما أن
"قوانين الله في خطوطها العريضة فمنقوشة في الجينات" فهذا إدعاء لا سند
له:
فقسم كبير من المادة الوراثيّة لا وظيفة له أيّ "زبالة أو قُمامة"، المادة التي جرى إكتشافها
منتصف القرن العشرين ولا نزال في بدايات التعرُّف عليها، ومما عرفناه هو مسؤولية
جينات بعينها عن ظهور أشياء جسدية محددة وليس هناك بحث علمي جيني خاص
بقوانين أيّ إله!
بسطور لاحقة، تذكر
"قوانين الله" كثيراً، هل تقصد "ذات القوانين المنقوشة بالجينات"؟
تنتقل من القوانين
المنقوشة في الجينات إلى قانون الله الأزليّ الخاص "بتحريم الظلم":
فهل هذا القانون
منقوش بالجينات؟
لو أنّه منقوش بالجينات لما ظَلَمَ إنسان أحد أبداً .. لكن، الظلم قائم منذ الأزل، وسيبقى
حاضراً طالما بقي البشر أحياء بكل أسف!
لا يمكن الإلتفاف على قوانين منقوشة بالجينات! إذاً الحديث عن قوانين بشرية "بتسمية
إلهية" .. منذ قديم الزمان، وضع البشر القوانين وخالفوها .. حتى لو إعتبروها "قوانين
إلهية ووحي مُوحى به"، فيطبقوها على مراقهم ومزاجهم!
الدعوة إلى حرية الإنسان هي إلتفاف على القوانين الإلهية: طالما أنّ إله القرآن قد خلق
الناس
ليعبدوه .. فالحريّة شيء غريب او مقيت فعلاً!
تتحدث عن "قوانين
الهوى" المُقابلة لقوانين الله:
فأين مركزها؟ في الجينات؟ أم في مكان آخر؟!
توصيفك لنيتشه بالمجنون هو تطوُّر بالشتم الموجه عادة لكل فيلسوف مُتمرِّد، سيما من
بين المسلمين، فقد جرى توصيف كل فيلسوف، من أبي العلاء المعري إلى الحلاج
مروراً بكثيرين غيرهما، بالكافر
وجرى إضطهادهم وصولاً إلى قتل بعضهم!
علماً أن نيتشه من
أهم الفلاسفة ولا يليق بأيّ كاتب موضوعي الشخصنة بحق الآخرين.
لقد أصاب المرض نيتشه وفقد قدراته الذهنية ورعته عائلته ولا يجب أن يدفعك
هذا لتصوير الأمر وكأنه "إنتقام إلهي" منه، وبهذا، تُعطي صورة عن إله مُتوحِّش
عاشق للتسبُّب بالآلام والأمراض للآخرين مع أنّه "رحمن رحيم ومسامح كريم!"!
نيتشة ليس صاحب فكرة موت الله، والتي هي فكرة قديمة جداً بالمناسبة، فقد حضرت في
منطق التقليد اللوثري، كذلك، حضرت عند القديسين أوغسطين وبولس. دون نسيان
ألا تُقدِّمُ أنت
الله للآخر بحسب فهمك وقناعاتك وإيمانك؟
من حق الآخر تقديم
"موت الله" لك وفق فهمه وقناعاته.
يجب أن تتعود على وجود أفكار أخرى مُختلفة عن أفكارك لدرجة التناقض الجذريّ ..
ولا يحقّ لك فرض فكرتك على الآخرين كما لا يحقّ
للآخر فرض فكرته عليك.
بالنهاية، تعود
إلى قوانين الله وتربطها بالعدل والسواء:
لو أنها بالجينات لساد العدل وسادت المساواة في العالم وهذا أمر غير حاصل ولن
يحصل بوجود هكذا بشر!
لقد بُحَّت أصوات
السوريين على مدار أكثر من 10 سنوات:
يا الله ما إلنا غيرك
يا الله ..
فأين هي قوانين
الله؟ أين هو الله من كل ما جرى للسوريين؟
بكل واقعيّة
وصراحة:
إن كلامك مثير للشفقة وللضحك معاً .. فيما يُعتبر كلام نيتشه ومن سبقه عن "موت الله"
هو السليم والصحيح .. رغم أنهم قصدوا إلهاً آخراً وفهماً مُختلفاً عن فهمك تماماً، بل
هناك أكثر من قراءة لمقولة "موت الله" لدى نيتشه!
في الحالة السوريّة:
لقد مات الله .. وشبع موتاً!
لقد قتله تُجّار الأديان (الإسلام السياسيّ "سيما الإخوان المسلمين" واليهودية السياسية
والمسيحية السياسية والبوذية السياسية (نسخة يابانية أو صينيّة يا عِينيَّ!) ... إلخ)!
إن لم يُنقذ السوريُّون أنفسهم .. فلن يُنقِذَ اللهُ الميِّتُ أحداً!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق