الحقيقة الحادية عشرة: سفر يوحنا 15:13 نكران الذات وبذل النفس لأجل الآخرين.
يُبيِّن التاريخ وجود أشخاص قد وضعوا حيواتهم في خطر، بل ضحُّوا بأنفسهم وماتوا، أحياناً،
فداءاً لآخرين. لا يمكن فهم هذا الواقع من خلال الانتقاء الطبيعي أو بقاء الأصلح على
قيد الحياة (رسالة بولس إلى اهل رومية 7 – 8: 5).
تعرية "الحقيقة الحادية عشرة"
حسناً، كذلك سيصعب علينا أكثر فهم سبب حضور الإيثاريّة لدى نملة تبتعد عن جماعتها لتموت بهدوء ولا تُسبّب انتقال العدوى لأقرانها! كيف يمكن لكلبة تبني صغر قطّة، أو كيف يساعد فيل "فيل آخر مريض" كي لا يغرق خلال الانتقال ضمن مجرى مياه.
أشكُّ بأن يدعم أيّ آخذ بحرفية الكتاب القدس فكرة امتلاك حيوانات لروح مقارنة بالبشر، وبالتالي، فهناك اشتراك بالرحمة والإيثارية فتقوم النملة بما تقوم به طمعاً بجنّة نمليّة!
كذلك، يجب التساؤل عن سبب ميلنا إلى ممارستنا للإيثارية مع الأشخاص الأقرب (كأبناء وآباء وأبناء عمومة وجيران وأصدقاء حميمين) وتقل إيثاريتنا كلما ابتعدت القرابة والمُعاملة (أقرباء بعيدون وجيران من منطقة أخرى من المدينة وضحايا زلزال هاييتي). كذلك أسمح لنفسي بالتشكيك بمكافأة الله أو يهوه للإيثارية بناء على درجة القرابة.
على العكس مما حاول الكاتب تمريره، وبما يناقض تأكيده المزيف الفاقد لأيّ تبرير واضح؛ نعم يُوفّر علم الأحياء التطوريّ تفسيرات لهذه الوقائع اللافتة للانتباه والاهتمام، وقد درسوا إمكانات عديدة حول إمكان تقديمها لفوائد تكيفية، سيما السلوك الإيثاري لدى الحيوانات (وحضور هذا السلوك لدى الإنسان العاقل بينها).
وتتأسس واحدة من تلك الإمكانات، ويبدو لي بأنها تتمتع بالمصداقية الكافية، على وحدة انتقاء هي المُورِّثة (الجين) وليس على الجسد. أي ما ننقله للجيل اللاحق هو نُسخة من مورثاتنا، التي تحضر عند أشقائنا وأقربائنا الأقرب باحتمال التقاء أكبر منه مع أقرباء بعيدين أو مع أشخاص من مناطق بعيدة في كوكب الأرض. بناء عليه، الشخص الذي يضحي بنفسه لأجل الآخرين يمكن أن يحقق فائدة بإدامة مورثاته ذاتها بازدياد الشبه الوراثي مع الفرد او الأفراد الذين يضحي بنفسه لأجلهم. ففي الواقع، وهب الحياة للابن يعني إنقاذ 50% من مادة الأب الوراثية والمُكافئة لإنجاب ابن آخر. نتقاسم مع أشقائنا 50% من الإرث المورثاتي (الجيني) وسطياً، فيما نتقاسم حوالي 25% مع أعمامنا وأخوالنا وحوالي 12.5% مع أبناء العمومة وأبناء الاخوال، فيتابع هذا الهبوط سيره كلما ابتعدنا عن شجرتنا الوراثية. كنتيجة واضحة، سيجري انتقاء السلوك الدافع إلى تقديم الفائدة لمحيطنا الأقرب باعتباره سلوك إيجابي. كذلك فيما لو يتمكن الحيوان (إنسان أو حيوان آخر)، ومن خلال آليّة ما، من مواجهة مخاطر أقلّ لدى شخص تربطه به درجة قرابة أقلّ يطلب المساعدة، فسيتحقق تحسين أفضل للعلاقة بين الخطر والمكافأة.
منطقياً، لا نمتلك كحيوانات "جهاز لكشف التشابهات الوراثية الجينية" لأجل امتلاك القدرة على تقييم كمّ المورثات المتطابقة المُتقاسَمَة مع فرد على وشك السقوط في هاوية. مع ذلك، يمتلك الميل نحو حماية الأقرب تفسيراً تكيفياً لأنه سيزيد من احتمالية حماية مورثاتنا ذاتها.
دون شكّ، الآليات المُوجِّهة لسلوكنا الانفعالي الحسي والحامية هي أكثر تعقيداً من تلك الآلية، كما يحدث مع التشاعر تجاه الصغار. فقد أثبتت دراسات عديدة بأنّ الإنسان وثدييات أخرى يُدركون ويتوقفون أمام مزايا معينة لدى الأطفال (مثل حجم العيون الكبير نسبة لحجم الجمجمة)، فتتولد غريزة حماية بميزة تكيفية سيما لدى الحيوانات الاجتماعية (حيث تظهر هذه الميزة بوضوح).
لا يمكن لكل تلك الظواهر تفسير الاهتمام بالأقرب مقارنة بالأبعد فقط (وتفادي الانزعاج من وجوب تفسير أوامر الله / يهوه بوجوب محبة القريب مقارنة بساكن إحدى الجزر الفرنسية بالمحيط الهادي!)، بل كذلك تجعلنا نفهم سلوكيات، ليست تكيفية بالحد الكافي، مثل تبني كلبة لجراء كلبة أخرى أو تبني عائلة بشرية لطفل من عائلة أخرى.
ربما يبدو هذا للبعض أمر مؤسف وكريه، لكن على هذا البعض التساؤل حول كُنه التضحية الأبوية إن لم تكن عمل أنانيّ صِرف من قبل مورثاتنا أو جيناتنا.
(مثال شهير مُوضِّح للإيثارية
البيولوجية لدى النمل، يمكن الإطلاع عليه: هنا)
12. الحقيقة الثانية عشرة:
سفر التكوين 20 – 22: 1 حلّ مُعضلة الدجاجة والبيضة. مَنْ أتى أولاً؟ شَغَلَ هذا السؤال
الفلاسفة على مدار قرون. يضعُ الكتاب المقدس القاعدة عندما خلق يهوه الطيور بقدرة تكاثر
ضمن نوعها ذاته.
تعرية "الحقيقة الثانية عشرة"
تُشبِهُ مسألة الدجاجة والبيضة مسألة الحلقة المفقودة! وتُسبِّبا الضحك أكثر من أيّة نكتة!
فقد ظهرت معضلة البيضة والدجاجة، على المستوى الفلسفي قديماً، بسبب محاولة الفلاسفة
تفسير أصل الحياة، لكن يفقد هذا البحث الكثير من قيمته ومعناه على المستوى البيولوجي
التطوريّ، حيث يُمثِّلُ التطوُّر عملية يصعب خلالها إقرار حدود واضحة بين نوع حيّ ومُتحدري
هذا النوع. فعدد الأجيال التي تمرّ إلى أن ينفصل أحدها على المستوى الوراثي الجيني:
يجعل من المستحيل تحديد اللحظة الدقيقة التي يتطور فيها أ ليصبح ب.
التطوُّر عبارة عن فيلم قيد الحركة، على الرغم من عدم فهم الخلقيين لهذا الأمر، فلا يقول علم الأحياء التطوريّ: بظهور نعامة من بيضة ديناصور!
مع ذلك، يتسرَّعُ الكاتب كثيراً فيما طرحه. ففيما لو قال الكتاب المقدس بأنّ
السابق هو الدجاجة لا البيضة، فإنّ العلم يقول العكس تماماً.
فقد بيَّنَ أخصائيُّون، بخصوص هذا الموضوع الطريف، وبشكل حاسم:
"ضمن بيضة الكائن الحيّ ذات الحمض النووي الريبي منقوص الأوكسجين DNA
المتوفر لدى الحيوان الخارج منها لاحقاً، ولهذا، فأوّل شيء حيّ يمكننا
تصنيفه، دون الخشية من الوقوع في الخطأ، كعضو في النوع الحيّ هو أوَّل بيضة (لهذا،
البيضة قبل الدجاجة!)"، وهو ما يدعمه الدكتور جون بروكفيلد الأخصائي بعلم الوراثة التطورية بجامعة نوتينغهام
البريطانية.
لا يمكن للحمض النووي الريبي منقوص الأوكسجين التحوُّل بعد الولادة.
عندما يتعرض فرد لطفرة، فلن تظهر في جميع خلايا جسده بشكل متزامن. لهذا، لن
يتطفَّر كائن بشريّ بعمر 30 عام ويزداد طول رقبته، فجأةً، أو يظهر خيشوم لديه!
الطفرات التي تُحوّل أو تُغيّر كامل الكائن الحيّ هي تلك التي تحصل في المشيج gamete، ولا تُحوِّل أو تُغيِّر الذي تعرض لها، بل يطال تأثيرها المُتحدِّر الذي يتطوَّر اعتباراً من المشيج المُتطفِّر (الاستثناء الوحيد على هذا المستوى هو عندما تحدث الطفرة في اللاقحة zygote أو تحدث خلال أوائل الانقسامات غير المباشرة لها).
لهذا، تُنتِجُ ظاهرة التطفُّر الجارف، مثل الإشعاع الناتج عن انفجار نووي أو عن المُلوِّثات الكيميائية أو البيولوجية ...الخ: أوراماً وعوارض مرضيّة متنوعة، لكن تظهر التشوهات لدى النسل أو المتحدرين.
بالتالي، الطائر الأول الذي قد تحوَّل، في مجرى التطوُّر، إلى ما نُسميه اليوم "دجاجة"، قد وُجِدَ بداية كجنين ضمن بيضة.
لنتسلى قليلاً، فيما لو فقست بيضة ديناصور وخرجت دجاجة منها فالبيضة تعود إلى دجاجة أخرى لا إلى الديناصور!
(يمكن قراءة المزيد حول: مُعضلة البيضة)
13. رؤيا يوحنا 4:11 معضلة
البروتينات أو الحمض النووي الريبي منقوص الأوكسجين DNA.
بالنسبة للتطوريين، تتابع معضلة الدجاجة والبيضة حضورها؛ فالدجاجة وأيّ كائن حيّ آخر
تتكوّن من البروتينات. تقع شيفرة تركيب كل بروتين ضمن الحمض النووي الريبي منقوص الأوكسجين
DNA، مع هذا، يحتاج تصنيع الحمض النووي الريبي منقوص الأوكسجين إلى بروتينات.
بالتالي، أيهما أوّل البروتينات أم الـDNA؟
جواب الكتاب المقدس، هو: خُلِقا سوياً بذات اللحظة.
تعرية "الحقيقة الثالثة عشرة"
هي محاولة يائسة قديمة تعود إلى فكرة "إله الفراغات" فشيء لا نعرفهُ ولا نفهمه: فالإله سببه ومُكوِّنه وخالقه ووووووالخ!.
الفخّ الأول في طرح الكاتب "لواقع علمي مُثبَت في الكتاب المقدس!": هو أنّ الكتاب المقدس لا يقول كلمة واحدة حول البروتينات Protein.
لا يتم ذكرها لأنه في زمن كتابة الأسفار القداسية لم يعرف أحد هذا المُصطلح ببساطة.
يهدف الكاتب إلى تطبيق مضمون تلك الآية على مزاجه الشخصي. يمكن العثور على مثل
هذه الآية في أديان الآزتيك والإسلام والمايا واليونان والرومان وسواهم ويمكن إعتبارها
علمية كآية الكتاب المقدس! وهنا، يمكن اعتبار "صوت الشعب vox populi" هو أصل الحمض النووي الريبوزومي RNA!!!!
كباقي "الحقائق"، التي جرى تفنيدها حتى الآن، يحضر التلاعب من خلال
إطلاق تأكيدات لا يدعمها شيء.
فعلياً، لا نعرف، الآن، الجزيء الأول الذي امتلك القدرة على النسخ الذاتي بدقّة.
مثل عدم معرفتنا الدقيقة لبوزون هيغز، الذي ظهر خلال أوائل أجزاء الثانية بعد الانفجار
الكبير أو عدم معرفتنا لتحقيق العلاج الشافي لتشوهات المفاصل (فصال عظمي).
مع ذلك، لا يُشكِّلُ عدم معرفتنا لكل ما ورد دليلاً على وجود الله أو يهوه أو
أيّ إله آخر. كذلك، لا يُثبِتُ جهلنا بعدد الكواكب القزمة، الموجودة في أبعد نقاط مدار
أفلاطون، وجود وحيد القرن الأخضر!
رغم ذلك، لدينا معلومات معقولة حول أوائل الجزيئات تلك.
فعلى الأرجح فإنّ أوائل الجزيئات الممتلكة للقدرة الحفّازية catalytic والنسخ الذاتي هي الحمض النووي الريبوزيمي الرسول RNAs أو ما شابهه، حيث جرى إستبدال الريبوز بالتريوز والغليسيرول والأكرولين أو الإيريتول، الأكثر إستقراراً والأكثر توفيراً من الحمض النووي الريبوزيمي RNA ذاته، أو حتى بدائل أخرى مثل الببتيدات المتحدة ذات قواعد نتروجينية قد شكلت عديدات الببتيدات بمزايا بروتينية.
فضَلَ الإنتقاء اللاحق، تدريجياً، البوليميرات المحتوية للنسبة الأكبر من الحمض
النووي الريبوزيمي، وهو ما أعطى الأصل "للحمض النووي الريبوزيمي RNA". تمكنت أشباه هذا الحمض النووي الريبوزيمي (وبوقت لاحق، الحمض
النووي الريبوزيمي ذاته) من تحقيق أوائل التركيبات البروتينية اعتباراً من الأحماض
الامينية المُنشَّطة، بروتينات، بدورها، أمكنها تحقيق دور هام في انتقاء إيجابي للحمض
النووي الريبوزيمي.
مع ذلك، هي إجابات أولية ويتبقى الكثير للبحث والإثبات.
محاولة نسبة الحمض النووي
الريبي منقوص الاوكسجين إلى معجزات الإله تور خلال بحثنا عن تفسير عقلاني:
يمكن أن يشكِل بعض العزاء إزاء شكوك وجودية ملموسة، لا أكثر!
قد يهمكم الإطلاع على مواضيع ذات صلة
نقد "44 حقيقة علمية يؤكدها الكتاب المُقدّس" .. الجزء الأوّل
نقد "44 حقيقة علمية يؤكدها الكتاب المُقدّس" .. الجزء الثاني
نقد "44 حقيقة علمية يؤكدها الكتاب المُقدّس" .. الجزء الرابع
نقد "44 حقيقة علمية يؤكدها الكتاب المُقدّس" .. الجزء الخامس
نقد "44 حقيقة علمية يؤكدها الكتاب المُقدّس" .. الجزء السادس
نقد "44 حقيقة علمية يؤكدها الكتاب المُقدّس" .. الجزء السابع
نقد "44 حقيقة علمية يؤكدها الكتاب المُقدّس" .. الجزء الثامن
نقد "44 حقيقة علمية يؤكدها الكتاب المُقدّس" .. الجزء التاسع والأخير
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق