Un criterio de legitimidad democrática
JUAN CARLOS VELASCO ARROYO
Instituto de Filosofía del CSIC, Madrid
Una aproximación ejemplar a la desobediencia civil: la postura de Jürgen Habermas La reconstrucción de un espacio público de discusión racional con incidencia activa en la política es el gran objetivo trazado por el programa de ingeniería social elaborado por Jürgen Habermas. Su propia concepción de la poh'tica como una práctica comunicativa —siguiendo en esto muy de cerca el pensa-miento de Hannah Arendt—, no puede obviar la existencia de fenómenos de violencia estructural indisociables de la vida política,^ en donde se produce un constante entrecruzamiento de poder y violencia Por eso la propia intervención social y el empeño político que pueden tomar viable el proyecto de recomposición de lo público deben asumir sin complejos la ambigüedad natural del poder.
Una práctica social emancipadora no puede excluir totalmente el uso de una forma calculada de violencia o, por lo menos, una forma susceptible de llegar a ser clasificada como violencia por el poder establecido. Aunque en las democracias pluralistas el reconocimiento de la igualdad formal incluye la posibilidad del discurso para todos, ese derecho no puede llevarse a la práctica de manera inmediata, pues, como señala Agnes Heller, «el sistema social es de dominación y la parte dominante no puede ser movida a escuchar una argumentación o a aceptar algún tipo de reciprocidad, a menos que se la fuerce a prestar atención». Más allá de la pertinencia o no de esta observación realizada en un tono de reproche contra Habermas en 1981, el hecho es que poco tiempo después éste abordó, en algunos de sus ensayos más combativos, la cuestión de la desobediencia civil como una herramienta válida en el proceso de la formación democrático-radical de la voluntad política, en la tradición más genuinamente republicana. En definitiva, la consideraba como un elemento normal y necesario de la cultura democrática (en sus dimensiones jurídica y política), un instrumento para la realización de los fines del Estado democrático de derecho y para el aseguramiento de la eficacia de los valores y derechos constitucionales, esto es, como vehículo de maduración de la opinión pública y de real participación política de los ciudadanos.
Civil Disobedience, Environmental Protest and the Rule of Law
Lesson plan: What is the role of civil disobedience today?
معيار الشرعية الديموقراطية
خوان كارلوس بيلاسكو أرُّويو – معهد الفلسفة التابع للمجلس الأعلى للبحوث العلمية في مدريد
يُعتبر ما طرحه يورغن هابرمز، حول موضوع العصيان المدني، عبارة عن مقاربة مثاليّة له.
تُمثِّل إعادة بناء فضاء عام للنقاش العقلاني المؤثر، بصورة نشطة، على السياسة الهدف الاكبر لبرنامج الهندسة الاجتماعية الذي طوَّرَهُ هابرماز.
لا يمكن لتصوره الخاص حول السياسة، بوصفها ممارسة تواصلية، والقريب كثيراً من طروحات حنّة أرنت:
التغاضي عن وجود ظواهر مثل العنف البنيوي، التي لا يمكن فصلها عن الحياة السياسية، حيث ينتج تقاطع ثابت للسلطة والعنف.
لهذا، يتوجب على التدخُّل الإجتماعي ذاته والإلتزام السياسي، التي بإمكانها جعل مشروع إعادة تكوين ما هو عام قابل للحياة، الإقرار بالطبيعة المُلتبِسَة للسلطة دون تردُّد.
لا يمكن لممارسة إجتماعية مُحرِّرة إستبعاد إستخدام شكل من أشكال العنف المحسوب، أو على الأقلّ، شكل قابل لأن يجري تصنيفه كعنف ناشيء عن السلطة القائمة.
رغم الإعتراف الرسمي بالمساواة، في الديموقراطيات التعددية، بما يشمله من إتاحة الخطاب للجميع، فلا يمكن نقل هذا الحقّ إلى الممارسة مباشرة، فكما تُشير إغنيس هيلر:
"النظام الإجتماعي هو نظام هيمنة ولا يمكن للجانب المُهيمِن الإصغاء إلى حُجّة أو قبول نوع من التعامل الندّي، إلا إذا أُجبِرَ على إعارة الإهتمام".
بعيداً عن قرب أو عدم قرب هذه الملاحظة من مسألة تأنيب هابرمز خلال العام 1981، ففي الواقع، بمرور وقت قصير بعد ذلك، طرحت في بعض مقالاتها، الأكثر عُرضة للنقاش، قضية العصيان المدني بإعتباره أداة صالحة في عملية التكوين الديموقراطي – الجذريّ للإرادة السياسيّة، في التقليد الجمهوري الأصدق.
بإختصار، جرى إعتباره عنصراً عادياً وضرورياً للثقافة الديموقراطية (بأبعادها القانونية والسياسية)، أداة لتحقيق غايات دولة القانون الديموقراطية ولضمان فعالية القيم والحقوق الدستورية، أي كوسيلة أو آلية نضج في الرأي العام وكإسهام سياسي حقيقي من قبل المواطنين.
تمتلك كتابات عديدة لهابرمز معنى محدد يطال التدخُّل المُنتظم في جدالات ذات تأثير مباشر على جميع المواطنين.
بين تلك الكتابات، يوجد مقالان يتناولان بصراحة قضيّة العصيان المدني.
ففي شهر أيلول سبتمبر من العام 1983، ظهرت دراسة لهابرمز بعنوان "يضع العصيان المدني دولة القانون الديموقراطية على المحكّ"، وقد قدَّمها في ندوة للحزب الديموقراطي الإجتماعي الألماني.
بعدها بفترة، في شهر كانون ثاني يناير العام 1984، ينشر هابرمز دراسة أخرى بعنوان "القانون والعنف: الصدمة الألمانية".
يُعبِّرُ هذا النص، المكتوب بنية مبيتة جدلية واضحة، عن التحوُّل للردّ على أولئك الذين توقفوا عند تمسكه بالتصورات القانونية السلطوية (المؤيدة لإخضاع الفرد)، والذين يُديرون ظهورهم لدوافع ومظاهر العصيان المدني.
عاد في عمله المنهجيّ حول النظرية المنطقية للقانون (1992) إلى القضيّة بطريقة خارجة عن السياق بشكل أكبر.
في معالجته لقضية العصيان المدني، يَدِين هابرمز، بدرجة كبيرة، لنظريات رونالد دوركين، وعلى نحو خاص، بنظريات جون رولز. أحد الأدلة على هذا الأمر هو قبول تعريف ظاهرة المنشق المُقترحة من رولز:
يُشير رولز إلى وجوب حضور ثلاثة شروط، لكي يحدث عصيان مدني مُبرّر:
1. يجب توجيه الإحتجاج ضدّ قضايا ملموسة من الظلم البادي للعيان أو اللاعدالة واضحة المعالم.
2. من الضروري إستنفاذ كافة الوسائل المُتاحة قانونياً للتصدي لتلك القضايا.
3. لا يجب أن يبلغ العصيان أبعاد تضع عمل النظام الدستوري في خطر.
من جانبه، عرَّفَ هابرمز العصيان المدني بوصفه "حقّ المُقاومة الرمزية"، ينطوي مفهوم (العصيان المدني) على إنتهاك رمزيّ للقواعد القائمة كوسيلة أخيرة تلجأ الأغلبية إليها في قضايا مبدئية، حيث يتوجب عليها التفكير ملياً بقرارتها وتفحصها جيداً إذا أمكن.
من المفترض أن هذا يحدث ضمن دولة قانون، وكذلك، ينطبق التحديد النفسيّ لمن ينتهلك القواعد مع النظام القانوني ساري المفعول على كامل المجموعة. ووقتها فقط، يمكن أن يبرِّر (تُبرِّر) احتجاجه(ا) باللجوء إلى ذات المباديء الدستورية التي تلجأ الأغلبية لها لإضفاء الشرعية عليها.
يتفق رولز ودوركين وهابرمز، بشكل أساسيّ، على إعتبار العصيان المدني كفعل مناهض للشرعية الحاضرة، بميزة لا عنفية، وبقصد تغيير قوانين أو قرارات حكومية عبر تغيير الرأي العام، أي ممارسة ضغط أخلاقيّ أو معنوي.
بالتالي، يندفع المنشقون لأسباب سياسية وأخلاقية. يجب أن تتمثل التبعة العملية الناشئة عن هذه التحركات بتعاطي منظومة الحكم مع المحتجين كمواطنين لا صلة بينهم وبين المجرمين الشبّيحة البلطجية، بل يجب أن تساعد على الإعتراف بهم إجتماعياً بسبب موقفهم المُكلّل بالإلتزام الديموقراطي الجذري، بالرغم من الحفاظ على مسألة العقوبات بهكذا حالات – تفادياً لتطبيعها وهو أمر غير مرغوب -.
الإحتجاجات الكبرى السلمية خريف العام 1983، والتي توجهت ضدّ تنصيب "الصواريخ الأوروبية"، قد غذَّت نقاشاً أخلاقياً هاماً ساهم بإنقسام الرأي العام الألماني.
الإحتجاجات العارمة، التي تضمنت إنتهاكات للقواعد الإدارية، سعت لتبرير قيامها بوصفها عصيان مدني. إرتبطت مشاركة هابرمز النشطة في النقاش بإهتماماته السباقة الخاصة بإعادة التفكير بالقاعدة الناظمة للأنظمة الديموقراطية البرلمانية.
في خضمّ هذا النقاش، عبَّر هابرمز عن قناعته المتمثلة بإعتبار أنّ العصيان المدني:
مؤشر موثوق على النضج، الذي تبلغه ثقافة سياسية ديموقراطية.
سيشكل هذا العصيان، المُحفز أخلاقياً، الحارس الأخير لشرعية دولة القانون الديموقراطية، وهي شرعية لا تُقاس دون إعتبارات كبرى ترتبط بالحساب الحصري لقاعدة الأغلبية البرلمانية.
بعيداً عن التنديد بمحاولة فرض إرادة البرلمان على إرادة غالبية المواطنين التي تعكسها إستطلاعات الرأي، كشفت تلك الحملة السلمية الحدود البنيوية لآليات الدولة التمثيلية بمواجهة مشكلة تجاوزت النطاقات التقليدية لشرعنة القرارات.
بذات الاتجاه، أشار كلاوس أوف وآخرون إلى التناقضات والغموض المميزة للمناهج، المعتمدة كلياً على الرأي العام، المتبعة في تكوين الإرادة، التي تُوضَعُ شرعيتها الأخلاقية تحت ظلال الشكّ، سيما حين تتعلق بقرارات مسكونة بتبعات مستقبلية مصيرية لا رجعة فيها. ولذلك دعوا إلى تقييد مبدأ الأكثرية من خلال فرض معايير وشروط لتطبيقه على قرار أغلبيّ بدوره.
موضوع شيِّق وهام بالنسبة لمواطني العالم العربي؛ تخيلوا هذا موضوع حول عصيان مدني في "دولة قانون ودستور"! بينما في دويلات العالم العربي حيث "لا قانون ولا دستور" سوى ما يفرضه الحاكم الإله: ينقلب العصيان المدني إلى خيانة مباشرة ويتم مواجهته بالسحل والسجن والقتل والتهجير ووووووالخ!
وبالطبع لبعض منظومات الحُكم في بعض دول القانون والدستور "المُتحضِّرة" يد بما يجري (دون تحميلها كامل المسؤولية)، بشكل أو بآخر مع الأسف الشديد!
وشكراً جزيلاً
قد يهمكم الإطلاع على مواضيع ذات صلة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق