La ciencia de Evolución y el mito de la Creación علم التطور وأسطورة الخلق - الجزء الثاني The science of evolution and the myth of creation - <center> Fénix Traducción فينيق ترجمة Phoenix Translation </center> Fénix Traducción فينيق ترجمة Phoenix Translation : La ciencia de Evolución y el mito de la Creación علم التطور وأسطورة الخلق - الجزء الثاني The science of evolution and the myth of creation

2009-09-13

La ciencia de Evolución y el mito de la Creación علم التطور وأسطورة الخلق - الجزء الثاني The science of evolution and the myth of creation


أدّى إكتشاف التطور لحدوث تغيير شامل على مستوى تاريخ كوكبنا وكل أشكال الحياة (بما فيها الكائن البشريّ). 
بناءاً عليه، شكّل علم التطور ركيزة مكينة لكامل العلوم الحديثة.
 لكن، التطور ليس شيئاً قد حدث في الماضي، فقط، بل هو فعل مستمرّ لدى كل الكائنات الحيّة دون توقف.
لذلك، سنقوم بإيراد بعض الأمثلة عن التغيرات التطورية التي يمكننا مشاهدتها حولنا. 
تحدث تلك التغيرات في جماعات وفي أنواع من نباتات وحيوانات:
  تسمى تغيُّرات "ميكروتطورية أو صغروية" لتمييزها عن "الماكروتطورية أو كبروية" كنماذج تطور ذات تغيُّرات كبيرة على مستوى الأنواع الحيّة، ما يعني ظهور وتنوع متعاقب في الأصناف والأنواع (مجموعات من مجموعات) بطول ملايين ومئات ملايين الأعوام1

إذاً، يمكننا رؤية التطور في الواقع اليوم؟

طبعاً، يمكننا ذلك. 
يحدث التطوُّر كخاصية أساسية للمادة الحيّة بصورة مستمرة دائمة.
 لا يعرف كثيرون هذا الأمر لأسباب متنوعة.
من المهم فهم أنه ولو أن "المادة الأولية" للتغير التطوري هي خصائص موروثة من أفراد متنوعين، فبشكل عام، سيُلاحَظْ التغير التطوري بصورة أفضل على مستوى جماعات كاملة وأنواع كاملة من النباتات والحيوانات وبطول أجيال كثيرة. 
سنطلع على بعض الأمثلة المعروفة جيداً، والتي تحدث بسرعة كبيرة (مع علاقة بالحياة البشرية) ويمكن ملاحظتها ودراستها.

تغير تطوري سريع ملحوظ لدى حشرة العثّ (في الفيديو أعلاه شرح واضح، باللغة الإنكليزية، حول الإنتقاء الطبيعي مع إيراد مثال العثّ إعتباراً من الدقيقة 3.40 تقريباً)

  عرف  دارسو التطور نوع من العثّ يسمى بيستون بيتولاريا ويسمى، كذلك، مسّاح الشجر الأخضر. دُرِسَ هذا النوع من العثّ في انكلترا على مدار أجيال كثيرة متعاقبة،  وهو مثال ممتاز للتطور بالانتقاء الطبيعي والذي يمكن ملاحظته مباشرة2

حتى أواسط القرن التاسع عشر، تميزت جماعة هذا العثّ  بلون رمادي فاتح، وكذلك،  لون لحاء الشجر المحلي هو فاتح، لهذا، العثّ المتواجد على جذع الشجر غير مرئيّ كلياً تقريباً، وقد جنّبه هذا الطيور المُفترسة الباحثة عن غذاء في المنطقة.
لكن، حدث شيء مثير، فقد تسبّب النمو الصناعي بنهايات القرن 19 بتلويث الجو بغبار وأدخنة سوداء صادرة عن المصانع، ونتج عن ذلك إكتساب لحاء ذاك الشجر اللون الغامق. وهذا لا يشكّل مفاجأة بحدّ ذاته، لكن، تمثلت المفاجأة بتحوّل لون العثّ أيضاً إلى لون غامق!!!
بعد ذلك، لاحظ سكان المناطق الصناعية بإنكلترا بأن العثّ ذو الأجنحة السوداء قد عاد واكتسب بشكل كلي تقريبا اللون الفاتح!!! ما رؤوه مثال للتطور في الواقع، مثال تقليدي للتغيرات التطورية المشتركة التي تحدث بواسطة الإنتقاء الطبيعي وفي هذه الحالة، حدث التكيُّف لحشرة العثّ، الذي أفضى إلى حدوث تغيُّر لونها، وبالتالي، تطورها.

هذا هو ما قد حدث:

تكونت جماعة العثّ الأوليّة من أفراد متنوعين. الأغلبية بلون فاتح، بعضهم بلون مغايرغامق. قبل إنتشار التصنيع والمصانع ونشوء التلوّث، زادت أعداد العثّ الفاتح عن أعداد العثّ الغامق، إلتهمت الطيور العثّ غامق اللون المتواجد على لحاء فاتح، بينما بقي العثّ الفاتح بعيداً عن أنظار الطيور المُفترسة. أي لقد امتلكت أفراد العثّ الفاتح ما يسميه أخصائيُّو علم الأحياء "الفائدة المولدة التفاضلية" بالمقارنة مع العثّ الغامق. 
هذا يريد القول، ببساطة، بأنه كما أن الطيور أكلت العثّ الفاتح بشكل أقلّ من إلتهامها للعثّ الغامق، فقد استطاعت البقاء على قيد الحياة أكثر، وبالتالي، قد امتلكت إحتمالات أكبر لإنتاج متحدرين. فالتنوع الوراثي، الذي يتحكم بلون الأجنحة، عبارة عن خاصية وراثية، حيث ينقل أفراد العثّ الباقين على قيد الحياة هذه الميزة للمتحدرين منهم، وهكذا بالتعاقب. 
ففي حالة لحاء الشجر فاتح، امتلك العثّ الفاتح "فائدة منتقاة" وتشكلت جماعة العثّ من فواتح متنوعة اللون. بدأ هذا الوضع بالتغير، عندما تغيّرت البيئة وغزا الدخان (الشحار) الأشجار. الآن، لدى الأفراد ذوي الأجنحة السوداء أو الغامقه (لأن المعلومة الوراثية التي تتحكم بالاجنحة السوداء: لم "تختفِ" بشكل تام من عدد أفراد الجماعة الإجمالي) فائدة مهمة مولدة، الآن، لا يلفتوا الإنتباه لهم، وبالتالي، تمتعوا بالبقاء على قيد الحياة أكثر وأنتجوا متحدرين أكثر. هكذا، بطول العديد من الأجيال، إزدادت كمية العثّ الغامق  وشكلّت النسبة الأكبر من عدد الجماعة الإجمالي. بمرور الزمن، ستسود أفراد العثّ ذو الأجنحة الغامقة أو السوداء في الجماعة ببساطة .

لقد تطورت جماعة العثّ!!
 
من جديد، حصل ما هو مُعاكس، فقد جرت مكافحة التلوّث وعاد لون لحاء الشجر إلى أصله الفاتح اللون. بناءاً عليه، تطورت جماعة العثّ مرّة أخرى وعادت إلى اللون الفاتح. حدث التغيّر لأن المعلومة الوراثية، التي تتحكم بلون الأجنحة الفاتح قد تابعت حضورها في الحوض الوراثي الإجمالي للجماعة، إضافة لأنه عندما تشكلت الجماعة من العثّ الغامق بشكل شبه كلي، حضرت أفراد العثّ الفاتح اللون بنسبة قليلة. ساهم بقاء بعض الأفراد فاتحي اللون في كل جيل بحمل القاعدة الوراثية الكافية لتزداد النسبة المئوية لهم، عندما تغيرت البيئة، وعادت الأفراد غامقة اللون لتصير هدفاً للطيور. مع كل جيل جديد، قلَّت أعداد الأفراد الغامقة وإزدادت أعداد الأفراد الفاتحة اللون. 
هذا هو المثال التقليدي للإنتقاء الطبيعي، وهو كل ما إحتاجته جماعة العثّ لتتطوّر من جديد.
 
أين نحن دون ذبابة الفاكهة؟

  من المهمّ بدراسة التغيُّرات التطوريّة، التي تحدث على مدار أجيال في الجماعة الحيّة، هو دراستها لدى كائنات حيّة سريعة التكاثر وإنتاج المتحدرين.

وتُعتبر ذبابة الفاكهة، أو ذبابة الخلّ، من أشهر تلك الكائنات الحيّة سريعة التكاثر المدروسة تطورياً؛ حيث تسهل تربيتها في بيئة مخبرية؛ تنتج الكثير من الأجيال في أشهر قليلة؛ ومن السهل التحكُّم بحمضها النووي
DNA كذلك. 

  خلال النصف الأول من القرن العشرين، راقب علماء مثل عالم الوراثة ثيودوسيوس دوبجانسكي جماعات من ذباب الفاكهة في المختبر وفي الطبيعه. حقّق دوبجانسكي الكثير من الإختبارات، كإختبارات "إنتقاء" صناعي للون عيون الذبابة، تغيرات ببعض أعضائها .. الخ. وقد لاحظ كيف تغيّرت النسبة المئوية للأفراد المحددة الخصائص بمرور أجيال، بحسب الظروف التي تتعرض لها بالمُختبر.
تمكنا بفضل تلك الدراسات:
 من تحقيق فهم أفضل لمباديء الوراثة ومعرفة ما يحدث تماماً على المستوى الوراثي عند تطور الجماعة الحيّة. 
حضرت الإمكانية، في كثير من الأحوال، لملاحظة الرابط بين التغيرات بالنسبة المئوية للأفراد ذوي الخصائص المحددة بالجماعة (كمثال، لون محدد للعيون) والتغيرات التي تحدث من جيل لجيل في التعاقبات الجينية. كمثال، فقد تمكنوا من إثبات أن إزدياد "في النسبة المئوية للذباب ذوي العيون الحمر" في الجماعة، قد إرتبط مباشرة بإزدياد "تكرار تبدل فجائي للجين الذي يُنتِجْ العيون الحمر" في الحوض الوراثي الإجمالي لذات الجماعة تلك3

لقد شرح داروين كيفية سير الإنتقاء الطبيعي في جماعة حيّة ذات أفراد متنوعين متسببة بإحداث التغيرات التطورية، وعرف بأن هذا يجري بخصائص موروثة وبطول كثير من الاجيال. لكن، لم يعرف داروين، واقعياً، مصدر التنوع الفردي الموروث، لأنه بتلك الأيام، لم يُعرَفُ شيء عن الجينات ولا الدي إن إي
DNA، ولم تُعرَفُ كيفية نقل تلك الخصائص من جيل لآخر4

لذلك، ظهرت الداروينية الجديدة من خلال التأليف والتوليف بين ما طرحه داروين وبين طروحات علم الوراثة الحديث. 
حقل الهندسة الوراثيّة هو حقل واعد. فما تفعله البشر بحثاً عن تحويل المادة الحيّة لتحقيق النفع للإنسانية ليس "سيئاً بحد ذاته". فقد فعل مُرَبُّو النباتات والحيوانات هذا طيلة قرون (من خلال الإنتقاء الصناعي)، ولا يمكننا العيش كبشر دون إستهلاك وتحويل أنواع أخرى نباتية وحيوانية.
يقلق الكثيرون من كيفية عمل الهندسة الوراثيّة خشيةً من وقوعها في أيدي شريرة (مرتبطة بالربح الخاص و/ أو خدمة أهداف إجتماعية عكسية، كما حصل مع تطوير القدرة "التشغيلية" للطاقة النووية كمثال)، ما يؤدي لحصول تبعات سيئة جداً على الصحة البشرية وسلامة الإستقرار النسبي لأنظمة بيئية كاملة. الهندسة الوراثية ليست موضوعنا، لكن، أشير لها للتأكيد، من جديد،  بأنه إن لم يكن التطور مثبتاً (كما يقول الخلقيون)، إن لم يكن التطور ظاهرة واقعيّة، فستختفي حقول مثل الهندسة الوراثية (بإيجابياتها وسلبياتها)!! 
يقول الخلقيون بأنهم "لا يعتقدون بالتطور"، لكنهم يعيشون في عالم، تُستعمل فيه بشكل مستمر قواعد التطور لتغيير العالم، سواء في سبيل الخير أو الشرّ.

نوع حيّ، ينقسم في جانبي الوادي السحيق الأكبر

 اسمحوا لي بإعطاء مثال قد شُوهد بجماعة حيّة، قد تباعدت لنوعين (بطول الكثير من الأجيال). أدى الانعزال التكاثريّ لنشوء نوع جديد بمرور أجيال كثيرة. 
 
يأتي المثال من جماعتي سناجب الكايباب والآبيرت، ويعيشان في الوادي السحيق الأكبر في كولورادو، وقد افترقتا عن الجماعة الأم من خلال الإنفصال. ومن وقت غير طويل جداً، إنتمى النوعان لذات الجماعة من السناجب ولها كلها ذات الشكل. 
 
لكن، حصل الإنفصال بين الجماعتين بسبب الوادي السحيق الأكبر!!

فقد بقي أفراد الجماعتين منعزلين على المستوى التكاثريّ، فلم يتمكنوا من التلاقح وإنتاج متحدرين. جرّاء حدوث هذا الإنعزال التناسلي للجماعتين، حصل إفتراق بالحوض الوراثي المُشترك أصلا للجماعتين. بحيث ينقص كل جماعة منهما جزء من المعلومة الوراثية التي يمتلكها الآخر، معلومة قد حضرت في الحوض الوراثي الإجمالي للنوع البدئي (نوعهما السلف).

لهذا نتيجة مهمة، فكلّما تُنتج جماعة جيل خلف جيل دون القدرة على مسّ الحوض الوراثي للجماعة الأخرى، سيبدأ تنوعهم الوراثي الاجمالي بتجميع التغيرات بمختلف الأصناف والدرجات. 
 
هذا تماماً ما حصل مع جماعتي السناجب في الوادي السحيق الأكبر: 
 
بالنظر لهما، الإثنان سناجب ولديهما ملامح مشتركة كثيرة (كمثال، يأكل الإثنان نفس الأغذية)، لكن، قد تغيرت النسب المئوية لتعاقبات جينيّة محدّدة في كل جماعة. تابعت الوقائع الطبيعية للتغير الفجائي (طفرة) وإعادة التركيب الوراثي بالصدفة (التي تحدث دوماً خلال تكاثر الكائنات الحية) طريقها بفروقات كبيرة في الجماعتين، وما هو مُنتظر الوصول لجماعتين مختلفتين والوضع العام قيد التغيُّر5


كمثال، تعيش سناجب آبيرت Abert في الجانب الجنوبي من الوادي السحيق الأكبر، لها جسم رمادي وظهر ضارب للحمرة وذيل غامق (على يسار الصورة أعلاه).
بينما تعيش سناجب الكايباب Kaibab في الجانب الشمالي من الوادي السحيق الأكبر، هي رمادية ولديها ذيل أبيض (على يمين الصورة أعلاه).
فطالما أنهما ينعزلان تكاثريا، فستتراكم التغيُّرات بينهما. وقد تحدث تغيُّرات أقوى، كمثال، فروقات بالسلوك والتفاعل مع البيئة (كتناول أغذية مختلفة)، ببساطة، بسبب العمل لإعادة تنظيم وإعادة تكيف (توافق) التنوع الوراثي، الذي يحدث من جيل لآخر بشكل كبير في الجماعتين. 
ستتابع هذه الفروقات حضورها، طالما بقي الإنعزال حاضراً على مستوى التكاثر6

ستعمل الطفرات، وإعادة التأليف الوراثي الصدفويّ، التي تحدث في كل جيل جديد، على إظهار خصائص، لم تمتلكها الجماعتان في الماضي، لكنها مختلفة عن بعضها في كليهما وستتراكم إختلافاتها أكثر
وأكثر7

  إفتراق السناجب في الوادي السحيق الأكبر لنوعين بطول كثير من الأجيال، هو خير مثال عن التطور في الواقع وفي العالم المحيط بنا، فهو تغيُّر يمكننا ملاحظته مباشرة خلال مدّة زمنية منطقية. 
لم نتواجد، عندما تطورت أوائل الفقاريات الأرضية (أسلاف الضفادع والسلمندر اليوم) من تلك الأسماك الغريبة، التي منحها التطور "رئة" بدائية لتسمح بتنفس الهواء منذ ما يقرب من 400 مليون عام؛ أو عندما تطورت أوائل الطيور من أقارب الديناصورات الطائرة منذ 200 مليون عام، لكن، هذا لا ينفي أننا شهود على الظهور المتعاقب لمستجدات تطورية بدرجة أصغر (وحصرياً بظهور أنواع جديدة)، والتي تحدث بمحيطنا.

حصلت التحولات التطورية الكبرى في تاريخ الأحياء، خطوة خطوة، بمرور ملايين الأعوام. لكن، المباديء والآليات الأساسية هي ذاتها، التي نراها في محيطنا كل الأيام بدرجة تكبر أو تقلّ. لا يتوجب علينا التفكير برؤية التحولات أو التغيُّرات "الآنية" لحيوان أو نبات فردي ولا بنوع كامل لنوع آخر كما لو أنه فن سحري: 
 فلا يحدث هذا أبداً؛ وهذا ليس تطوّراً!!
نعرف مثلاً بأن سلف الحيتان الحديثة هو رباعي القوائم حافريّ (ثديّي، تنتهي أصابعه بأظلاف) وقد عاش على سطح الأرض وليس في الماء (في الصورة أعلاه). نعرف ذلك من السجل الأحفوري ومن الوضوح والتشابه وراثياً بين الحيتان وثدييات أرضية معروفة بما فيه الكفاية اليوم. 
بالنسبة للخلقيين، يطربهم كثيراً القول بأنه لا توجد أحفوريات "وسيطة" في السجل الأحفوري وهذا يُثبت بأن "الذريّة مع التعديل" قصّة قد إبتكرها علماء التطور. 
حسناً، توجد أحفوريات وسيطة كافية، كمثال سلسلة من الأحفوريات لأنواع تتصل بهذا الرباعي القوائم الحافريّ سَلَفْ الحوت. حيث تُبيّن الأحفوريات تعاقب بالغ الوضوح لتعديلات متدرجة من جسم متكيف مع الحياة الأرضية إلى جسم متكيف مع الحياة المائية، والتي حدثت بمرور زمن يقدر بحوالي 25 مليون عام8

تطوّر في الواقع: توزيع جينات الخلايا مختلة الشكل (جين فيه خطأ) عند الإنسان
مثال آخر معروف جيداً عن التطور، والذي يُلاحَظ مباشرة في العالم اليوم، وهو تطور الهيموغلوبين أو خضاب الدم لخلية مختلة الشكل.
 الهيموغلوبين هو بروتين في الدم، يؤمن نقل الأوكسجين للرئتين.
 لدى البشر نوعين مغايرين لجين الهيموغلوبين، نسميهما:
 صيغة متناوبة للجين أ وصيغة متناوبة للجين ف.
يرث كل شخص جين للهيموغلوبين من كل أب، بهذا، لديه تآلف مكون من أ أ، أ ف أو ف ف . 
لدى الأشخاص، الذين يولدون مع تآلف ف ف (لديهم نسختين من "الخلية مختلة الشكل")، مشاكل صحيّة:
 لأن هذا التآلف، يسبِّبْ مرضاً إسمه فقر الدم المنجلي، والذي قد يصل ليُصبح قاتلاً أحياناً. 
تمتلك جماعة الأفارقة ومتحدريها نسبة مئوية عالية من تلك الجزيئات مقارنة بجماعات أخرى في كوكبنا، وبالتالي، من المهم تقييمهم وعلاجهم. 
هي قضية مهمة (مُلحَّة) للصحة العامة. 

ما هو سبب هذه الخاصية التطورية، التي تجعل الأفارقة عُرضة للإصابة بفقر الدم المنجلي بشكل أكبر وتتسبب لهم بألم كبير؟ 

هل الأفارقة بطبيعتهم "أقل صحة" من الأوروبيين؟ 
هل هي عقوبة من الله؟ 

كلا. يقدّم التطور جواباً واضحاً وبسيطاً:
لدى الأشخاص، الذين يولدون بتآلف أ ف للخلية مختلة الشكل (مع صيغة متناوبة لجين خلية مختلة الشكل)، فائدة في مناطق من العالم، يظهر مرض الملاريا فيها، بالعموم، كما هو الحال في أجزاء كبيرة من أفريقيا. أي لديهم نسخة من جين خلية مختلة الشكل، يحمي من الملاريا. 
لهذا السبب، حُفِظَت الصيغة المتناوبة لجين الخلية مختلة الشكل، بمرور الزمن، عند الكائنات البشرية، بدلاً من محوها بالإنتقاء الطبيعي. 
لهذا، في أماكن تواجد مرض الملاريا، لدى الأفراد المولودين مع نسخة صيغة متناوبة بجين خلية مختلة الشكل:
 إحتمال أكبر للبقاء على قيد الحياة بشكل كافٍ، ليصير عندهم أولاد، والذين يولدون دون تلك الخلية المختلة الشكل، سيموتوا لدى إصابتهم بالملاريا. سينقل الباقون على قيد الحياة هذا الجين للخلية المختلة الشكل لأبنائهم، الذين سينقلوه بدورهم لأبنائهم ... وكل فرد قد ورث فقط جين واحد من الخلية المختلة الشكل، فلديه "فائدة إنتقائية" ولا يموت بالملاريا.
هو أمر مؤسف، تلقي عدد مؤكد من الأشخاص بكل جيل لنسختين من ذاك الجين (واحد من كل أب)، والمرجح، أنهم سيمرضون بفقر الدم المنجلي وسيموتون دون التمكن من إنجاب أولاد. 
إن يتسبب الله بهذا الألم والموت، فهو عار عليه!! 
لماذا يتسبب بفقر الدم أو الملاريا لدى البشر؟
 ولماذا أحدث خالق كليّ القدرة آلية مورِّطة وناقصة لا تحمي من الملاريا؟ 
بكل ثقة، إله كليّ القدرة (محبَّة! رحمن رحيم! فينيق ترجمة) بوسعه عمل شيء أفضل!!
على العكس من هذا، لا يُنتِجْ الإنتقاء الطبيعي حلول "كاملة أو مثالية". 

هو فعل طبيعي "أعمى"، دون أحكام قيمة مُبرمة، دون تدخل وعي خارجي ولا يد "صانع ذكي". 
التطور بالإنتقاء الطبيعي ليس "جيداً" ولا "سيئاً" بذاته. 
فهو يحدث ونقطة على السطر.  
إنْ يكن الشيء الوحيد، الذي يعمله ذاك الجين للخلية المختلة الشكل، هو التسبب بمرض قاتل، فعلى الأرجح:
 أن يتسبب الإنتقاء الطبيعي بإنهاء حضور البشر.
يُبرهن هذا المثال، من جديد، لماذا بكل تلك الأهمية يجب أن:
أ- نفهم كيف يُعرّف العلم  بأن التطور هو واقع

ب – نتعلم المباديء الرئيسية للتطور

ت – نعارض بشدة الأصوليين الدينيين، الذي يحاولون منعنا من معرفة تلك الأمور.

كلمات معدودات حول الخلقيين

يُنكر الخلقيون تطوّر الأحياء على الرغم من كل هذا الوضوح بالتطور. يتناول أصوليون مسيحيون مثل جيري فالويل عشاءهم في البيت الابيض ويتشاورون مع الرؤساء!! 
أمر إثنان من قضاة المحكمة العليا الحالية بتعليم نظرية الخلق في دروس العلوم! ويذكرون بأنه عندما سألوا جورج بوش إن كان يعتقد بالتطور، قد أجاب بأنه "للآن، لا يعرف إن يكن صحيحاً"!!!
لنتخيل الآتي:
إن تكن القيادة للخلقيين في الكليات العلمية ومراكز البحث والمشافي: 
فهل سنتمكّن من الإعتراض على تطور البكتريا والفيروسات المقاومة للعقاقير؟

إن يستلموا إدارة محطات البحث الزراعي، فهل سنتمكّن من الإعتراض على تطور "الآفات الكبرى" المقاومة للمبيدات الحشرية التي يمكنها تخريب إنتاج الأغذية؟

لو أن الخلقيين قد امتلكوا السلطة واستلموا الإدارة لتحديد مخططات عمل رسمية ولحصر عمل علماء البيئة الذين قد درسوا التطور، أيّ أمل يتبقى لنا لتخفيض وتجنب إنقراض حيوانات ونباتات وللإعتراف بالقيمة الجوهرية للتنوع البيولوجي والحفاظ على أنظمة بيئية مهمة؟

 لدى الخلقيون  مخطط إجتماعي وسياسي رجعيّ  يقضي بإحلال التعليم اللاعلمي لنظرية الخلق التوراتية مكان التعليم العلمي لنظرية التطور، بحسناتها وسيئاتها. 
 
إشارات
 
1- من المهم الإنتباه، اليوم، لوجود الكثير من الأدلة على حدوث تغيرات ميكروتطورية وتغيرات ماكروتطورية. كذلك، لا يوجد تقسيم مطلق بين التطور، الذي يحدث بمستوى الأنواع أو بمستويات أدنى، والتطور الحاصل بمستوى الأجناس الكبرى للأنواع. تُساهم آليات تطورية كثيرة على المُستويين، مثل الإنتقاء الطبيعي الذي يعمل على جماعة متنوعة الأفراد. تشكّل التغيرات الماكروتطورية والميكروتطورية ملامح بمستويات مختلفة ودرجات مختلفة زمنياً. بالإمكان تحقيق إعادة بناء غير مباشرة لكثير من مشاهد التغيرات الماكروتطورية للماضي البعيد عبر دراسة الدليل، الذي قد بقي محفوظاً في أحفوريات أو للنماذج المتوزعة ودرجات التشابه والإختلاف بين أنواع حيّة. فمن السهولة جمع الدليل المباشر للتغيرات الميكروتطورية، عندما تحدث، لأنها تحدث كل الوقت في جماعات راهنة من نباتات وحيوانات خلال حقب زمنية أكثر تحديداً، والتي تجعل من الممكن ملاحظتها بشريا بصورة مباشرة.

2- يُشبه العثّ الفراشات، لكن، الفراشات نهارية، بالعموم، أما العثّ فهو ليليّ.

3- يجب التذكير، أيضاً، بأنه من النادر أن يتمكّن جين واحد فقط من الإرتباط بخاصية واحدة (مثل صيغة متناوبة للجين المُنتِج لعيون حمراء لدى ذبابة الفاكهة). يعرف علماء الوراثة، منذ زمن غير قليل، بأن أغلب الخصائص الموروثة (الخصائص الوحيدة التي تمس التطور) تتأثّر عبر تفاعل معقد للجينات، حيث تمتلك أغلبية الجينات مؤثرات وآثار بأكثر من خاصية للجسم الكامل. على النحو ذاته، تتشكّل كثير من الخصائص للأجسام بتفاعلات معقدة للجسم مع البيئة الخارجية ولا يمكنها تقليل أثر الجينات. (ضروريّ التذكير بأن الجينات، ببساطة، هي مقاطع من الدي إن إي، التي تعمل على تحضير صنوف مختلفة من البروتينات في الجسم). ومع ذلك، فالتنوع الوراثي  لنباتات أو حيوانات (التي تنتج الملامح التي يمكن نقلها للمتحدرين) هو المادة الأولية في التغير التطوري.

4- ضروريّ إكتشاف المباديء الأساسية للوراثة (إبتداءاً من عمل راهب القرن التاسع عشر غريغور ماندل، والذي امتدَّ نوعياً في النصف الاول من القرن العشرين) وإكتشاف بنية الجينات والدي إن إي لإكمال الصورة.

5- عندما لا تستطيع الكائنات التكاثر وإنتاج متحدرين يمكنهم العيش والتكاثر، يقال بأنهم ينتمون لأنواع حيّة مختلفة.

6- إضافة للإنفصال الفيزيائي، توجد عوامل أخرى يمكنها المساعدة على الفصل المولّد لجماعتين. إن أعطي تنوع كامل (إنفصال لنوعين)، لن يتمكّن أفراد إحدى الجماعتين من التكاثر وإنتاج أجيال جديدة، خاصة، عندما يتواجدون من جديد بذات البيئة. كمثال، لو ينعزل نوعان لصيقان ببعض لزمن كافي، فمن الممكن عدم تعرفهم على بعض كأزواج كامنة بسبب ظهور فروقات بالشكل والسلوك، أو بأنهما لن ينشطا بذات الساعه أو لا يتكاثرا بذات الحقبة من العام، أو توجد إمكانية للتزاوج، لكن، سيؤدي عدم توافق الدي إن إي لإنتاج متحدرين مرضى أو بحالة عُقْم (غير قادرين على الإنجاب). تُديم عوامل، كهذه، حالة العزل المولد، خاصة، لدى عودة أعضاء من النوعين إلى ذات المكان الأصليّ.


7- يوجد كثير من الإهتمام لمعرفة الظروف التي تتجه إلى إنتاج "جديد" تطوري، ما قوله، خصائص لم تحضر مسبقاً. أُثبِتَ تجريبياً (كمثال مع ذبابة الفاكهة) بأن الجماعات الصغيرة تنتشر، مُراكمة لملامح جديدة، بسهولة أكبر من الجماعات الكبيرة. درس هذه الظاهرة على وجه الخصوص عالم الاحياء إرنست ماير المُساهِم الأكبر بالمعرفة الراهنة بالتنوع. الإستطاعه النسبية للجماعات الصغيرة بالإنفصال، بحالات مستمرة نسبياً عن الجماعات الكبيرة لذات النوع، هي ظاهرة تحصل بمستوى الجماعة، لكن، بتداخل مع نماذج توازن نقطي مقترحة من قبل ستيفين غولد ونيلز ألدريج لأجل شرح نماذج التطور بدرجة كبيرة بمستوى تصنيفي (أجناس كبيرة من النباتات والحيوانات).

8- تجب الإشارة لأنه حتى نظرية "التوازن النقطي" لغولد وألدريج (التي يقترح بها بأن الكثير من التحولات التطورية الكبرى وحقب تنوع تطوري أكبر في تاريخ الحياة، قد حصلت عبر مدّ وجزر نسبياً وبصورة سريعة ومكثفة للتغير التطوري) تعترف بأنه فقط يمكن القول، بمعنى نسبي، بأن تغيرات كهذه، قد حدثت بزمن قليل أو بصيغة متسارعه، بكل الأحوال، قد استغرقت وقتاً طويلاً لا يتصوره عقل من وجهة نظر إنسانية!! أيضاً، يوجد اتفاق عمومي حول واقع حدوث الآليات المعروفة للتطور الدارويني، على مستوى جماعة ونوع، وفق تلك التغيرات، إضافة لعوامل أخرى إقتضاها التأثير بدرجة كبيرة أو صغيرة بايقاع وسرعة ظهور أو حدوث التغيّر.
 
 

ليست هناك تعليقات: