La ciencia de Evolución y el mito de la Creación علم التطور وأسطورة الخلق - الجزء الخامس The science of evolution and the myth of creation - <center> Fénix Traducción فينيق ترجمة Phoenix Translation </center> Fénix Traducción فينيق ترجمة Phoenix Translation : La ciencia de Evolución y el mito de la Creación علم التطور وأسطورة الخلق - الجزء الخامس The science of evolution and the myth of creation

2009-09-13

La ciencia de Evolución y el mito de la Creación علم التطور وأسطورة الخلق - الجزء الخامس The science of evolution and the myth of creation

The Science of Evolution and the Myth of Creation 
 

بضع كلمات حول "ثغرات" السجل الأحفوري
يقول الخلقيون  بأن السجل الأحفوري لا يخدم التطور لأنه "غير كامل"، "مليء بالثغرات" وليس فيه "أحفوريات متوسطة"  تبيّن التغيُّر الطوريّ خطوة خطوة بين الأشكال المختلفة للأحياء.

سنحلل الكثير من تلك الإتهامات الخاطئة لاحقاً، لكن، الآن، أُنوِّه لأنّ بعض "الإتهامات" ما هي إلاّ محض أكاذيب!

على سبيل المثال، هناك تعاقبات كافية من الأحفوريات وواضحة مع أشكال متوسطة:


الأحفوريات المعروفة باسم أركيوبتركس (شكل متوسط بين الزواحف والطيور، بخصائص تشريحية لكليهما، كالأسنان للزواحف والريش للطيور).
 
 
 تعاقبات الأحفوريات التي تبين بأن أسلاف أوائل الحيتان هم ثدييات رباعية القوائم أرضية والتي تطورت عبر سلسلة من الخطوات المتوسطة (يوجد توثيق لهذه النقطة في الأجزاء السابقة، شاهد الصورة أعلاه)؛ وحتى السجل الأحفوري لتطورنا نحن كبشر، فيه نسخ أحفورية "إنتقاليّة" تعود لأسلافنا منذ ملايين قليلة من السنين (أكثر شبهاً بالقرود وبدماغ صغير).


لننتقل لتهمة أخرى: ماذا يعني إعتبار السجل الأحفوري غير كامل؟

يعني هذا بأنّ السجّل الأحفوريّ فقير بالأحفوريات. لكن، يعثر العلماء، للآن، ومنذ مئات الأعوام، على أحفوريات وضّحت التاريخ التطوريّ للكثير من الأنواع الحيّة.

لكن ما هي "الثغرات" الموجودة بين الأنواع في السجل الأحفوري؟
 
النقص بالأحفوريّات ليست مشكلة بأبحاث التطوّر، كما يطرح الخلقيون، لأنّ وجود النقص هذا بديهي لدى العلماء، ولهذا، يسود النقاش بصورة دائمة بينهم حول أيّ أحفور يجري إكتشافه وأيّة فرضيّة تطال إحتمال وجود أحفور ما. سيشتكي الخلقيون من السجل الأحفوري طوال الوقت، طالما أنه يُثبت التطوّر ولا يُعنى بالخلق!!

لنترك جانباً خّبَلْ الخلقيين.
 
 تتنبّأ نظرية التطور بوجود "ثغرات" مهمة في سلسلة من الأحفوريات بفضل شروط تظهر فيها أنواع جديدة. لاحظ علماء الإحاثة بأن أحفوريات أنواع جديدة (أنواع أبداً لم تكن موجودة سابقاً)، عادة، ما تظهر "فجأة" في طبقة جيولوجية. يُتوقّع هذا نتيجة تطور نوع إعتباراً من عدد قليل من الأفراد المُنعزلين تكاثرياً وإنفصلوا عن جماعة كبرى (يحدث عادة لدى الأنواع الحيّة). 
 
إن تكن قاعدة التطوّر، هكذا، فسيحتوي السجل الأحفوري على الكثير من "الثغرات" والإنقطاعات، بسبب تحلل وموت الكثير من الأفراد ولا تترك أثر أصلاً، وطالما أن حوادث نشوء الأنواع قد حصلت مع عدد أفراد قليل، فيندر العثور على بقايا للجماعة الأصلية الصغيرة تلك.


لا تتطور كل الخطوط التطوريّة بذات السرعة

ستتغيّر عمليّة نشوء الأنواع الحيّة تبعاً لعلاقتها بعوامل وظروف، للآن، هي قيد الدراسة وغير معروفة كليّاً.
 
للآن، لا يُعرف سبب بقاء أجناس محددة دون أيّ تغيير خلال ملايين السنين؛ فيما تتغيّر أجناس أخرى بصورة متكررة وبسرعة.

 لماذا (كالإستنتاج من التنوع النسبي للأحفوريات الحاضرة في طبقات صخرية مختلفة) في بعض الحقب الجيولوجية، قد حدثت "إنفجارات" واسعة من الأنواع الحيّة، بينما لم تحدث في حقب أخرى؟

تظهر أحفوريات أسلاف السلاحف البحرية الحديثة في طبقات صخرية منذ 100 مليون عام (قبل زمن الديناصورات)، لكنها تتطابق تشريحيا بشكل شبه تام مع سلاحف اليوم. لماذا قد تغيرت قليلاً خلال 100 مليون عام؟ 

ينطبق ذات السؤال على سرطان حدوة الحصان، جنكة بيلوبا أو شجرة المعبد وغيرها من كائنات حيّة قديمة مستمرّة، والتي لم تتغير تقريباً خلال مئات ملايين الأعوام.
 
 أيضاً، يُشاهد الوضع المعاكس، حالياً، توجد 400 نوع مختلف من الأسماك في بحيرة أفريقية، هي بحيرة فكتوريا، كلها متصاهرة (أقارب) وتنحدر من نوع واحد فقط. لكن، ما لا يُصدّقْ، هو أننا نعرف من السجل الجيولوجي بأن البحيرة أصابها الجفاف منذ 12000 عام. بالتالي، هذا التنوع الضخم ككمّ تنوع تطوري – تكررات نشوء أنواع – قد تحقّقت بزمن ليس أكبر من 12000 عام، وهذا الزمن عبارة عن ثانية زمنية بسلم الزمن الجيولوجي تقريباً. 
 
هكذا، من جانب، توجد سلاحف بحرية لم تتغير خلال 100 مليون عام؛ ومن جانب آخر، توجد أسماك قد تنوّعت لمئات الأنواع خلال 12000 عام!!!

أحد أهم الأسئلة، التي يطرحها علماء الأحياء التطوريين الحديثين، هو:
 
 لماذا قد تطورت بعض الأجناس من النباتات أو الحيوانات، وتنوعت بصورة متكرّرة وبشكل مؤثر، أكثر من أجناس (أنواع) أخرى عبر التاريخ؟

كما رأينا، لدى بعض الأنواع والأجناس "حدود" وراثية ونمو أكبر بفضل حدوث تعديلات تطورية سابقة. ليحدث هذا، في الغالب، قد حُفِظَتْ تلك التعديلات كما هي بمكان قد تراكمت فيه وإكتسبت الأهميّة. يمكن لهذا تفسير بعض الملامح "للكائنات الحيّة القديمة والمستمرّة حتى الآن". لكن، أيضاً، يجب التنويه لأن الجماعات لا تتطور في الفراغ، بل توجد ضمن تفاعل ثابت مع بيئتها الطبيعية حيث تسكن: 
 
جوانب مادية كالمناخ والأرض، وجوانب "حيوية" كحيوانات أخرى ونباتات منافسة أو مفترسة.
 
يُرى هذا في التطور المُشترك لأنواع فريسة ومفترس (يسمى هذا "سباق التسلُّح" بيولوجي)، يحتاج المُفترِسْ مع الزمن لوسائط جديدة للإمساك بالفريسة؛ وستحتاج الفريسة وسائط جديدة للهروب من المفترس.

لا توجد ضمانات في التطوُّر
أيضاً، نعرف، مع ذلك، بأنّه قد لا يتمكّن النوع الحيّ من "الإستجابة" لكل التحديات الجديدة والفرص البيئية الجديدة. يتوقّف هذا، بالنهاية، على التغيُّر الوراثيّ الحاصل بلحظة معيّنة. لا شيء يضمن ظهور ملامح "مفيدة" لدى أفراد جماعة ما، ولا يمكن للإنتقاء الطبيعي تحسينها حين تظهر.

رأينا بأن الإنتقاء الطبيعي يسلك وفق عوامل إحتمالية وغير إحتمالية:

أولاً، وقبل كل شيء، عوامل إحتمالية (صدفوية) كالطفرات، إعادة التأليف والإنسياق الوراثي، تخلط الأوراق بإستمرار، فيتشكل التنوع الوراثي الإجمالي لجماعة ما، والتي تشكِّل، بالتالي، المادة الأولية للتغير التطوري.

لكن، لاحقاً، يختار الإنتقاء الطبيعي بصيغة غير إحتمالية (ليس صدفوياً) لملامح محددة تتصل بمتطلبات وتحديات البيئة الخارجية المحددة، وينشرها بالجماعة.

تحدث درجة محددة من التغير التطوري بكل الجماعات دوماً. لكن، تظهر خيارات التعديلات النوعية، بلحظة معطاة صدفوية تطفرية، على تعديلات تطورية سابقة. يمكن أن تتطور وتستجيب للظروف البيئية المحيطة؛ ويمكن أن لا تحصل تلك الإستجابة أحياناً، مما يؤدي لحدوث الإنقراض ذو الدرجة الصغيرة ببعض الأنواع (المعروف بإسم "إنقراضات القاع")، حيث يصل كل خط تطوري نباتي أو حيواني  "لزُقاق مسدود"، وهذا جزء من تاريخ الأحياء مثله مثل ظهور أنواع وأجناس جديدة.
المؤثرات بالإنقراضات في الجملة
يوضِّح السجل الأحفوري بأن تاريخ الكوكب قد شهد على الأقل خمس موجات من "الإنقراض بالجملة" لنسبة كبيرة من الأنواع الحيّة من نباتات وحيوانات. حصلت الموجة الأشهر للإنقراض منذ 65 مليون عام، ويظهر أن السبب هو إصطدام نيزك ضخم في شبه جزيرة يوكوتان بسرعة مئات آلاف الأميال بالساعة. تبدو الآثار في طبقات الصخر لتلك الحقبة في كل الكوكب، حيث يُلاحظ وجود أشرطة من معدن الإيريديوم (المتوفّر في النيازك). تسبّب الإصطدام بحصول غيوم كبيرة من الغبار في الجو، مما أدى لإعاقة وصول ضوء الشمس وهبوط درجات الحرارة بكل العالم، الأمر الذي أوصل الكثير من النباتات للموت كونها تعتمد على الضوء بصورة رئيسية لتبقى حيّة. وحمل هذا بدوره الموت لأغلب الحيوانات العاشبة (التي تتغذى على تلك النباتات)، وبالتالي، الموت لكثير من مفترسيها.

يُلاحَظْ في السجل الأحفوري بأن كل الديناصورات العاشبة ومفترسيها اللاحمة قد إنقرضت منذ 65 مليون عام، لهذا، يُعزى السبب لتلك الظواهر الطبيعية المُدمرة. بدا من الصعب على الديناصورات مواجهة هذا الإصطدام العنيف. وما بقي على قيد الحياة (أي أسلاف الثدييات الحديثة، عبارة عن حيوانات شبيهة بالخلد والفئران، والتي من المؤكد أنها لم تنقرض لأنها ليلية وعاشت في جحور). توجد مؤشرات واضحة لأن الحقبة الجيولوجية اللاحقة للإنقراض الجماعي ذاك منذ 65 مليون عام، قد شهدت حدوث تنوع هائل بأنواع ثديية.

نشوء الأنواع أمام أعيننا؟
 
في غالب الأحوال، يستغرق نشوء الأنواع وقتاً طويلا (أجيال كثيرة)، ولهذا، يصعب على الكائن البشري حضور هكذا حدث من أوله لآخره. 
 
هذا ممكن في بعض الأحوال (خصوصاً لنباتات وحيوانات تتكاثر سريعاً)، وبالتالي، يمكن رؤية نشوء النوع الحيّ من أوله لآخره.

كمثال، منذ أعوام كثيرة أثبت عالم الوراثة ثيودوسيوس دوبجانسكي إختبارياً كيف يمكن حدوث نشوء نوع بذبابة الفاكهة، حيث إستخدم في واحدة من تجارب مخبرية كثيرة نوع من ذبابة الفاكهة. قسمّ الذباب لجماعتين (فصلهم عن بعض) وعَمَدَ لإجراء "إنتقاء" صناعي لخصائص مختلفة (كعدد الشعيرات في الأرجل) في الجماعتين ولعدة أجيال. بعد مرور 20 جيل، أعاد الجماعتين للحياة سوياً، لكن، لاحظ بأنهم لا يتلاقحون بسبب التغيُّرات التي "قد فضّلت" ملامح مؤكدة سطحية، قد راكمت فروقات وراثية كافية لتجعلها لا تستطيع التلاقح. 
عملياً، حصلنا على نوعين مختلفين!!!
تجربة أخرى، قام بها لجماعة طبيعية من ذباب الفاكهة في منطقة جبلية، قسَّمها ووضعها بخزانين منفصلين خلال خمسة أعوام دون أيّ تدخُّل. بنهاية هذه المدة (الكافية لكي ينتج كل فريق كثير من الأجيال)، وعندما أعادهم للعيش سوياً، لم يتمكنوا من التلاقح على الإطلاق. فقد تراكمت الفروقات الوراثية خلال 5 أعوام ما أرجعها غير متوافقة وقت التكاثر. وبيّنت التجربة وجود فروقات تشريحية، فروق في السلوك وفي الحمض النووي الريبي منقوص الاوكسجين DNA
لدينا نوعين مختلفين.

  التطور فعل مُثبت من خلال الوقائع المدروسة
 
تُعتبر نظرية التطوّر من أكثر النظريات العلميّة تماسكاً نظراً لحجم الدعم العلميّ الصادر عن حقول علمية مختلفة: 
 
فلقد عثر علم الأحياء الجزيئي على واقع التطوّر في نماذج الدي إن إيDNA ؛ وعثر علم الإحاثة على مؤشرات أحفورية مهمة؛ فيما عثر علم الأجنّة على نماذج نمو الأجنّة المتشابه عند كائنات حيّة مختلفة؛ عثر علم وراثة الجماعات وعلم البيئة على أدلة للتطور في خصائص وصيغ التفاعل ونماذج التوزع للجماعات والأفراد الأحياء. 
 
بالوقت الراهن، تسير الأبحاث العلمية بهذا الدرب، وتكفي قراءة آلاف الكتب والمجلات والنشرات الإختصاصيّة، التي تصدر دون توقُّف، للتأكُّد من هذا الواقع.

يترك الماضي بصماته على الحاضر

تمتلك كل حادثة (في الطبيعه أو في المجتمع) تاريخاً، حيث يترك الماضي  بصماته على الحاضر. بالتالي، يمكن دراسة أحفوريات لأجسام ميتة منذ زمن طويل والعثور على ملامح فيها (عظام، ...الخ (والتي إنتمت لأنواع سالفة، أو يمكن دراسة أنواع حيّة والعثور على ملامح تتصل بوضوح بنوعين أو أكثر من الأنواع مع وجود صلات بنوع سلف تطوروا عنه. 
 
تتنبّأ نظرية التطور بأنّ النوع الحيواني أو النباتيّ لم يأتِ "من لاشيء"، بل تبيّن فيزيائيته ونماذجه بالتوزع في الكوكب، الكثير من المعلومات المفيدة بمعرفة من أين وكيف أتى.
 
 وهذا ما يتحدّد بدقّة من خلال الدراسات.

واقع مُباشَرْ للتطور من السجل الأحفوري والسجل الجزيئي

يُواصل الأحياء  تطورهم في الكوكب منذ 3.5 بليون عام تقريباً، وهو زمن كافٍ لإنتاج كل صنف من التعديلات المؤثرة التطورية في الجميع وفي كل واحد من خطوط النباتات والحيوانات.

منذ وقت طويل نسبياً، أقرّ العلماء تاريخ الأنواع الأساسي (تعاقب الأسلاف والمتحدرين) لكل الخطوط النباتية والحيوانية. قاموا بذلك ببساطة بعد مقارنة الملامح الشكلية للأنواع الحية وللأحفوريات بأعمار مختلفة. يمكن بحسب نظريّة التطوّر إعادة بناء شجرة الأحياء من خلال تقسيم الأنواع الحيّة لمجموعات وأنساب وفق الشكل والوظيفة، وستفصل الإختلافات بين هذه المجموعات.

يجري تجميع الأنواع الحيّة بمجموعات تكبر بإضطراد، لكن، دوماً، على أساس الملامح المُشتركة، التي يتعزز إكتشافها بين تلك الأنواع. 
 
هكذا، وجدنا أن الأحصنة، حمير الوحش والذئاب لديها بعض الملامح المشتركة مع الطيور (لديها دم حار وعمود فقري)، وكذلك، لديها ملامح مشتركة (كالعمود الفقري) مع بعض الأنواع القديمة من الأسماك التي نعرفها من السجل الأحفوري  خطوط من الأسماك العظمية، التي قد تحدرت منها أوائل الحيوانات التي قد خرجت للأرض اليابسة. 
 
طبيعياً، الأحصنة، حمير الوحش، الذئاب، الطيور، الأسماك العظمية وباقي الفقاريات الموجودة أو المنقرضة، ورغم كل فروقاتها: 
 
أكثر إتصالاً فيما بينها من إتصالها بالأنواع اللافقارية كالإسفنج البحري والمحار التي إتبعت طريق تطوري مختلف جداً منذ العصور المبكرة لتاريخ الأحياء. 
 
كما سنرى لاحقاً، تختبر إمكانية تصنيف النباتات والحيوانات بمجموعات كل مرة تغيُّرات من خلال الملامح المشتركة لديها (المسماة "المرتبة السكنية") كونها متصلة بخطوط صعود وهبوط.*

إن يكن هذا إختبار كافٍ للقرابة بين الأسلاف والمتحدرين، ففي حقل علم الأحياء الجزيئي، الآن، آليات تؤيد واقع التطور الذي قد حصل، من خلال مقارنات ملامح تشريحية ونمو الأنواع الحيّة، وبتعاقب تعديلات تطورية في السجل الأحفوري. 
 
ينتج بأن كل الأنواع الحية في الكوكب لديها كثير من ذات الجزيئات البيوكيميائية (كالدي إن إي أو بروتين الدم) ،والتي تحقق الكثير من الوظائف ذاتها. 
 
تستخدم كل الكائنات (بكتريا، صنوبريات، كائنات بشرية، حمام...الخ) ذات النظام، ذات الجزيئات البيوكيميائية (سلاسل الحمض النووي المسماة الدي إن إي والآر إن إي) لتخزين معلومة وراثية (مطلوبة لتصنيع بروتينات مختلفة في الجسم) ولأجل نقل تلك المعلومة من جيل لجيل، ويبين هذا بأن كل الكائنات في الكوكب، تنحدر من سلسلة واحدة من الأسلاف المشتركين (وبأنها متصلة ببعضها بدرجة مختلفة، لم تتغيّر بعض  تلك الجزيئات خلال ملايين السنين.(**

لكن، تتغيّر الجزيئات الحيوية كادي إن إي (وبروتين الدم) مع الزمن. يظهر بأن بعضها يتغير بسرعة أكبر من بعضها الآخر. لكن، أيضاً، يظهر بأن أي صنف من الجزيء الحيوي ينتشر للحفاظ على إيقاع من التغير المماثل نسبياً. 
 
وسطياً، خلال حقب طويلة من الزمن. هذا ما يسمح لآلية حديثة" للتأريخ الجزيئي" بتحديد تقريبي في أية نقطة من الماضي، قد إمتلك نوعان سلفاً مشتركاً، كلما إزداد زمن إنفصال النوعين، كلما إزدادت الفروقات وتراكمت في جزيئات الدي إن إي والبروتين. 
 
لو نتمكّن من قياس التشابهات والفروقات بواحد أو أكثر من الجينات (سلسلة من الدي إن إ) للجزيء، ولو نعرف متوسط  إيقاع التغير لهذا الصنف من الجزيء، سنتمكّن من تحقيق معرفة مؤكدة لزمن إنفصال النوعين والبدء بإتباع طرق تطورية مختلفة.***

تتابع التقنيات الحديثة للتأريخ الجزيئي تطورها، وقد سمحت بتنقية تاريخ الأنواع (أشجار عائلية) التطورية:

كمثال، يعرف علماء التطوّر، إعتباراً من السجل الأحفوري والواقع التشريحي والمسلكي، منذ زمن، بأن حيوانات الراكون، الباندا الأحمر، الباندا العملاق والدببة:
 
 لديها سلف مشترك.

حيث يبيّن التحليل الجزيئي للدي إن إي لتلك الأنواع  هذه الإستقلالية،  كما أنه أعطى معلومة إضافية حول تعاقب التباعد التطوري بين هذه الأنواع. نعرف بأنه رغم تشابه الشكل والسلوك للباندا الأحمر والباندا العملاق، في الواقع، للباندا الأحمر قرابة أكثر مع الراكون منه مع الباندا العملاق، الذين قد انفصلوا بوقت متأخّر أكثر من الإنفصال عن خط الدببة. يُعتبر هذا المثال واحد بين كثير من الأمثلة، ويقدّم الدليل على أن تعاون علماء الأحياء الجزيئيين وعلماء الأحياء التطوريين، قد أعطى لوحة أكثر كمالاً وتفصيلاً للتاريخ التطوري لخطوط مختلفة نباتية وحيوانية.

وقائع إضافيّة من الأدلة

إضافة لواقع السجل الأحفوري والسجل الجزيئي، يوجد واقع غير مباشر لتطور الأنواع، يأتي من ملامح ملموسة لكائنات حيّة (ولجماعات كاملة)، والتي ليس لها معنى إلاًّ إذا إعتبرنا بأنّ الأنواع الحديثة معدلة تطورياً من أنواع مختلفة سابقة. ليس لتلك الملامح أبداً معنى إن صممها إله فوق طبيعي أو" صانع ذكي". 
 

سنرى بعض الأمثلة (المأخوذة من الكتاب الجامعي المعتبر "علم أحياء التطور" (غلافه بالصورة أعلاه) للأخصائيّ دوغلاس فوتويما وبكتابه المنشور للعامة بسلسلة – واقع التطور، بين مصادر أخرى)، وهي على التوالي:

أولاً:  واقع  النمو الجنيني

تُنتِجْ كثير من الأنواع (بينها كل الفقاريات) بيوضاً تتحول لأجنّة، لهذه الأجنّة ملامح أنواع سالفة قد لا تحمل فائدة لها، كمثال في المراحل الاولى للنمو:
 
  لدى أجنّة الزواحف والطيور والثدييات (والأجنّة البشرية) ذيل و"شق خيشومي كما في أجنّة الاسماك. تشكّل هذه الخياشيم في الأسماك غلاصم تخدمها بالتنفُّس ضمن المياه. تختفي تلك الخياشيم لدى السلاحف والدجاج والخنازير والكائنات البشرية بمرحلة متقدمة من النمو الجنيني ما قبل الولادة.
 
 لكن، لماذا توجد تلك الخياشيم لديها؟
 
ولماذا لدى الأجنة البشرية، في البدء، ذيل (والذي يختفي أيضاً ويتبقى منه عظم العصّ في طرف العمود الفقري فقط)؟ 
 
سيما إن يكن الله أو "صانع ذكي"، قد صمّم كل الكائنات بصورة منفصلة كما يقول الكتاب المقدس؟
 
 لن يمتلك معنى إمتلاكنا خياشيم أو ذيل لفترة زمنية معينة!!

لكن، هذا له معنى مهم عن تطوُّر الثدييات من مجموعة من الزواحف، التي قد تطورت من مجموعه من الأسماك.
 
 فالشقوق الخيشومية والذيل في الأجنة بقايا تطورية من الأسلاف.


ثانياً: واقع تطور الأنواع الآتية من ملامح أخرى متبقية
 

يحتفظ كثير من الأفراد من الأنواع، إثر الولادة، بملامح غير مفيدة أو ملامح مؤذية في بعض الأحوال. 
 
لدى بعض أنواع النباتات أزهار مذكّرة ومؤنثة مُنفصلة بصورة كليّة، مع هذا، لدى الأزهار المذكّرة، للآن، بقايا أزهار أنثوية (بقايا مدقّة) ولدى الزهور المؤنثة آثاراً لأعضاء ذكورية (بقايا سداة). 
 
ليس لهذا أيّ معنى فيما لو أنَّ الأنواع مخلوقة من مصمم واعٍ ذكي، لكن، نعم، فله معنى على ضوء نظرية التطور، فهذه البقايا عبارة عن آثار من الأسلاف، والتي قد أنتجت أعضاء مذكرة ومؤنثة في ذات الزهرة (كما يحصل للآن مع الكثير من الأنواع). 
 
أو سنرى الحيتان، للآن، مع عظام حوضية صغيرة نامية قليلاً وعلى ما يظهر لا وظيفة لها، و حتى لو تكن متصلة بباقي الهيكل العظمي. لا تتوافق هذه البنيات مع جسم طويل متكيف للتنقل في الماء، هي آثار تطورية لأسلاف الحيتان التي عاشت على اليابسة ولديها قوائم متصلة بالحوض. 
 
كذلك، لدى أنواع الأسماك والكائنات التي تعيش في كهوف مُظلمة عيون، علماً أنه لا يمكنهم الرؤية؟ 
 
سيصمم الله شيء غير معقول بهذا الشكل؟ 
 
الذي يحدث بأن تلك الكائنات التي تعيش اليوم في كهوف، تلد أنواعاً قد عاشت في بيئات مضاءة ولديها عيون تستخدمها للرؤية. 
 
لماذا لا تطير بعض الحشرات التي لديها أجنحة متبقية؟
 
 ببساطة لأنها تنحدر من أنواع إستخدمت تلك الأجنحة للطيران.

والكائنات البشرية؟
 

ذيل بشريّ عند طفل؛ ذيل لدى سيّدة؛ صورة شعاعية لفقرات الذيل البشريّ والصورة الأخيرة شهيرة جداً
 


 
لدينا قطعة ذيل صغيرة، عمود فقري وعضلات بطنية، كالموجودة لدى رباعيات القوائم، ولن تحمينا كلها من آلام الظهر (لأنها ليست "مصممة" لأجل المشي بوضع شاقولي أو مُنتصب)، لدينا زائدة (بقايا من الكيس المعوي لنوع سل) والتي لا تفيدنا وأحياناً تنسدّ وتُلوّث ويمكن أن تميتنا (يجري الحديث في دراسات حديثة عن فوائد للزائدة الدوديّة، لكن، الواقع أنّ عدم وجود تلك الزائدة بجسم الإنسان ليس له أيّ تداعيات مهمة، ولهذا، نبقى ضمن المربّع الأوّل! فينيق ترجمة). 
 
أيّ إله أو "مصمم ذكي" قد صمّم كائنات بملامح مادية غير مفيدة بهذا الشكل، ناقصة، وأحياناً، مؤذية؟

ليس لتلك البنيات الكثيرة المتبقية:
 
 أي معنى بعيداً عن كونها "مخلفات أو بقايا " تطورية من أسلاف مختلفين. 
 
من الضروريّ فهم واقع التطور، فهو ليس آلية "تحسينية"، أبداً لا "يبدأ من الصفر" ولا يمكنه بناء بنيات كاملة أو مثالية.  فقط، يمكنه "العمل بالذي لديه" في كل جيل جديد، يقوم التطور بتكوين بنيات "جديدة" من خلال التغيُّر الوراثي، الذي حضر لدى الأجيال السابقة مباشرة فقط.

ثالثاً: واقع التطور لأنواع آتية، من ملامح متماثلة الطبيعة، مليئة بالملامح المتماثلة

قد تتشابه أجزاء بأجسام الكائنات الحيّة ولو أنه لديها وظائف مختلفة. حيث تتشابه الأيدي للرئيسيات مع القوائم الأمامية للخُلد ومع الأجنحة للطيور والخفاش والديناصورات الطائرة ومع زعانف الحيتان والبطريق المتكوِّنة من ذات العظام لأسماك (مثل الزند والكارب وغيرها)، حيث تختلف نسب إنتشارها وتختلف وظيفتها بين (الإمساك، الحفر، الطيران والسباحة).

 
لكن، لماذا تتشكّل كلها من ذات العظام؟

لو إرتبط الأمر بقصّة" مصمم ذكي" فمن المؤكّد أنه قد صنع  يداً" أكثر كمالاً"، جناحاً أكثر كمالاً، زعنفة أكثر كمالاً.
 
 لكن، في الواقع، تلك البُنى ليست "مثاليّة" أو كاملة لإتمام وظائفها. لهذا النقص الوظيفي والتشابه البنيوي تفسير، يقول بأنها نتجت عن حدوث تعديلات تطورية على أطراف موجودة، قد حضرت لدى أنواع سابقة.
 
 لا يوجد تفسير منطقي آخر.

يمكن قول هذا في واقع كل أشكال الأحياء في الكوكب (بكتريا، نباتات وحيوانات) والتي تستخدم ذات القانون الوراثي الأساسي، تستخدم كل الأنواع  ذات الأحماض النووية (مكونات كيميائية للدي إن إي) لأجل إنتاج ذات النماذج من الأحماض الأمينية (التي تبني سلاسل من البروتينات كيميائياً}.
 
 يمكن تنظيم الحياة مع قانون وراثي آخر، لكن، لم يظهر حتى الآن! 
 
تُبنى سلاسل البروتينات مع أحماض أمينية لبنية كيماوية دي أو إل (صيغتان متساويتان، لكن، متعارضتان)، لكن، ينتج بأن كل البروتينات التي تنتج في كل الأنواع في الأرض تحتوي، خصوصاً، على أحماض أمينية من الصيغة إل.
 
 لا يوجد أي سبب مطلق وراء تنظيم الحياة بهذا الشكل، لدى هذا النموذج الكوني معنى لأن كل الأنواع قد تطورت من سلسلة من الأسلاف المشتركين، وهذا عائد لبدايات الأحياء في هذا الكوكب منذ 3.5 بليون عام. فمن البديهي، أنّ الأشكال الأولى للأحياء، قد إستخدمت الحموض الأمينية إل لأجل صنع البروتينات، وهكذا، تابع متحدروها طريقهم ببساطة.


رابعاً: واقع التطور للأنواع الآتية من التقارب
 

الملامح المتقاربة هي تشابهات شكليّة ووظيفيّة، لكن، فيها عناصر مختلفة غير مُشتقّة من ذات الملمح السلف. 
 
فعلى سبيل المثال، تُحقّق أعين الفقاريات وأعين الرخويات (مجموعه من اللافقاريات التي ينتمي الأخطبوط والحبّار لها) وظيفة متشابهة تتمثّل في الرؤية (لكن، تأتي من تطور بنيات مختلفة).

كذلك، زعانف الأسماك وزعانف الحيتان متشابهة وتحقق ذات الوظيفة (مخر المياه)، لكن، هي نتيجة تعديل تطوري لبنيات تشريحية مختلفة قد حضرت لدى أسلافهم.

تتمكّن الباندا من الإمساك والتحكم ببراعم الخيزران مع ما يشبه إصبع الابهام، لكن، تلك "الأصابع"، في الواقع، دون عظام أصابع، بل هي عبارة عن تعديلات بعظم المعصم لنوع سلف.


ما توضِّحه كل تلك الأمثلة:


 
1. يمكن أن تتطوّر الوظيفة بأكثر من شكل.

2. يتوقّف الشكل الخاص الذي به تتطوّر (البنية سابقة الوجود للإنحراف) على المادة الصالحة لدى جماعة الأسلاف السابقين مباشرة.

أحياناً، توضِّح جماعات كاملة من النباتات أو الحيوانات واقع تطور متقارب، فالتنوع الهائل بأشكال الأحياء في الكوكب دليل على أن التطور البيولوجي فعل خلاق، وبأن الإنتقاء الطبيعي آلية هائلة القدرة لتشكيل تغيرات في كل الكائنات.

سنرى بعض الأمثلة:

أنواع محدّدة من الصبّار في صحراء أميركا الشمالية - كالبيتايا الحلو، أيضاً يسمى أورغانو - متشابهة كثيراً مع أنواع من عائلة نباتات إوفوربيا بجنوب أفريقيا، بحيث من الصعوبة بمكان تمييزهم عن بعض. لكن، لا تمتلك العائلتان أية قرابة مباشرة، فهما عبارة عن خطّين نباتيين منفصلين سابقاً وقد تطورت تشابهاتها الحالية في الشكل والوظيفة، بوقت لاحق، وبشكل مستقل، وببساطة، كنتيجة للإنتقاء الطبيعي، الذي أنتج تكيُّفات متشابهة ببيئات متشابهة، وهنا، الصحارى. 

مثال آخر، هو في العائلات الأربع للطيور التي لديها منقار متكيف مع إمتصاص الرحيق من الازهار: كوليبري الشمال وجنوب أميركا، نوع بهاواي، السوليس بأفريقيا وماصّ العسل بأوستراليا.
في العائلات الأربع، تطورت تكيفات المنقار بشكل مستقل. تُشكِّل خطوط تطورية مختلفة، لكن، إكتسبت الخطوط الأربعة، بطول زمن كبير، تكيفات كثيرة الشبه في بيئات متشابهة. 
 
  المثال الأشهر للتقارب التطوري هو في واقع الثدييات المشيمية والثدييات الجُرابية. 
 
فالجُرابيات هي ثدييات تلد أولادها الغير مكتملة النموّ في جيب خارجي لدى الأم
 كالكنغر، وتعيش بصورة رئيسيّة في أوستراليا. هي مختلفة جداً عن الحيوانات المشيمية، التي تنمو أولادها ضمن رحم بمشيمة، وليس لديها جيب خارجي، هذه أكثر انتشاراً وتعيش في كل العالم. تنوّعت الجرابيات في أوستراليا عبر ملايين السنين قبل أن تصل ثدييات مشيمية للقارة (خصوصاً، الآن، الثدييات المشيمية الموجودة في أوستراليا "مستوردة "حديثاً نسبياً). المثير أنه على الرغم من مضي ملايين الأعوام على وجود طرق تطورية منفصلة، لدى كثير من الجرابيات الأوسترالية  نظير متطابق كلياً تقريباً في عالم الثدييات المشيمية في أماكن أخرى من الكوكب. لدى هذا النظير ذات المظهر، سلوكه هو ذاته، يحصل على طعامه بطريقة مشابهة، ...الخ.  
 
 يوجد ذئب جرابي (ذئب تاسمانيا أو يابي) وذئب مشيمي؛ يوجد "فأر" جرابي مشابه للفأر المشيمي، يوجد خُلد، سناجب طائرة، دب نملي وقطط مشيمية وجرابية. 
 
كيف يتم تفسير هذا؟
 
 يظهر أنه عند إنفصال أوستراليا عن باقي القارات منذ أكثر من 50 مليون عام، لم يكن لوقتها فيها ثدييات مشيمية، والتي قد تطورت في أجزاء أخرى من العالم. 
 
هكذا، تطورت الثدييات الجرابية منفصلة، منعزلة عن الثدييات المشيمية لملايين الأعوام. تشغل الأنواع الجرابية  كثير من الأماكن وتشكل "مشكاة" بيئية، قد شغلته الثدييات المشيمية بأمكنة أخرى من العالم.


خامساً: واقع التطور لأنواع آتية من "تصميم أقل من الجيد "


نكرّر، التطور ليس "آلية تحسينية" بالمطلق. 
 
مهم جداً فهم هذه النقطة.

يرى كثيرون بأن التطور يقول بتطوُّر كل الأنواع من نباتات وحيوانات، دوماً، بإتجاه واحد، وأنها دوماً "تتكيف أفضل" مع بيئتها.  
 
هذا خطأ. 

فلا يسير التطوّر بخط مستقيم نحو "التقدم أو التحسُّن". 
 
نعرف بأنّ الكثير من الأنواع تظهر متكيفة بطريقة رائعة مع بيئتها، كتطور التمويه، الذي يسمح بتكامل ألوان بالعمق مما يسمح بتحاشي المفترسين. لكن، كل الملامح للكائنات  ليست متساوية "ومتكيفة" جيداً مع بيئتها. كذلك، تتغيّر البيئة (حيث نجد ضمن الجماعات الحيّة منافسين ومفترسين، وليس فقط درجة الحرارة، الرطوبة وأيضاً الصفات الفيزيائية) دوماً. بالتالي، التفاعل مستمرّ بين الكائنات والبيئة، والذي يمكن أن يعكس "تكيُّف " بمضمون محدد، ويمكن ألاَّ يحدث عند وجود تغيُّرات.

لنتذكر بأن التطور بالإنتقاء الطبيعي، ببساطة، يريد القول بأن الملمح الموروث، الذي يعطي الفرد من جماعة " فائدة مولدة " بشكل أوتوماتيكي، سيتوجب عبوره للمتحدرين وينتشر لأكثر وأكثر من الأفراد خلال الأجيال المتعاقبة، لكن، هذا سيحصل إن يكن هذا الملمح أيضاً لديه جانب سلبي، إن يمتلك جوانب "لتكيُّف سيء".

كمثال، نجد لدى ذكور أنواع من الحيوانات ملامح فيزيائية مُبالَغْ فيها كطول الذيل الملوّن للطاووس أو ضخامة القرون للوعل، وعل الشمال والأيل. 
 
حيث تثبت الإختبارات بأن الإناث تفضل التلاقح مع الذكور "الجذّابة (كامتلاك ألوان صارخة مثلاً)" أكثر. سيكفي هذا الواقع (إختلاف بالإنتقاء الطبيعي المدعو إنتقاء جنسي) لتحقيق نشر أكبر للملامح  "الجذّابة" من جيل لجيل (حيث يُنتج الذكور المهيمنون متحدرين أكثر)، دوماً، وعندما تُورّث هذه الملامح (مثلما، هو حال ريش ذيل الطاووس). 
 
إن تتلاقح الذكور الجذّابة أكثر لأنهم أكثر "جاذبية "مع الإناث، فستنتشر الملامح الجذّابة من جيل لجيل ويمكن أن يُهيمن حضورها أكثر مع الزمن. يتوافق هذا مع عمل الإنتقاء الطبيعي. 
 
لكن، لا يمكننا القول بأن هذا الإتجاه التطوري قد حمل الطاووس "لتحقيق تكيف أفضل" مع بيئته بإتجاه عام، كمثال، لا يفيد الذيل الكبير الطاووس بتحصيل الطعام، أو الوقاية من درجات حرارة شديدة ولا من الإختفاء من وجه المفترسين. بالنتيجة، غالباً، يوجد "تكافؤ" بين الفوائد والمضار لملامح مختلفة عندما تتطور الجماعات

إن تُبرِزْ كثير من التغيرات التطورية تكيفات مع البيئة المحلية، فلا يعني بأنّ كل النزعات التطورية واتجاهات التغيُّر هي تكييفية.  
 
وهنا، تحضر آلام الظهر والورك عند البشر، ببساطة، لأن هيكلنا العظمي ليس (كامل التصميم) لأجل المشي المُنتصب الشاقولي. 
 
كذلك، لدى الكائن البشري إتجاه خطر بالإختناق أو الإنسداد مع الطعام، حيث يعترض المجرى الحامل للهواء للرئتين المجرى الحامل للطعام للمعدة. لكن، هذا ليس" تصميم" واعي، بل هو منتج من تاريخنا التطوري، فقنوات التنفس لكل الفقاريات الأرضية، أيضاً، قد تطورت في الماضي البعيد كتعديلات ببنيات سابقة (من "حويصلات سباحية" لأسماك عظمية وأسماك ديبنويس، أو سمك الرئة ،التي شكّلت رئات بدائية). 
 
سمح هذا "التجديد" التطوري لأوائل الفقاريات الأرضية بالتنفس خارج الماء وإستعمار بيئات جديدة. 
 
لكن، مع كل الفرص الجديدة والفوائد، قد بقيت المشكلة الصغيرة "لتقاطع" مجاري الهواء والطعام. 
 
وتفاقمت هذه المشكلة عند الكائن البشري، عندما غيّر التطور نحو الوضع الشاقولي، الذي غير وضع الرأس والبلعوم نسبياً. 
 
كما قلنا، ليس لدى الكائن البشري "تصميم جيد" لأجل المشي بوضع شاقولي (منتصب). شكّل هذا الوضع فائدة لنوعنا، لكن، بذات الوقت، خلق ضغوطات على العظام والعضلات، لأن وضعية الإنتصاب، قد تطورت إعتباراً مما حضر سابقاً، من الجسم السابق لأسلافنا التي لم تمتلك وضعاً منتصباً بل مشت على أربع قوائم .
 

سادساً: واقع النماذج للتوزيع الجغرافي للأنواع في الكوكب
 

ليس للنماذج المتوزعة، لمجموعات كثيرة من النباتات والحيوانات في العالم، معنى إن لم تنحدر من أسلاف مشتركين. كمثال، لدى الأجناس الأقدم من الحيوانات، التي تعيش على الأرض (كالبرمائيات والزواحف) متحدرين متشابهين نسبياً (يتشابه الضفدع والحنش) في كل القارات. 
 
هذا ليس مفاجئاً، لأن السجل الأحفوري يشير لأن البرمائيات والزواحف، قد تطورت وإنتشرت بكل العالم قبل إنفصال القارات بكثير. من جانب آخر، الثدييات، التي تطورت فيما بعد (تظهر في السجل الأحفوري، عندما بدأت القارات بالإنفصال) قد تابعت طرقاً تطورية منفصلة ومتنوعة في القارات المختلفة (كما رأينا حالة الجرابيات الأوسترالية بالغة الاختلاف عن الثدييات المشيمية بقارات أخرى، وكثير من الثدييات بأفريقيا، كالرئيسيات، هي مختلفة عن التي في أميركا).

يمكن لعلم التطور تفسير وجود نماذج، كهذه، مؤسساً على الزمن المنصرم، منذ أن إنفصلت الخطوط المختلفة، وفي الزمن، الذي قد تطورت فيه بصورة مستقلة. 
 
تُبدي كثير من أنواع طيور الجزر، كمثال، وجود تنوع كبير فيما بينها ببعض التكيفات التطورية، لكن، تحتفظ بكثير من الملامح المشتركة مع نوع يعيش في اليابسة. 
 
 هذا منطقي بشكل كامل لو تكن الأنواع الجُزُريّة (التي تعيش بجزيرة) متحدرة ومعدلة من أفراد اليابسة، الذين قد هاجروا للجزيرة، وبعدها قد تنوعوا (مع نشوء أنواع متكرر متصل بتنوع عناصر بيئية) لكثير من الأنواع .
 

سابعاً: واقع تطور الأنواع الآتي من واقع توافق خصائص للكائنات مع نظام التصنيف التراتبي "المتداخل"


قد يبدو هذا معقداً، لكن، هو ليس كذلك. 
 
كما قلنا سابقاً، يعني التصنيف" التراتبي المتداخل" نموذج تصنيف "لمجموعه داخل مجموعه" حيث تندرج طبيعياً كل الأنواع، عندما يجري توصيف وتصنيف الشُعَبْ (الشجرات العائلية) وفق ملامح مشتركة لديها.

في التطبيق، تتداخل خطوط التحدُّر (التي تنقل الأسلاف، عبرها، بعض الملامح للمتحدرين، من جيل لآخر): 
 
بصورة منتظمة بنموذج تراتبي متداخل.


إشارات

 *  في الوقت الراهن، توجد تقنيات عديدة معنيّة بتأريخ الأحفوريات (تحديد العمر النسبي). فقد تمكّن العلماء من خلال إستخدام تقنيات التأريخ من التحقق والتأكّد من الأنواع الحيّة الأساسيّة (تعاقبات أساسية لأنواع أسلاف ومتحدرين، والأنواع التي تشكل شجرة الأحياء) والتي ثبتت بمقارنة التشابهات والفروقات تشريحياً ونمو مختلف أنواع المجموعات الكبرى من النباتات والحيوانات.

 **  البنية الأساسيّة لجينات محدّدة، كمثال الجينات التي تنظم مشاهد النمو التشريحي للجسم، بقيت بكل هذا الثبات بطول ملايين من الأعوام، ويمكن العثور عليها، بشكل أساسي، متعادلة لدى كائنات مختلفة (وبذاك الإختلاف من وجهة نظر تطورية) كالبكتريا وذبابة الفاكهة. وذات الأمر، يحصل مع البنية الكيميائية لبروتين الهيموغلوبين بالدم لدى البشر والشمبانزي، فهو ذاته تقريباً، حتى لو إنفصل الخط البشري وخط الشمبانزي عن سلف مشترك منذ 5 ملايين عام تقريباً، ومن وقتها، قد تطورا بشكل منفصل.

***  للأخذ بالحسبان لواقع صنف محدّد من الجزيء البيولوجي، لا يتغير، دوماً، بإيقاع ثابت، وستتكرر الحسابات مع أكثر من صنف من الجزيء.

 
 
قد يهمكم الإطلاع على مواضيع ذات صلة
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 

ليست هناك تعليقات: