La ciencia de la evolución y el mito de la creación علم التطور وأسطورة الخلق - الجزء العاشر The science of evolution and the myth of creation - <center> Fénix Traducción فينيق ترجمة Phoenix Translation </center> Fénix Traducción فينيق ترجمة Phoenix Translation : La ciencia de la evolución y el mito de la creación علم التطور وأسطورة الخلق - الجزء العاشر The science of evolution and the myth of creation

2009-09-13

La ciencia de la evolución y el mito de la creación علم التطور وأسطورة الخلق - الجزء العاشر The science of evolution and the myth of creation

The Science of Evolution and the Myth of Creation

 

إختبارات مصحوبة بالفُكاهة

في المؤتمر السنوي للجمعية الأميركية للتقدم العلمي (جمعية أميركية لأجل تقدم العلم)، خلال شهر شباط فبراير العام 2003، جرى نشر البيان التالي:

  التطور، هو مبدأ مُوحِّد حيوي ويتلقى دعم علم الأحياء؛ كذلك، يدعم الدليل العلمي إمتلاك  الكائنات الحيّة لأسلاف مشتركة. رغم وجود نقاشات جديّة ومشروعة حول نماذج ووقائع التطور، فلا توجد شكوك علميّة جديّة تطال حدوث التطور عبر آليّات كالإنتقاء الطبيعي وسواه. إدخال العلم الخلقي الزائف (كمثال، "التصميم الذكي") في منهاج علوم المدارس العامة هو عمل غير مناسب، من زاوية علميّة، وغير مسؤول، من زاوية تربويّة.

تتفق أغلبية علماء الولايات المتحدة والعالم مع هذا البيان الواضح والصريح. 
 
هذا ما بيّنه (المركز الوطني للتعليم العلمي) الذي نشر في حلقات علميّة  طلب تواقيع مساندة. لكن، من الأخصائيين بهذا الحقل حاملي إسم ستيف أو ستيفن فقط.

مثل ستيفن جاي غولد

لماذا فقط من هؤلاء؟

أولاً: تكريماً لذكرى عالم الاحاثة وعالم الاحياء التطوري ستيفن جاي غولد المتوفي من فترة قريبة، والذي قد تفرَّغ وكرّس حياته لتعميق معرفة المباديء الرئيسية للتطور ولآلياته.

ثانياً: لوجود كثير من المختصين بكل الحقول العلمية من كل العالم، ويتفقون مع البيان، الأمر الذي يجعل إلتماس التواقيع من الجميع مهمّة مستحيلة. لهذا، طلبوا التواقيع ممن يحملون إسم "ستيف" كشاهد بسيط من المؤسسة العلميّة.
 يرغب المركز الوطني للتعليم العلمي البرهنة عبر الفكاهة على تماسك وتوحُّد الموقف العلمي من التطور.

كما تشرح إيوغيني سكوت المديرة التنفيذية للمركز الوطني للتعليم العلمي في الولايات المتحدة:

بالنسبة للخلقيين، يسرُّهم كثيراً تجميع قوائم الدكاترة، الذين يرفضون التطوّر لإعطاء إنطباع مزيَّف، يقول بأن المؤسسة العلميّة تقترب من رفض التطور. طبعاً، لا يوجد شيء من هذا. فقد ساهم مئات من العلماء  بوضع البيان أعلاه، وقد طلبنا التواقيع ممن أسماؤهم ستيف فقط، الذين يشكلون ما نسبته 1%  من العلماء والأخصائيين تقريباً. !!!

يمكن الإطلاع على قائمة العلماء والأخصائيين الداعمين للتطوُّر وبأسماء ستيف وستيفن من المصدر الاساسي، هنا.


التأويل الخاطيء لكلام العلماء، هو التكتيك المُفضَّل عند الخلقيين

يشتهر الخلقيون بمناهج طرح خاطئة. فليس لدى "العلماء الخلقيين" وخلقيي فريق التصميم الذكي أيّ دليل علمي على ما يطرحونه. لم يقوموا بنشر أيّ بحث (ولا بحث واحد) في مجلّة علميّة رصينة (تنشر مقالات نقدية ومُقيّمة من قبل الكثير من العلماء ذوي الإختصاص في الحقل موضع البحث).

أُعيد، تتفق غالبية العلماء (في كل الحقول العلمية) حول تلك النقاط الأساسية في التطوُّر. حيث يتناقش علماء التطوُّر بشكل دائم، وكما في أي حقل علمي، حول كل القضايا قيد البحث، فدوماً، هناك مستجدات بحثية تحتاج الإهتمام.

كمثال، يهتم علماء الأحياء التطوريين بمعرفة فيما لو أن الكثير من التغيرات التطورية بدرجة كبيرة، والتي قد حدثت بطول تاريخ الحياة على الأرض:
 
 قد حدثت بسرعة أكبر وتدرُّج أقل مما جرى التفكير به (خصوصاً في حقب مهمة، قد حصل فيها تغيرات مناخية وبيئية)، أو يتناقشون حول الأهمية النسبية للإنتقاء الطبيعي مقارنة مع الإنحراف الوراثي في التطور لجماعات مؤكدة (الإنحراف الوراثي، عبارة عن تغيرات ملحوظة بالتناوبات الجينية التي تحدث لدى جماعات بمرور أجيال جرّاء ظواهر مثل الهجرات). هي نقاشات منتجة وإيجابية.

لكن، تعمل القوى الخلقية (بما فيهم فريق التصميم الذكي) تأويلات خاطئة لما يقوله علماء الأحياء التطوريين وعلماء تطور آخرين، لأجل خلق أخطاء بنظرية التطور غير موجودة فيها أساساً.  
يكذبون، يشوهون كلمات العلماء ويضعونها خارج سياق نصها. ويتابعون فعل هذا حتى بعد أن يقول لهم العلماء بأنهم يقومون بالتأويل الخاطيء!!!

كمثال، منذ بضع سنوات، لاحظ العالمان التطوريان ستيفن جاي غولد و
نيلز ألدريج بأن الخطوط التطورية الكبرى، تظهر بشكل فجائي في السجل الاحفوري، في الغالب، واقترحا رجوحيّة إنتشار التغير التطوري، على مستوى الدرجة الكبيرة، بشكل متدرج في حقب زمنية جيولوجية، وبسرعة أكبر في غيرها (يسمى هذا النموذجتوازن نقطيّ" ").

إن يتأكد هذا، وفيما لو يتشابه إيقاع التغيرات التطورية الكبرى، فيما لو تتصف بعض الحقب الجيولوجية "بتوازن نسبي"، عندما تتغير أنواع وخطوط كثيرة، قليلاً، خلال زمن طويل (بسبب حدوث تغيرات صغيرة وتسويات تطورية معتادة وثابتة، لكن، عموماً دون حدوث تغيرات مؤثرة كظهور ملامح جديدة ودون التسبُّب بظهور أنواع وخطوط جديدة)، بينما، تتصف حقب جيولوجية أخرى بحدوث تغيرات تطورية كبرى أكثر تمركزاً وشدة (مثل "هبّات" أو "بدايات مدّ وجزر" للتنوع، تتولّد أنواع وخطوط جديدة كثيرة خلالها):
 
 إذاً، يمكن التنبؤ بمُلاحظة النماذج المتناوبة (حقب طويلة للتوازن النسبي بخطوط كثيرة نباتية وحيوانية، متوقفة أحياناً، خلال حقب قد حدثت تغيرات تطورية هائلة على مستوى الدرجة الكبيرة) في السجل الأحفوري.

تنبَّأَ ألدريج وغولد بأنه فيما لو تثبت صحّة إقتراحهم من خلال نموذجهم للإيقاع المتغير للتغير التطوري ،فستظهر نقاط "إنحدار" فُجائية في السجل الأحفوري وفيها كثير من الأنواع والخطوط (دون نسيان أن "إنحدار" كهذا في درجة الزمن الجيولوجي، ربما هي بضع عشرات أو مئات آلاف الأعوام!!)، وفي الغالب، تميّزت تلك الحقب بحدوث تغيرات مناخية أو بيئية كبيرة.

لكن، بعدما سمع الخلقيون بالكلام عن نموذج التوازن النقطي، وأنه قد انتقد الداروينيين التقليديين، الذي رؤوا بأن التطور قد حدث بذات الخطوة (الإيقاع) دوماً؛ فاعتبروا أن العالِمَيْن قد قالا أن "داورين على خطأ" وسارعوا إلى نشر هجائية تحت عنوان "يؤكد علماء من جامعة هارفارد بأن نظرية التطور هي أكذوبة (
في الواقع، داروين إضافة لعالم الأحياء توماس هنري هاكسل، صديقه المؤيد القوي، استشفا بأنه لا تحدث كل التغيرات التطورية بذات الايقاع دوماً)".
 

أصابت إستنتاجات الخلقيين كلّ من ألدريج وغولد بالذهول!! واشتهرا، بالأصل، بالدفاع العلميّ عن مباديء نظرية التطور. فقد تفرّغ غولد طوال حياته المهنية لتعميق المعرفة بآليات التطور. بينما يتابع ألدريج كتاباته بالدفاع عن التطور والتصدي لنظرية الخلق.

بل أكثر من هذا، إعتبرا بأن الخلقيين قد شوّهوا وجهات نظرهما.

عندما عرضت محطة تلفزيون بي بي إس سلسلة وثائقيّة مهمة عن التطور، هاج وماج  الخلقيون وفقدوا رشدهم.  
 
فبدؤوا بتحوير ما جاء من كلام على لسان الأخصائيين التطوريين وكعادتهم!!!!!!!!

مثال آخر،إانتقد الخلقيون  السلسلة، لأنها لم تقل أن الحقل الجديد نسبياً "علم النفس التطوري" قد أحدث جدلاً في دوائر علماء التطور.
 
 (يؤكد علم النفس التطوري أن قسم كبير من السلوك الراهن للنوع البشري، قد صاغه الإنتقاء الطبيعي مباشرة عند أسلافنا، علماً، أن هناك من يعارض هذا الرأي بين علماء التطور). 
 
لكن، تُشير السلسلة التلفزيونية إلى أن الحقل الجديد "علم النفس التطوري" مثير للجدل وأن كثير من علماء الأحياء التطوريين لا يرونه صالحاً.

آخر مثال من أمثلة التلفيق الخلقيّ:
 
 فقد إنتقد الكيميائي الحيوي مايكل بيهي (الأبرز بفريق التصميم الذكي من الخلقيين) طروحات العالم ستيوارت كوفمان الباحث بإمكان ظهور أنظمة بيولوجية معقدة" منظمة أوتوماتيكياً" انطلاقا من مكونات بسيطة. 

 
قال بيهي بأنّ عمل كوفمان في حقل التنظيم – الأوتوماتيكي الجزيئي يقدم "بديل للإنتقاء الطبيعي"، وبالتالي، يرى كوفمان بأن الإنتقاء الطبيعي ليس صالحاً، وعلى الأرجح، هو يتفق بهذا مع الخلقيين. هذا خاطيء كلياً، شعر كوفمان بالحنق الشديد لأن الخلقيين قد شوهوا كلامه (كما يفعلون، بشكل مستمر، مع الكثير من علماء التطور).

علَّقَ كوفمان، قائلاً:

"
الأكاديميون لديهم كامل الحريّة بتفسير عمل زملائهم كما يريدون، لكن، انا أريد التأكيد على أنّ ما يطرحه "علماء نظرية الخلق" و"نظرية التصميم "عن أعمالي عارٍ من الصِحّة. 
 
يُشير عملي حول التنظيم الأوتوماتيكي لأن التنظيم التلقائي للأنظمة البسيطة يمكنه توفير مصدر ثاني للتنظيم في علم الأحياء إضافة للإنتقاء الطبيعي. 
 
لا يعني طرحي أن المبدأ الدارويني للتحدُّر مع تعديلات قادت "لشجرة الأحياء الورافة غير صالح. ولا يستلزم أيضاً القول بأن الإنتقاء الطبيعي ليس آليّة مركزية للتطور.
 
 فما أطرحه يعني أن صيغاً مؤكدة لتنظيم أنظمة معقدة، مثل السلوك المنظم للشبكات المنظمة الوراثية، هي أكثر ترجيحاً وواقعيّة وطبيعيّة مما فكَّرنا به، وهي تذهب ضد نظرية التصميم، التي تقول أن أنظمة بذاك التعقيد تدفع للإستنتاج أنّ هناك تصميم ما. بالتالي، لا يمكن إستنتاج ما إستنتجته جماعة التصميم الخلقية".

في البداية وتطلُّع للمستقبل

في الولايات المتحدة، اليوم وفي بدايات القرن الواحد والعشرين، هناك الكثير من المؤمنين بآلهة وكائنات فوق طبيعية. لكن، يعترف الكثير منهم، أيضاً، بأن الحياة في الكوكب قد تطورت بطول آلاف ملايين الأعوام وأن كل الأنواع في الأرض (بما فيها الكائن البشري) هم أقارب لأنهم منحدرين من أسلاف مشتركين.

كذلك، يعترف الكثيرون بأن الكتاب المقدس كلام بشريّ، وبالتالي، فيه أخطاء ومواقف مبنيّة على رؤية مجتمع قد عاش منذ 2000 عام أو أكثر. يؤدي تحبيذ العنف والهمجية وإنعدام التراحم الإجتماعي، التي يتضمنها الكتاب المقدس (تبرير العنف الذكوري ضد المرأة والأطفال والعبيد؛ مديح الجيوش التي مزّقت رؤوس الأطفال وخربّت المدن؛ النصح بقتل المثليين جنسياً ...الخ) بالكثير من المؤمنين الحديثين لمراجعة مضامين إيمانهم. حيث يقرّر الكثيرون تجاهل الكثير من تلك الامور القداسية. في الواقع، يرى كثير من المؤمنين المُنفتحين بأنه عند لحظة إعتبار الكتاب المقدس "كلام الله الحرفي" فيجب "إنتقاء" ما يُفيد لصياغة دليل أخلاقي لأجل العيش في عالم اليوم.

اليوم، يوفِّقُ المؤمنون النبيهون بين شيئين هامين للحياة البشرية:

1- الإعتقاد بكائن فوقي "في الأعلى" فوق الطبيعة والبشرية (إله "فوق طبيعي").

2- الإعتراف بالعلم الحديث (وبالتطور بالطبع).

 يريدون هذين الشيئين. يحتاجون الإثنين. لديهم قناعة كاملة بأنه لا يجب إستعمال العقائد الدينية لرفض الفوائد، التي توفرها مجموعة المعارف والإكتشافات العلمية للبشرية.
 
 لكن، فيما لو أن العلم يمزّق حجابات الجهل بشكل مستمرّ، فأين يمكن للمؤمنين الحديثين "العثور" على إله؟ 

هل نمتلك معرفة كاملة عن أصول أوائل أشكال الأحياء؟

من الواضح أنه، للآن، كلاااااا.
 
(لن نمتلك معرفة كاملة عن أيّ شيء بأيّ لحظة ... فينيق ترجمة)

لكن، كما يشير كثير من علماء الأحياء، حتى لو أننا لا نفهم بشكل كامل كيف ظهرت أوائل أشكال الأحياء "في الحساء الكيميائي" في الأرض البدئية (وها إننا نبدأ بفهمه)، فلا يوجد أي شكّ بأن الأحياء قد تطورت، وأنها قد تابعت تطورها بشكل متواصل منذ أن ظهرت، ونعرف الكثير من آليات هذا الواقع التطوري.
 
 ففي الواقع، يوجد بضع ثغرات في معرفتنا لكيفية ظهور أوائل الكائنات الحية (كائنات وحيدة الخلية شبيهة بالبكتريا وحيدة الخلية) كما "للحساء الكيميائي"، التي تعود لما قبل 3.5 بليون عام، لكن، هذا لا يريد القول، بأنه يتوجب علينا الإعتراف بهزيمتنا والقول أنّ "الله" هو الحلّ. 
 
فما لا نعرفه اليوم، لا يعني بأننا لن نتمكن من معرفته لاحقاً. 
 
كمثال، لم يعرف أسلافنا شيء عن صمامات القلب ولا عن العصبونات ولا شيء عن الدي إن إي، مع أنها حاضرة بأجسامهم!!! 
 
في زمن لاحق، ومع تطور المعرفة البشرية:
 
 بيّنها كلّها العلم لنا وليس الله!
 

متأملا بأصول الأحياء في الكوكب، كتب عالم الإحاثة نيلز ألدريج، ببراعة، منذ العديد من السنوات، في كتابه الممتاز (إنتصار التطور وإخفاق الخلق)، الآتي:

"بكل أرجاء العالم، ظهرت جزيئات عضوية معقدة (مثل الاحماض الأمينية، العناصر التي تشكل البروتينات) يمكن إصطناع الكثير منها، ببساطة، بتمرير شرارة على مزيج غازي من الأمونياك والميتان والهيدروجين والماء، وهو ما فعله ستانلي ميلر خلال خمسينيات القرن الماضي للمرة الأولى، عندما إستعمل العناصر التي شكّلت المكونات الرئيسية لأجواء الأرض البدائية.

يكرّر الخلقيون بأن تلك النتائج، تبتعد كثيراً عن الخلق الحقيقي للحياة.

فيما يؤيد علماء الأحياء هذا، حيث أن تجارب، كتلك، تقترح وتساعد فكرة ظهور الأحياء كواقع  طبيعيّ. 
 
إجتزنا في فترة وجيزة من تاريخ الكيمياء الحيوية الحديث تحليلات مخبرية، تتوخّى التحقُّق مما تكونه البروتينات (إعتباراً من أواسط القرن التاسع عشر)، وقمنا بفكّ الشيفرة الوراثية (أواسط القرن العشرين)، عرفنا الأيام الدُواريّة للإستنساخ الجيني (نهايات القرن العشرين). 
 
أصل الأحياء، يُطرَح كمشكلة كيميائية حيوية، وعدم حسمها بشكل كامل العام 2000 ليس مفاجئاً، ولا يعني بأنه لن يُحلّ. 
 
لكن، لو نتابع تعليمنا للأطفال بأن قضايا، كتلك، تقع خارج نطاق العلم وهي عمل خالق!!! سنخفِّض من إمكانياتنا لحلّها. 
 
وهذا ما يريده الخلقيون، سيما "فيليب جونسون وزملائه".

كلما يتقدم العلم أكثر، كلما تقلّ سطوة الأفكار البشرية الأسطورية الألوهيّة. 
 
وستظهر على حقيقتها كمحاولات بشرية لتخيُّل الشيء، الذي للآن، لا يمكننا فهمه. 
 
هكذا، أقترح على المؤمنين المعترفين بالدليل العلمي التطوري، الآتي:

 من المفترض، أننا لن نخسر شيئاً من الدهشة والإحترام أمام ما لا نعرفه أو نفهمه بشكل كامل (ولا أمام كثير من الأشياء، التي، بالكاد، نفهمها الآن) أبداً، بل سنتابع طرح الاسئلة العميقة حول كل شيء، سنعمل لتوحيد الجميع (من مؤمنين وملحدين وغيرهم) الذين يريدون عمل أي شيء بإمكاناتنا البشرية لتحسين الظرف البشري، من خلال تطبيق المناهج العلمية للوصول للحقيقة (للمعلومة الأصحّ). 
 
حيث تساعدنا المناهج العلمية للكشف، دوماً، وتساعدنا للفصل بين ما يوافق الواقع المادي، كما هو في الطبيعة والمجتمع، و ما لا يوافق هذا الواقع. في عمليّة إكتشاف حقائق جديدة حول الواقع، سيتوجب علينا الإنتباه لأفكار قديمة وعقائد بالية، من حين لآخر، ليس بسبب قدمها فقط، بل لأن المنهج العلمي يثبت أنها لا تتوافق مع الواقع.
 
 
لا يوجد في "مجموعة أدواتنا" البشرية شيء أهم من منهج علمي، يسعى إلى إكتشاف الحقيقة أو تحقيق الفهم الأفضل، منهج مطبق بصورة منتظمة، منهج بحد ذاته هو نتاج التطور والثورة الثقافيّة في التطور البشري (وفي طرق تفكيرنا).
 
 بالنسبة للمؤمنين وغير المؤمنين، أقول لهم ذات الشيء:

لماذا لا نتبنى ميثاق بإعتماد المناهج العلميّة لأجل إكتشاف الحقيقة أو تحقيق الفهم المتنامي الأفضل لجميع الظواهر، حتى حين يُناقض وينقض، ما نكتشفه أو ما نتوصل إليه، أفكارنا وتقاليدنا القديمة، علمية كانت أو دينية؟


هل بإمكان حملة دعائية منظمة وممولة جيداً "إلغاء" واقع التطور؟

من المفترض أنه كلااااااااااا.

 
لكن، نعم، يمكنها تحقيق أذى كبير عبر الدفع بملايين الاشخاص (خصوصا من الشباب الذي ليس لديه الخبرة الكافية) للإقتناع بأفكار خاطئة كلياً ولرفض التطور والعلم بشكل عام كمنهج لمعرفة وتغيير العالم.

هذا يساهم بالسياسات المهينة الرجعية بأعلى المستويات الحكومية (في الولايات المتحدة الأميركية). 
 
فالإهتمام الحكومي بالعلوم وتطويرها ضرورة حيوية بديهية!!!

على النحو ذاته، المهم بالنسبة للخلقيين، هو تقديم أشياء مزيّفة كلياً "كعلم، كالنظريات العلمية " حول التمييز العنصريّ (دون تقديم أيّة أدلة طبعاً) لتبرير عبودية الأفارقة والمحرقة النازية لليهود وإضطهاد المرأة وغير ذلك.
 
 تخدم الأفكار الخاطئة، بالتالي، مقاصد الخلقيين الرجعيين.

إن ينتصر الهجوم الخلقي، سيتراجع العلم لقرون وسيتحدد فهم وتغيير العالم من خلال الخرافة والإيمان بكائنات فوق طبيعية.

مالذي يمكن لشخص، ليس لديه المعرفة الكافية، فعله بمواجهة الخداع والأخطاء التي يروجها الخلقيون؟ 
 
سنحاول تقديم الإجابة على هذا السؤال تباعاً.

دليل خاص بعلم الحيوانات الخلقيّ

يعتبر الخلقيُّون العالم الراهن بمثابة مجموعات متنافسة من الحيوانات. فعندما يهاجمون علماء التطور يقدمون شكلاً واحداً، أما عندما يتصارعون فيما بينهم، فسيقدمون أشكالاً عديدةً!! حيث يمكن رؤية نقاشاتهم الساخنة في المواقع الإلكترونية وشبكات التواصل الإجتماعي.

يمكننا إيراد قائمة بالإتجاهات الرئيسية الراهنة للخلقيين في الولايات المتحدة وفق الآتي:


أولاً: خلقيُّو الأرض الشابّة
 

تدورهذه الجماعة في فلك دوان كيش ومعهد الأبحاث الخلقي، والذي يقول بأنّه" يعزّز حقائق الخلق العلمي وإثبات عدم خطأ الكتاب المقدس بكل حقول الدراسة وبكل مجالات الحياة". هي جماعة من أكثر الجماعات التقليدية بين الخلقيين، وتعتبر بأن كل كلمة في الكتاب المقدس هي كلمة الله، وبالتالي، هي صحيحة.

 مارس
دوان كيش، وشركاء معهد الأبحاث الخلقي، ضغوطاً على الهيئات المدرسية والمحاكم لأجل تعليم "علم الخلق" في المدارس العامة بولايات لويزيانا، آركانساس وأوهايو بين غيرها. جاب كيش الولايات المتحدة لسنوات "متناقشاً" مع علماء التطور في الجامعات. لديهم تمويل جيد، عملوا "متحفاً لنظرية الخلق"، ينشرون كتباً، لديهم موقع إلكتروني يرتاده كثيرون..الخ. لديهم من العُته الكثير، لكن، هذا النوع من العُتْه خطير.


ثانياً: خلقيُّو الأرض المُسنّة
 

 
لدى هذه الجماعة (الجماعة المسيطرة في حقبة داروين) مزايا مختلفة عن سابقتها. فهم لا يقتنعون بالتطور البيولوجي أبداً، لكن، وبخلاف جماعة الأرض الشابّة، يقبلون بقِدَمِ الأرض، بعيداً عمَّا يقوله الكتاب المقدس. وتظهر مشكلة، هنا، لأنهم مؤمنين بالكتاب المقدس.

حيث يقولون بأن الكتاب المقدس صحيح، لكن، "الستة أيام" في الكتاب المقدس لا تعني بأنّ اليوم هو كاليوم الذي نعرفه ويساوي 24 ساعه. حيث يجب تفسير"أيام" الكتاب المقدس "كحِقب"، بصيغة أن كل "يوم واحد" يساوي ملايين السنين. لا يمكن إتهامهم بالإفتقار للخيال الخصب!!!  ربما جعلها الله كملايين أو آلاف ملايين الأعوام. أو ربما يرغبون بالتوفيق بين الدليل الجيولوجي الحديث والكتاب المقدس!!!!

لا يتفق خلقيو الأرض االشابّة مع هذا الطرح، ويظهر لهم أن "إعادة تفسير" الكتاب المقدس، على ضوء المعارف العلمية الراهنة، هو تجديف. وبحسب وجهة نظرهم لا يمكن مُحاكمة كلمة واحدة من الكتاب المقدس، لأنه بعد ذلك، ستبدأ المُحاكمات لكل شيء فيه، والإنتهاء لرفض كل الكتاب المقدس، وبالتالي، الإقتراب من رفض الله ذاته!!

لا يخشى خلقيو جماعة الأرض المُسنّة شيئاً ويخرجون "بحلول خلقيّة" متجددة، حيث يقولون:
 
 توجد "فجوة زمنية" في الكتاب المقدس بين سفر التكوين1:1  و 1:2، فعلى  الأرجح، أن الله قد خلق الأرض والديناصورات بأول عمليّة خلق، منذ ملايين السنين، ثمّ هدم كل شيء وبدأ مرة أخرى بعملية خلق ثانية، وهذا ما عمله في ستة أيام منذ بضع آلاف من السنين، هذا ما يصفه الكتاب المقدس.

ماذا؟ ألا يظهر لكم هذا الكلام مقنعاً؟!!
 
 حسناً، إسمعوا هذا، يقولون لخلقيي الأرض الشابّة، الأرض شابّة كما يقول الكتاب المقدس، لكن، قد أظهرها الله بعمر أكبر!! يتقاطع هذا الطرح عند الجماعتين، علما أنهم لم يتمكنوا من تقديم الأسباب التي دفعت الله للقيام بتلك الألعاب الماهرة !!


ثالثاً: خلقيون تقدميون وخلقيون تطوريون
 

 
جماعة قد طوّرت طروحات جماعة (الأرض المُسنّة). حيث يقبلون أكثر بالدليل العلمي على أنّ الأرض أكثر قدماً مما يقوله الكتاب المقدس بناءاً على المعارف العلمية الحديثة للحوادث الطبيعية التي قد شكّلت الكون والأرض والأحياء

إذاً، أين تدخُّل الله؟ 

يعتقدون بأن الله قد تدخّل وأثّر في الأفعال الطبيعية في نقاط جوهرية مختلفة. يقبل الخلقيون التطوريون بحدوث التطور، لكن، لا يقبلون بأن الأحياء قد تطورت من حسابها الخاص ودون تدخل أحد؛ بل يعتقدون بأن الله قد خلقها، بداية، وبعدها أدار عملية التطور هو ذاته.

رابعاً: تطوريون ألوهيون
 
يحاول التطوريون الألوهيون التوفيق بين الإعتقاد بالله وقبول الدليل العلمي على التطور. يؤمنون بإله خالق؛ ولكن، يقبلون بشكل كامل نظرية التطور ويعترفون بأن الأحياء قد أمكنها التطور دون تدخُّل إلهي. ولكن، بإعتبارهم يقبلون نظرية التطور، فهم بالنسبة للجماعات الأخرى من الخلقيين أعداء، حتى لو أنهم يؤمنون بالله. العالم المسيحي هاورد فان تيل، كمثال، هو تطوري ألوهي (يقبل نظرية التطور حتى نقطة ملموسة، لكن، يؤكد على وجود خالق فوق طبيعي قد ساهم بشكل ما في كل هذا الشأن).

يعترف فان تيل بأن كل مادة تتابع قواعد ملموسة للتطور، كمثال الحوادث التطورية، وأنه يمكن للكائنات البشرية معرفة حوادث كتلك عبر البحث العلمي. لكن، يعتقد بأن إلهاً خالقاً قد خلق الكون، ولاحقاً، ترك القوانين الطبيعية تدبّر أمورها بنفسها، ترك الأنواع لتتطور من حسابها الخاص عبر حوادث طبيعية، وكما تشرحها نظرية التطور الداروينية. بالنسبة لفان تيل، لعبت ورقة الإله في وضع الكون قيد العمل في البدء (لاحقاً، كل شيء قد أمكنه التطور من حسابه الخاص ودون تدخل)، فيما يبرهن علماء التطور العلمانيين على أنه لا حاجة لوجود سبب يدفع للتفكير بأن قوة فوق طبيعية، قد ساهمت بنشر الحوادث الطبيعية في الأرض ولا في الكون، بل الكائنات البشرية هي التي تحدد هذا" المقصد" للحياة.

يسود هذا التفكير لدى أغلبية الكنائس والمنظمات الدينية في الولايات المتحدة، على الرغم من إزدياد تأثير الخلقيين المعادين للتطور خلال العقود الأخيرة. تصطدم هذه الرغبة بالتوفيق بين الإعتقاد بكائنات فوق طبيعية والمعرفة العلمية بصعوبات كثيرة من كلا الجانبين. من جانب، يرى الخلقيون التقليديون بأنها تجديف شامل وأي تساهل مع علم التطور هو ضد الكتاب المقدس ويفتح المجال للسير نحو الإلحاد. من الجانب الآخر، يبيِّن التطبيق المنظم للمناهج العلمية أنه لا توجد، مطلقاً، أية قاعدة في العالم المادي (خارج الخيال البشري) تدفع إلى الإعتقاد بأن قوة فوق طبيعية لها أثر في بدء أو إتجاه الحوادث الطبيعية التي تنتشر في الأرض أو في باقي الكون الطبيعي .
 

كمثال، تُبيِّن الأبحاث الراهنة حول حوادث "التنظيم الآلي" للجزيئات الكيميائية الحيوية، بأنّ أوائل المكونات الأساسية للحياة بهذا الكوكب، قد بنيت بشكل تلقائي إعتباراً من عناصر كيميائية قد شاع حضورها في" الحساء الكيميائي" للأرض البدئية منذ 3.5 بليون عام، لهذا، لا يوجد سبب يدعو لإفتراض أن تدخلاً لعوامل أخرى قد حصل خارج الحوادث الطبيعية. كما أنه لا توجد أسباب علمية تدفع للإعتقاد بأنه قد كان هناك تدخل لشيء آخر غير العوامل الطبيعية في تشكيل وتغيير الواقع المادي الذي نسميه "كون"، ففي الواقع، تكتسب الأطروحة التي نسميها الكون بوصفه نتيجة لحدث طبيعي بشكل كامل بواسطته "تتطور" أكوان مختلفة المزيد من القُوّة. (يُنصح المهتمين بتطبيق نظرية التطور في الكون بقراءة كتاب "حياة الكون" للعالم لي سمولين) (غلاف الكتاب أعلاه).

 
خامساً: خلقيُّو التصميم الذكي
 

تتميّز السلالة الجديدة من خلقيي "التصميم الذكي"، الذين نسمع عنهم الكثير هذه الأيام، بإمتلاك ثقافة أكبر من الخلقيين السابقين، لكن، يتميزون بالمكر الزائد واللفّ والدوران أكثر من أقرانهم الآخرين في الخلق!! كذلك، هم أكثر تفوقاً منهم بالنفوذ والتأثير. يمتلك الكثيرون منهم  شهادات دكتوراه (بعضهم في حقول علمية). إنهم يسعون لخلق وضع، يتجاوز الشجارات بين الفئات الخلقية والعمل نحو تحضير توليفة جديدة تسمح بالإعتقاد بالدين والعلم. يهمهم إعطاء مظهر مؤمن منطقيّ. يحتفظون بمسافات تُبعدهم عن خلقيي الكتاب المقدس وغبائهم؛ ويقبلون الكثير مما قد حقّقه العلم الحديث. ولو أنه وكما سنرى، يسعى بعضهم لإحداث تغيير جذري في العلم، ويرغب بإدخال العقائد الدينية في المناهج العلمية الباحثة في العالم الطبيعي. كمثال، سعى الناطق الرسمي الرئيسي لخلقيي التصميم الذكي، فيليب جونسون، لأن يصدر الكونغرس قوانين فيدرالية ضد التطور وتنصح بتعليم "علم التأليه" بتباين فاضح عن "النزعة الطبيعية العلمية" للعلم الحديث.

تقترح مناهج العلم الحديث إكتشاف الخصائص الطبيعية للمادة، والآليات والحوادث الطبيعية التي تتحكم بتطورها. تتقاسم قاعدة أن الواقع المادي موجود وأنه الشيء الوحيد القابل لتحقيق البحث العلمي فيه (بعكس ملك فوق طبيعي غير مرئي). 
 
تقتنع أغلبية العلماء الحديثين (حتى المؤمنين بالله منهم) بأن الآلهة والقوى الأخرى الفوق طبيعية هي مواضيع دينية، ويملك كل واحد كامل الحرية بتقديرها والإيمان بها؛ لكن لا يوجد أدنى شكّ بأنه لا علاقة لها بالواقع العلمي.
 
 وعكس ذلك، يعتبر فيليب جونسون وسواه، من فريق التصميم الذكي، أنه يجب إقصاء "مذهب العلوم الطبيعية "من العلم الحديث لأنه لا ينظر لشيء خارج القوانين الطبيعية التي تحكم المادة. وهذا يعني رغبتهم برفض المناهج العلمية العلمانية الحديثة وإستبدالها بالمنهج التأليهي، الذي سيُدخِل مقدمات وإفتراضات دينية في البحث العلمي!!

الشيء المشترك بين فريق خلقيي التصميم الذكي والخلقيين الآخرين المحافظين (والذي يفصلهم عن العلماء المحترفين بكل الحقول بكل العالم)، هو الإقتناع التام بأن الحوادث والآليات الطبيعية، كالتطور البيولوجي، غير كافية لتفسير كيفية ظهور الأحياء في الكوكب ولا كيف تشكلت كل الأنواع الراهنة من نباتات وحيوانات. 
 
يحاول خلقيو التصميم الذكي الظهور كعلماء، لكن، كما سنرى لا يختلف ما يقدموه عما يقدمه خلقيون آخرون. تماما كالآخرين، لا يمتلكون أي دليل علمي يدعم نظريتهم حول وجود مصمِّم أو صانع إلهي للحياة، وليس لديهم أي دليل علمي يدحض وقائع التطور الثابتة.
 
 

ليست هناك تعليقات: