Históricamente, una de las facetas
humanas más refractarias al estudio científico ha sido la moralidad, supuesta propiedad intrínseca y
exclusivamente asociada a la presumida superioridad humana frente al resto de
los seres vivos. Pero ¿es cierto que la ciencia no tiene nada que aportar y que
debemos seguir dejando este complejo, pero vital aspecto humano, como coto
exclusivo en donde los diversos mediadores de lo divino sigan imponiendo sus
irracionales y prehistóricas opiniones como dogmas intocables?
شكلت الأخلاق، تاريخياً، أحد أهم
الملامح البشرية المميِّزة التي بقيت عصيّة على البحث العلميّ، ومن المفروض، هنا،
تذكُّر ربط مسألة الأخلاق وحصرها بالبشر وتفوقهم على باقي الكائنات الحيّة في
الكوكب الأرضيّ من قبل الكثيرين.
لكن، لا يمتلك العلم ما يقدمه في
هذا الإطار حقّاً؟
وهل يتوجب علينا إتباع هذه المنظومة
المعقدة، لكن، الحيوية بشرياً:
بناءاً على إملاءات وسطاء بيننا وبين الآلهة، وهي مبنية بغالبيتها على آراء لاعقلانية وما قبل تأريخية، لا يمكن المساس بها؟
يبرز هذا التساؤل حتى عند
باحثين تطوريين شهيرين مثل ستيفين جاي غولد والذين يدافعون
عن فكرة أن العلم يجب عليه الإنشغال بتفسير العالم القابل للمُلاحَظَة؛ بينما ينشغل الدين
بالأمور الأخلاقية، وهنا نتذكر الحجة الشهيرة القائلة بأن العلم والدين هما
عالمان منفصلان ولا يمكن أن يتناقضا أبداً.
لهذا، يركِّز هذا
الموضوع على تسجيل نقطتين مقتضبتين بخصوص السؤالين المطروحين أعلاه.
تدور النقطة الأولى حول
المعضلة الشهيرة باسم "معضلة الترامواي"، والتي تمتلك تبعات أخلاقية وقانونية هامة
بذات الوقت، وتعريفها الأولي، هو:
يجري ترامواي لا يُسيطَرُ عليه على السكّة، يوجد أمامه 5 اشخاص مربوطين على حديد السكّة. لحسن الحظّ أنه بالإمكان
الضغط على زرّ يجعل الترامواي يغيِّر طريقه إلى سكّة موازية، ولكن لسوء الحظّ، يوجد شخص آخر
مربوط بحديد السكّة الموازية تلك.
السؤال: هل يتوجب ضغط الزرّ؟
عادة، تُجيب الغالبيّة بالموافقة على ضغط الزر.
الآن، لنتناول مثال آخر مع تغيير طفيف
بالرواية أو المشكلة:
كالحالة سابقاً، ترامواي لا يُسيطر
عليه يتجه نحو 5 أشخاص. هناك شخص لاحظ الوضع ويتواجد على جسر مطلّ على الطريق الذي
يسير به الترامواي، ويمكنه ايقاف الترامواي من خلال إطلاق كتلة إسمنتية ضخمة لتقف أمامه
وتوقفه. لكن حينما يحاول تنفيذ هذا، يظهر شخص سمين، ستجرفه الكتلة معها من الجسر لتقف أمام الترامواي فتوقفه.
عند توجيه سؤال: ما الذي يتوجب القيام
به أولاً؟
أجابت الغالبية بأنه من الأفضل عدم القيام بشيء وترك الترامواي يعبر
ويقتل 5 أشخاص مربوطين بطريقه.
لكن، هل يوجد اختلاف بكل هذا الحجم بين المشكلتين؟
هل يمكن للعلم تقديم العون لفهم حادث أخذ القرار، هنا، ذو
التبعات الاخلاقيّة والصادر عن جزء من الدماغ؟
بالرغم من تطابق المشكلتين، اعتباراً
من وجهة نظر منطقية، فسيتوجب على البطل القيام بفعل (ضغط الزرّ أو جرف الشخص) ونتيجته قتل شخص لإنقاذ 5 أشخاص آخرين، وقد فهمهما كثير من الاشخاص باعتبارهما مشهدين شديدي
الاختلاف:
المشهد الأول، كمعضلة اخلاقية لاشخصيّة يمكن تبنيها بسهولة؛ أما المشهد
الثاني، فهو شأن شخصيّ يمكن أن يلوثنا بصورة ما. بالنسبة لأولئك الذين لا يعون
تطابق وضعي معضلة الترامواي، وأنه يمكن الاختيار بين عدم القيام بعمل شيء بكلا
الحالتين أو العمل على إنقاذ خمسة اشخاص وفق المعايير الخاصة لكل شخص، فمن غير
المنطقي ضغط الزرّ وعدم دفع الشخص السمين، وهنا، أترككم مع عسكري قاعدة الصواريخ
في فيلم "مناورات":
هنا، نجد الفروقات الأخلاقية بما
تطرحه الجيوش المجهّزة عبر استراتيجياتها الراهنة في الحرب، حيث يتم النأي بالجنود
عن مسرح العمليات الحربية، ويتحكم جنود بطائرات دون طيارين لقصف وتدمير العدوّ من
خلال غرف تحكم خاصة وعلى بعد آلاف الكيلومترات أحياناً، رغم حدوث أضرار
جانبية في السكان المدنيين. هكذا، تُلغى (أو تخف) مشاعر القلق والخوف عبر
تحويل الحرب إلى لعبة مبسّطة بين غزاة مريخيين!!!
وبالعودة لموضوعنا، تبيِّن دراسة
صور الرنين المغناطيسي الوظيفية، بأنّ الأشخاص الذين يقولون بعدم دفع الشخص من
الجسر للشخص السمين، يأخذون قرارهم هذا بسرعة هائلة ويتركّز نشاطهم الدماغيّ، لحظة أخذ القرار، في مناطق الحدس والعواطف والمعرفة الاجتماعية المرتبطة بقوّة بماضينا
التطوريّ كرئيسيات. أما أولئك الذين قالوا بضرورة "قتل" فرد لأجل
إنقاذ خمسة أفراد، فهم يتأخرون باتخاذ القرار، ويظهر عندهم نشاط أكبر في مناطق
الدماغ الأحدث تطوراً والمرتبطة بالإدراك المنطقي وحل المشاكل.
وكل هذا، بمنحى عام، يفيدنا بأنّه عادة ما يتحكم إجراء محاكمات ذهنية عاطفية سريعة آنية بالسلوك البشريّ، فيما تحصل محاكمات ذهنية واعية منطقية بصورة ثانوية وأبطأ، كما أثبت
الحائز على جائزة نوبل دانيال كانمان بكتابات
عديدة له، وبصورة ملموسة يجب قراءة كتابه "التفكير بعجلة، التفكير برويّة" لأجل فهم كيف نحقق محاكماتنا الذهنية ولإنهاء (أو على الأقل التحفُّظ
الجدّي) مسألة ادعاء الاكتفاء الثقافيّ (الفكريّ)
عندنا.
بالتالي، يحضر أوّل سؤال
هنا:
هل قراراتنا الأخلاقيّة هي إنعكاس لسلوكيات مبرمجة مسبقاً بأدمغتنا
كرئيسيات، وسابقة لظهور الوعي البشريّ المميِّز لنا كما هو؟
تدور النقطة الثانية
حول الاحتكار المزعوم للتشاعر والتضحية عندنا كبشر.
ففي العديد من الإختبارات على فئران
مخبرية، حيث تحاول الحصول على الطعام من خلال الضغط على رافعة، توقفت الفئران عن
ضغط الرافعة لبعض الوقت، عندما لاحظت تأثُّر فأرة جارة بشحنة كهربائيّة يجري إطلاقها في الرافعة.
وعندما جرى
تنفيذ ذات الإختبار على القرود خلال عقد الستينيات من القرن الماضي (شيء لا يمكن
التفكير به اليوم)، إمتنع أبناء عمومتنا من المكاك الريسوسي عن سحب الصفيحة
التي يتوفر عليها الطعام، فيما لو شاهدوا تأثير الشحنة الكهربائيّة بزميل لهم. هناك قرود قد امتنعت عن تناول الطعام لعدّة أيام، بل وصل الأمر بأحد القرود للإضراب
عن الطعام لمدة طويلة بلغت 12 يوم بعد أن شاهد معاناة زميله جرّاء تعرضه للشحنة
الكهربائية، بعدما حصل على طعامه من الصفيحة. بالرغم من أنّ هذا النوع من التضحية
بإمتياز (الذي قد يصل ببعضهم حتى الموت)، قد ظهر أكثر عند تلك القرود التي عانت
مسبقاً من الصدمة الكهربائية وبين أفراد يعرفون بعضهم؛ فقد ظهرت، كذلك، بين قرود لا تعرف بعضها.
في الواقع، لا أعرف إذا كان بالإمكان توصيف هذا العمل كعيِّنة لا
تُصدّق من الإيثاريّة.
وبعد إستعراض هذه الأمثلة المدهشة،
لماذا تشعر مليارات البشر بالفخر لقيامها بسلوك إيثاريّ؟
هي في الغالب، بفضل تهديدات كائن
فوقيّ، يمكن عصرنتها بالعصا والجزرة؟؟
ومن المثير، هنا، هو أنّ ذات الأشخاص، هم من يخرقون قواعد السلوك الحسن (لدرجة تبرير القتل أحياناً) بمجرد إخبارهم أننا عبارة عن رئيسيات بسيطة، حتى لو
كنا دون شعر!!
قد يهمكم الإطلاع على مواضيع ذات صلة
الأخلاق بحسب المدرستين الأبيقورية والرواقية
الرئيسيّات والفلاسفة: تطوُّر الأخلاق من القرد إلى الإنسان
هل تكون المباديء الأخلاقيّة: نتاج للإنتقاء الطبيعيّ ؟
تأتي أخلاقيّات الإنسان من القرود
يكون الوضع الاقتصادي، أحياناً، ثمرة للفقر الأخلاقي - ماريو ألونسو بيج
بحثاً عن نظام اخلاقيّ عند الأطفال الرُضّع
الوظيفة الأخلاقية للدين بقلم بول كورتز
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق