INTRODUCCIÓN
Durante las centurias iniciales del I milenio a.C., en algunas áreas
de la Península Ibérica, se establecieron en barrios de poblados
locales o en enclaves fundados ex novo pequeños grupos
de población procedentes
principalmente de ciudades y de territorios fenicios del
Mediterráneo oriental. La
llegada y el asentamiento
de estas comunidades inmigrantes supuso el nacimiento de nuevas relaciones
sociales y de nuevas relacio- nes de poder, así
como el inicio de
un proceso de construcción
de nuevas identidades colectivas en los territorios de Iberia. En estos
complejos procesos, los alimentos
y las bebidas y, en especial, la
forma de prepararlos y de cocinarlos
y los modos de consumirlos
jugaron un papel central.
.
*
Departament d’Humanitats. Universitat Pompeu Fabra. Ramon Trias Fargas
25-27. Barcelona 08005.
Fecha de recepción: 30-06-2008. Fecha de
aceptación: 15-09-2008.
CPAG
18, 2008, 163-188. ISSN: 0211-3228
مدخل
خلال القرون الأولى من بدايات
الألفية الأولى قبل الميلاد، في بعض مناطق شبه الجزيرة الايبيرية، أقامت مجموعات سكانية قادمة، من مدن وأراضي فينيقية
في شرق المتوسط، في أحياء
بلدات محلية أو في جيوب سكانية سابقة. افترض هذا التواجد لهذه المجموعات المهاجرة ولادة علاقات إجتماعية جديدة وعلاقات سلطوية جديدة، كذلك، بداية عملية بناء هويات جديدة جماعية
في الأراضي الإيبيرية.
في هذه العمليات المعقدة، تلعب الأغذية والمشروبات، سيما
طرق تحضيرها وطبخها وصيغ استهلاكها، دوراً مركزياً.
المطبخ والطعام نطاقان هامان في التمثيل الإجتماعي وبناء السلطة والتفاوض معها.
فمن خلال الأغذية، التطبيقات
الإجتماعية المتصلة بالتحضير، القرابين أو إستهلاك المشروبات أو الأطعمة والثقافة المادية
المستخدمة بهذه الأعمال:
تنطبع وتتميز الهوية الاجتماعية وتُنسَجُ ذكريات مشتركة.
هذه المزايا، حولت الغذاء والتقاليد الخاصة به لهدف رئيسيّ بتحليل كثير من المجتمعات المهاجرة أو
المستوطنة.
بهذا السياق، الثقافة المادية، الحيّز الإجتماعي والممارسات المتصلة بالتغذية،
قد عكست قدرة تفسيرية هامة لتحليل علاقات التعايش والتفاعل بين مجموعات المهاجرين
والسكان المحليين، سواء لأجل التحري عن علميات البناء والتفاوض بنطاقات التراتبيات
أو لأجل التضامن الإجتماعي وعلاقات السلطة.
رغم حضور هذه القدرة التفسيرية القوية، لم يجرِ
التركيز كثيراً على الطعام والمطبخ بمجال إكتشافات علم آثار الفينيقيين بشبه
الجزيرة الإيبيرية، وهذا الموضوع مطلوب اليوم للبحث.
يحاول هذا الموضوع
الإسهام بدراسة الهويات والعلاقات الإجتماعية والسلطة التي تُولَدْ في المواقع
الفينيقية وبعض أراضي أندلسيا (الجنوب الإسباني) المتوسطية في الفترة الممتدة بين القرن الثامن
وبدايات القرن السادس قبل الميلاد اعتباراً من الممارسات الإجتماعية
بإستهلاك الأغذية، سواء بسياق يومي أو بسياق طقسيّ لدي فينيقيي شبه الجزيرة
الإيبيرية. تُساعد الأغذية المُستهلكة، صيغ التحضير، الأواني المستخدمة
والفضاءات الإجتماعية:
ببناء التمييز الإجتماعي والسياسي
لهذه التجمعات الجديدة بشبه الجزيرة الإيبيرية.
العادات الغذائية وتمثيل التمييز
أبرزت دراسات كثيرة حول التغذية
الدور الإقتصادي والإجتماعي والرمزيّ الذي تلعبه الأغذية.
يُستشف من
القسم الأكبر من الأدبيات الأثرية الإهتمام "بمواد وسعرات حرارية" متوفرة بالأغذية، الأغذية بوصفها "غذاء للجسم"، حيث إهتموا، بشكل
رئيسي، بطرق إستهلاكها وإنتاجها، الذي ترافق مع شروط بيئية وتقنية محددة، وفي
مناسبات أقلّ، إهتموا بعلاقات الانتاج، التوزيع والتبادل. فيما اكتشف آخرون جوانب إجتماعية أخرى بالتغذية وقد إهتموا بالطعام والطبخ كحيِّز تمثيل إجتماعي
وإيديولوجي.
تُركّز وجهة النظر الثانية جلّ إهتمامها بالسياق الإجتماعي للطعام، التحقق من نوعية ما نأكل، بما يعجبنا وما لا يعجبنا أن نأكل، الأغذية الممنوعة أو المحرمة،
المفضلة كعرف إجتماعي وثقافي.
يُبرز هذا الطرح كيف تُعتبر الأغذية مناسبة، كيف
تتغير الكميات الواجب إستهلاكها أو طريقة أكلها وطبخها بين سياق تاريخي وإجتماعي
وسياق آخر، وحتى ضمن ذات السياق الإجتماعي، من طبقة إجتماعية لأخرى، من جنس لآخر،
من عمر لآخر.
الفروقات، ربطاً بالتغذية والمطبخ، ببساطة، ليست تبعات لظروف إقتصادية أو بيئية فقط، بل تتداخل معايير التمثيل الإجتماعي في خلقها.
هنا، يحضر تحليل
الأخصائي بعلم الاجتماع بيير بورديو حول التمييز، حيث يعرض كيف يمكن لما نسميه
الذوق ربطاً بالجماليات، الأساليب والمواد – حيث يوجد بينها تطبيقات الثقافة
المادية المتصلة بالمطبخ والطعام – ألا يتوافق مع معايير موضوعية، بل هو عبارة
عن بناء إجتماعي، تُخلَقْ عبره حواجز إجتماعية ويجعل الفروقات طبيعية.
يؤكد بورديو في هذا الكتاب على إعتبار
أنّ العادات، الحيِّز الإجتماعي والثقافة المادية المرتبطة بالتغذية – التي تشمل
المعدات والتجهيزات المستخدمة بالتحضير، التقديم وإستهلاك الطعام، وصولاً للطعام
ذاته – تتدخل بصورة واعية و/ أو غير واعية في بناء التمييز، في التمييز الإجتماعي،
وبالتالي، وبذات الوقت، في التماسك والتضامن.
إعتباراً من الطعام، تُبنى مشاعر
جماعية وفردية كالإنتماء للجماعات، كما يحدث إستبعاد أشخاص محددين أو مجموعات محددة.
يكون حال الجماعات المحلية، التي يتقاسم أعضاؤها الغذاء، يوميا، الذي توفره وتحضره
الأم، أو المجموعة الدينية، كما يحدث في طقس المناولة المسيحي، أو لطبقة إجتماعية،
يُبدي المنتمون لها تفضيلات متشابهة بالذوق الغذائي وبطرق الطبخ وإستهلاك الأغذية.
إعتباراً من وجهة نظر إنتاج وتمثيل التضامن والهوية الإجتماعية، من المهم إبراز الإمكانات التي تخفيها بهذا المعنى، من جانب مواد التغذية، ومن جانب آخر عمليات بناء الذاكرة الجماعية المخلوقة إعتباراً من عملية تناول الطعام.
المأكولات والمشروبات مواد قابلة للإشتراك، ويخلق القيام بهذا الإشتراك روابط مادية قوية بين من يتلقاها ومن يقدمها، سواء من قبل أمّ، فاعل خير، رئيس أو منافس.
ومن هنا، تأتي أهمية الفعل الإجتماعي المتمثل بتقديم الطعام – للأقارب، للمدعوين، للموتى، للأسلاف، للآلهة .. – أو بممارسة تناول الطعام والشراب معاً، سواء بسياق منزلي ويومي، أو بسياق إجتماعي إحتفالي خاص، كما يحدث مثلاً في الأعياد الخاصة دينية أو وطنية. حول مائدة الطعام وما يتصل بطقوسها كثقافة مرتبطة بالتغذية، تُنسَجْ العلاقات الإجتماعية وتُبنى علاقات السلطة ويجري التفاوض حولها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق