4-
الإستعمار
برز
الفينيقيُّون بعملهم الإستعماريّ بأماكن بعيدة عن أرضهم، حيث امتدّ نفوذهم
الإقتصاديّ والثقافيّ بكامل حوض البحر الأبيض المتوسط.
طبّقوا أنظمة إستيطان
متنوعة، مثل: إمتيازات، المصانع والمستعمرات.
الإمتيازات:
حصلوا عليها من خلال المفاوضات مع بلدان متحضرة، لأجل إقامتها في حي أو مكان من
المدينة، حيث وضعوا مخازنهم، معارضهم التجارية وأسواقهم الشعبية.
المصانع:
أقاموا هكذا منشآت في بلدان البرابرة، وذلك لأجل تنفيذ عمليات المقايضة.
تلك المصانع، لها تحصينات دفاعية لصدّ الهجوم عليها.
المستعمرات: عبارة عن مدن أو مناطق بأراضي أجنبية، قد خضعت للفينقيين. وهكذا، ظهرت
مدن، مثل:
قادش، مالاغا في جنوب إسبانيا، قرطاج في شمال أفريقيا بين الكثير من المدن والمواقع الفينيقية المتوسطية الأخرى.
5- التنظيم الإجتماعي
ليس هناك أيّة معلومة تتعلق بالخصومات أو الهواجس الإجتماعيّة، التي وجب حضورها في
مختلف الدول الفينيقية، كما حصل في اليونان وفي روما.
في البداية، ظهرت هوّة سحيقة بين الطبقات الإجتماعية
الغنيّة والفقيرة، لكن لا يُعرَفْ إنْ استمرّ هذا الحال خلال حقب متأخرة. من المعروف
بأنّ الليبيين قد خضعوا لسلطة القرطاجيين وعملوا بخدمتهم، وقد أظهروا عدم سعادتهم
بالوضع، ولكن، بفضل ثوراتهم المتتالية، تمكنوا من بلوغ ذات الحقوق التي تمتع
القرطاجيون بها. وقد حافظوا على اللغة والثقافة القرطاجية إثر سقوط قرطاج.
يرفض
مؤرِّخو العالم القرطاجيّ قبول وجود فينيقيين أنقياء / سلالة صافية / عرق مميز،
وكذلك، لا يقبلون بوجود وعي عنصريّ أو قوميّ حتى لديهم. ربما بسبب مصالحهم التجارية
وعبورهم لمناطق أمم مختلفة، قد تمكنوا من هضم اللغات، الثقافات والعبادات لدى شعوب
أخرى.
وربما،
لهذا السبب بالتحديد، قد نجحوا في تجارتهم، حيث تمكنوا من إقناع وتشجيع الناس
المنتمين لثقافات أخرى، ليس بشراء بضائعهم فقط، بل بإقامة منشآت ومستوطنات على
أراضيهم.
الثقافة اليونانية الأكثر تأثيراً بالثقافة القرطاجية، لكن، كذلك أثّرت الثقافة
القرطاجية الفينيقية باليونان (في الواقع، تأثَّرَ اليونانيُّون بالثقافة الفينيقية الأمّ لقرطاح والأقدم من ثقافة أثينا .. فقدموس الفينيقي الأسطوري، هو من أوصل الأبجدية الفينيقية إلى اليونان وهذا مجرد مثال بسيط سريع.. فينيق ترجمة)، وحضرت هذه الثقافة، كذلك، في الثقافات المصرية،
الآشورية وغيرها من ثقافات تلك الحقبة.
بذات
الوقت، وعلى الصعيد الإجتماعي، اختلط الفينيقيون بالآخرين أكثر من أيّ شعب آخر وفي
مناطق كثيرة من العالم وقتها. شاع زواج الفينيقيين مع السكّان الأصليين بكل بلد كثيراً، وبالتالي، هناك ثلاثة عوامل بارزة مميزة لهذه الحضارة، هي:
أولاً:
الإختلاط مع الثقافات الأخرى
ثانياً: إنقسام وإستقلال مدنهم
ثالثاً:
التأثيرات المُتبادَلة مع شعوب أخرى
6- التظيم الإقتصاديّ
طوَّر
الفينيقيُّون نشاطاً إقتصادياً صناعياً، تجارياً وبحرياً مُكثّفاً
6-1- الصناعة
طوّر الفينيقيون ثلاث صناعات هامة:
النسيج، الأصباغ، الزجاج والمعادن:
ففي مجال صناعة الأصباغ، صنّعوا العديد
منها وأهمها الصبغ الإرجواني – المُستخرج من قوقعة بحرية تسمى المريق– وحضّروا أقمشة
رقيقة ذات لون أرجواني، استخدموها بخياطة ألبسة النبلاء وقتها.
كذلك، خلق الفينيقيون الزجاج الأبيض
الشفّاف، وكذلك، مزجوا الرمل المنصهر مع الأوكسيدات المعدنية للحصول على زجاج
بألوان مختلفة.
أخيراً، وكأخصائيي معادن، صنّع الفينيقيون
الأسلحة من البرونز والحديد، المجوهرات من الذهب والفضة، كذلك، الأدوات المنزلية من
النحاس والبرونز. وقد قلّدوا في كثير من الإنتاج ثقافات أخرى أحياناً.
6-2- التجارة
فينيقية عبارة عن مجتمع تجاريّ. ولهذا، يُقال بأنّ
الفينيقيين قد خلقوا الشركات الصناعية، الملاحية، الإنشائيّة والتجارية.
طوّر الفينيقيُّون تقنيات التجارة الدولية مع التأمين،
الإعتمادات والمستندات، القروض، التمويل ونظام التخفيضات.
6-3- الإبحار
طوّر
الفينيقيُّون الإبحار لترويج بضائعهم، حيث جابوا البحر الأبيض المتوسط في كل
الإتجاهات، وكذلك، بحر إيجه وقسم من المحيط الأطلسي.
ونظراً
لعدم معرفتهم بالبوصلة، جابت قواربهم المناطق الساحلية القريبة من الشواطيء.
وإستعانوا بالنجوم للإبحار ليلاً. تحركت قواربهم دفعاً بالمجاذيف
وبالإستعانة بشراع مربّع، والذي يُستفاد منه عندما تزداد قوّة الرياح فقط.
اعتمد
الفينيقيُّون على طريقين تجاريين هامين، هما:
طريق
بحريّ: جلبوا عبره من أوروبا الفضة، الحديد، الرصاص، القصدير، العنبر، البقول
والصوف. كذلك، جلبوا من أفريقيا عبره العاج، الذهب، ريش النعام وورق البردي.
طريق
برّي: من الجزيرة العربية، بلاد الرافدين، فارس والهند، وقد استخدموا عربات تنقل
النبيذ، الزيوت، البهارات، العطور، الأقمشة، ... الخ.
الفينيقيُّون بحّارة كبار، ولهذا، غزوا واستوطنوا كثير من المناطق، سيما القريب
منها لحدودهم التجارية.
6-4- الشركة الفينيقيّة
دفع
النشاط التجاريّ الدائم بعض الفينيقيين لخلق ورشات كبيرة تضمّ عدد كبير من
الأشخاص، وفي كثير من الأحيان، تشارك عدد من الأشخاص برؤوس الأموال لتحقيق فوائد أكبر
لعدد كبير من الأشخاص. على سبيل المثال، كلّف الملك سليمان شركات فينيقية بإنشاء
هيكل القدس، خلال حقبة امتدت لحوالي سبع أعوام (طبعا بحسب رأي علماء آثار إسرائيليين: يوجد شكّ بشخصية سليمان ولم يُبنى أيّ هيكل في القدس بتلك المواصفات
وبالتواريخ التي يحددها الكتاب المقدس .. فينيق ترجمة).
7- المظاهر الثقافيّة
7-1-
الدين
آمن
الفينيقيُّون بعدد من الآلهة. عبدوا الكواكب والظواهر الطبيعية.
آلهتهم
الرئيسيّة، هي:
بعل:
الشمس، المُعلِّم، إله الأمطار والعواصف.
عشتار
أو بعليت: القمر، إلهة الخضرة والخصب.
كذلك،
عبدوا آلهة مناطقيّة تحمل مدلولات مختلفة:
مثل أدونيس في جبيل. إشمون في صيدا.
ملقارت في صور وبعل مولوخ في قرطاج.
7-2- الفنون
حمل
الفنّ في الثقافة الفينيقية الطابع الحرفيّ، والذي بلغ ذروته عبر التبادل التجاريّ
بأغراض أخرى، حيث نال شهرة واسعة لدى ثقافات أخرى. حتى أنّ العهد القديم ينوّه
بتفوُّق الفينقيين بإنتاج هذه النوعية من البضائع. جرى إرسال الفنّان حيرام لإنشاء
وتزيين هيكل سليمان في القدس!
يوجد
تأثير مصريّ في الفن الفينيقي، دون تجاهل تأثير ثقافات أخرى اتصل الفينيقيون بها.
7-3- الأبجديّة
استخدم
الفينيقيون، بحدود الألف الثالث قبل الميلاد، الكتابة المسمارية، على رقيمات
طينية، جرّاء التأثير البابلي.
بوقت لاحق، استعملوا الكتابة الهيروغليفية على ورق
البردي أثناء هيمنة الفراعنة المصريين.
دفعت
الحاجة للتواصل مع شعوب العام القديم، التي تتحدث بلغات متنوعة، ورغبة بتوطيد
سيطرتهم التجارية، الفينيقيين إلى خلق أبجدية مكونة من 22 علامة، قد مثّلت العناصر
الرئيسية بالصوت البشريّ، والتي يمكن بواسطتها كتابة أيّة كلمة.
فضَّلَ
هذه الأبجدية اليونانيون، والذين أضافوا أحرف العلّة الخمسة عليها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق